تتنوع العادات والتقاليد التي يمارسها المجتمع القطري في شهر رمضان المبارك، ولا تقتصر على الصيام والقيام وغيرهما من القربات والطاعات، بل تتعدى ذلك إلى عادات اجتماعية وأنشطة ترفيهية وصحية، من أبرزها زيادة ممارسة الرياضة من خلال الدورات الرياضية التنافسية والأنشطة الفردية التي تعزز من قيمة الرياضة، وتغرس حبها في النفوس باعتبارها سلوكا صحيا.
وتحرص العديد من المؤسسات والاتحادات في المجتمع على بث الحياة في الملاعب والأندية طيلة شهر رمضان المبارك، من خلال تنظيم الأنشطة الرياضية والدورات التنافسية في رياضات كرة القدم وكرة السلة وكرة الطاولة والرماية وبادل التنس والفروسية والكرة الطائرة وكرة قدم الصالات، والشطرنج ورياضة البادل فوت التي باتت تستهوي الشباب في الأمسيات لتثري الساحة بروح التنافس الرياضي والتواصل في مشهد يعلي من قيمة الرياضة ويشجع أفراد المجتمع على ممارستها، لما لها من تأثير إيجابي على حياة الأفراد سواء كانوا من قدامى الرياضيين أو من الهواة.
وتشكل الدورات الرياضية في شهر رمضان تقليدا سنويا تشارك فيه مختلف فئات المجتمع، وتمثل محورا مهما للتلاقي بين فئات المجتمع من قدامى الرياضيين والمدربين وهواة الرياضة، بشكل عام، حيث تبذل المؤسسات المختلفة جهدا كبيرا في إنجاح الدورات وتوسيع قاعدة المشاركة فيها وتستعين في ذلك بالمتخصصين في التدريب والتحكيم والتنظيم، من أجل إثراء الساحة الرياضية.
وفي هذا الصدد، أكد عارف عبدالرحمن العبدالله المدير العام للنادي الأهلي في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية، أن للدورات الرمضانية قيمة كبيرة في حياة الرياضيين وغيرهم لما فيها من ترسيخ للكثير من المفاهيم الخاصة بالمجتمع.
وقال العبدالله، وهو أحد منظمي الدورات الرياضية الرمضانية بالنادي الأهلي، إنهم يحرصون في رمضان دائما على استمرار هذا التقليد بإقامة دورات مهمة أبرزها دورة عبدالله المصطفوي الهاشمي أحد رموز النادي، والتي يشارك فيها الكثير من الرياضيين من قدامى لاعبي المنتخبات القطرية والنادي الأهلي وهي تمثل فرصة مهمة للتواصل بين الرياضيين في شهر يسهل فيه تنظيم العمل وممارسة الرياضة بجانب العبادات.
وأضاف أنهم يحرصون كذلك على إقامة دورة نوعية في رياضات مختلفة مثل البادل والبادل فوت التي أقيمت بالنادي الأهلي لأول مرة في رمضان الماضي وباتت الآن من الرياضات المهمة التي تلقى إقبالا كبيرا من الشباب.
وأوضح عارف العبدالله أنه وتقديرا لقيمة الرياضة في رمضان فقد استهدفوا فئات البراعم هذا الشهر ونظموا لها دورة رياضية متنوعة عرفت مشاركة كبيرة وحققت نجاحا باهرا، مشيرا إلى أنها قدمت لهم الكثير من المواهب التي ستجد الاهتمام بالتطوير وتنمية القدرات في المستقبل القريب.
وتحمل بعض الدورات أيضا تقديرا خاصة لعدد من رموز الرياضة القطرية، خصوصا في الأندية، ويمثل تنظيمها نوعا من الاحتفاء بهم والتقدير لعطائهم، على نحو دورة عبدالله المصطفوي الهاشمي الرمضانية التي ينظمها النادي الأهلي سنويا ودورة صالح صقر البوعينين التي تعتبر الأقدم في دولة قطر في منافسات كرة القدم.
وتعتبر الأنشطة الرياضية متنزها للجماهير من أبناء الجاليات الذين يحرصون على المشاركة في المنافسات المختلفة، من أجل الإسهام في إنجاح النشاط من جهة والتواصل مع مجتمع الرياضة من جهة أخرى، وتعزيز مبدأ المشاركة والتفاعل الرياضي.
وعلى الرغم من أن الدورات لا تخضع لشروط احترافية فيما يتعلق بالتنظيم واللوائح، إلا أنها تأخذ شكلا تنافسيا مميزا ويكون النجاح فيها مصدر اعتزاز وفخر لمن يفوز باللقب أو يحصل على مركز الوصيف في ختام المشاركة، كما تحظى المنافسة بنوع من الاهتمام من قبل المشاركين وأفراد أسرهم في مشهد يعبر عن أهمية الدورات والظهور المميز فيها.
وتبدو الدورات الرمضانية أقرب إلى التحدي الخاص في بعضها، مثل دورات الفرجان التي تحمل الاعتزاز بثقافة الفريج لمن يمثله في الدورة، والافتخار بإنجازه فيها كتخليد لاسم الفريج وإبقائه في سجلات الدورات الرياضية وذكره مع كل مناسبة تنظم فيها الدورة في المستقبل.
ومع أن الدورات تحمل صفة المنافسة الرياضية الودية، إلا أنها فرصة للاحتفاء بالفريج والأسماء القطرية الخالصة والثقافة والتقاليد التي يزخر بها المجتمع القطري، كما تعبر عن تقدير خاص ومصدر فخر بالأسماء القطرية للفرجان والمناطق.
وتوثق الدورات الرمضانية أسماء خالدة في الذاكرة القطرية مثل الوجبة، والزبارة والرويس والشحانية والوعب وغيرها من أسماء المناطق في قطر، والتي تحمل أسماء الفرق الرياضية التي تشارك في الدورات ولا تخلو دورة رياضية من هذه الأسماء باعتبار أنها تمثل اعتزازا بالتواصل في الشهر الفضيل والانتماء للرياضة والمكان، كما تعد أيضا فرصة لاكتشاف العديد من المواهب الرياضية في مختلف الألعاب فتكون نقطة اهتمام للمختصين بالشأن الرياضي الفني في اختيار هذه المواهب وتنميتها وتطويرها بما يحقق الفائدة العامة للرياضة بمختلف ضروبها.
وتفتح الدورات الرمضانية نافذة للمدربين والأندية للوقوف على ثقافة أفراد المجتمع وتنمية محبتهم للرياضة بممارستها بشكل دائم لتكون أسلوبا من أساليب الحياة الصحية باعتبار التزامهم الكامل بها في فترة شهر رمضان التي ينشط فيها الفرد في الصيام والقيام، وينظم فيها الوقت بالتواصل وممارسة الرياضة والتقارب مع مختلف فئات المجتمع وفق برنامج واضح تكتمل فيه التزامات الأفراد بالعبادات أولا وممارسة الرياضة بانتظام ثانيا.
وتراعي الدورات الرمضانية أياما معدودة في الشهر ولا تقام في العشر الأواخر، وتختتم جميع الدورات مع الاحتفاء بليلة غزوة بدر وهو تقليد يراعي الالتزام بالعبادة في رمضان وتقسيم أيامه بإحياء لياليه بالذكر والصلاة.