انطلقت بمتحف قطر الوطني، اليوم الأحد، أعمال المؤتمر العام للمجلس الدولي للمتاحف "إنتركوم الدوحة 2023" والذي تستضيفه متاحف قطر في الفترة من 7 إلى 9 مايو الجاري.
وينظم المؤتمر هذا العام تحت عنوان "متحف المستقبل: مؤتمر صياغة المهارات والاتجاهات الخاصة بقادة المتاحف أصحاب الرؤى الخلاقة" بمشاركة وفود من جميع أنحاء العالم، منهم مديرو المتاحف والقيّمون والمعلّمون والباحثون والمتخصصون في الاتصال؛ بهدف تبادل الأفكار والاطلاع على أفضل الممارسات في المجال.
ورحبت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، في كلمتها الافتتاحية للمؤتمر بالمشاركين قائلة: "إنه لمن دواعي سرورنا أن نرحب بمثل هذا الجمع المميز والمتنوع من المتخصصين في المؤتمر العام للمجلس الدولي للمتاحف "إنتركوم الدوحة 2023"، في لحظة فارقة بالفعل. ويؤرخ المؤتمر لأول مرة تستضيف فيها قطر مؤتمرًا للجنة الدولية لإدارة المتاحف، وهي واحدة من أهم المؤسسات في العالم التي تهدف لمساعدة مديري المتاحف على إرساء المعايير ووضع أفضل الممارسات.
وأضافت سعادتها: "أتطلع إلى التعاون وتبادل الأفكار والرؤى التي من شأنها أن تساعدنا جميعًا على المضي قدمًا في إدارة مؤسساتنا، والأهم من ذلك، مستقبلنا. وأكثر ما أتطلع إلى مشاركته، هو تجربة دولة قطر الأصيلة في تطوير متاحف تحكي عن التراث والثقافة الإسلامية والعربية والقطرية".
من جانبه، نوه السيد أحمد موسى النملة، الرئيس التنفيذي لمتاحف قطر في كلمته، بأن متاحف قطر تضطلع بدور أساسي في المضي قدمًا بعجلة التغيير، لتصبح نموذجًا يُحتذى به في قطاع المتاحف، باعتبارها المؤسسة الأبرز للثقافة في المنطقة.
الرئيس التنفيذي لمتاحف قطر: المؤتمر يوفر فرصة مثالية لتبادل المعارف والرؤى
وأوضح أن المؤتمر يوفر فرصة مثالية لتبادل المعارف والرؤى، و"للترحيب بزملائنا من جميع أنحاء العالم للتعرف على تراثنا الثقافي الغني، والمشهد الفني المعاصر الحيوي في البلاد، وباقتنا الاستثنائية من المتاحف وقاعات العرض".
بدورها، قالت سعادة الشيخة آمنة بنت عبدالعزيز آل ثاني نائب الرئيس التنفيذي بالوكالة للمتاحف والمقتنيات وحماية التراث، ومدير متحف قطر الوطني، في تصريح لها بالمناسبة: "كلنا فخر باستضافة إنتركوم الدوحة 2023، وبالفرصة التي أُتيحت لنا لجمع متخصصي المتاحف من جميع أنحاء العالم في حوار نناقش فيه الأفكار والرؤى حول المستقبل.. ونتطلع إلى عرض مشهد المتاحف النابض بالحياة في قطر ومشاركة المجتمع الدولي خبراتنا ووجهات نظرنا حول مستقبل المتاحف".؟
من جهتها، عبرت الدكتورة فاطمة حسن السليطي، مدير إدارة التعاون الدولي ومكتب الرئيس التنفيذي في متاحف قطر، عن ثقتها بتوفير المؤتمر منصة للمتخصصين في المتاحف من جميع أنحاء العالم تُعينهم في مواجهة التحديات والعقبات التي تواجه المؤسسات الثقافية، فضلا على مناقشة أحدث الابتكارات والاتجاهات في مجال المتاحف.
وأشارت إلى أن اللجنة الدولية لإدارة المتاحف التابعة للمجلس الدولي للمتاحف، تعد المؤسسة العالمية الأبرز في إدارة المتاحف، ودائمًا ما تكرس جهودها لتطوير أفضل الممارسات لحوكمة وإدارة المتاحف ودعم رسالتها.
