قال الدكتور يوسف بن محمد الحر رئيس مجلس إدارة المجلس العالمي للبصمة الكربونية، إن التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون تحد يستدعي تعاونا دوليا يشترك فيه القطاعان العام والخاص، لمعالجة مشكلة التغير المناخي التي تتطلب تضافر جهود الحكومات والمنظمات والأفراد على حد سواء.
جاء ذلك في تصريح لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، تعليقا على المناقشات الجارية في هذا الشأن وتضمين هدف "التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون" ضمن المحاور التي يناقشها منتدى قطر الاقتصادي خلال دورته الثالثة.
مسؤولية مشتركة
وأوضح الدكتور الحر، الخبير في البصمة الكربونية، أن المسؤولية المشتركة والمتباينة في نفس الوقت، مبدأ تم الاتفاق عليه، بات يحكم العمل المناخي والإجراءات المناخية العالمية، ويتضمن قبولا بضرورة التعاون العابر للحدود في الصناعات لتحفيز الإجراءات المناخية، ومشاركة جميع شرائح المجتمع في هذا الجهد.
وأكد أن هذا التعاون سيمكن الحكومات والجهات الفاعلة في القطاع الخاص من القيام بالمزيد في وقت أبكر وأسرع مما يمكن تحقيقه بشكل فردي، مشيرا إلى أن التعاون بين بلدان العالم يتم عبر بناء القدرات ونقل التكنولوجيا والتمويل الدولي للمناخ.. لافتا إلى أن "أسواق الكربون"، تعد أحد المصادر الرئيسية للتمويل الدولي، وفقا للمادة 6 من اتفاقية باريس للمناخ.
د. يوسف الحر: على مدار الأعوام الماضية اكتسبت أسواق الكربون قوة دفع باعتبارها أداة قوية لمواجهة تحديات المناخ
وأضاف الدكتور الحر "على مدار الأعوام الماضية اكتسبت أسواق الكربون قوة دفع باعتبارها أداة قوية لمواجهة تحديات المناخ، من خلال ربط الحوافز المالية بالمبادرات الصديقة للبيئة، ودورها في التحفيز على الابتكار الإيجابي والاستثمار في التقنيات النظيفة، وفي الوقت نفسه، تعطي أسواق الكربون مؤشرا سعريا للمؤسسات لكي تتحمل المسؤولية وتساهم في تقليل انبعاثاتها".
وأشار إلى أن الهيئات المستقلة المعيارية للغازات الدفيئة تلعب دورا مهما للغاية في هذا الأمر، حيث يضطلع المجلس العالمي للبصمة الكربونية بدور مهم في هذا الصدد من خلال تشغيل برنامج غازات الاحتباس الحراري المعتمد بموجب المخطط المشار إليه باسم "التعويض عن الكربون وخفضه في مجال الطيران الدولي" التابع لمنظمة الطيران المدني الدولي والتحالف الدولي للحد من الكربون وتعويضه.
المجلس العالمي للبصمة الكربونية استقبل 1485 مشروعا للحد من الغازات الدفيئة من 45 دولة
ولفت إلى أن المجلس العالمي للبصمة الكربونية استقبل بالفعل 1485 مشروعا للحد من الغازات الدفيئة من حوالي 45 دولة خلال العامين الماضيين، مما سيخفض حوالي ملياري طن من انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون في غضون عشر سنوات، ويعني إصدار المجلس ما يقرب من مليارين من أرصدة الكربون في السنوات السبع إلى العشر القادمة.
أداة سوقية
وقال: إن دور المجلس يتمثل في إنشاء أداة سوقية يمكن استخدامها لزيادة التمويل الدولي للمناخ، ويشارك مع العديد من البلدان لتسهيل الإجراءات المناخية بموجب المادة 6.2 من اتفاقية باريس، عبر تمكين النهج التعاوني لاستخدام أسواق الكربون مع دور مركزي للمجلس كمعيار لغازات الدفيئة.
