دولار أمريكي 3.64ريال
جنيه إسترليني 4.5ريال
يورو 3.88ريال

الطبيعة في لبنان.. ملاذ جميل للروح في زحمة الضغوطات

07/05/2023 الساعة 11:43 (بتوقيت الدوحة)
ع
ع
وضع القراءة

الطبيعة هي الملاذ الآمن للبشر في ظل الأزمات، فهي تمثل مصدرا للإلهام والهدوء والتأمل والتخفيف من التوتر والضغوط النفسية التي يعاني منها البشر في حياتهم اليومية. ولهذا السبب، فإن الأزمات الكبيرة مثل الحروب أو الكوارث الطبيعية تؤكد على أهمية الطبيعة كملاذ آمن للإنسان وهو ما ينطبق على اللبنانيين وسط تزايد ملحوظ في إقبالهم على الطبيعة، للتخفيف من الضغوط النفسية في ظل أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ لبنان.

وفي الحالات الطارئة، يكون البحث عن الملاذ الآمن في الطبيعة أمرا مفيدا للغاية، إذ تساعد الغابات والشواطئ والمناظر الطبيعية الخلابة على تخفيف الضغط النفسي وتحسين المزاج. وقد أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الطبيعية يشعرون بمزيد من السعادة والرضا عن حياتهم بشكل عام.

وتزايد لجوء اللبنانيين الى الطبيعة في الآونة الأخيرة من خلال إقامة جلسات مع الأهل والأصدقاء في أحضان الطبيعة وتناول المأكولات والمشروبات وتنظيم رحلات المشي الجماعية، من خلال شركات سياحية أو أفراد جعلوا من الطبيعة مقرا لتأمين رزقهم.

FvgWtbYXgAAiJi_
وقال السيد ناجي عبدالخالق صاحب فكرة "مشوار الطبيعة" (تنظيم رحلات في الطبيعة) في تصريح لوكالة الأنباء القطرية، إن فكرة تنظيم مشي في الطبيعة جاءت من خلال تجرية شخصية كون الطبيعة تعطي الطاقة الإيجابية والراحة النفسية وتفريغ الطاقة السلبية والتخلص من ضغوطات الفرد في حياته اليومية خاصة في ظل الأزمات التي يعيشها المواطن اللبناني.

وأوضح أن مشروعه "مشوار الطبيعة" يتخلل تمضية يوم كامل في أحضان الطبيعة، مشي في دروب بيئية رائعة الجمال (جبال، مغارات، وديان، نهر وشلالات)، مبينا أن الرحلات تتضمن تقنيات التنفس، فوائد الطبيعة والأعشاب، يوغا، طاقة إيجابية، غذاؤك دواؤك، وصفات طعام نباتي.

وأكد عبدالخالق أن لجوء اللبنانيين الى الطبيعة بدأت منذ جائحة كورونا كون الطبيعة المتنفس الوحيد، في ظل التباعد الاجتماعي الذي فرضته الجائحة واستمرت منذ أواخر عام 2019، مع بدء الأزمة الاقتصادية التي طالت كل اللبنانيين.

وتشير الدراسات إلى أن الطبيعة تتميز بخصائص مهمة يمكن أن تؤثر على الإنسان بشكل إيجابي، مثل الهدوء والصفاء والإيجابية والحيوية والنمو والتغير المستمر. ومن المعروف أيضا أن التعرض للضوء الطبيعي والهواء النقي والأصوات الطبيعية قد يحسن من الصحة العقلية والجسدية للإنسان.

FvgWtbPX0AALlwj
وفي هذا السياق أكدت الأخصائية النفسية هالة أبو بركة لوكالة الأنباء القطرية أن تزايد لجوء اللبنانيين إلى الطبيعة في الفترة الأخيرة، في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية والحياتية يعود إلى أن ألوان الطبيعة تبعث الطمأنينة والهدوء في النفس البشرية وتخفف من نسبة التوتر، لافتة إلى أن معظم عمليات الاسترخاء لمعالجة الأمراض النفسية والعصبية تستدعي استحضار مشهد الطبيعة.. ولفتت إلى أن لجوء كل الفئات الفقيرة منها والميسورة الى الطبيعة في ظل الظروف الحالية يعود إلى أن الطبيعة لا تحتاج إلى مصاريف بالنسبة لذوي الدخل المحدود، وأيضا تبعث الطمأنينة بالنسبة للطبقات الميسورة بعد أن لجأوا إليها جراء أزماتهم النفسية بعد أن فقدوا جنى أعمارهم في البنوك جراء أزمة القطاع المصرفي الذي يشهده لبنان.