ولفتت الدكتورة السليطي إلى أن موضوع المؤتمر العام للمجلس الدولي للمتاحف "إنتركوم الدوحة 2023"، أتى في الوقت المناسب لأنه يوفر منصة للمشاركين لفحص نتائج البحوث الأخيرة التي أجرتها اللجنة الدولية لإدارة المتاحف التابعة للمجلس الدولي للمتاحف حول آثار الأزمات العالمية على قادة المتاحف وصناع القرار.
وأضافت: "تشْرُف متاحف قطر باستضافة هذا الاجتماع الذي ستتمخض عنه وجهات نظر وحلول جديدة حول قضية ذات أولوية قصوى".
إلى ذلك، قال الدكتور راشد علي ملهيه رئيس قسم الشؤون الدولية بمتاحف قطر، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، إن المؤتمر العام للمجلس الدولي للمتاحف "إنتركوم الدوحة 2023"، ينعقد لأول مرة في الدوحة بشراكة وتعاون مع اللجنة الدولية للمتاحف، وهي لجنة دولية منبثقة تحت مظلة المجلس الدولي للمتاحف، مشيرا إلى أن المؤتمر يناقش عددا من المواضيع المهمة من بينها التحديات والمتغيرات التي تطرأ على صناع القرار والقادة وكيفية المساعدة في تحديد الاستراتيجيات المناسبة والطرق الفعالية من أجل الوصول إلى أرضية معينة للتواصل والحوار وتبادل الخبرات بين صناع القرار في المتاحف.
وأكد أن المؤتمر لم يغفل الجانب الأكاديمي في محاوره وموضوعاته، خصوصا وأن المؤتمر يبني دراساته وورش عمله على الدراسة التي أجرتها اللجنة الدولية للمتاحف عام 2021 لمشاهدة كيف أثرت جائحة كورونا "كوفيد ـ 19" على قطاع المتاحف وتأثيره على القادة وصناع القرار والمشاكل التي ترتبت عن ذلك.
وعن مغزى تنظيم "إنتركوم الدوحة 2023" حضوريا ومشاركة عدد المتدخلين (عن بعد)، نوه الدكتور راشد ملهيه، بأنه بعد جائحة "كوفيد ـ 19" طرأ تغيير كبير، خصوصا وأن المؤتمر يناقش هذه التحديات، ومن هنا فإن بعض الخبراء الذين تعذر حضورهم للمؤتمر، تم إشراكهم في فعالياته (عن بعد) في إشارة للمهتمين أن هذا جزء من المشاكل التي قد يواجهونها، وهو ما يعتبر انطلاقة مهمة للأمام.
وشهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، مداخلات لكل من الدكتورة جورانكا هورجان، رئيس اللجنة الدولية لإدارة المتاحف التابعة للمجلس الدولي للمتاحف والدكتور الشرقي دهمالي، الأمين العام للمنظمة العربية للمتاحف ومدير متحف اتصالات المغرب.
وقالت الدكتورة جورانكا هورجان، إن أحدث الأبحاث العالمية التي أجراها "إنتركوم"، كشفت أن القيادة والحوكمة الجيدة للمتاحف هي مسألة معقدة، مشيرة إلى أن الهدف الرئيسي للجنة الدولية لإدارة المتاحف التابعة للمجلس الدولي للمتاحف، يتمثل في استكشاف الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد المتخصصين في المتاحف في إدارة مؤسساتهم.
وبينت أن "إنتركوم الدوحة 2023" سيركز على كيفية تزويد المتاحف بأدوات القيادة الحكيمة والإدارة المفيدة المصممة لإيصال القيمة التي تقدمها المتاحف للمجتمع، والتي بدورها ستجعل صانعي القرار والمشرعين وغيرهم من الجماعات المهتمة أكثر التزامًا بالمتاحف وتقديرًا لتلك القيمة. مشددة في الوقت نفسه، على أن هناك حاجة إلى دعم أفضل لتوفير الدعم والتمويل، واستكشاف فرص جديدة للمتاحف لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية كالاستدامة، والتحول الرقمي، وتغير المناخ، وقضايا التمويل، وبيئات العمل الجديدة، والمتطلبات التشغيلية.
من جهته، أشاد الدكتور الشرقي دهمالي، بالجهود التنظيمية التي قامت بها متاحف قطر والجهات الشريكة والمتعاونة، لافتا إلى أن هذا المؤتمر يأتي تنظيمه في الدوحة بعد مضي 20 عاما على انطلاقته الأولى.. مشيرا إلى أن خلاصات المؤتمر لا يستفيد منها البلد المنظم فحسب، بل العالم أجمع من أجل خلق جيل من القادة العرب في مجال المتاحف.
