في الذكرى الـ 20 للاستفتاء عليه

أكاديميون: الدستور رسخ الحياة الديمقراطية في قطر

29/04/2023 الساعة 15:06 (بتوقيت الدوحة)
ع
ع
وضع القراءة

أكد أكاديميون قطريون وخبراء في القانون الدستوري أن ذكرى مرور 20 عاما على الاستفتاء على الدستور الدائم لدولة قطر هي ذكرى عزيزة مبعث فخر وخطوة ميمونة من الدولة قيادة وشعبا.

وقالوا في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية "قنا" إن الإقبال الكبير على صناديق الاقتراع للاستفتاء على مشروع الدستور الدائم للدولة في (29 أبريل 2003)، يذكر بمدى تجاوب المواطنين مع نداء القيادة الرشيدة.

وأشار خبراء القانون الدستوري إلى أن الدستور الدائم منح مجلس الشورى اختصاصا تشريعيا أوسع، كما أكد على بعض الأدوات الدستورية لمراقبة أداء الحكومة كالسؤال والاستجواب، علاوة على تأكيد دور المجلس في إقرار الموازنة العامة. وفي المسار ذاته، أكدت المواد 137 و140 على تحديد الجهات التي تتولى الفصل في المنازعات الإدارية والمنازعات الدستورية، وذلك تعزيزا للحق في التقاضي وكفالة له.

أسلوب ديمقراطي

وأوضحوا أن الاستفتاء الدستوري هو أحد الأساليب الديمقراطية التي بها يصدر الدستور، حيث إنه يفسح المجال للشعب لتحقيق مشاركة شعبية حقيقية على طيف واسع، ويكون نفاذ الدستور مبنيا بشكل رئيس على التصويت بنعم للدستور.

بداية، قال الدكتور طلال عبدالله العمادي عميد كلية القانون بجامعة قطر في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا" إن الإقبال الكبير على صناديق الاقتراع للاستفتاء على مشروع الدستور الدائم للدولة والذي مر عليه عشرون عاما الآن، وجاءت نتيجته 96,6 بالمئة من نسبة التصويت، يذكر بمدى تجاوب المواطنين الأوفياء لنداء قادتهم في قطر، وفي آن واحد تأثير هذا الاستفتاء في تهيئة الشعب القطري للديمقراطية، مع مبادرات لاحقة في المجلس البلدي ومجلس الشورى المنتخبين.

د. طلال العمادي: هذه الذكرى عزيزة على أنفسنا ونعدها مبعث فخر وخطوة ميمونة من الدولة قيادةً وشعبًا

وأشار الدكتور العمادي إلى أنهم وبصفتهم في حقل القانون وفي كلية قانون وطنية بجامعة قطر، ولكونهم مواطنين، فإن هذه الذكرى هي عزيزة إلى أنفسهم، ويعدونها مبعث فخر وخطوة ميمونة من الدولة قيادة وشعبا، والتي جعلت قطر رائدة في المنطقة في هذا المجال، مقتبسا من مواد الدستور ما جاء في المادة 57 من أن "احترام الدستور، والامتثال للقوانين الصادرة عن السلطة العامة، والالتزام بالنظام العام والآداب العامة، ومراعاة التقاليد الوطنية والأعراف المستقرة، واجب على جميع من يسكن دولة قطر، أو يحل بإقليمها".

وأكد عميد كلية القانون بجامعة قطر أن الكلية تولي اهتماما كبيرا بمجال القانون الدستوري وكافة ما يتعلق به من مقررات على صعيد البكالوريوس والدراسات العليا، كونها وثيقة الصلة بالمجريات المحلية وعينا على الدستور المحلي وتطوراته المستمرة، كما تحرص الكلية على تدريس هذه المقررات باللغة الأصيلة للدولة. كما إننا نفخر بوجود خبراء في القانون الدستوري بين أظهرنا يمثلون بيت الخبرة لدينا في هذا المجال بالكلية.

وأشار إلى الاهتمام المتزايد من الطلاب في الدراسات العليا الذين يعكفون على إتمام أطروحات الدكتوراه في هذا المجال الخصب والحيوي في البلاد، وأنه من حسن الموافقات أنهم قاموا بتسمية إحدى القاعات في الكلية مؤخرا بـ"قاعة الدستور" وسيتم افتتاحها قريبا.