وأكد مواطنون لبنانيون لـ"قنا" أن الطبيعة تمثل مصدرا ثمينا للإلهام والإيجابية والتأمل والتعافي، ويمكن أن تلعب دورا هاما في تحسين الصحة العقلية والجسدية للإنسان في ظل الأزمات، لذلك يحرص اللبنانيون على الاقتراب من الطبيعة والتعرف عليها والاستمتاع بها في محاولة للهروب من التفكير بعد الأزمات المالية وفي ظل تزايد معدلات الفقر بين سكان لبنان وبعد أن طالت الأزمة أمنهم الغذائي.

ويعاني لبنان أزمة اقتصادية ومعيشية حيث صنف البنك الدولي الأزمة اللبنانية من بين العشر أسوأ أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ عالميا منذ القرن التاسع عشر، في حين كشفت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) في تقرير لها مؤخرا عن ارتفاع نسبة الفقر في لبنان إلى أكثر من 82 بالمائة بين السكان.

وقد وثق البنك الدولي في أحدث تقاريره عن الأمن الغذائي حول العالم، تسجيل لبنان أعلى نسبة تضخم اسمية في أسعار الغذاء ضمن الترتيب العالمي، إذ بلغت النسبة 261 في المائة، في ارتفاع مؤشر غلاء منظومة الغذاء، كنسبة تغير سنوية للفترة بين نهاية فبراير الماضي، والشهر ذاته من عام 2022، وبفارق مضاعف عن نتيجة زيمبابوي التي حلت في المرتبة الثانية بنسبة 128 في المائة في مؤشر تضخم أسعار الغذاء.

FvgWta-WAAg5pqQ
وفيما يخص نسبة التضخم الحقيقي، رصد التقرير ارتفاع التغير السنوي في أسعار الغذاء بلبنان بنسبة 71 في المائة خلال فترة المقارنة، تبعته زيمبابوي بنسبة 40 في المائة، ورواندا بنسبة 32 في المائة، ومصر بنسبة 30 في المائة.

وفي تقرير منفصل عن الفقر، نبه البنك الدولي إلى أن الحالة الاقتصادية في لبنان تتدهور بشكل سريع، بحيث إن سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي يتم تداوله عند نحو 100 ألف ليرة للدولار الواحد، أي ما يعكس تراجعا في سعر الصرف بنسبة 98 في المائة عما كان عليه قبل اندلاع الأزمة في الفصل الأخير من عام 2019.

ولاحظ البنك الدولي أن عدم التوصل إلى حل لمسألة خسائر القطاع المالي المقدرة بنحو 72 مليار دولار، أي أكثر من 3 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي، يعمق من أثر الأزمة، مع العلم بأن الفقراء كانوا الأكثر تأثرا بالأزمة، بحيث أظهرت استطلاعات ميدانية حديثة استمرار ارتفاع نسبة الفقر، حيث إن 3 من بين كل 5 أسر يصنفون أنفسهم فقراء أو فقراء جدا، لاسيما بينهم الذين لا يتلقون تحويلات من الخارج. وفي حين تراجعت مستويات البطالة، فإن غالبية الأشخاص أصبحوا يعملون في وظائف ذات جودة منخفضة.

وفي التوقعات المحدثة، قدر البنك الدولي انكماش الاقتصاد في لبنان بنسبة 0.5 في المائة بنهاية العام الحالي، بعدما تقلصت نسبة الانكماش 2.6 في المائة بنهاية العام الماضي. وبحسب برنامج الغذاء العالمي، ومع استمرار الأزمة الاقتصادية ومواصلة ارتفاع أسعار الغذاء، فمن المتوقع أن يؤثر انعدام الأمن الغذائي على نحو 1.46 مليون لبناني، ونحو 800 ألف لاجئ مع نهاية شهر أبريل الماضي.

المصادر

جميع الحقوق محفوظة لمرسال قطر 2024

atyaf company logo