تفخر جمهورية أوزبكستان بثراء ثقافتها وتقاليدها التي نسجت على مر قرون عديدة، ما جعلها متفردة في تاريخها وحضارتها الضاربتين عبر الأزمان.
وتقع أوزبكستان على مفترق طرق طريق الحرير؛ إذ جمعت على أراضيها العديد من المعالم المعمارية، والحصون والقلاع القديمة، والآثار الطبيعية الفريدة من نوعها، وعناصر الفولكلور، حيث يوجد العديد منها اليوم تحت حماية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم الثقافة (اليونسكو) وبرامجها لصون المواقع الأثرية.
القائمة التمثيلية للتراث العالمي
وتضم القائمة التمثيلية للتراث العالمي لـ"اليونسكو" حتى الآن: 4 مجمعات معمارية - محمية متحف إيشان كالا في خيوة (1990)، المركز التاريخي لبخارى (1993)، المركز التاريخي لسمرقند سمرقند - مفترق طرق الثقافات (2001)، المركز التاريخي لمدينة شهرسبز، حديقة أوغام تشاتكال الوطنية (2016) و9 آثار للتراث غير المادي.
ومنذ استقلالها، ركزت أوزبكستان ليس فقط على الحفاظ على التراث الثقافي من خلال أعمال ترميم الآثار، ولكن أيضا على تعزيز الوعي الوطني والاعتراف بالثقافة العالمية، خاصة أنه على مدى أكثر من ألف عام، أصبحت المآذن والقباب القديمة نوعا من السمة المميزة للعديد من المدن الأوزبكية، وهي صورة خلابة للمناظر الطبيعية الحضرية ومؤسساتها الدينية والتعليمية.
وفي أوزبكستان المستقلة، اكتسبت الإبداعات الفريدة للمهندسين المعماريين القدماء مكانة خاصة، حيث تعد من التراث الثقافي الذي لا يقدر بثمن، وتخضع لحماية خاصة من الدولة.
قطر وأوزبكستان
ونظرا للعلاقات المتميزة بين قطر وأوزبكستان في جميع المجالات، ومن بينها التعاون في المجال الثقافي، فقد تم في سبتمبر 2022 توقيع مذكرة تفاهم بين مكتبة قطر الوطنية ومركز الحضارة الإسلامية التابع لمجلس الوزراء بجمهورية أوزبكستان؛ بهدف تعزيز التعاون في جهود صون التراث الوثائقي وحمايته والحفاظ عليه، وتيسير الوصول إليه.
وتتيح المذكرة للمؤسستين التعاون في مجال تبادل المطبوعات والإصدارات، وقوائم المخطوطات في مجموعات كل منهما، وتبادل النسخ الرقمية للمخطوطات التي تندرج ضمن المشاع العام حول الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، كما تسهم في تعزيز نشر المعرفة والتعلم من خلال التبادل الثقافي، وإقامة الفعاليات المشتركة، ومبادرات التطوير المهني للمتخصصين في مجال التراث الوثائقي.
وفي هذا الإطار، تسعى مكتبة قطر الوطنية، بصفتها مركز "الإفلا" الإقليمي لصون المواد التراثية والمحافظة عليها في الشرق الأوسط والدول العربية، إلى تعميق التعاون الثنائي مع مركز الحضارة الإسلامية في أوزبكستان في مجال حفظ الكتب والمخطوطات العربية والإسلامية وصونها.
ويشكل توقيع مذكرة التفاهم بين مكتبة قطر الوطنية ومركز الحضارة الإسلامية في أوزبكستان إضافة مهمة للجهود الكبيرة التي تبذلها الجهتان من أجل الحفاظ على التراث الإسلامي، وصون إرث الحضارة الإسلامية في مختلف مجالات المعرفة.
الفعاليات الثقافية والتراثية
كما احتضنت قطر عددا من الفعاليات الثقافية والتراثية لأوزبكستان، منها محاضرة حول إرث علماء أوزبكستان عبر العصور في رحاب مكتبة قطر الوطنية، قدمها السيد شاعظيم منوروف مدير مركز الحضارة الإسلامية، وتم فيها تسليط الضوء على أشهر علماء أوزبكستان عبر التاريخ، وكيف أصبحت أوزبكستان الدولة الحديثة على ما هي عليه الآن.
كما تحتضن مكتبة قطر الوطنية نماذج من أعمال علماء أوزبكستان ضمن مقتنيات المكتبة التراثية بمكتبة قطر الوطنية، ومن أبرزهم البخاري والترمذي، والخوارزمي، والبيروني وابن سينا، وكذا المعجم المفهرس للمخطوطات العربية والإسلامية في طشقند، والمصحف الضخم الشهير "بيسنغور القرآن" 800 هـ / 14000 م.
مركز الحضارة الإسلامية
ومن جهته، يهدف مركز الحضارة الإسلامية في أوزبكستان إلى دراسة التراث العلمي والثقافي والتعليمي للدارسين الذين عاشوا على أراضي البلاد في شكلها الحديث؛ للحفاظ على التراث للأجيال القادمة، وتشجيع الأفكار الحقيقية للإسلام، دين السلام والإنسانية والإبداع، وإعداد دراسة شاملة للتراث الأوزبكي، وتوفير العمل العلمي والبحثي، ومنح درجات الماجستير والدكتوراه والدراسات الدولية في الدراسات الإسلامية.
وسيقام داخل المركز متحف مجهز بأحدث تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وسيضم أكثر من 40 ألف معروض، بما في ذلك الوثائق التاريخية والنتائج الأثرية والنسخ الأصلية من القطع الأثرية التي تم الحفاظ عليها في الصناديق المحلية والأجنبية، إلى جانب أكبر مكتبة وقاعدة بيانات أصلية وإلكترونية، بها أكثر من 100 ألف مخطوطة قديمة وكتب قديمة، وأدلة ووثائق تاريخية، وكتب حديثة ومواد مطبوعة تغطي موضوع الدين والعلم.
وكانت الثقافة والفنون الأوزبكية قد حلت، في الرابع والعشرين من سبتمبر 2022 بالمؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا"، لتعكس غنى وعراقة حضارة هذا البلد، كما تم تنظيم معرض أوزبكستان للحرف والفنون، بالإضافة إلى حفل فني لأوركسترا الدولة السيمفونية لأوزبكستان بدار الأوبرا في كتارا؛ وذلك بمناسبة الذكرى الـ 31 لاستقلال جمهورية أوزبكستان، والذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين أوزبكستان وقطر.