بدأ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، زيارة دولة لجمهورية طاجيكستان، ويعقد سموه خلالها مباحثات رسمية مع فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان، بالقصر الرئاسي "قصر الأمة" بمدينة دوشنبه، تتناول علاقات الصداقة والتعاون القائمة بين البلدين، وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى استعراض الأحداث والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
ومن المنتظر أن تسهم زيارة سمو الأمير للعاصمة الطاجيكية في تطوير العلاقات بين البلدين ودعمها وتعزيزها ونقلها إلى مراحل متقدمة من الشراكات الاستراتيجية، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وبما يعود بالنفع على البلدين وشعبيهما الصديقين.
تعود بداية العلاقات بين قطر وطاجيكستان لعام 1994 حين اتفقت الدولتان على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما
وتعود بداية العلاقات بين قطر وطاجيكستان لعام 1994، حين اتفقت الدولتان، وعلى هامش قمة منظمة التعاون الإسلامي التي عقدت في المغرب، على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وذلك بتاريخ 13/12/1994م، وتم فتح السفارة القطرية في دوشنبه بتاريخ 2/11/2012م، وافتتحت السفارة الطاجيكية بالدوحة بتاريخ 5/10/2011م، وهو ما يعني أن العلاقات بين البلدين تصادف هذا العام ذكرى تأسيسها التاسعة والعشرين، وتحل هذه الذكرى فيما ارتقت العلاقات الثنائية إلى مرتبة رفيعة من المتانة والتميز، والتطور المطرد على مختلف الأصعدة والمجالات ذات الاهتمام المشترك.
أواصر روحية مشتركة
وتستمد العلاقات الطيبة والمتينة القائمة بين البلدين نشاطها وقوتها من الأواصر الروحية والتاريخية والقواسم المشتركة بين الشعبين الطاجيكي والقطري من جانب، ومن الصلات الأخوية الخاصة القائمة بين قائدي البلدين حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وأخيه فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان، وتستند هذه العلاقات إلى القيم التاريخية والحضارية المشتركة ومبدأ الأخوة والتفاهم، ومراعاة المصالح والاحترام المتبادل، وقد تعززت بالتشاور السياسي المستمر، والتبادل التجاري والاقتصادي الكبير بين البلدين.
ونجحت العلاقات التاريخية التي جمعت بين البلدين منذ التسعينيات، والتي تجلى أثرها في تبادل الزيارات الرسمية بين القيادات العليا، في أن تعكس الحرص المتبادل بينهما على توطيد أواصر التعاون في كافة المجالات، والارتقاء بهذه العلاقات نحو آفاق أرحب، بما يخدم مصالح البلدين المشتركة، والمضي قدما في تعزيز الشراكة على الصعيدين التجاري والاستثماري، وفق أطر واضحة تتماشى مع التوجهات الاقتصادية للبلدين.
زيارات متبادلة
وقد أسهمت الزيارات الرسمية المتبادلة وعلى أعلى المستويات في تعزيز هذه العلاقات، حيث تم خلالها التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين قطر وطاجيكستان، وتبادل زيارات عدد من الوفود بين البلدين على المستوى الوزاري والتجاري والاستثماري.
وكان من أبرز الزيارات الرسمية المتبادلة على مستوى القمة بين البلدين، الزيارة التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى طاجيكستان للمشاركة في أعمال القمة الخامسة لمؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا " سيكا " في شهر يونيو سنة 2019، حيث عقد سموه جلسة مباحثات رسمية مع فخامة الرئيس إمام علي رحمان، وكذلك الزيارة الرسمية لسمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى طاجيكستان في صيف عام 2007، وعلى الجانب الآخر، كانت هناك الزيارة الرسمية الأولى لفخامة الرئيس إمام علي رحمان إلى دولة قطر في مايو 2007 وزيارته الرسمية الثانية خلال الفترة 5- 7 فبراير 2017، وفي عام 2015 قام دولة السيد قاهر رسول زاده رئيس وزراء جمهورية طاجيكستان بزيارة لدولة قطر.
اتفاقيات ومذكرات تفاهم
وقد أسهمت مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المبرمة بين البلدين في دعم وتطوير العلاقة الثنائية في مختلف المجالات، ولدى قطر وطاجيكستان مواقف متشابهة ومتقاربة حول كثير من القضايا والملفات الدولية والإقليمية المحورية ويحرص البلدان على التعاون من أجل حفظ الأمن والسلم الدوليين، وهنالك تعاون وثيق بين البلدين في إطار المنظمات الدولية والإقليمية وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي ومؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا وحوار التعاون الآسيوي.