د. حسن البوهاشم: دولة قطر عرفت أول وثيقة دستورية مقننة في بداية السبعينيات من القرن العشرين

من جانبه، قال الدكتور حسن البوهاشم السيد أستاذ القانون الدستوري بكلية القانون بجامعة قطر، في تصريح مماثل لوكالة الأنباء القطرية "قنا" إن دولة قطر عرفت أول وثيقة دستورية مقننة في بداية السبعينيات من القرن العشرين، أما قبل ذلك فكانت هناك بعض القواعد الدستورية العرفية التي استقرت بشأن توارث الحكم وممارسة السلطة، وبعض التشريعات الأخرى المتعلقة بتنظيم الإدارة العليا للحكومة، وإجراءات إصدار التشريع، وقانون مجلس الشورى لعام 1964، مما يمكن معه القول بوجود قواعد دستورية بعضها عرفية وبعضها مكتوبة لكنها غير مقننة في وثيقة دستورية واحدة.

أول دستور مقنن

وأوضح أن أول دستور مقنن للدولة كان في عام 1970، قبل استقلالها، إذ أصدر الشيخ أحمد بن علي آل ثاني حاكم البلاد آنذاك (النظام الأساسي المؤقت للحكم في قطر)، حيث ضم هذا النظام مواد تتعلق بنظام الحكم والمبادئ الجوهرية الموجهة لسياسة الدولة، وأكد على كفالة بعض الحقوق، كما أنشأ أول مجلس للوزراء في دولة قطر، كما نص النظام الأساسي المؤقت أيضا على إنشاء مجلس شورى منتخب يناقش القوانين التي ترفع له من الحكومة، وأكد على استقلال القضاء.

وأضاف الدكتور حسن البوهاشم السيد أنه مع استقلال دولة قطر في 3 " 9 " 1971، كانت هناك ضرورة لتعديل النظام الأساسي المؤقت ليتناسب مع الأوضاع الجديدة المتمثلة في استقلال الدولة وإنهاء اتفاقية 1916 مع بريطانيا، لذا صدر في 19 " 4 " 1972 (النظام الأساسي المؤقت المعدل) وقد رأى أن يجعل هذا النظام مؤقتا حتى تترسخ بعض المبادئ الدستورية بعد تجربة الاستقلال.

وظل العمل بالنظام الأساسي المؤقت المعدل إلى أن رأى صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في السنوات الأخيرة من القرن العشرين، بأن الوقت قد حان لوضع دستور دائم للبلاد، وبيّن الأسباب التي دفعت إلى ذلك بأن البلاد مرت منذ إصدار النظام الأساسي المؤقت بمراحل متعاقبة فيها تحددت معالم وأهداف سياسات الدولة وانتماءاتها الخليجية والعربية والإسلامية، واكتسبت سلطات الدولة وأجهزتها المختلفة الخبرات المستمدة من الممارسة الفعلية على المستويين الداخلي والخارجي، واستكملت الأوضاع الدستورية التي تنظم السلطة التنفيذية والأحكام المتعلقة بتوارث الحكم في الدولة. واتخذت خطوات على طريق استكمال بناء أجهزة الدولة وإرساء أسس دولة المؤسسات والقانون وذلك بإصدار قانون السلطة القضائية وغيره من القوانين التي تنظم المعاملات المدنية والتجارية.

وأضاف الدكتور البوهاشم: رأى سموه أيضا، أنه من الضروري – بعد أن تحققت هذه المسائل – أن تكون الخطوة التالية هي إعداد الدستور الدائم للدولة، ليتلاءم مع ما حققته قطر من إنجازات، وليلبي التطلعات والآمال وقطر على أبواب القرن الحادي والعشرين، وليوسع قاعدة المشاركة الشعبية بقيام مجلس نيابي منتخب.

لجنة إعداد الدستور

وقال أستاذ القانون الدستوري بجامعة قطر إنه تحقيقا لما سبق، أصدر سموه القرار الأميري رقم (11) لسنة 1999 بتشكيل لجنة إعداد الدستور الدائم وتعيين اختصاصاتها. وقد ضمت اللجنة 32 عضوا، وطلبت المادة (3) من القرار أن يعد مشروع الدستور خلال ثلاث سنوات. كما أجاز القرار دعوة اللجنة من تشاء من ذوي الخبرة والاختصاص لاجتماعاتها، وأن تنشئ لجانا فرعية يضم كل منها عددا من الخبراء والمختصين لمعاونتها في أداء مهامها.

وفي عام 2002 أنجزت اللجنة عملها بوضع مشروع الدستور خلال ثلاث سنوات كما طلب القرار منها. وتسلم صاحب السمو الأمير الوالد وثيقة مشروع الدستور الدائم في 2 يوليو 2002، خلال استقباله لأعضاء لجنة إعداد الدستور.

