تعد دولة قطر من أوائل الدول التي بادرت بإطلاق حملة إغاثية عاجلة استجابة للأوضاع الإنسانية المتردية التي يشهدها السودان، جراء النزاع الدامي الذي وقع في 15 أبريل الماضي، وقد سارعت بإطلاق جسر جوي عاجل قدمت فيه منذ بداية القتال، 301 طن من المساعدات الغذائية والطبية، كما أجلت 1784 من حملة الإقامة القطرية.
وقد أعلنت دولة قطر أنها سترأس بشكل مشترك، اليوم في جنيف، مؤتمرا رفيع المستوى لإعلان التعهدات لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان والمنطقة، وذلك مع كل من المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية ألمانيا الاتحادية، ومنظمة الأمم المتحدة، ممثلة بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، والاتحاد الأوروبي، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وتأتي رئاسة قطر المشتركة لهذا المؤتمر في سياق دعمها المستمر للشعب السوداني الشقيق، والذي يتجلى أيضا من خلال منظماتها الخيرية؛ حيث اضطلعت "قطر الخيرية" والهلال الأحمر القطري وصندوق قطر للتنمية بدور فاعل في الأزمة من حيث تقديم الدعم والمساندة الفعالة في مواجهة التحديات والأزمات الإنسانية المتفاقمة.
قطر الخيرية: إجمالي عدد المستفيدين من المساعدات بلغ أكثر من 70 ألفا
وكشفت "قطر الخيرية" عن أن إجمالي عدد المستفيدين من المساعدات التي قدمتها للمتأثرين من النزاع في السودان بلغ أكثر من 70 ألفا من المتضررين حتى 4 يونيو الجاري، كما تواصل تقديم مساعداتها في ثلاثة مجالات رئيسية؛ هي: الإمداد الغذائي، والإيواء، والصحة، وذلك بالتعاون والتنسيق مع صندوق قطر للتنمية.
وأكدت "قطر الخيرية" في إفادتها لوكالة الأنباء القطرية "قنا" تقديمها المساعدات في ثلاث ولايات رئيسة هي بورتسودان والجزيرة والشمالية، إضافة لتقديم الدعم اللازم للسودانيين العابرين إلى الحدود التشادية بسبب الأزمة في الإيواء والغذاء.
وأشارت إلى أنها تواصل إيصال شحنات المواد الغذائية والمواد الأخرى عبر الجسر الجوي القطري، بالتعاون مع كل من صندوق قطر للتنمية ووزارة الخارجية القطرية، حيث وصلت في 4 يونيو الحالي الشحنة الجوية التاسعة إلى مطار بورتسودان محملة بـ 30 طنا من السلال الغذائية، ليصل إجمالي ما تم شحنه من المواد الغذائية المقدمة من /قطر الخيرية/ عبر الجسر الجوي القطري إلى عشرات الآلاف من الأطنان.
ولفتت إلى أن إجمالي المستفيدين من المساعدات الغذائية التي تم توزيعها داخل مخيمات البحر الأحمر ومخيمات الزهراء بولاية الجزيرة، ومعبر أرقين على الحدود السودانية - المصرية بلغ 35,834 مستفيدا، منها 30,000 وجبة ساخنة تم توزيعها في ولاية البحر الأحمر وولاية الجزيرة.
قطر الخيرية أنشأت عيادة طبية متنقلة تقدم الخدمات الطبية ومراجعة المرضى في المخيمات
وفي المجال الصحي، أنشأت "قطر الخيرية" عيادة طبية متنقلة تقدم الخدمات الطبية ومراجعة المرضى في المخيمات، حيث زارت حوالي (13) مخيم إيواء، وتم فحص آلاف المرضى، كما تم تقديم الأدوية والعلاجات مجانا من "قطر الخيرية"، للمرضى من العالقين والنازحين في مدينة بورتسودان، بالإضافة إلى توفير أكياس دم ومحاليل، وعدد من الأجهزة لفحص الدم تم توزيعها على مستشفيات مختلفة في ولايات الجزيرة، والبحر الأحمر والولاية الشمالية.
وفيما يتعلق بعمليات الإيواء، أكدت "قطر الخيرية" تقديمها مساعدات إغاثية للسودانيين العابرين إلى الحدود التشادية بسبب الأزمة، تمثلت في توفير مواد للإيواء للاجئين في تشاد، حيث تم توفير 500 خيمة لإيواء 3000 شخص.
