استضافت جامعة قطر، اليوم، الاجتماع السنوي الثالث للشبكة الأكاديمية للحوار التنموي، الذي نظمته بالتعاون مع جامعة القدس ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا"، وذلك تحت عنوان "قصص نجاح في دمج أهداف التنمية المستدامة في التعليم والبحث والممارسة".
وشهد الاجتماع، الذي عقدته الشبكة لأول مرة حضوريا، مشاركة نخبة من الخبراء من دولة قطر والمنطقة العربية للحديث عن خبراتهم وتجاربهم في التعليم والبحث والعمل في المجال التنموي، وعن دور المؤسسات والشركات في تسريع وتيرة تحقيق الأهداف التنموية.
توجهات وأفكار جديدة
وناقش المشاركون عددا من المواضيع والتوجهات والأفكار الجديدة في مجال عمل الشبكة، مع تسليط الضوء على الفجوات في استراتيجيات ودمج أهداف التنمية المستدامة في التعليم والبحث والممارسة، ودور القطاع الخاص في تحقيق هذه الأهداف، وكيفية خدمة المنظمات الحكومية وغير الحكومية للأهداف التنموية، بالإضافة للإعلان عن إطلاق النسخة الثانية من سلسلة الأوراق البحثية للشبكة.
وأكدت الدكتورة مريم المعاضيد، نائب رئيس جامعة قطر للبحث والدراسات العليا، في كلمة لها خلال الاجتماع، على دور مؤسسات التعليم العالي في رسم سياسات بحثية تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة، وتضمن توظيف الابتكارات والمخرجات الأكاديمية في تحقيق هذه الأهداف.
د. مريم المعاضيد: قضية الاستدامة ليست تنمية وبيئة فحسب وإنما موقف إنساني وأخلاقي يرتبط بمصير الأرض والإنسان
وأشارت إلى أن قضية الاستدامة ليست تنمية وبيئة فحسب؛ وإنما هي أيضا موقف إنساني وأخلاقي يرتبط بمصير الأرض والإنسان، ويقتضي المواجهة الناجحة لحاجات المجتمع وتحدياته، لاسيما في البيئة، والصحة، والتعليم، والماء، والغذاء، والفقر، والعنف، والتمييز، وغيرها.
ونوهت إلى أن دولة قطر وضعت التنمية المستدامة ضمن جميع استراتيجيات التنمية الوطنية المتعاقبة، وأنجزت نهضة نوعية في مختلف المجالات "وما زالت المبادرات تتوالى وتواكب مسيرة رؤية قطر الوطنية 2030"، مشيرة في الوقت ذاته إلى مساهمة جامعة قطر في تعزيز الاستدامة عبر برامجها وأنشطتها وتعاونها مع الجهات المحلية والدولية.
فرصة لتبادل الخبرات
وذكرت نائب رئيس جامعة قطر للبحث والدراسات العليا أن اجتماع اليوم بالدوحة شكل فرصة ثمينة لالتقاء الأكاديميين وأصحاب المصلحة وصناع القرار من الجهات العامة والخاصة لتبادل الخبرات والتجارب، التي تساعد في الإنجاز الأمثل لمشاريع تنمية المجتمع وتطويره.
بدوره، نوه سعادة السيد خليفة بن جاسم الكواري المدير العام لصندوق قطر للتنمية، في كلمة له، بالقضايا التي ركز عليها الاجتماع السنوي الثالث للشبكة الأكاديمية للحوار التنموي، وتمحورت حول ترابط أهداف التنمية المستدامة بالتعليم والبحث والممارسة.. لافتا إلى أن هذه الفعالية تؤكد على الدور البارز والفعال الذي تلعبه جامعة قطر في إشراك وربط الصلة بين أصحاب الشأن من المؤسسات الأكاديمية البحثية والجهات الحكومية والمنظمات الأممية المعنية بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
خليفة الكواري: أجندة التنمية المستدامة 2030 تشمل عددا كبيرا من الأهداف التي تسعى للقضاء على الفقر
وأشار إلى أن أجندة التنمية المستدامة 2030 الصادرة عن الأمم المتحدة تشمل عددا كبيرا من الأهداف التي تسعى للقضاء على الفقر، وتعزيز التنمية الاقتصادية الشاملة والعادلة، وتحقيق المشاركة المجتمعية والاستدامة البيئية، ودعم سبل العيش الآمن والسليم بحلول نهاية هذا العقد، والذي لم يتبق منه سوى أقل من سبع سنوات.