وركز موضوع اليوم على تحديد سمات القائد: المهارات الأساسية والتوجهات الفكرية المستقبلية لقادة المتاحف.
وتضمنت العروض التقديمية خلال الجلسة الأولى التي أدارتها ماريا كريستينا فانيني، أمين سر "إنتركوم"، عددا من المداخلات، من بينها مداخلة (عن بعد) بعنوان "تحديد سمات القائد.. المهارات الأساسية والتوجهات الفكرية المستقبلية لقادة المتاحف" قدمتها الدكتورة "فلاتكا هلوبيتش"، أستاذة القيادة والإدارة في كلية هولت العالمية لإدارة الأعمال، و"ستة أشهر من التحولات العميقة: بناء فريق، بناء متحف" لإدوارد أيريس دي أبرو، من المتحف الوطني للموسيقى، مركز دراسات الموسيقى والرقص، لشبونة، البرتغال.
فيما قدم إيوانيس ماركاكيس، صاحب متحف ليكنوستاتيس المفتوح، جزيرة كريت، اليونان، تجربته في بناء وتأسيس متحفه في مداخلة بعنوان "أن تصبح مدير متحف من نقطة الصفر".. بينما قدم الدكتور عبد الرحيم ك.من جامعة علي گره الإسلامية بالهند عرضا عن "مستقبل المتاحف ومتاحف المستقبل"، داعيا من خلاله إلى التوجه للرقمنة لحماية التراث من المخاطر والكوارث.
أما هان جيانغ، طالبة دكتوراه في كلية دراسات المتاحف، جامعة ليستر، المملكة المتحدة، فقدمت بين يدي الحضور دراستها الميدانية عن "الريادة في المشاركة في تصميم التحول الرقمي للمتاحف"، في حين أن شين تشيه تزينغ، أستاذ حفظ الآثار الثقافية وعلم المتاحف بجامعة تاينان الوطنية للفنون، تايوان، تحدث عن "إضفاء الطابع الديمقراطي على المتاحف: التوجه نحو نموذج إداري لمتحف تفاعلي".
وقدم جون ويتنهال متحف جامعة جورج واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية عرضا بعنوان "رسوم لأهداف خيرية" تحدث فيه عن إكراهات المتاحف الخاصة والتابعة للبلديات أثناء جائحة كورونا وتخفيض ميزانياتها، داعيا إلى ابتكار سبل من أجل تعظيم الموارد وتخفيض التكاليف، حتى يكون بمستطاع الجميع الولوج إلى المتاحف، مؤكدا أن المتاحف وجدت لحماية التراث وليس لجني الأرباح.
وحول "صياغة استراتيجية متحف: من طبقة النبلاء إلى القومية والشعبية والاستدامة"، تحدث نويل بيسيكو لووغا، من متحف تنزانيا الوطني.
وجاءت مداخلة آن ماري جيليس من جامعة لوفان في بلجيكا حول المشهد المتحفي الصاعد في قطر، بناء على معطيات ومقابلات أجرتها مع مهتمين ومسؤولين في القطاع المتحفي.
وخلال الجلسة المسائية التي أدارها ماريك بروكوبك، عضو مجلس إدارة إنتركوم، تم التطرق إلى عدد من المواضيع من قبيل "المتاحف كمنصات للتغيير السلوكي للتحديات المجتمعية، وأدوات القيادة لرفاه المتاحف: التوجه الفكري ومهارات القادة من أجل الرفاه داخل المتاحف، ودور المتاحف في حماية التراث الثقافي غير المادي للاجئين"، ثم دور الفعاليات في تقييم الافتتاح التجريبي للمتاحف: آفاق مستقبل قيادة المتاحف، وتم اختتام اليوم الأول بجولة استكشافية لمتحف قطر الوطني للمشاركين في المؤتمر.
ويستمر المؤتمر العام للمجلس الدولي للمتاحف "إنتركوم الدوحة 2023" حتى بعد غد الثلاثاء، وسيتيح للحاضرين فرصة حضور سلسلة من الخطابات الرئيسية والحلقات النقاشية والمشاركة في ورشات عمل متنوعة.
