دولار أمريكي 3.63ريال
جنيه إسترليني 4.61ريال
يورو 3.85ريال

ضمن موسم الندوات.. ندوة حول تاريخ الأندلس بوزارة الثقافة

15/03/2023 الساعة 20:58 (بتوقيت الدوحة)
جانب من الندوة
جانب من الندوة
ع
ع
وضع القراءة

عقدت وزارة الثقافة اليوم، ندوة بعنوان " تاريخ الأندلس" وذلك ضمن موسم الندوات الذي تنظمه الوزارة في نسخته الثانية، بالتعاون مع جامعة قطر والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ومكتبة قطر الوطنية في الفترة من 4 حتى 19 مارس الجاري.

وأقيمت الندوة في قاعة بيت الحكمة، بمقر وزارة الثقافة بحضور سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني، وزير الثقافة، وجمع من الأكاديميين والمثقفين.

وشارك في الندوة كل من الناقد والروائي الدكتور نزار شقرون مستشار ثقافي بوزارة الثقافة، وعدد من أعضاء فريق برنامج "همة" الذي أنتجته وزارة الثقافة مؤخرا حول التاريخ الأندلسي وهم الإعلامي والشاعر السعودي بدر لامي والإعلاميان القطريان سعود الكواري ومحمد الشهراني، فيما أدارت الندوة الإعلامية إيمان الكعبي، مدير المركز القطري للإعلام.

وقدم الدكتور نزار شقرون خلال الندوة ورقة بحثية بعنون " أية ضرورة اليوم لدراسة التاريخ الأندلسي؟ (92هـ-711م/798هـ-1492م) ، أكد خلالها على أن العودة إلى التاريخ الأندلسي تشكل خطوة أساسية لفهم عناصر الهوية العربية الإسلامية، مؤكدا ضرورة إتاحة التراث الثقافي الأندلسي للأجيال العربية، وأننا في حاجة إلى خطاب جديد بشأن هذه الحضارة الثرية يمكننا من الوقوف على مكوناتها ودورها في إبداع نموذج للتقدم في فترة كان فيها الغرب غارقا في ظلماته.

وأشار إلى أن المثقفين الإسبان تنبهوا إلى إهمالهم لـ"الحضارة الأندلسية" بوصفها مكونا من هويتهم، فعادوا إلى دراستها، ومن أشهر هؤلاء الكتاب المؤرخ خوان أندريس Juan Andres الذي استقر في إيطاليا ليؤلف كتابه الموسوعي في ثمانية أجزاء عن الأدب المقارن والتاريخ العام، وانتهى فيه إلى القول بأن كل ما تدين به أوروبا من تطور حضاري في مختلف الآداب والفنون والفكر والعلوم هو من أثر الحضارة الأندلسية.

وأضاف أن الباحثين العرب تنبهوا إلى مزايا الدراسات الأندلسية مؤخرا بعد اهتمام المستعربين الإسبان بهذا التراث ، الذي ظل غائبا عن التداول العلمي، بينما شاع التناول الرومانسي في الدراسات العربية لحضارة بلغت مرحلة الأطلال في الذاكرة الجماعية، وطغى الاهتمام بأسباب سقوط الأندلس على أسباب بلوغ الحضارة أوج ازدهارها، مشددا على أن فتح الأندلس عام711م لم يكن مجرد توسع جغرافي أو نشرا للدين الإسلامي فقط في شبه الجزيرة الإيبيرية، بل كان منطلقا لتأسيس حضارة.. مضيفا" لم يكن مضيق جبل طارق مجرد موقع تتصارع حوله قوى إقليمية للسيطرة عليه، فقد ظل في ذاكرة العرب المسلمين رمزا للخطوة التي قطعها طارق بن زياد في القرن الثامن للميلاد، ليدشن "عصرا جديدا" حمل في داخله بذور الاختلاف والتميز في الحضارة العربية الإسلامية".

وأشار شقرون في مداخلته إلى تأثر الثقافة الأندلسية بالنتاج العلمي والفكري والأدبي للعرب المسلمين في المشرق، ولكنها تميزت عنه في آن واحد، حيث صارت الأندلس بعد أقل من قرنين قبلة أهل الشرق، منوها بأن البيئة الأندلسية احتضنت الإبداع، فعلى الرغم من تقلبات السياسة هناك فقد ظلت الثقافة قائمة حتى سقوط غرناطة، بفضل دور الحكام في رعايتها، فتطورت الآداب والفنون والعلوم ، كما ساهمت الأوقاف من الحكام أو من عامة الناس في تشجيع طلاب العلم ونشر الكتب وإنشاء المكتبات العامة في المدن الرئيسية مثل قرطبة وإشبيلية وغرناطة، لتشكل المكتبات عاملا أساسيا من عوامل نهضة المجتمع الأندلسي في فترات ازدهاره.

وأوضح أن التعبيرات الأدبية والفكرية في "العصر الأندلسي" اتصلت بسائر أنواع الآداب في المشرق، من فنون النثر مثل الخطابة والترسل والمناظرات والمقامات وفنون الشعر والموسيقى والغناء ، ليبدأ "الأدب الأندلسي" مرحلة يتبع فيها النماذج المشرقية، ليتم تجديد وتطوير تلك الفنون، ولتستطيع الموهبة الأندلسية ابتداع أشكال فنية لم يعرفها المشرق، كان من أبرزها ظهور الموشحات أواخر القرن التاسع الميلادي، كما نشأ فكر جديد بالإضافة إلى نهضة العلوم مما شكلا عاملا أساسيا من عوامل النهضة الأوروبية.

