توّج سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة، الفائزين بالجائزة العربية لتشجيع البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية في دورتها التاسعة، والتي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
ويأتي تتويج الفائزين بالجائزة، في ختام أعمال الدورة التاسعة لمؤتمر العلوم الاجتماعية والإنسانية التي عقدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة في الفترة من 11 إلى 13 مارس الجاري.
وقدّم الدكتور عبدالوهاب الأفندي، رئيس لجنة "الجائزة العربية لتشجيع البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية"، حصيلتها لهذه الدورة للعامين الأكاديميين 2021- 2023، وأعلن أنّ اللجنة قد قرّرت منح الجائزة العربية في هذه الدورة لثلاثةٍ من البحوث العشرين المشاركة في الجائزة، والتي أُدرجت عشرة منها في القائمة القصيرة للجائزة.
الأبحاث الفائزة
وقد أحرز الجائزة العربية لهذه الدورة الدكتور أحمد أبو العلا من مصر، عن بحثه الموسوم بـ"الثقافة السياسية لدى الشباب النوبي في مصر: الحراك النوبي نحو قضية العودة نموذجًا"، الذي عدّته لجنة القراءة العلمية للجائزة من أجود الأبحاث التي تسلّمتها لجنة مؤتمر العلوم الاجتماعية والإنسانية، ومن الأبحاث التي تدخل على نحوٍ مباشر في صلب موضوع الثقافة السياسية. ونوّهت أيضًا بهيكله المتناسق، وحسن اختيار أهدافه، وإشكاليته الواضحة، واتساق المنهج والموضوع، ونتائج الدراسة القيّمة، وأهمية المراجع التي استند إليها، فضلًا عن كتابة النص بلغة سليمة.
وأحرز أيضًا الجائزة العربية لهذه الدورة الدكتور سعيد الحاجي عن بحثه "التوافق في ثقافة النخبة السياسية المغربية: في العلاقة بين محددات التوافق والتحول الديمقراطي بالمغرب"، الذي أكّدت لجنة القراءة العلمية للجائزة أنه منسجم مع أهداف المركز المنصوص عليها في المادة الأولى من النظام الأساسي للجائزة، ويدخل في صلب موضوع المؤتمر، ويساهم في تعريف القارئ العربي بخصوصية التجربة المغربية، ويؤكد النتائج التي سبق أن توصل إليها باحثون مغاربة في تفسير البنية السياسية القائمة بالمغرب، كما أنه يتميّز عن الكتابات العديدة التي تعرضت لموقف النخبة السياسية تجاه الملكية، والتي لم تفكّك الثقافة السياسية التي تقف وراء هذا السلوك على النحو الذي أفلح فيه هذا البحث، فضلًا عن إضافات في البحث لم ترد في الأدبيات السابقة.
وكان الفائز الثالث بالجائزة العربية لهذه السنة هو الدكتور محمد نعيمي من المغرب عن بحثه "الثقافة السياسية والفعل الجمعي الاحتجاجي في سياق الانتفاضات العربية (2011-2019)" الذي أكّدت لجنة القراءة العلمية للجائزة أنه يتميز بجهد فكرى كبير لصياغة الإشكالية على المستوى النظري، ومحاولة جدية لفهم واقع معقد ومتغير يهم بعض البلدان العربية. كما أكدت اللجنة أهمية المقاربة النظرية وتطبيقها على الواقع الميداني، واعتبار الثقافة السياسية ليست بالمتغير التابع، ولا بالمتغير المستقل، بل عامل إلى جانب عوامل أخرى اقتصادية واجتماعية وغيرها، تؤثر في الواقع السياسي بقدر ما تتأثر به، بحيث أثرى ذلك حقل الدراسات في مجال الثقافة السياسية، وعلاقتها بالتغيير الديمقراطي في العالم العربي.
والجائزة العربيّة للعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة هي جائزة تنافسية أطلقها المركز العربي منذ عام 2011، من أجل تشجيع الباحثين العرب على البحث العلمي الخلاّق في قضايا وإشكاليّاتٍ تتناول صيرورة تطوّر المجتمعات العربيّة في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية.
ودأب المركز على فتح باب التنافس أمام الباحثين العرب. وفي ضوء التجربة المتواصلة منذ عام 2011، تطورت الجائزة العربية؛ فلم تعد تشمل فئة الباحثين الشباب بجائزة مميّزة، كما أنها لم تعد تُمنح للبحوث المنشورة في دوريات علمية محكّمة باللغة العربية وبلغات أجنبية، وواكبت تطور وتيرة تطور العلوم الاجتماعية والإنسانية الذي أضحى يُعقد كلّ عامين، وليس سنويًّا، لإتاحة الفرصة الزمنية الكافية للباحثين لإنجاز أبحاثهم، وأصبحت جميع البحوث المقرّة للمشاركة في المؤتمر متنافسة على الجائزة.
والتطور الأهم الذي شهدته الجائزة أنها أصبحت تشمل، إلى جانب مكافأة مالية تشجيعية تُمنح للفائز، منحةً بحثية لإنجاز مشروع بحثي في أمد سنة، بقيمةٍ إجمالية قدرها خمسون ألف دولار أمريكي لكلّ جائزة. وتفوز بالجائزة العربية لتشجيع البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية ثلاثة أبحاث مقدّمة لمؤتمر العلوم الاجتماعية والإنسانية كحدٍّ أقصى، حيث تتألف الجائزة من ثلاثة مركبات: شهادة الفوز، ومكافأة مالية تشجيعية قيمتها عشرة آلاف دولار، ومنحة بحثية قيمتها أربعون ألف دولار، لدعمه في تطوير الدراسة الفائزة أو تقديم اقتراح لمشروع بحثي آخر وإنجازه خلال عام واحد، على نحوٍ يستوفي الشروط والمعايير المعتمدة في المركز العربي، حيث يقوم المركز بمتابعة التقدم في إنجاز المشروع ضمن الآليات المعتمدة لديه. وقد تنافس على الجائزة العربية في دوراتها التسع أكثر من 250 بحثًا، وفاز بها أكثر من 50 باحثًا من مختلف الدول العربية، وهي مصر والأردن وموريتانيا والمغرب وتونس والسودان والعراق والبحرين والكويت وفلسطين وسوريا والجزائر.
وفي ختام حفل الجائزة العربية، تحدث الدكتور عزمي بشارة المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، عن دور المركز في تشجيع البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية، سواء من خلال الجائزة العربية أو غيرها من برامج المركز. ثم قدّم موضوع الدورة العاشرة لمؤتمر العلوم الاجتماعية والإنسانية وللجائزة العربية لتشجيع البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية، وهو "وسائل التواصل الاجتماعي: جدلية حرية التعبير، الرقابة والسيطرة"، داعيًا الباحثات والباحثين للإسهام في هذه الدورة التي سيجري الإعلان عن الدعوة للكتابة لها وورقتها الخلفية قريبًا، على موقع المركز العربي وعلى وسائط تواصله الاجتماعي.