عرضت مصر وجنوب السودان اليوم الأحد الوساطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بعد المواجهات التي اندلعت أمس وما زالت تتواصل في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى.
وحسب بيان صدر اليوم عن الرئاسة المصرية، فقد ناشدت جارتا السودان من الشمال والجنوب كافة الأطراف السودانية "تغليب صوت الحكمة والحوار السلمي"، وذلك خلال اتصال هاتفي بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جنوب السودان سلفا كير.
في الوقت نفسه، بدأ ظهر اليوم اجتماع عربي طارئ بمقر الجامعة العربية في القاهرة؛ لبحث الوضع في السودان، وذلك بدعوة من مصر والسعودية.
وحسب وكالة الأناضول للأنباء، فإن الاجتماع الطارئ يعقد على مستوى المندوبين الدائمين (21 دولة مع تجميد عضوية سوريا)، وفق بيان صدر عن الخارجية المصرية مساء أمس.
وخلال الاجتماع الطارئ، قال مندوب مصر لدى جامعة الدولة العربية إن بلاده تدعو طرفي الصراع في السودان لضمان سلامة كافة المصالح المصرية هناك.
وقال السفير محمد مصطفى عرفي "تؤكد جمهورية مصر العربية محورية الحفاظ على أمن وسلامة كافة المصالح المصرية في السودان. وتشدد على مسؤولية جمهورية السودان وأجهزتها المعنية في ضمان أمن وسلامة المصالح ذات الصلة".
وكانت قوات الدعم السريع نشرت مقاطع فيديو قالت إنها لأسر مجموعة من أفراد الجيش السوداني، إضافة إلى عدد من الجنود والضباط المصريين في مطار مروي. ويظهر في الفيديو شخص يعرف نفسه بأنه ضابط مصري من الموقوفين لدى قوات الدعم السريع.
وردت مصر عبر المتحدث باسم الجيش المصري غريب عبد الحافظ الذي قال -في بيان- إن الجيش يتابع عن كثب الوضع في السودان، وينسق مع السلطات هناك لضمان تأمين القوات المصرية الموجودة لإجراء تدريبات مع نظيرتها السودانية، حسب ما جاء في البيان.
بدورها، قالت قوات الدعم السريع إنها مستعدة لتسليم الرعايا المصريين إلى قياداتهم فور هدوء الأحوال الأمنية.
اجتماع أفريقي
على صعيد آخر، قال مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي على تويتر إنه دعا لعقد جلسة طارئة لمناقشة التطورات السياسية والأمنية في السودان اليوم الأحد.
جدير بالذكر أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تبادلا اتهامات ببدء كل منهما هجوما على مقرات تابعة للآخر، بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كل منهما، في حين وصف الجيش قوات الدعم السريع "بالمتمردة"، علما بأن قائد هذه القوات هو محمد حمدان دقلو (بحميدتي) الذي يتولى منصب نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، بينما يتولى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة.
وفي وقت سابق اليوم الأحد، أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية (غير حكومية) أن الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع أودت بحياة 56 مدنيا وأصابت 595 آخرين، بينهم جنود.
وعلى الصعيد الداخلي، دعت قوى إعلان الحرية والتغيير-المجلس المركزي اليوم الأحد قادة كل من الجيش وقوات الدعم السريع إلى وقف القتال فورا والعودة إلى طاولة التفاوض لمعالجة الأزمة الراهنة.
ومثّل هذا أول تعليق للائتلاف الذي تولى الحكومة سابقا، والذي يعد أبرز القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري.
سر الخلاف
وحسب وكالة الأناضول، فقد تم تشكيل قوات الدعم السريع عام 2013 بهدف مساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المسلحة المتمردة في إقليم دارفور (غرب)، ثم تولت عدة مهام أخرى، ومنها مكافحة الهجرة غير النظامية على الحدود وحفظ الأمن.
واندلعت الاشتباكات قبل ساعات من لقاء كان مرتقبا بين البرهان وحميدتي لبحث نقطة الخلاف المتعلقة بمقترح دمج قوات الدعم السريع في الجيش، إذ يريد البرهان إتمام العملية خلال عامين، بينما يتمسك حميدتي بـ10 سنوات.
وجراء خلافهما، تأجل مرتين التوقيع على اتفاق بين العسكريين والمدنيين، آخرهما كان مقررا في الخامس من أبريل الجاري، لإنهاء الأزمة التي يعيشها السودان منذ أن فرض البرهان في 2021 إجراءات استثنائية عدّها الرافضون انقلابا عسكريا، في حين قال البرهان إنها تهدف إلى تصحيح مسار المرحلة الانتقالية.
وأعربت عواصم ومؤسسات دولية وعربية وإقليمية عن قلقها من تداعيات القتال في السودان، ودعت إلى وقف فوري للاشتباكات وتغليب الحوار لمعالجة الأزمة الراهنة.