بطعم الغربة وضيق العيش.. معاناة النازحين في مخيمات العراق خلال رمضان

09/04/2023 الساعة 19:48 (بتوقيت الدوحة)
ع
ع
وضع القراءة

تتفاقم معاناة النازحين في العراق خلال شهر رمضان المبارك، إذ يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة الأساسية في المخيمات التي يعيشون فيها للعام التاسع على التوالي. ويعانون من قلة توفر احتياجاتهم الأساسية للعيش الكريم، بالإضافة إلى الواقع الصحي البائس وانعدام المراكز الصحية في بعض المخيمات. كما توقف النشاط التعليمي في بعض المخيمات التي أوقفتها وزارة الهجرة والمهجرين لإجبار السكان على المغادرة.

ولا يعرف النازحون اليوم من طقوس رمضان شيئاً، وباتت آمالهم تنحصر بالحصول على سلّات غذائية محدودة تقيهم الجوع، فلا مساجد للصلاة ولا موائد رمضانية كانت تعج بها مخيماتهم في السنوات الأولى للنزوح، حيث كانت توزع لهم مساعدات جيدة من الحكومة العراقية أو من المنظمات الأممية والدولية أو من الأغنياء والموسرين حولهم، بعد أن منعت معظم المساعدات لهم في العامين الماضيين، لإجبارهم على الخروج من المخيمات.

وتعود أزمة النزوح الحالية في العراق إلى يونيو من عام 2014 حين اجتاح تنظيم "داعش" مناطق واسعة من شمال وغرب العراق، واندلاع معارك عنيفة لاستعادتها، ما أجبر الملايين آنذاك على الهروب من هول القصف والحرب. ورغم انتهاء الحرب واستعادة المحافظات من قبضة التنظيم وعودة أغلب النازحين والمهجرين إلى مناطقهم الأصلية، إلا أن نحو مليونين من النازحين تأخرت عودتهم بسبب دمار كبير لحق مناطقهم دون تعويض حكومي يساعد على إعادة بنائها.

وبحسب إحصاء جديد أصدرته دائرة الإعلام والمعلومات التابعة لحكومة إقليم كوردستان العراق في يناير 2023 عن أعداد النازحين واللاجئين في الإقليم، فإن أكثر من 913 ألف نازح ومهجر يعيشون في أنحاء الإقليم، سواء داخل المخيمات أو عند أقاربهم أو يعتمدون على أنفسهم في توفير سكنهم، وفق إحصائية أُعدت لغاية 2022.

وقررت الحكومة العراقية إغلاق (25) مخيماً للنازحين في إقليم كوردستان شمال شرقي البلاد واتخاذ إجراءات لتأمين العودة الطوعية للنازحين. وقالت وزارة الهجرة والمهجرين إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يتابع ملف عودة النازحين بشكل طوعي وحلّ مشكلاتهم، مشيرة إلى توجه الحكومة لإغلاق ملف المخيمات، مؤكدة وجود تنسيق مع حكومة إقليم كوردستان لدمج المخيمات وإعادة من يمكن إعادتهم.

ويتوزع النازحون في إقليم كوردستان على 25 مخيما، 15 منها في محافظة دهوك و6 بمحافظة أربيل، و4 في السليمانية، حيث يواجه نازحوها وضعا إنسانيا صعبا في شهر رمضان المبارك، لاسيما في الشتاء بسبب أجواء الإقليم الممطرة والباردة، في ظل تأخر المساعدات الإنسانية المقدمة من وزارة الهجرة، وتراجع الدعم الدولي هذا العام.

FtSRSt7X0AI6ODd
وفيما يتعلق بخطة إغلاق المخيمات وعودة النازحين، أكدت إيفان جابرو وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية أن الغياب الأمني ودمار المنازل وعدم توفر الخدمات هي العوامل التي تمنع عودتهم، مشيرة إلى أن الوزارة ليست قادرة على إعادة العائلات في هذه الظروف، وأنها بحاجة إلى دعم جميع المؤسسات الحكومية لإعادة إعمار منازل العائلات النازحة وتوفير الخدمات والبنية التحتية اللازمة، بالإضافة إلى تحسين الأمن في المناطق التي يعودون إليها وحل المشاكل العشائرية التي تعرقل عملية العودة لبعض العائلات.

