دولار أمريكي 3.65ريال
جنيه إسترليني 4.69ريال
يورو 3.88ريال

ما هي مخاطر الملء الرابع لسد النهضة على مصر؟

29/03/2023 الساعة 18:50 (بتوقيت الدوحة)
ع
ع
وضع القراءة

تمر السنوات ولا يزال ملف سد النهضة الإثيوبي على حاله فيما يتعلق بمفاوضات الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم.

وفي الوقت نفسه، أعلنت أديس أبابا عن اكتمال بناء السد بنسبة 90 في المئة واستعدادها للملء الرابع وسط تحذيرات مصرية ودعوات سودانية للتوصل إلى حل عادل للأزمة.

ويرى مراقبون أن الإجراءات الإثيوبية الأحادية لم تتوقف بشأن عملية الملء والبناء رغم عدة جولات من المفاوضات كانت حصيلتها في النهاية صفر، لذا فإن تلك الأزمة سوف تستمر وتخضع الآن لعمليات استغلال إقليمية ودولية.

ما المخاطر التي تخشاها مصر نتيجة استمرار إثيوبيا في الإجراءات الأحادية بشأن سد النهضة؟

بداية يؤكد أحمد المفتي، مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان في السودان، أنه لا جديد فيما يتعلق بأزمة سد النهضة منذ العام 2011، مشيرا إلى أن تأثير الإجراءات الإثيوبية الأحادية تدريجية وتراكمية، وهو ما جعل تأثيرات الملء الثلاثة السابقة ضعيفة ولم يشعر بها مواطنو كل من مصر والسودان.

آثار تراكمية

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أما ما يتعلق بالملء الرابع، بكل تأكيد سيكون له تأثير على دولتي المصب (مصر والسودان)، لكن الآثار التي ستنتج عن الملء القادم ستكون تراكمية قد يتم الشعور بها بعد عملية الملء أو لا يتم ذلك، الآثار السلبية ليست في عملية الملء فقط، بل الأخطر من الملء هو أفعال إثيوبيا الأحادية، لأن مبدأ منع الضرر المفترض والذي يجري الحديث عنه، هو مبدأ لا خلاف عليه حتى في اتفاق إعلان المبادئ، لكن المشكلة الأكبر هي التعويض عن الضرر الذي يسببه الفعل الأحادي.

وأشار مدير مركز الخرطوم إلى أن الضرر قد ينتج عن عدم التوافق على عملية الملء والتشغيل بين الدول الثلاث، لأن إعلان المبادئ ينص على أن ليس هناك ملء أو تشغيل قبل التوصل إلى اتفاق، كما أن عمليات الملء سوف تتسبب في أضرار نتيجة حجز السد لكميات الطمي التي كانت تأتي مع المياه بدون تدخل وتساهم في تخصيب الأراضي الزراعية.

الاتفاق الملزم

وأوضح المفتي أن هناك ضررا واقعا في كل الأحوال سواء استمرت عملية الملء أو انهار السد جزئيا أو كليا، وموقف كلا من مصر والسودان لم يتغير منذ الملء الأول وفي كل التصريحات تشدد الدولتان على ضرورة التوقيع الثلاثي على اتفاق قانوني ملزم.

ولفت مدير مركز الخرطوم إلى أنه حتى إن وافقت إثيوبيا على التوقيع على اتفاق قانوني وملزم، نجد أن السودان ليس لديه تصور حول ما الذي يمكن أن يتضمنه هذا الاتفاق، ومدى الضرر الواقع عليها، وفي تقديري يجب اتخاذ خطوات جديدة خلافا لما تم اتخاذه منذ العام 2011 وحتى الآن.

الأمر الواقع

من جانبها تقول أسماء الحسيني، نائبة رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية والمتخصصة في الشؤون الأفريقية، إن إثيوبيا تواصل طريقها وفق سياسة فرض الأمر الواقع، في تحدي للقوانين والأعراف الدولية والوساطات والمبادرات التي تطالب بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لكل الأطراف فيما يتعلق بعملية الملء والتشغيل لسد النهضة.

وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، إن عدم التوصل إلى الحل العادل لتلك الأزمة المعقدة التي تلقي بظلال قاتمة على الأوضاع بين الدول الثلاث وعلى المنطقة والعالم، مشيرة إلى أن الإجراءات الإثيوبية الأحادية لن تفضي إلى سلام أو استقرار في المنطقة، لأن الأمر يتعلق بحياة ووجود ملايين البشر في كل من مصر والسودان.

وتابعت الحسيني، إن عمليات تصدير العداء وعدم التوافق على الحلول المرضية بشأن سد النهضة، كل ذلك ساهم في منع تعاون كبير كان بالإمكان حدوثه إذا ما تعاونت الدول الثلاث فيما بينها، لافتةً إلى أن مصر ما زالت تسعى بكل الطرق للحفاظ على حقوقها التاريخية في مياه النيل، فالأمر الآن مطروح في كل المنابر الإقليمية.

الشفافية والوضوح

وشككت خبيرة الشؤون الأفريقية في التصريحات الإثيوبية التي تتحدث عن إنجاز 90 في المئة من منشآت السد وقالت، إنه ليست هناك معلومات مؤكدة حول صحة التصريحات الإثيوبية، علاوة على عدم الوضوح والشفافية والتعتيم الإعلامي وعدم مشاركة دول المصب تلك المعلومات عن حجم الملء، بالتالي سوف يظل ملف سد النهضة معقدا ويبحث عن حل.

أكد وزير الري المصري، الدكتور هاني سويلم، الجمعة الماضية، أن بلاده قد تتعرض لضرر اقتصادي ‏واجتماعي، نتيجة استمرار الإجراءات الأحادية لتشغيل سد النهضة الإثيوبي.‏

وقال في بيان، أمام الجلسة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023، أنه "على الرغم مما يتردد من أن السدود الكهرومائية لا يمكنها أن تشكل ضررا، إلا أن حقيقة الأمر أن مثل هذه الممارسات الأحادية غير التعاونية في تشغيل هذا السد المبالغ في حجمه يمكن أن يكون لها تأثير كارثي".

سوق العمل

وتابع مبينا أنه "في حالة استمرار تلك الممارسات على التوازي مع فترة جفاف مطول، قد ينجم عن ذلك خروج أكثر من مليون ومائة ألف شخص من سوق العمل، وفقدان ما يقرب من 15% من الرقعة الزراعية في مصر، بما يترتب على ذلك من مخاطر ازدياد التوترات الاجتماعية والاقتصادية، وتفاقم الهجرة غير الشرعية. كما يمكن أن تؤدي تلك الممارسات إلى مضاعفة فاتورة واردات مصر الغذائية".

بدوره قال وزير المياه والطاقة الإثيوبي، هبتامو إيتيفا، إن بلاده لديها إيمان راسخ بالتعاون الحقيقي العابر للحدود بشأن الاستخدام "المنصف والمعقول" لموارد مياه النيل، في سبيل خلق التكامل وترسيخ السلام في المنطقة.

المياه من أجل التنمية المستدامة

وقال في كلمته، ضمن فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2023، بشأن استعراض منتصف المدة الشامل لتنفيذ أهداف العقد الدولي للعمل "المياه من أجل التنمية المستدامة" (2018 - 2028)، إن إثيوبيا تدعو إلى التصديق على اتفاقية الإطار التعاوني بين دول حوض نهر النيل، حيث يتم ضمان الاستخدام المنصف والمعقول للمياه، وفقًا لشبكة "فانا" الإثيوبية.

ورغم توقيع اتفاق مبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، يحدد الحوار والتفاوض كآليات لحل كل المشكلات المتعلقة بالسد بين الدول الثلاث، فشلت جولات المفاوضات المتتالية في التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث على آلية تخزين المياه خلف السد وآلية تشغيله.

وأنجزت إثيوبيا مرحلتين من عملية ملء السد في عامي 2020 و2021، وبدأت بالفعل عملية الملء الثالث خلال موسم الفيضان الذي بدأ في يوليو الماضي.

وأدى عدم التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث، إلى زيادة التوتر السياسي بينها، وترحيل الملف إلى مجلس الأمن، الذي عقد جلستين حول الموضوع، دون اتخاذ قرار بشأنه.

المصادر

جميع الحقوق محفوظة لمرسال قطر 2024

atyaf company logo