تستضيف الدوحة غدًا الثلاثاء، مؤتمرًا دوليًا بعنوان "من الحرية الدينية إلى المسؤولية الدينية: نحو بناء مجتمعات التضامن والإنجاز" ينظمه مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان بالشراكة مع شبكة جيران متعددة الأديان بالولايات المتحدة الأمريكية.
ويهدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على القضايا المتعلقة بالتعايش والحرية الدينية والتعددية الدينية، وذلك من منظور الأديان، والتشريعات القانونية وحقوق الإنسان، حيث ستتبادل المجتمعات الدينية المختلفة وجهات النظر للاتفاق على الممارسات والنهج الأمثل، لفهم تصورات بعضها البعض، ولمعالجة القضايا والمشاكل العالمية القائمة التي تهم الجميع بغض النظر عن دينهم.
ويناقش المؤتمر على مدى ثلاثة أيام، طرق الانتقال من الحرية الدينية التي تقررها الأديان والدساتير الدولية إلى المسؤولية الدينية، وسيتم ذلك بالسعي لإيجاد مجتمعات عمل للدفاع عن هذه القضية واتخاذ المزيد من الإجراءات الفعالة.
وأوضح سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، في تصريح صحفي أن مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان يسعى جاهدا منذ سنوات طويلة وعبر مشاريع عديدة من خلال التعاون مع القادة الدينيين ومراكز الحوار العالمية والعلماء والمفكرين وقادة الرأي، لمد جسور التلاقي والعمل المشترك بين كافة الأطراف للحوار، والمناقشة حول التحديات التي تحول دون العيش المشترك والتعايش السلمي بين أتباع الأديان والثقافات لتعم ثقافة السلام بين البشر.
د. إبراهيم النعيمي: المؤتمر يشكل مثالا للتعاون الدولي الذي يعد استمرارًا لمبادرات دولة قطر التي لم تأل جهدا في الدعوة للسلام وترسيخ ثقافة الحوار
واعتبر سعادته أن هذا المؤتمر يشكل مثالا لهذا التعاون الدولي الذي يعد استمرارا لمبادرات دولة قطر التي لم تأل جهدا في الدعوة للسلام وترسيخ ثقافة الحوار مع جميع الثقافات وبين أتباع الأديان، والانفتاح على الحضارات الأخرى، وبدورها الإيجابي في القضايا التي تخص الحوار بين الحضارات والثقافات، مما أكسبها مكانة عالمية مرموقة وجعلها واحدة من دول العالم الأكثر تأثيرا في مثل هذه القضايا.
ولفت إلى أن دولة قطر بقيادتها الرشيدة، سباقة في كل تلك القضايا المهمة، وهي دولة تبحث دائما عن السلام والوئام، ولها إسهامات وأدوار مشهودة في هذه المجالات.
كما اعتبر سعادته المؤتمر فرصة عظيمة يلتقي فيها كوكبة من العلماء ورجال الدين، وأيضا القانونيين والأكاديميين والباحثين، على أساس من القيم الدينية والإنسانية الثابتة.
وعن اختيار موضوع المؤتمر الذي يتمحور حول الحرية الدينية والمسؤولية الدينية، ذكر النعيمي أن "الحرية الدينية مبدأ أساسي في الدين الإسلامي، وأمر إلهي في كل تعاملات المسلمين مع غيرهم، يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "لا إكراه في الدين"، فالحرية الدينية تشكل أساسا دينيا وأخلاقيا ثابتا ومبدأ إنسانيا راسخا يرسم الطريق الصحيح نحو إقامة التعايش السلمي بين أتباع الأديان والحضارات، والتي من دونها تضطرب العلاقات الإنسانية، ويتحول المجتمع الإنساني إلى ساحة لإراقة الدماء وقمع الأقليات وممارسة أبشع صور الاضطهاد الديني كما نرى للأسف في عالمنا اليوم".