وأقرت الوزيرة بوجود ما يقارب 29 مخيمًا بينها المخيمات العشوائية في منطقة بزيبز وعامرية الفلوجة غربي العاصمة بغداد، التي تضم أكثر من 40 ألف عائلة نازحة وأكثر من مليون نازح، مضيفة أنها وجهت بتوزيع سلتين غذائيتين لكل أسرة من نازحي مخيم بزيبز، خلال شهر رمضان المبارك، وأكدت صعوبة الاستجابة لمناشدات النازحين بإنهاء ملف نزوحهم وإعادتهم لمناطقهم الأصلية.

من جانبه، أكد كريم النوري وكيل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن المشاكل التي تواجهها العائلات النازحة يمكن حلها، مبيناً أن رئيس الوزراء العراقي يتابع بشكل شخصي العودة الطوعية للنازحين وحل مشكلاتهم بالإضافة إلى وجود تواصل مع إقليم كوردستان لمساعدة الوزارة في إغلاق أكثر من (25) مخيماً.

وعن أبرز المعوقات التي تواجه النازحين وصرف المستحقات المالية، قال النوري إن هناك بعض القضايا اللوجستية فيما يخص منازلهم والبعض الآخر يعود إلى الوضع الأمني، مشيراً إلى أنّ الوزارة وضعت معايير لصرف تلك الأموال، وباشرت بصرف المستحقات المالية على شكل مراحل.

ويقول الباحث بالشأن الاجتماعي العراقي فؤاد الشمري، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إن الحكومات المحلية والاتحادية وكذلك وزارة الهجرة، أعلنت عن إطلاق عملية لغلق المخيمات وبالفعل تم غلق ما يقارب 70 بالمئة منها، لكن سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للكثير من العوائل النازحة وكذلك انعدام فرص العمل، وعدم امتلاكهم منازل خاصة، أو القدرة على العودة لمناطقهم، دفع الكثيرين منهم للبقاء في المخيمات، على اعتبار أنها أقل سوءاً من العيش على أرصفة الشوارع.

وأوضح أن عدم صرف مبالغ التعويضات لأصحاب الدور المتضررة جراء الحرب يعد سبباً رئيسياً يحول دون عودة الكثيرين لمناطقهم، كونهم لا يملكون القدرة على إعادة تأهيل أو بناء منازلهم المدمرة .

أما شريف سليمان رئيس لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي، فطالب الجهات المعنية بالالتفات إلى مخيمات النازحين وتقديم الخدمات الأساسية لهم، مؤكدا أنهم يعانون أشد معاناة ويجب النظر في أمرهم من قبل الحكومة.

ودعا سليمان، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى تكثيف برامجها في دعم النازحين ومنحهم رواتب الرعاية الاجتماعية والصحية للمعوقين وكذلك المطلقات والأرامل وكبار السن والذين هم يستحقون رواتب رعاية اجتماعية في أسرع وقت ممكن لكون هذه الفئة تستحق الدعم، مؤكدا ضرورة تقديم الخدمات الأساسية لهم والكثير من الاحتياجات الضرورية مثل مياه الشرب والكهرباء والمدارس والكرفانات الدراسية، محذراً من تدهور الواقع التعليمي جراء اكتظاظ الصفوف الدراسية للطلبة النازحين حيث يتراوح عدد التلاميذ في الصف الواحد ما بين 50 إلى 60 طالبا.

وأوضح أن منظمات المجتمع المدني بدأت بالرحيل من هذه المناطق في السنوات الأخيرة، حيث كانت توفر بعض الدعم لهم هناك في السنوات السابقة.

وطالب رئيس لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي، الجهات الحكومية، وبالأخص رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزارة الهجرة والمهجرين، بدعم مخيمات النازحين بالخدمات الأساسية وإيجاد حل جذري ينهي مشاكلهم ويمكنهم من العودة لمناطق سكناهم.

المصادر

جميع الحقوق محفوظة لمرسال قطر 2024

atyaf company logo