أكد الدكتور نبهان بن حارث الحراصي، رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، أن مكتبة قطر الوطنية تعتبر مصدرا ثقافيا وعلميا بارزا ليس على مستوى الوطن العربي فقط، بل العالم.
وقال رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، في حديث خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا" اليوم ، إن دولة قطر استطاعت خلال سنوات بسيطة من الظهور والتميز من خلال مجموعة كبيرة من المناشط والفعاليات الثقافية التي ساهمت في التعريف بالثقافة والموروث الفكري العربي، مشيدا بدور مكتبة قطر الوطنية في حفظ التراث العربي من خلال مشروعها القائم والمستمر والمتعلق برقمنة وثائق المنطقة، موضحا أن هذا المشروع ساهم في حفظ هذه الوثائق والتعريف بها، كما أنها أصبحت مصدرا للباحثين والدارسين وبخاصة في مجال التاريخ.
وأضاف أن التواصل بين مكتبة قطر الوطنية والاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات مستمر منذ افتتاح المكتبة، والتعاون يتعزز بمرور الوقت، وفي لقاء سابق بين إدارة المكتبة ورئيس الاتحاد تم الاتفاق على مجموعة من برامج التعاون، منها المشاركة في المنتدى السنوي لأخصائيي المكتبات والذي يقام في 19 مارس الجاري، ويستمر يومين، حيث يتبادل المشاركون فيه من قطاع المكتبات والمتاحف والمراكز الثقافية من جميع أنحاء العالم الحديث والخبرات عن مبادراتهم في مجال الدبلوماسية الثقافية، كما يشارك ممثلون عن مكتبة قطر الوطنية في مناشط الاتحاد وأهمها المؤتمر السنوي للاتحاد.
وثمن الدكتور الحراصي، وهو أستاذ علم المكتبات والمعلومات وعميد كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان، دور مكتبة قطر الوطنية باعتبارها مركزا إقليميا للاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات "الإفلا" للحفاظ على التراث في الوطن العربي، مؤكدا أن المكتبة حظيت بهذه المكانة، نظراً لموقعها الثقافي والعلمي في المنطقة، وبفضل نشاطها المتواصل في ربط المعرفة بالمجتمع، وكذلك شبكة التواصل العلمي التي أسستها المكتبة مع المنظمات إقليميا ودوليا، لافتا إلى أن اختيار مكتبة قطر كمركز إقليمي للإفلا على تعريف العالم بالتراث الفكري العربي يعزز من التواصل الحضاري بين الشرق والغرب.
وحول وجود قاعدة بيانات عن المكتبات في العالم العربي أوضح قائلا: توجد قاعدة بيانات بالبحوث المنشورة في قطاع المكتبات والمعلومات اسمها قاعدة "الهادي"، لكن لا توجد خريطة للمكتبات العربية؛ مؤكدا أن الاتحاد يسهم في تطوير مهارات أمناء المكتبات في حفظ الوثائق والمخطوطات، حيث يقدم برامج تدريب مستمرة في كافة القطاعات ومنها حفظ الوثائق والمخطوطات، لافتا إلى أن الاتحاد نظم خلال الأعوام الماضية الكثير من برامج التدريب والورش في مجال الأرشيف والوثائق، تطرقت إلى حفظ الوثائق والمخطوطات ورقمنتها وإتاحتها، ويتجه خلال الفترة القادمة لتنظيم ندوة علمية وورشة عمل في هذا المجال في مايو المقبل في تونس، يتم التطرق خلالها إلى موضوعات تتعلق بتحويل الوثائق الى مصادر إلكترونية، الى جانب استعراض بعض التجارب الرائدة في الوطن العربي في إدارة الوثائق.
وأكد الحراصي أن كافة الدول العربية تقع تحت مظلة الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات وتحظى باهتمام بالغ، وأن الدول التي تعرضت فيها المكتبات لمخاطر وتحديات أمنية تقع تحت اهتمام ودراسة الاتحاد، منوها بأن الاتحاد أصدر كتابا خاصا عن المكتبات في فلسطين، وكتابا آخر عن التحديات التي واجهتها المكتبات في ظل أزمة كورونا "كوفيد-19"، ويخطط حاليا لعمل ندوة حول تأثر المكتبات في المناطق التي تتعرض للنزاعات انطلاقا من دور الاتحاد في دعم وصون التراث المكتبي العربي.
