مع اقتراب نهاية شهر شعبان من كل عام تتوق قلوب المسلمين حول العالم إلى يوم رؤية هلال شهر رمضان المبارك، استعدادا للإعلان عن بداية صيام الشهر الكريم وإحياء لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً" .
ومع اقتراب قدوم شهر الصوم في كل عام، يتساءل المسلمون عن كيفية رصد وتحري الهلال وتوقيت ذلك، وشروطه ومتطلباته، وذلك نتيجة اختلاف مواقع الدول من حيث خطوط الطول والعرض ومواعيد شروق الشمس وغروبها، ووجهات النظر حول تأويل النصوص الدينية الخاصة برؤية الهلال.
رئيس مركز قطر لعلوم الفضاء والفلك: بداية تحري هلال شهر رمضان المبارك ومتطلباته تكون من تاريخ 29 من شهر شعبان
وفي تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، قال سعادة الشيخ سلمان بن جبر آل ثاني رئيس مركز قطر لعلوم الفضاء والفلك، إنه وبحسب السنة النبوية فإن بداية تحري هلال شهر رمضان المبارك ومتطلباته تكون من تاريخ 29 من شهر شعبان، حيث يجتهد الكثير من الناس في محاولة تطبيق السنة النبوية، وهي تحري ومحاولة رؤية الهلال فوق الأفق الغربي بعد أو مع غروب الشمس، حيث تسهل الرؤية من بعد غروب الشمس.
شروط صحة تحري الهلال
وحول الشروط والظروف التي ينبغي توافرها لصحة تحري الهلال، أوضح سعادته أن هناك بعض الأمور التي يفضل أن تكون قد تمت من أجل عملية الرؤية، وتشمل ثبوت ولادة الهلال قبل غروب الشمس، كما يفضل أن تكون هناك مسافة بين القمر والشمس حتى يتخلق في القمر النور الكافي الذي يسهل على الراصد أو المتحري أن يراه، كما يفضل أن يتواجد الناس الذين يقومون بالتحري في منطقه تكون خالية من التلوث البيئي وخالية من التلوث الضوئي وبعيدة عن الشواطئ حتى لا تؤثر رطوبة البحر على إمكانية الرؤية.
وعن عملية الرؤية ذاتها قال سعادته، يبدأ الناس بالتركيز في الجهة الغربية من بداية ملامسة الشمس إلى الأفق الغربي لاستغلال أكثر وقت ممكن لمحاولة رؤيه الهلال، ولا حرج في استخدام المنظار وتقبل به الشهادة، أما الكاميرات الرقمية فهي غير مقبولة لتفوق قدراتها على العين البشرية بكثير.
وأوضح الشيخ سلمان بن جبر آل ثاني أن الاختلاف القائم أو الاختلاف المذكور بين الدول، فهو ليس في الحقيقة اختلاف ذو شأن كبير، لأن الدين اليسر وليس بالعسر، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بصيام رمضان 29 أو 30 يوما، وذلك حسب إمكانية رؤية الهلال، وتم تأكيد ذلك في عدد من أحاديث نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
هناك من يتعمد في عمل أو تحريك الخلاف بين الدول أو بين مشايخ الدين بهدف إبراز نفسه إعلاميا
وأضاف رئيس مركز قطر لعلوم الفضاء والفلك، في تصريحه لوكالة الأنباء القطرية "قنا" قائلا ، "ولكن هناك من يتعمد في عمل أو تحريك الخلاف بين الدول أو بين مشايخ الدين بهدف إبراز نفسه إعلاميا، فيدعي بأنه يستحال رؤية الهلال في الوقت الذي تكون فيه لجنة تحري الهلال قد دعت لتحري الهلال يومها، فيتسبب في نشأة الاختلاف بين الناس بين مؤيد ورافض للرؤية، حتى إن البعض إذا ثبتت رؤية الهلال في دول مجاورة وبدأنا بالصيام بناء على ذلك، يظهر أو تظهر هذه الفئة من الناس وتدعي بأن هناك خطأ وقد بدأنا شهر رمضان قبل موعده، فلا بد من أخذ الحذر في ذلك، وإذا لم تتم رؤية الهلال وأتممنا شعبان ثلاثين يوما، تظهر نفس الفئة وتدعي كيف للجنة الأهلة أن تؤخر يوما من الصيام والأجر، وتقول إنه لابد علينا من قضاء يوم".
وأكد سعادته أن سبب الخلاف في الحقيقة هو بسبب من يخالف الناس بهدف الشهرة وليس خلافا بين مشايخنا والفلكيين، لذا لابد من عدم الاستماع.. إلا لولاة الأمر في الدولة وهم لجنة تحري الأهلة، وفي ذلك تطبيقا لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
ويذكر أن الشهر القمري في التقويم الإسلامي يبدأ مع ظهور القمر الجديد (الهلال)، مما يعني أن شهر رمضان يبدأ وينتهي مع ظهور الهلال بداية الشهر، وتختلف طرق رؤية هلال رمضان من بلد إلى آخر، حيث تعتمد دول عربية وإسلامية على الرؤية بالمنظار، فيما تلجأ دول أخرى إلى الحسابات الفلكية، وهناك من يعتمد على الرؤية بالعين المجردة.
رؤية الهلال العينية
ويتفق معظم الفقهاء المسلمين فيما بينهم على أن رؤية الهلال العينية ضرورية، خاصة أن كلمة "رؤية" مذكورة باللفظ في حديث نبوي شريف يستند إليه كثيرون ممن يرون بوجوب أن تكون الرؤية بالعين المجردة، لقول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً" وتعتمد معظم الدول الإسلامية في تحري الهلال على لجان مكونة من فقهاء وعلماء فلك ومواطنين عاديين، حيث يقوم هؤلاء باستطلاع الهلال يوم الـ29 من شعبان في كل مكان ممكن، عملا بمبدأ الرؤية المكانية، وقد يكون تحري الهلال بشكل جماعي ضرورة لا مفر منها، فهو الطريقة الأمثل لتأكد الشاهد بأن ما يراه هو الهلال وليس شيئا آخر.
وتختلف عدد ساعات الصيام في الشهر الكريم بين دولة وأخرى وفق خطوط الطول والعرض لكل دولة وموقعها من خط الاستواء، كما يتفاوت عدد ساعات الصيام أيضا داخل الدول ذاتها، وبالذات في الدول ذات المساحات الشاسعة، مثل الجزائر والمملكة العربية السعودية على سبيل المثال لا الحصر، وتختلف مدة الصيام في بداية شهر رمضان عنها في نهايته، وغالبا ما تزيد بضع دقائق كل يوم، بسبب اقترابنا من أشهر الصيف الذي تزيد فيه ساعات النهار.
