اعتبر بنك قطر الوطني أن أسباب تراجع الأداء النسبي في الأسواق الناشئة في السنوات الأخيرة بدأت في التلاشي، مشيرا إلى أن معظم هذه البلدان تتمتع حاليا بأسس أفضل من الاقتصادات المتقدمة.
وأوضح التقرير الأسبوعي للبنك أن التعافي الاقتصادي في الصين من المقرر أن يدعم ارتفاع معدلات النمو في الأسواق الناشئة. ويعتبر المصدرين الرئيسيين للسلع الأساسية الذين يتمتعون بفوائض في الحساب الجاري في وضع جيد بشكل خاص للاستفادة من هذه البيئة الأكثر إيجابية.
على مدى العقد الماضي كانت الأسواق الناشئة نموذجًا للديناميكية الاقتصادية والفرص والنمو
وذكّر التقرير أنه على مدى العقد الماضي، كانت الأسواق الناشئة نموذجا للديناميكية الاقتصادية والفرص والنمو، لافتا إلى أن اقتصادات الأسواق الناشئة تفوقت على معظم البلدان الأخرى عندما يتعلق الأمر بتوسع الناتج المحلي الإجمالي ومقاييس النشاط الأخرى حتى بداية عام 2020. ومع ذلك، فقد تغيرت هذه الصورة التي امتدت لعدة عقود بشكل ملحوظ مع التحول الذي أحدثته جائحة كوفيد-19.
وأشار إلى أنه في أعقاب الصدمة الناجمة عن الانتشار العالمي للجائحة، عانت بلدان الأسواق الناشئة من معدلات نمو دون المتوسط وانخفاض الأداء على أساس نسبي مقابل الاقتصادات المتقدمة. وكانت الأسباب الرئيسية لذلك في البداية هي تدني معدلات التطعيم، والقيود المرتبطة بسلسلة التوريد، والسياسات النقدية والمالية الأقل تيسيرا. كما أدى التباطؤ الكبير في الصين إلى زيادة الرياح المعاكسة الكلية التي واجهت الأسواق الناشئة.
نوبة ضعف الأداء في الأسواق الناشئة توشك على الانتهاء مع تسارع النمو إلى 4.2% هذا العام
وبين التقرير أن نوبة ضعف الأداء في الأسواق الناشئة توشك على الانتهاء، مع تسارع النمو إلى 4.2% هذا العام من 3.7% في عام 2022، بينما من المقرر أن يتباطأ النمو في الاقتصادات المتقدمة إلى 0.9% من 2.6% في نفس الفترة. وهذا من شأنه أن يدعم فارق نمو قدره 330 نقطة أساس لصالح الاقتصادات الناشئة مقابل الاقتصادات المتقدمة، أي 42 نقطة أساس أعلى من المتوسط طويل الأجل.
وأشار إلى وجود عاملين رئيسيين يفسران العودة المحتملة للأداء المتفوق في الأسواق الناشئة في عام 2023. أولهما أن أسس الاقتصاد الكلي عادت لتصبح أقوى مرة أخرى في معظم الأسواق الناشئة مقارنة بالاقتصادات المتقدمة. فقد راكمت العديد من الاقتصادات المتقدمة اختلالات حادة من سياسات التحفيز المفرط في أعقاب الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية، وحدث ذلك –وفق التقرير- جراء تصاعد الضغوط لحماية دخل الأسر والشركات من الصدمات السلبية الكبيرة.
في المقابل، كان لدى معظم بلدان الأسواق الناشئة حيز أصغر لإجراءات السياسة الاقتصادية، وظلت أكثر انضباطا في التكيف مع الظروف الاقتصادية، والاستجابة بشكل فوري أكثر للتضخم الجامح والسيطرة عليه قبل أن يسوء الوضع التضخمي أكثر في اقتصاداتها. ونتيجة لذلك، تتعرض بلدان الأسواق الناشئة حاليا لمستوى أقل من الضغوط لتشديد سياساتها النقدية والمالية، كما أن اقتصاداتها قد تكيفت إلى حد كبير مع الظروف العالمية الأقل اعتدالا.
من المتوقع أن تكون الصين مصدرا للعوامل المساعدة للأسواق الناشئة
العنصر الثاني الذي أشار إليه التقرير، تعلق بالصين فبالرغم من أن التباطؤ المسجل كان بمثابة رياح معاكسة قوية بشكل خاص لدول الأسواق الناشئة في عام 2022. ومع ذلك، في عام 2023، من المتوقع أن تكون الصين مصدرا للعوامل المساعدة للأسواق الناشئة، حيث من المرتقب أن تتم إعادة انفتاح اقتصادها بالكامل من سياسات كوفيد، وستمضي السلطات قدما في إجراءات التحفيز المالي والنقدي. وسيؤدي هذا الأمر إلى تسارع كبير في النمو الاقتصادي الصيني إلى معدل طبيعي يبلغ 5.5%.
وقال التقرير انه على الرغم من الخلفية الكلية الإيجابية بشكل عام في الأسواق الناشئة، فإن الظروف العالمية مواتية بشكل خاص لمصدري السلع الرئيسيين الذين يتمتعون بفوائض في الحساب الجاري، مثل دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك لأنهم يستفيدون من استمرار ارتفاع أسعار السلع، مما يدعم الإيرادات الخارجية والحكومية على حد سواء.
ويعد هذا الأمر أكثر منفعة في فترة يحتدم فيها نقص السيولة الدولية وترتفع فيها تكاليف الاقتراض، حيث يسمح هذا الوضع باستمرار الإنفاق والاستثمارات والنمو. وعلى النقيض من ذلك، فإن الظروف أقل اعتدالا بالنسبة للمستوردين الرئيسيين للسلع الأساسية، لا سيما إذا كانوا يعانون من عجز في الحساب الجاري ويحتاجون إلى الاعتماد على التمويل الخارجي المستمر للحفاظ على مستوى معين من الاستهلاك والاستثمار.