وشدد الدكتور نبهان الحراصي، رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، في حديثه لـ"قنا" على ضرورة استثمار تكنولوجيا المعلومات في عمل المكتبات، وأنه لم يعد خيارا، بل ضرورة فرضها التقدم الحضاري، ورغبات الناس في الحصول على المعرفة بسرعة كفاءة عالية، مشيرا إلى أن التكنولوجيا تداخلت مع خدمات المعلومات التي تقدمها المكتبات بشكل كبير، وبخاصة خلال العقود الثلاثة الماضية مع ظهور الشبكة العالمية للمعلومات، وساهمت في إدارة الكم الهائل من المعرفة التي لولا قواعد البيانات ومحركات البحث لصعب السيطرة عليها، مؤكدا قدرة المكتبات وبكفاءة عالية على تطويع التكنولوجيا لخدمة أهدافها، وتعزيز ارتباطها مع المستفيدين والباحثين.
وأضاف أنه في ظل الانفجار المعرفي، والكم الهائل من مصادر المعلومات، وبعد انتشار شبكة الإنترنت والجيل الثاني منها، ظهرت نظم إدارة المحتوى لمحاولة تنظيم المعلومات وتسهيل استرجاعها، وقد نجحت هذه النظم إلى حد كبير لتحقيق هذه الأهداف، وتطورت عبر النظم بإدخال تقنيات وأدوات أكثر دقة تتجاوب مع احتياجات الباحثين، مشيرا إلى أننا نشهد في عالم اليوم نماذج من النظم عالية الذكاء، كما يتوقع أن تشهد نظم إدارة المحتوى مستقبلا متقدما هائلا وبخاصة بعد إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأكد على أن رقمنة الوثائق ومصادر المعلومات أصبحت ضرورية حاليا لربط الماضي بالحاضر، كما تساهم الرقمنة في حفظها وصون التراث، وإتاحته على نطاق واسع عبر شبكة الإنترنت، مشيرا إلى أن كثيرا من دول العالم مثل استراليا والمملكة المتحدة عملت على رقمنة أرشيفها من الوثائق وإتاحته للجمهور لتعزيز المعرفة، ولتعريف العالم بتراثهم الفكري.
وأوضح أن المكتبات الوطنية هي المسؤولة في المقام الأول عن حفظ تراث الأمم، وجمع الإنتاج الفكري، والتعريف به، وتعزيز التواصل الحضاري والثقافي، وأن هذه المبادئ تتوافق مع السياسات والاستراتيجيات التي تنتهجها الدول وتسعى إلى تحقيقها، فالمكتبات الوطنية الأساس في تحقيق الدبلوماسية الثقافية، كما أنها الركيزة للحفاظ على الهوية، وقيم المجتمع، وتساهم بشكل كبير في زرع مبادئ القراءة والاطلاع وبخاصة للناشئة.
واختتم رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات حديثه لـ"قنا" قائلا: إن التحول لاقتصاد المعرفة يتطلب توفر معلومات وقواعد بيانات، كما يتطلب وجود مؤسسات قادرة على تقديم الاستشارات وبخاصة في التخطيط وصناعة القرار، وهذه المتطلبات توفرها المكتبات الوطنية، وبالتالي فقد ساهمت المكتبات الوطنية ومازالت في هذا التحول، بل كانت على الدوام محورا أساسيا في تعزيز المعرفة في المجتمع، الأمر الذي يساهم في تكوين وخلق اقتصاديات غير تقليدية، منوها بأن المؤتمر السنوي للاتحاد الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية في الفترة من 14- 16 نوفمبر المقبل، سيكون بعنوان "المكتبات ومؤسسات المعلومات العربية ودورها في تعزيز الاقتصاد وريادة الأعمال".
وسيتطرق المؤتمر السنوي للاتحاد إلى أهمية الاستثمار في الثقافة والدور الذي يمكن أن تلعبه المكتبات في هذا الشأن، كما سيتضمن موضوعات حول ريادة الأعمال في قطاع المكتبات، والصناعات الإبداعية، حيث يجمع حوالي 500 متخصص في قطاع المكتبات والمعلومات، كما سيعكس المؤتمر تجارب عربية وإقليمية في هذا المجال.
جدير بالذكر أن الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات منظمة عربية مستقلة وغير حكومية، تأسس عام 1986 في تونس، ويعد أكبر مظلة للمتخصصين والمهنيين في قطاع المكتبات والمعلومات في الوطن العربي، وقام على مبادئ ترسيخ ثقافة القراءة والاطلاع، والاهتمام بقطاع المكتبات، والنشر العلمي والعمل على ترسيخ قيم مهنة المكتبات.
وللاتحاد نظام أساسي تم التصويت له عن طريق اللجنة العمومية للاتحاد، ويعد بمثابة الدستور المنظم للانتخابات والعضوية، وقد حدد أهداف الاتحاد وتوجهاته، وهياكله التنظيمية، ولجانه، ومهام المكتب التنفيذي للاتحاد.