وأشار سعادته إلى "أن منصات ومؤتمرات الحوار ليست منابر لإعادة تشكيل الأديان والشرائع والعقائد، وهي كذلك ليست لتغيير الأديان؛ بل للتعارف والتعايش والوقوف على القواسم المشتركة، وتحقيق الانسجام والتعددية والتسامح، فهي لا تعني صهر الأديان في قالب ديني جديد أبدا وإنما هي فرصة للالتقاء وطرح الرؤى واستيعاب الفكر الآخر".
وأضاف "نحن في هذا المؤتمر نحاول التهيئة لتأسيس رؤية واحدة حول قضية الحرية الدينية انطلاقا من المسؤولية الدينية علينا جميعا على مختلف الأصعدة لمواجهة أمواج العنصرية والاضطهاد التي يعاني منها إخوان لنا في الإنسانية".
وتابع رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان قائلا: "إن على القادة الدينيين وعلماء الأديان القيام بدورهم ومسؤوليتهم، فهم مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى ليتضامنوا فيما بينهم، ويتخذوا خطوات عملية جريئة للتصدي لكافة ممارسات العنصرية والاضطهاد وقمع الحريات، وتأسيس رؤية واحدة تقوم على السلام والمحبة ونبذ العنف والتطرف".
أربعة محاور
وبشأن محاور المؤتمر، أوضح سعادة الدكتور إبراهيم النعيمي أن هناك أربعة محاور رئيسية للمؤتمر ستناقش من خلال بعدين رئيسيين الأول ديني والثاني قانوني، في عشر جلسات وورش عمل.
وذكر أن المحور الأول يعنى بمناقشة المسؤولية الدينية، فيما يدور النقاش في المحور الثاني حول كيفية بناء الثقة والسلام المتبادل داخل المجتمعات الدينية، وبين المجتمعات الأخرى لتقوية التواصل والتعامل بين المجتمعات الدينية وبين أصحاب القرار المؤثرين في مجتمعاتهم ودولهم.
وأضاف أن المشاركين سيناقشون ضمن المحور الثالث سبل ضمان تحقيق الطابع المؤسسي على المستوى المجتمعي من خلال المؤسسات الدينية والإجراءات الرسمية والقانونية، فيما خصص المحور الرابع للتباحث حول كيفية تحقيق مخرجات المؤتمر من خلال الأطر العالمية والنطاقات الجغرافية الدولية والمحلية.
وذكر الدكتور النعيمي أن أهداف المؤتمر ترتكز حول إيجاد منبرٍ للنقاش والتفاعل بين المثقفين والأكاديميين والباحثين المتخصصين والمعنيين بموضوع المؤتمر وقضاياه، وكذا القادة الدينيون والمؤثرون من أصحاب القرار لوضع حلول وخطط عمل لمختلف القضايا الصعبة المتعلقة بالتعايش والحرية الدينية من منظور الأديان وحقوق الإنسان والتشريعات القانونية.
كما أشار إلى أن من أهداف المؤتمر العمل على بناء الثقة بين الدول والمجتمعات وبين القادة الدينيين وأتباع الأديان، وتحديد مسؤولية القادة الدينيين والمؤثرين من أصحاب القرار لتجاوز عقبات الحرية الدينية والانتقال إلى المسؤولية الدينية والمجتمعية، وإيجاد سبل التضامن والإنجاز الجماعي.
ونوه سعادة رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان إلى أن من بين أهداف المؤتمر "نقل الرؤية الإسلامية للمتحاورين تجاه قضية الحرية الدينية بشكل واضح من دون أي تنازل عن المبادئ أو الموالاة على حساب الدين، بالإضافة إلى شرح مبادئ الإسلام ودعوته إلى حرية المعتقد المكفولة لأي إنسان، وكذلك دعوته للتسامح مع الآخر المختلف معنا في الدين والعيش المشترك ونبذ الإسلام للعنصرية والكراهية والعدوان على غير المعتدين".
يذكر أن مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان من المؤسسات القطرية الرائدة، وهو مركز دولي معني بنشر ثقافة الحوار بين الأديان، ومد جسور التعاون والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات حول العالم، وبناء القدرات في مجال الحوار وثقافة السلام وقبول الآخر، وتفعيل القيم الدينية لمعالجة القضايا والمشكلات التي تهم البشرية.