قال سعادة السيد عبدالله بن حمد العطية، وزير الطاقة والصناعة الأسبق، أن قطاع الطاقة لعب دورا حاسما في دفع عجلة النمو الاقتصادي لدولة قطر، مشيرا إلى أن الاستراتيجيات السليمة التي تبنتها الدولة لاستغلال المصادر الطبيعية من النفط والغاز بالشكل الأمثل أثبتت فاعليتها في تطوير الاقتصاد الوطني، علاوة على تمكين دولة قطر من تبوء مركز متميز على مستوى العالم من حيث متانة الاقتصاد.
قطر تعتبر من أكبر منتجي ومصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم
وأضاف سعادته في حوار لوكالة الأنباء القطرية "قنا" بمناسبة انعقاد منتدى قطر الاقتصادي 2023 غدا الثلاثاء، أن دولة قطر تضطلع بدور هام في قطاع الطاقة العالمي، حيث تعتبر من أكبر منتجي ومصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، كما توجه استثمارات ضخمة في تطوير حقول النفط والغاز ومشاريع الطاقة المختلفة بهدف تعزيز الإنتاج والتصدير،وتوفير فرص عمل وتحفيز الأنشطة الاقتصادية الأخرى، كما تعتمد استراتيجيتها على تنويع مصادر الطاقة لتعزز موقعها كلاعب رئيسي في السوق العالمية.
وأشار إلى أن دولة قطر تمتلك احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي، ما جعلها منافسا قويا على الساحة العالمية، علاوة على امتلاكها بنية تحتية متطورة وتكنولوجيا متقدمة في صناعة الطاقة، مما يجعلها قادرة على المنافسة واستغلال فرص السوق العالمية.
اتوقع ن يظل الطلب على الغاز الطبيعي قويا في السوق الأوروبية مما يوفر فرصا إضافية لقطر لتعزيز حصتها في هذا السوق
ولفت إلى أن قطر تعد أحد أهم مزودي الغاز الطبيعي للسوق الأوروبية، ما دفعها إلى تعزيز استثماراتها وتطوير وتوسيع شبكات التوزيع والتصدير إلى الأسواق الأوروبية خلال السنوات الماضية، متوقعا أن يظل الطلب على الغاز الطبيعي قويا في السوق الأوروبية، مما يوفر فرصا إضافية لقطر لتعزيز حصتها في هذا السوق. كما تعمل قطر على توسيع شراكاتها وتطوير تواجدها في مناطق أخرى في العالم، حيث تقوم بتوقيع اتفاقيات وشراكات استراتيجية مع دول أخرى لتطوير واستغلال مصادر الطاقة، ما يسهم في تعزيز العلاقات الدولية لقطر وتعزيز دورها كلاعب رئيسي على الساحة الدولية.
من المهم العمل على تعزيز الاستدامة الطاقوية للتقليل من تأثير صدمات الطاقة المستقبلية على الاقتصاد وتتضمن استراتيجيات التكيف مع صدمات الطاقة تحسين كفاءة استخدام الطاقة والاستثمار في تنويع مصادر الطاقة
وحول تمكن الاقتصاد العالمي من تجاوز أزمة صدمات الطاقة، قال العطية، إنني ومن خلال خبرتي لسنوات طويلة في قطاع الطاقة، أؤمن بحيوية وديناميكية قطاع الطاقة، وقد تمكن الاقتصاد العالمي في الماضي من تجاوز أزمات صدمات الطاقة، مثل أزمة أسعار النفط في عام 1973 وأزمة النفط في 1979 و2008 و2020، لافتا إلى إنه في كل حالة تعاملت الاقتصادات العالمية مع هذه الصدمات وتمكنت من التعافي والنمو مرة أخرى، وعلى الرغم من ذلك، يجب أن نلاحظ أن هذه الصدمات تعكس تحديات وتأثيرات اقتصادية واجتماعية وبيئية. لذا، من المهم العمل على تعزيز الاستدامة الطاقوية للتقليل من تأثير صدمات الطاقة المستقبلية على الاقتصاد وتتضمن استراتيجيات التكيف مع صدمات الطاقة تحسين كفاءة استخدام الطاقة والاستثمار في تنويع مصادر الطاقة، وتطوير تكنولوجيا الطاقة المتجددة، وتعزيز الابتكار في قطاع الطاقة وتحسين نظام التوزيع والتخزين وتطوير سياسات وإجراءات لتعزيز الاستدامة الطاقوية.