وفي 15 " 4 " 2003 أصدر الأمير المرسوم رقم (38) لسنة 2003 يدعو فيه المواطنين للاستفتاء على مشروع الدستور. وقد جاء في ديباجة هذا المرسوم أنه (امتثالا لقوله تعالى: "وشاورهم في الأمر" وإيمانا منا بأهمية المشاركة الشعبية في إقرار دستور البلاد والحرص على النهوض بالوطن والعمل على رفعته وسعيا لمستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة، رسمنا هذا المرسوم لدعوة المواطنين للاستفتاء على مشروع الدستور)، وقد نص المرسوم على أن (يعتبر مشروع الدستور موافقا عليه إذا أقرته أغلبية الآراء الصحيحة التي أبديت في الاستفتاء).

الاستفتاء على الدستور

وقد تم الاستفتاء في 29 أبريل 2003، وشهد مشاركة واسعة، وجاءت نتيجة الاستفتاء بالموافقة على الدستور بنسبة 96.64 بالمئة ممن أدلى بصوته.

وفي شهر يونيو من سنة 2004، أصدر الأمير الدستور الدائم، ونشر في 8 " 6 " 2005، ومن اليوم التالي لنشره دخل الدستور حيز النفاذ، وبدأ العمل بأحكامه، عدا الأحكام الخاصة بمجلس الشورى المنتخب.

وفي الثاني من أكتوبر لعام 2021 أجريت انتخابات مجلس الشورى القطري، وبها تم تفعيل جميع مواد الدستور، لا سيما مواد الفصل الثالث من الباب الرابع منه، وهو ما تم في عهد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله.

الدستور الدائم منح مجلس الشورى اختصاصًا تشريعيًا أوسع كما أكد على بعض الأدوات الدستورية لمراقبة أداء الحكومة

وبين الدكتور حسن البوهاشم السيد أنه وبمقارنة الدستور الدائم بالنظام الأساسي المؤقت المعدل (الدستور السابق)، يلاحظ بوضوح أن الدستور الدائم منح مجلس الشورى اختصاصا تشريعيا أوسع، كما أكد على بعض الأدوات الدستورية لمراقبة أداء الحكومة كالسؤال والاستجواب، علاوة على تأكيد دور المجلس في إقرار الموازنة العامة. وفي المسار ذاته أكدت المواد 137 و140 على تحديد الجهات التي تتولى الفصل في المنازعات الإدارية والمنازعات الدستورية وذلك تعزيزا للحق في التقاضي وكفالة له.

وفي الإطار ذاته، قال الدكتور حمد الحبابي أستاذ القانون العام المساعد بكلية القانون في جامعة قطر إن الاستفتاء الدستوري هو أحد الأساليب الديمقراطية التي بها يصدر الدستور، حيث إنه يفسح المجال للشعب لتحقيق مشاركة شعبية حقيقية على طيف واسع، ويكون نفاذ الدستور مبنيا بشكل رئيسي على التصويت بنعم للدستور.

وأضاف الدكتور الحبابي في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا" أن بعض الفقهاء الدستوريين يرون أن أسلوب الاستفتاء التأسيسي لا يعد أسلوبا رابعا من طرق نشأة الدساتير، بل يعد ضمن أسلوب "الجمعية التأسيسية" وهو الأسلوب الذي يلي المنحة والعقد. ويعرف الاستفتاء على أنه المشاركة الشعبية بالتصويت بنعم أو لا لأجل إقرار دستور الدولة من عدمه. وقد يرجع أساس مصطلح الاستفتاء الدستوري للمشرع الفرنسي بموجب دستوري 1793م و1795م. وأما المصطلح الذي استخدمه المشرع القطري ما نص عليه في المادة الأولى من المرسوم رقم 38 لسنة 2003، حيث ذكر "استفتاء عام".

آلية الاختيار

وأوضح أنه يجب عند المشاركة في الاستفتاء أن يكون من يبدي رأيه في الاستفتاء قد بلغ من العمر ثماني عشرة سنة ميلادية يوم الاستفتاء. وتكون آلية إبداء الرأي بالاقتراع العام السري المباشر وهو ما نصت عليه المادة السادسة بأن يكون إبداء الرأي مرة واحدة وبالتأشير على الاستمارة المعدة لذلك وفي المكان المخصص للاقتراع وبعد أن يقدم الشخص بطاقته الشخصية إلى رئيس لجنة الاستفتاء.

وأشار الدكتور الحبابي إلى أن يكون إبداء الرأي شفاهة بالنسبة لمن لا يعرف القراءة أو الكتابة والمكفوف وغيره من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا يستطيعون أن يثبتوا آراءهم بأنفسهم على استمارة الاستفتاء، حيث يثبت رئيس لجنة الاستفتاء الرأي على الاستمارة ويضعها في الصندوق، موضحا أن نفاذ الدستور ينبني على موافقة أغلبية الأصوات الصحيحة، كما ورد في المادة الحادية عشر، وتنشر نتيجة الاستفتاء العام في الجريدة الرسمية.

المصادر

جميع الحقوق محفوظة لمرسال قطر 2024

atyaf company logo