وأوضح أن هذه الأهداف تترابط بعضها ببعض، "وبالتالي فإن أي نجاح أو إخفاق بأي منها يؤثر بدوره على فرص تحقيق الأهداف الأخرى.. مضيفا: "يضفي هذا الترابط بين الأهداف تعقيدات على مستوى فهم حجم التحديات وتحديد الأوليات بين صناع القرار والشركاء من أصحاب الشأن".
وأكد سعادة السيد خليفة بن جاسم الكواري، في هذا الإطار، على الدور البارز والأساسي للمؤسسات الأكاديمية والبحثية في دعم المسارات التنموية، وتسهيل تنفيذها بناء على المخرجات والتوصيات العلمية والأرقام الدقيقة، وذلك من خلال لعب دور قيادي في تعزيز التفاعل بين الأبحاث والسياسات، وتوفير منصات محايدة للحوار بين القطاعات التنموية والمؤسسات التي ترعاها، ودعم السياسات والإجراءات المتكاملة والمتماسكة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتطوير المناهج المتعددة التخصصات، والالتزام بالمشاركة الفعالة في مناصرة قضايا التنمية المستدامة وتحقيق الأثر منها.
جهود "قطر للتنمية"
وتطرق في كلمته إلى دور صندوق قطر للتنمية وجهوده مع العديد من الجهات المانحة لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة في البلدان الأقل نموا، خصوصا عبر المشاريع التنموية والإنسانية في قطاعات التعليم والصحة والتمكين الاقتصادي.
وأكد أن تدخلات الصندوق تستند بشكل أساس إلى احتياجات تلك الدول، والتي تحدد عبر التقارير الميدانية والدراسات والبحوث التي تنشرها المنظمات الدولية وبيوت الخبرة والمؤسسات البحثية والتعليمية.. مشيدا بالجهود الجبارة لمؤسسات التعليم العالي في تفعيل وتعزيز التنسيق، ونشر المعرفة للاستفادة منها لتعظيم الأثر من التدخلات التنموية والإنسانية، التي تصب في النهاية بما يخدم تحقيق أجندة 2030.
بدوره، أكد الدكتور سالم بن محمد المالك المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة /إيسيسكو/، أهمية الشراكة والتكامل بين المؤسسات العاملة في مجال التنمية ومؤسسات البحث والتعليم العالي، بما يسهم في تحقيق أجندة التنمية المستدامة.. منوها بالدور الذي تضطلع به الشبكة لتحقيق هذا التوجه.
كما شهدت الجلسة مداخلات من السيد ستيان هولن رئيس قسم الاستراتيجيات والتخطيط والمساءلة والنتائج والمعرفة بالإسكوا، والدكتورة إلهام الخطيب عميد البحث العلمي بجامعة القدس، حول دور البحث والمعرفة في تعزيز الجهود المحلية والدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
يشار إلى أن الشبكة الأكاديمية للحوار التنموي (ANDD)، التي أطلقت في العام 2020 بمبادرة من جامعة قطر، تضم حاليا 36 عضوا من الجامعات والمؤسسات التعليمية على مستوى المنطقة العربية والعالم، إلى جانب لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، وتحظى بدعم من المجلس الأكاديمي المعني بمنظومة الأمم المتحدة (ACUNS).
وتركز الشبكة على خلق عملية تشارك فكري؛ بهدف سد فجوة المعرفة الوطنية، وتكريس الخبرات الأكاديمية والنتائج العلمية لدعم التقدم نحو التنمية المستدامة على المستويين الوطني والإقليمي في العالم العربي.