وفي إطار المشاورات السياسية المتواصلة بين البلدين عقدت بالعاصمة الطاجيكية دوشنبه، في مايو الماضي، جولة مشاورات سياسية بين وزارتي الخارجية بالدولتين، تم خلالها استعراض علاقات التعاون الثنائي، بالإضافة إلى عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
اللجنة القطرية - الطاجيكية
وفي فبراير الماضي، عقدت اللجنة القطرية - الطاجيكية المشتركة في مجال العمل اجتماعا، بالعاصمة الطاجيكية دوشنبه، وناقشت اللجنة أوجه التعاون المشترك وتبادل الخبرات في مجال العمل، وتسهيل استقدام العمالة المتخصصة من طاجيكستان، وآليات تنفيذ الاتفاقية الموقعة بين البلدين بشأن تنظيم القوى العاملة، وغيرها من الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، وتمثل اللجنة الحكومية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني، آلية محورية وعنصرا مهما لتفعيل ومتابعة التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين.
وفي سياق التطورات الإيجابية التي تشهدها العلاقات المتميزة بين البلدين، قررت طاجيكستان إعفاء مواطني دولة قطر من تأشيرات الدخول، اعتبارا من الأول من يناير من العام الماضي.
مجلس الشورى
وإيمانا بالدبلوماسية البرلمانية التي تمثل آلية فاعلة لتنمية وتوثيق العلاقات الثنائية، هناك تعاون قائم بين مجلس الشورى في قطر ومجلس النواب للمجلس الأعلى في طاجيكستان، وكانت دولة قطر أول دولة عربية باشرت في تنفيذ مشاريع استثمارية في طاجيكستان بلغت 300 مليون دولار تتمثل في تطوير مشروع "ديار دوشنبه" العقاري، كما مولت مشروع تشييد أكبر مسجد على مستوى آسيا الوسطى، في مدينة دوشنبه .
وفي إطار دورها الإنساني سلمت سفارة دولة قطر في دوشنبه مساعدات طبية مقدمة من "قطر الخيرية"، إلى طاجيكستان، لمواجهة تفشي جائحة كورونا (كوفيد- 19)، ويعتبر تسيير الرحلات الجوية المباشرة بين الدوحة ودوشنبه عاملا مهما لتعزيز التعاون التجاري والسياحي والثقافي والمزيد من التواصل بين البلدين وشعبيهما الصديقين، وفي نوفمبر من عام 2018 استضافت دولة قطر الأيام الثقافية لجمهورية طاجيكستان، وذلك في إطار التعاون الثقافي المشترك بين البلدين.
توطيد العلاقات
وخلال زيارته للدوحة في فبراير عام 2017 ، أكد فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان، أن بلاده حريصة على توطيد العلاقات مع دولة قطر وتعتبرها شريكا رئيسيا لبلاده على الصعيد الدولي. ودعا خلال لقاء عقده فخامته مع مجتمع الأعمال المحلي ممثلا في رابطة رجال الأعمال القطريين وغرفة تجارة وصناعة قطر، رجال الأعمال القطريين للاستثمار في عدد من القطاعات ببلاده، من بينها الطاقة المائية والبنوك والخدمات المالية والمعادن والسياحة والزراعة، وأشار فخامته إلى أنه على الرغم من المشاكل التي عانت منها بلاده إلا أنها تبنت برامج وسياسات اقتصادية عادت بنتائج إيجابية على الاقتصاد، إذ صنفت ضمن الدول العشر الأولى في العالم التي عملت على إصلاحات اقتصادية جيدة.
واستعرض فخامة الرئيس الطاجيكي، عددا من المؤشرات الاقتصادية الدالة على ذلك، فأشار إلى أن بلاده لديها برامج اقتصادية واعدة يتم القيام بها حاليا، حيث تصنف ضمن 6 دول متقدمة في مجال موارد الطاقة المائية، إذ إن نحو 98 في المئة من الكهرباء فيها يتم توليده من المياه، وقال إن طاجيكستان تحظى ببيئة اقتصادية تنافسية، كما توجد بها 4 مناطق اقتصادية تعمل في مجالات متعددة منها التعدين والطاقة والنسيج، وتتوفر فيها ظروف العمل الملائمة، داعيا رجال الأعمال إلى التعاون الفعال للوصول إلى تفعيل هذه المناطق الاقتصادية الأربع بشكل أفضل. وأشار إلى أن بلاده توفر بيئة منافسة أمام الاستثمارات وتقدم سلسلة من الضمانات للاستثمار الأجنبي تشمل نحو 240 من المزايا والتسهيلات من قانون ضرائب وجمركة وغيرها.