وأضاف أن قطر تتمتع بالعديد من نقاط القوة والعوامل التمكينية التي من شأنها أن تسمح لها بلعب دور حيوي على المستوى العالمي، وبصرف النظر عن القدرات المالية، يدعم المجلس العالمي للبصمة الكربونية ومقره قطر، الحكومات في تنفيذ المادة 6.2 من اتفاقية باريس وتفعيلها، كما يدعم أصحاب مشاريع القطاع الخاص في تلقي عائدات لأرصدة الكربون الناتجة عن مشاريع الحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
وأكد الدكتور الحر، أن قطر يمكن أن تلعب دورا محوريا في بناء قدرات الحكومات وأصحاب المصلحة الدوليين، وتشجيع النهج التعاوني بموجب المادة 6.2 من اتفاقية باريس بين الدول لمساعدتها على جمع التمويل الدولي لدعم المساهمات المحددة على المستوى الوطني.
رغم التوجهات العالمية التي تروج لأسواق الكربون إلا أن استقطابها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كان بطيئًا نسبيًا
وأضاف: رغم التوجهات العالمية التي تروج لأسواق الكربون كعامل مساعد رئيسي في تحقيق أهداف اتفاقية باريس، فإن استقطابها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كان بطيئا نسبيا، لذا قام المجلس العالمي للبصمة الكربونية بإطلاق أول سوق طوعي للكربون في المنطقة، ليصبح حاليا سوق الكربون الطوعي الوحيد خارج دول العالم الأول، بهدف سد هذه الثغرة.
وأشار في معرض حديثه إلى حصول المجلس على موافقة كل من "برنامج التعويض عن الكربون وخفضه في مجال الطيران الدولي" من المنظمة الدولية للطيران المدني والتحالف الدولي للحد من الكربون وتعويضه، حيث يتعامل البرنامج مع تعويضات الكربون التي تستفيد منها مجموعة واسعة من مشاريع الحد من الغازات الدفيئة بما في ذلك تلك التي تم تدشينها في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
خطوة محورية
ورأى فيما يتعلق بإطلاق صندوق تموله الدول الصناعية لتعويض الدول الأخرى المتضررة من تغير المناخ، الذي توصلت إلى اتفاقيته النسخة الأخيرة من مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "كوب 27" في مصر، بأنها خطوة محورية على الطريق إلى عالم خال من انبعاثات الكربون، وأن الآثار الضارة للاحتباس الحراري ليست موزعة بالتساوي، وغالبا ما تكون الدول التي تسببت في أقل قدر من الضرر هي الأكثر عرضة للكوارث الطبيعية، وما حققه قادة العالم في "كوب 27" كان قرارا تاريخيا لإنشاء صندوق لتعويض الخسائر والأضرار التي تعرضت لها الدول الفقيرة، وذلك من أجل توفير العدالة المناخية لجميع المحتاجين.
وأضاف "مع ذلك، فإن تشغيل هذا الصندوق ينطوي على تحديات معقدة ومترابطة ومن المقرر معالجتها في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر التغير المناخي، ولدينا آمال كبيرة نتوقعها في مؤتمر المناخ القادم، حيث يكمن التأثير الحقيقي لهذا الصندوق في مدى سرعة تمويله لدعم المجتمعات المتضررة".
وكان منتدى قطر الاقتصادي 2023، قد ناقش في إحدى جلساته، كيفية تحقيق دول العالم انتقالا مربحا ومنصفا إلى اقتصاد منخفض الكربون، وبحث خلالها مستقبل الأعمال الخضراء، والمشهد سريع التطور للمعايير والأهداف والتقنيات والاستثمارات التي تعمل على تحقيق صافي الصفر.
وأكد المتحدثون خلال الجلسة حصول تقدم على مستوى الدول وكذلك على مستوى الشركات خصوصا على صعيد تحديد الأهداف والالتزام بالوصول إلى هدف صافي الصفر، مستعرضين تجارب دول جنوب آسيا ولا سيما ماليزيا، حيث يتم التركيز على محاولة تحقيق الاقتصاد الصفري.