أكد سعادة السيد منصور بن إبراهيم المحمود، الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار، مرور الأسواق العالمية بتقلبات وتغيرات ومعدلات تضخم عالية لم تشهدها من ذي قبل، لافتا إلى وجود خشية لدى بعض الشركات من الاستثمار بسبب مواجهتها إشكاليات في الموازنة، الأمر الذي قد ينعكس على حجم المدخرات والصناديق السيادية والسيولة.
وقال سعادته، في معرض رده على التساؤلات التي طرحها عليه جون ميكلثويت رئيس تحرير وكالة "بلومبيرغ" خلال الجلسة الثانية، من جلسات منتدى قطر الاقتصادي، التي أقيمت اليوم بفندق فيرمونت الدوحة تحت عنوان "وضع استراتيجية استثمار طويلة المدى"، "في خضم تلك الأوضاع العالمية يستثمر الصندوق السيادي القطري في قطاعات وأنواع مختلفة واعدة، ومن المهم جدا البحث عن أهم الجهات الاستثمارية.. لدينا حوكمة رشيدة، ولا بد من وجود مسار تقييمي للبلدان التي نستثمر بها، سواء أكان ذلك في البرازيل، أو الهند، أو الصين، أو غيرها من البلدان".
وذكر سعادته أن جهاز قطر للاستثمار يستثمر في القطاعات التكنولوجية في كل من الهند والصين، مبينا أن الجهاز يحدد نوع استثماراته ويختار المكان المناسب والآمن لها، سيما وأن لديه إدارة نوعية للمخاطر، وعلاقات وشراكات وطيدة مع الجميع، وتشريعات وبنى تحتية متطورة، ورؤوس أموال، وقيادات شابة تؤمن بضرورة دعم الاقتصاد المحلي والمساهمة الفاعلة في مسيرة نموه، ومشددا على أنه بالإمكان القيام بدور مكمل للدول المتقدمة، وأن تكون قطر مركزا للمال والأعمال في المنطقة، على غرار سنغافورة وهونغ كونغ.
وعن رؤيته للمنطقة ودولة قطر، أشار سعادة الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار، إلى ما حققته دولة قطر من نجاحات كبيرة خلال استضافتها لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، مبرزا أنه سيتم تكريسها لبناء وتوسعة شراكاتها مع مختلف المؤسسات والجهات، وغيرها من الصناديق التي تلعب دورا هاما على كافة الصعد والمستويات.
وشدد سعادته على أهمية الثقة بالقطاع المصرفي لما لها من دور في تحسين الأداء العام للبنوك، فكلما كان هناك تراجع في الثقة، أدى ذلك إلى تراجع في الأداء، وقد يقود ذلك إلى انهيار.
وردا على سؤال التوجه العالمي الكبير نحو "الذكاء الاصطناعي" وتقنية سلسلة الكتل "بلوك تشين"، قال سعادة السيد منصور بن إبراهيم المحمود "رغم أن هذه التقنيات لم تغير واقع الحال كثيرا، إلا أننا نتعامل مع التطورات، وأجرينا الكثير من البحث حولها، ونحتاج لتشريعات تنظم طبيعة عملها، ولدينا ريادة في الرقمنة والتواصل، والبنى التحتية، ونركز دوما على نقاط القوة لجذب الاستثمارات التكنولوجية".
من جهتها، اعتبرت السيدة دينا باول ماكورميك الرئيس العالمي للأعمال السيادية بـ/جولدمان ساكس/، أن اهتمام دولة قطر بالاستثمار والتنويع الاقتصادي، وبمسؤولية التفكير في مستقبل الأجيال المقبلة، يجعل منها رائدة في الحوكمة، مبينة أن ذلك يحتم على الجميع ضرورة الاستثمار بالذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة، وهو أمر قد يكون بالغ الأهمية بالنسبة لدول الخليج العربية.
وبخصوص الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة، لفتت ماكورميك إلى حدوث ركود في الاقتصاد الأمريكي على الرغم من التصريحات المطمئنة للرئيس جو بايدن، مشيرة إلى أنه من المهم فهم كيفية التحكم في الإنفاق العمومي في أمريكا في ظل السعي من أجل البقاء، لذا يتوجب أخذ الحوار البناء بعين الاعتبار سيما وأن الجميع قد يدفع ثمنا باهظا لذلك، لافتة إلى ما تتمتع به دول الخليج من إمكانات وثروات هائلة، قائلة في السياق ذاته "إن منطقة الخليج والشرق الأوسط آمنة للاستثمار، هناك اضطرابات في أسواق الطاقة، وحاجة ملحة لرأس المال، والاستثمار هو الفيصل والأساس في تلبية وحل تلك الإشكاليات، ويركز جهاز قطر للاستثمار على هذا الأمر، يجب علينا بناء رأسمال هجين، خصوصا وأنه لدينا شراكات ناجحة، وآليات تمويل، وأدوات تقييم المخاطر".
وللتعامل مع كافة التغيرات والمخاطر، ترى ماكورميك أنه لا بد من توفر عناصر الابتكار، والاستثمار، والقيادة، والقطاع الخاص لديه كل ذلك، وهو بحد ذاتها ثورة اقتصادية وصناعية، ستحقق مكاسب كبيرة، إذا قمنا بها بشكل جيد.
بيل وينترز: هناك إمكانية لحدوث ركود في الأسواق الجديدة
بدوره، أشار بيل وينترز، الرئيس التنفيذي لمجموعة "ستاندرد تشارترد"، بخصوص حالة التشاؤم التي تسود الأسواق العالمية وما قد يرافقها من أزمة معرفية، إلى تجاوز البنوك للتحديات والأزمات التي واجهتها بعد تطبيق العديد من القوانين عليها، حيث بات الجميع قادرا على تحديد مكامن الضعف، إلا أنه أكد على ضرورة إيجاد الوسائل اللازمة للاستثمار طويل الأجل، خصوصا وأن جميع البنوك عرضة للأزمات، بين فترة وأخرى، وطريقة حلها تمثل صفقة ناجحة لها.
ودعا الرئيس التنفيذي لمجموعة "ستاندرد تشارترد" إلى التعامل بحذر مع السيولة والمسائل الائتمانية، التي حافظت على قوتها واستمراريتها، ورغم عدم الخشية من انهيارها، إلا أنه يعتقد إمكانية حدوث ركود في الأسواق الجديدة، يصعب معها تحديد مكامن الضعف، معتبرا أن قطر ودول الخليج وآسيا والصين جميعها مناطق مهمة يجب الاهتمام والتركيز عليها، ولديها مستثمرون من الطراز الأول، وبنية تنظيمية، وتسهيلات وحوافز استثمارية، وأمور أخرى تجعل من دول الخليج بيئة مستقطبة لهم.