اعتبارات تحكم مستويات الأسعار
وفيما يتعلق بالأسعار الحالية وتشجيعها لضخ مزيد من الاستثمار في قطاع الطاقة، أوضح سعادته أن هناك العديد من العوامل والاعتبارات التي تحكم مستويات الأسعار، فالسعر الحالي للنفط الخام يمكن أن يؤثر على قرارات الاستثمار في قطاع الطاقة بشكل مختلف حسب الشركات والمستثمرين والمناطق الجغرافية، مشيرا إلى أنه عندما يكون سعر النفط الخام مرتفعا يزيد الحافز للمنتجين لزيادة الاستثمار في تطوير حقول النفط والغاز الجديدة وتوسيع الإنتاج، وهو ما يدعم نمو قطاع الطاقة ويوفر فرص عمل جديدة ويزيد من حجم الإنتاج العالمي، ومع ذلك يجب أن نلاحظ أن الاستثمار في قطاع الطاقة يتطلب تحليلا شاملا للتوقعات المستقبلية للسوق والاستدامة المالية للمشاريع، فقد يتردد بعض المستثمرين في ضخ مزيد من الاستثمار في قطاع الطاقة إذا كانوا يتوقعون تقلبات سوقية مستقبلية أو انخفاض الطلب على النفط، مضيفا.. باختصار، السعر الحالي للنفط الخام يمكن أن يؤثر على استثمارات قطاع الطاقة بمختلف الطرق، ويتوقف مدى الاستجابة على عدة عوامل اقتصادية وسياسية.
سعر النفط الخام يتأثر بعدة عوامل لذا فإن تحديد سعر عادل للطرفين يعتمد على الظروف الاقتصادية والسياسية الراهنة
وحول السعر العادل للمنتجين والمستهلكين، أكد وزير الطاقة والصناعة الأسبق، أن سعر النفط الخام يتأثر بعدة عوامل مثل العرض والطلب والتوترات الجيوسياسية العالمية، ونمو الاقتصاد العالمي وتباطئه، والأحداث الطبيعية في مناطق الإنتاج، لذا فإن تحديد سعر عادل للطرفين يعتمد على الظروف الاقتصادية والسياسية الراهنة. من وجهة نظر المنتجين الأسعار العالية للنفط الخام تعزز إيراداتهم وتدعم استثماراتهم في صناعة النفط. أما من وجهة نظر المستهلكين، فالأسعار المرتفعة للنفط الخام يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الوقود، وتؤثر على قدرتهم على تحمل فاتورة استيراد الطاقة.
وتابع قائلا: بالنسبة لتحديد سعر عادل للطرفين، يجب مراعاة مصالح المنتجين والمستهلكين وهذا يتطلب تحقيق استقرار في أسواق النفط وتحقيق التوازن بين العرض والطلب. كما يعتمد السعر العادل على العوامل الاقتصادية والسياسية التي يمكن أن تتغير مع مرور الوقت .. في الوقت الحالي لا يمكن تحديد سعر عادل محدد للنفط الخام بسبب تقلبات سوق النفط.
مصادر الطاقة التقليدية
وفيما يتعلق بالتحولات المتسارعة لصناعة الطاقة وتأثيرها على مستقبل أمن وإمدادات الطاقة وآفاقها، أكد وزير الطاقة والصناعة الأسبق أن مصادر الطاقة التقليدية مثل النفط والغاز الطبيعي تلعب دورا حاسما في مشهد الطاقة حاليا، ومن المتوقع أن تحتفظ بأهميتها في المستقبل القريب. ومع ذلك، يتعين الإدراك أن هذه المصادر تعتبر غير متجددة وتسبب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تسهم في تغير المناخ ومن المتوقع أن يشهد مستقبل الطاقة زيادة في التنوع والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في ظل الاهتمام المتصاعد بالتنمية المستدامة، وزيادة الوعي بتغير المناخ وتقدم تكنولوجيا الطاقة الشمسية والرياح بوتيرة سريعة، ونمو استخدامات مصادر جديدة مثل الهيدروجين.
الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة وتطوير تقنيات تخزين الطاقة يلعب دورا هاما في تحقيق استدامة هذا القطاع الحيوي
وتابع، يلعب الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة وتطوير تقنيات تخزين الطاقة دورا هاما في تحقيق استدامة هذا القطاع الحيوي، فمع تطور التقنيات المتعلقة بتخزين الطاقة وتحويلها وتوزيعها بطرق أكثر كفاءة، تقترب التكلفة من مستويات مقبولة، مما يجعلها أكثر جاذبية للاستثمار والاعتماد عليها كمصادر أساسية للطاقة. فعلى سبيل المثال، تطورت تقنيات تخزين البطاريات بشكل كبير، مما يتيح استخدام الطاقة الشمسية والرياح حتى عندما لا تكون المصادر المتجددة نشطة بشكل مباشر.
ونوه بأن تسريع تحول الطاقة، يقتضي تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتشجيع الابتكار وتعزيز التعاون الدولي حيث تواجه التحولات تحديات من أهمها تكلفة الإنتاج، كما أن التزام الحكومات والشركات والمجتمعات والأفراد بتعزيز استدامة الطاقة يساهم في تحقيق تطورات إيجابية، وفي هذا السياق من المهم أن يتم دعم البحث والتطوير وتبني سياسات واضحة لتعزيز الاستدامة الطاقوية وتحقيق تحول أكثر استدامة في صناعة الطاقة.
تداعيات التغير المناخي
وحول تداعيات التغير المناخي واستنباط ممارسات ومنهجيات ومعايير جديدة وأثرها على قطاع الطاقة التقليدي، أوضح سعادته أن تغير المناخ قضية عالمية تواجهها البشرية جمعاء في الوقت الحاضر، وقد أدى ذلك إلى تحول جذري في مناهج وممارسات صناعة الطاقة، حيث أدركت العديد من الدول والشركات أهمية الاستثمار في تطوير مصادر الطاقة البديلة، وذلك للحد من انبعاثات غازات الدفيئة وتخفيض التأثيرات السلبية على المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ولفت إلى تطور صناعة الطاقة البديلة بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة حيث شهدت تقدما في شتى المجالات مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة المائية، والحرارية. وهذا التطور يعزز على سبيل المثال قدرة الدول على توليد الكهرباء المستدامة والنظيفة اعتمادا على مصادر محلية، ويقلل من الاعتماد الكلي على مصدر واحد، ويزيد من تنوع واستقلالية إمدادات الطاقة، ما يحسن استدامة النظام الطاقوي.
مصادر الطاقة البديلة يمكن أن تصبح أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية ويحفز استثمارات أكبر على الدخول في هذا القطاع ويقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية
وأضاف سعادة السيد عبدالله بن حمد العطية، وزير الطاقة والصناعة الأسبق، أنه مع تحسين كفاءة التكنولوجيا المستخدمة في إنتاج الطاقة البديلة، تنخفض تكاليفها بشكل مستمر، وتصبح مصادر الطاقة المتجددة أكثر فاعلية واقتصادية، ويزيد من قدرتها على المنافسة ما يعني أن مصادر الطاقة البديلة يمكن أن تصبح أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية، ويحفز استثمارات أكبر على الدخول في هذا القطاع ويقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية وعليه فإن تأثير صناعة الطاقة البديلة على قطاع الطاقة التقليدي متعدد الجوانب، واحد من التأثيرات الرئيسية هو التحول من الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري إلى استخدام مصادر طاقة نظيفة ومتجددة. وفي المقابل تتطلب صناعة الطاقة البديلة
تغييرا في هيكل القطاع، مما يؤدي إلى إعادة توجيه الاستثمارات وتحديث البنية التحتية، كما يتطلب ذلك تطوير نظام شبكات الطاقة لتسهيل توزيع وتخزين الطاقة البديلة. هذا التحول يمكن أن يؤثر على الشركات والعمال في قطاع الطاقة التقليدي، حيث يتطلب تطوير المهارات وإعادة التوجيه المهني لمواكبة التغيرات.