يواصل الدينار العراقي رحلة التعافي أمام الدولار في تعاملات شركات الصيرفة والبنوك بالعاصمة بغداد تدريجيا، بعد تراجع شهده منذ تداولات يناير الماضي.
وسجل أدنى سعر صرف للدينار أمام الدولار الأمريكي خلال العام الجاري عند 1670 دينارا لكل دولار، قبل أن يتعافى تدريجيا ويغلق تعاملات الجمعة الماضية عند 1445.
هذا التحسن في سعر صرف الدينار جاء عقب إجراءات حكومية صارمة وجهود نفذها البنك المركزي لتوفير العملة الأجنبية في الأسواق المحلية، رغم تذبذب المعروض.
ولجأ البنك المركزي العراقي إلى نظام تدقيق وتحديد آليات بيع العملة، والسيطرة على الحوالات الخارجية وزاد من معروض الدولار في الأسواق.
وفي فبراير الماضي صادق مجلس الوزراء العراقي على قرار يقضي بتعديل سعر صرف الدولار في الأسواق المحلية إلى 1300 دينار صعودا من 1460 دينارا.
وفي يناير الماضي أعفى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف من منصبه، بناء على طلب الأخير.
في المقابل، قرر رئيس الوزراء تكليف علي محسن العلَّاق بإدارة البنك المركزي بالوكالة، بعد إعفاء "مخيف" من منصبه.
هدف سعر محدد
يقول مظهر محمد صالح مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون المالية، إن السياسة النقدية لديها هدف هو سعر صرف ثابت 1300 دينار لكل دولار.
ويضيف صالح في حديث مع الأناضول، أن البنك المركزي يدافع عن هذا السعر في الأسواق، والسيطرة على معروض مالي للعملة الصعبة (الدولار).
وبحسب المتحدث فإن "السبب في تدني سعر صرف الدينار خلال الفترة الماضية من العام الجاري ليس اقتصادي، وإنما قيد إداري دولي، فقد فرضت الولايات المتحدة قيودا على دخول النقد الأجنبي للبلاد".
ويكمل: "ووضعت واشنطن قيودا على حركة النقد الأجنبي الداخل إلى العراق، بسبب شكوكها من أن 80 بالمئة من هذه الحوالات تذهب إلى جهات مجهولة"، في إشارة إلى سوريا وإيران.
ويضيف المسؤول العراقي: "وضع سعر صرف الدينار أمام الدولار اليوم تحسن كثيرا باتجاهين".
الاتجاه الأول، يتمثل في البنوك العراقية التي بدأت تفصح بشكل صحيح عن الحوالات، والثاني، هو أن الدولة باشرت بمعالجة عمليات الاستيراد لضبط مدفوعات هذه الواردات التي تتم بالنقد الأجنبي.
"في غضون الأشهر القليلة القادمة، سيتطابق سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، وفق السعر المحدد، وذلك لتمتع البنك المركزي باحتياطات من العملة الأجنبية هي الأعلى في تاريخه تجاوزت 115 مليار دولار"، وفق صالح.
وكان محافظ البنك المركزي علي العلاق، أعلن في وقت سابق عن نجاح المفاوضات مع الجانب الأمريكي بشأن الحوالات الخارجية، وأكد أن نسب الحوالات المصرفية ارتفعت لمستوياتها الطبيعية.
من جانبه، يقول حميد بشت عويد وهو صاحب شركة كربلاء للصرافة في بغداد، إن الارتفاع السابق لسعر الدولار أمام الدينار مبالغ جدا فيه واستثمر لغايات سياسة ضد الحكومة.
ويؤكد بشت في حديثه للأناضول: "نخضع لإجراءات متابعة ورقابة وتدقيق لكافة الحوالات الداخلية والخارجية من البنك المركزي العراقي، بصورة مستمرة ونستمع إلى توجيهات البنك".
ويتابع: "اليوم العراق بما يخص أزمة الدولار، أفضل حالا من دول عديد مجاورة للبلاد".
ويرى ومواطنون أن العراق ما يزال بحاجة إلى جهود إضافية للسيطرة على تهريب النقد الأجنبي إلى الخارج.
ويعتبر المواطن أصيل صباح خضير، أن أمام الحكومة العراقية شوط كبير للسيطرة على تهريب العملة الأجنبية (الدولار) إلى الخارج وصولا إلى استقرار تام في صرف العملة.
ويقول: "على أرض الواقع لم ألمس تحسنا في جزئية أسعار السلع المستوردة من الخارج، إنها مرتفعة جدا نتيجة ارتفاع صرف الدولار، مشروع البنك المركزي يحتاج إلى وقت أطول في معالجة هذا الملف".
من جهتها ترى أم كرم، التي تعمل موظفة بالقطاع الأهلي أن تذبذب سعر الدولار صعودا ونزولا يؤثر على مدخول الفرد الشهري وتضرر للقدرة الشرائية.
وأشارت إلى أن "القدرة الشرائية لم تعد محسوسة بقيمتها وبركتها كالسابق، وسلع فردية كنا نشتريها بسعر معين الآن أصبحت بسعر ثان أعلى تكلفة".