وشدد الدكتور نزار شقرون المستشار بوزارة الثقافة خلال ندوة تاريخ الأندلس، على أن العرب استطاعوا بناء حضارة هناك بفضل اعتمادهم على مقومات أساسية لتحقيق نهضتهم، كان أهمها العلم.

وقال إن ترجمة العلوم من أبرز الأنشطة التي عكست حرص الأندلسيين على أخذ المعرفة من الثقافات الأخرى، كما كانت النزعة العقلانية مقوما أساسيا في تفكيرهم الفلسفي، لتؤثر بشكل مباشر في عصر التنوير الأوروبي، كما أثر مفهوم العمل عند الأندلسيين على تشكيل هويتهم ومنحهم الكفاءة الإبداعية فأبدعوا في فنون العمارة و صناعات النسيج، باعتبار أن مغامرة الإنسان في الوجود تقوم على الجمع بين المعرفة والعمل، وهو ما تجلى في كتاب "حي بن يقظان" لابن طفيل.

وقال إن أهم مكتسبات الحضارة الأندلسية أنها تعاملت مع الإرث الثقافي العربي السابق عليها تعاملا نقديا، مما جعل الحداثة الغربية لاحقا، تأخذ بهذا المفهوم وتغلب التفكير في الحاضر على التفكير في الماضي، وهو المفهوم الذي ينبغي أن نلتزم به وأن نغلب التفكير في حاضرنا أكثر من التفكير في الماضي، وأن نتعلم من هذه الحضارة التي ما تزال في حاجة إلى اكتشاف.

ودعا الدكتور نزار شقرون في نهاية حديثه إلى أهمية تأسيس مركز يعنى بدراسة الحضارة الأندلسية ليكون منطلقا حضاريا جديدا .

وتحدث الإعلامي بدر لامي عن برنامج "همة" قائلا إن البرنامج حاول الرد بشكل مبسط على الكثير من التساؤلات عن فتح شبه الجزيرة الأيبيرية، وما التحديات التي واجهت المسلمين عند الفتح ؟ ليتم استيعاب تاريخ هذه المرحلة من خلال التركيز على همة الرجال الذين فتحوا الأندلس انطلاقا من الهمة التي وضعتها العقيدة الإسلامية في قلوب هؤلاء الفاتحين الذين لم يكن يتجاوز عددهم طبقا لبعض الروايات 7 آلاف مسلم ولم يكونوا من العرب فقط بل من الأمازيغ أيضا وانه لما تراخت همة الرجال سقطت الأندلس.

كما أوضح أن البرنامج يهدف إلى العمل على تغيير بعض المفاهيم القديمة مثل قضية الفتوحات الإسلامية والتي لا تتوقف، بل هي مستمرة في كثير من المجالات خاصة العلوم والبحث العلمي فكل إنجاز في البحوث العلمية يساهم به العرب يعدا فتحا، لافتا إلى أن النجاح في تنظيم كأس العالم في قطر 2022 كان من أهم النجاحات المعاصرة.

وتحدث الإعلاميان القطريان سعود الكواري ومحمد الشهراني عن دورهما في الاعداد لبرنامج همة والمشاركة في تقديمه مؤكدين أن جهود فريق العمل برعاية وزارة الثقافة تضافرت لتقديم مادة علمية مصحوبة بتصوير من ذات مواقع الأحداث لتقريب المعلومات إلى المشاهدين ، مثمنين الثقة والرعاية التي منحتها الوزارة لفريق العمل .

كما تحدث أعضاء الفريق عن الصعوبات التي واجهتهم خلال رحلتهم إلى إسبانيا وتقديم البرنامج الذي يربط التاريخ بالثقافة المعاصرة.

وشهدت الندوة العديد من المداخلات التي أثرت النقاش وكان أبرزها مداخلة الشاعر الدكتور حسن النعمة رئيس مجلس أمناء جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي والذي ثمن جهود وزارة الثقافة في تعزيز الثقافة المجتمعية، لافتا إلى أن اهتمام قطر بتاريخ الأندلس ليس حديثا بل هو استلهام لإرث يرجع إلى تاريخ حاكم قطر الأسبق الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني الذي كان اول من وجه اهتمامات المنطقة العربية والخليج لدراسة الأندلس من منطلق إعجابه بتراثها ، وكان ذلك في زمن شحت فيه المعلومات فقد حرص على الحصول على نسخة وحيدة من ديوان ابن دراج القسطلي والذي طبع على نفقته عام 1961.

جدير بالذكر أن موسم الندوات يتضمن 5 ندوات، ويعتبر منصة حية وفضاء رحبا لإبراز الثقافة الوطنية وإثرائها بالتفاعل مع الثقافات العالمية، فضلاً عن دوره الأساسي في تعزيز الحوار بين المفكرين وأجيال المثقفين حول قضايا محورية تهم قطاعات واسعة من المجتمع، وسوف تختتم فعاليات موسم الندوات الأحد المقبل بتنظيم ندوة حول تأثير الحضارة الإسلامية على الغرب.

المصادر

جميع الحقوق محفوظة لمرسال قطر 2024

atyaf company logo