وأكدت مواصلة مساعيها في تقديم مساعداتها الإغاثية في مجالات الغذاء والصحة في عدد من ولايات السودان، وينتظر أن تنفذ مشروعات يستفيد منها 25,360 شخصا، حيث سيتم توفير عيادات متنقلة وأدوية غسيل الكلى والسرطان ولوازم زرع الكلى، هذا بالإضافة إلى تنفيذ مشروع في مجال المياه والإصحاح لصالح المتأثرين بالنزاع والعالقين في مدينة بورتسودان، وبمعبر أرقين؛ حيث سيتم توفير المياه الصالحة للشرب ودورات المياه.
الهلال الأحمر القطري يطلق حملة إغاثية عاجلة تحت شعار "أغيثوا السودان"
وفي السياق ذاته، أطلق الهلال الأحمر القطري حملة إغاثية عاجلة تحت شعار "أغيثوا السودان"؛ استجابة للأوضاع الإنسانية المتردية التي يشهدها السودان جراء النزاع، وتستهدف الحملة جمع مبلغ 50 مليون ريال لإغاثة 100 ألف أسرة تضم حوالي 700.000 شخص، وتمتد الحملة لفترة 18 شهرا؛ لتساهم في إنقاذ الحياة والتخفيف من المعاناة الإنسانية للمتضررين.
وأكد الهلال الأحمر، في إفادته لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن المشاريع ستركز على توفير الدعم في مجالات الصحة والإيواء والأمن الغذائي للمتضررين في المناطق المنكوبة، ليتم العمل بها بالتنسيق مع الجمعيات المحلية، حيث تشمل خطة تنفيذ المشروع مرحلتين، ومن المقرر أن يتم تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع (الإغاثة العاجلة) خلال فترة 6 أشهر، وتشمل: الخدمات الصحية، ومواد إغاثية غير غذائية، والمواد الغذائية، وخدمات المياه والإصحاح، وتشمل المرحلة الثانية (التعافي) خلال فترة 12 شهرا، كما تشمل توريد باقي التجهيزات الطبية اللازمة للمستشفيات، وتوريد واستلام سيارات الإسعاف المطلوبة، وتوريد أدوية ومستهلكات طبية (المرحلة الثانية)، وتوريد مواد مخبرية ومواد تعقيم ولوازم طبية، وتوفير قسائم شرائية لتوفير الاحتياجات الأساسية لعدد 500 أسرة فقدت المأوى ولمدة 12 شهرا، وتوفير مساعدات إغاثية غير غذائية للأسر المتضررة، وترميم وإصلاح أضرار المنازل المتضررة (500 منزل)، وتأثيث المنازل التي تم إصلاحها بأساسيات المسكن.
الهلال الأحمر القطري فعل مركز إدارة المعلومات في حالات الطوارئ
وعلى صعيد متابعة الأنشطة والإجراءات، قام الهلال الأحمر القطري في إطار الاستجابة العامة، بتفعيل مركز إدارة المعلومات في حالات الطوارئ؛ للحصول على آخر الأخبار حول النزاع المسلح من بيانات وإحصائيات، بالإضافة إلى معلومات حول جميع أنشطة الاستجابة التي يقوم بها الهلال الأحمر القطري، كما قام بإرسال فريق إغاثي يتكون من أربعة أشخاص من المكتب الرئيسي للهلال الأحمر القطري بالدوحة؛ لمساندة مكتب السودان.
وتسببت الأوضاع الإنسانية المتدهورة في السودان جراء الاقتتال في وقوع أعداد كبيرة من القتلى والجرحى، بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى نزوح ولجوء أعداد كبيرة هروبا من مناطق القتال المباشرة أو بسبب خسارتهم لمنازلهم، حيث يستمر القتال حتى الآن طوال النهار والمساء في الخرطوم، وظلت معظم المتاجر والخدمات مغلقة، بينما يمكث السكان في منازلهم إلى حد كبير.
وبحسب إحصائية منظمة الهجرة الدولية حتى تاريخ 13 يونيو الجاري، فإن إجمالي عدد النازحين داخل الولايات السودانية بلغ 1,670,991 نازحا، فيما وصل إجمالي عدد اللاجئين في الدول المجاورة (تشاد، ليبيا، مصر، إثيوبيا، إفريقيا الوسطى، جنوب السودان) نحو 528,147 لاجئا.
ويعد دور المنظمات والجمعيات القطرية محوريا في تخفيف المعاناة الإنسانية؛ إذ إن هذه الإسهامات من شأنها أن تمنح الأمل بدلا عن اليأس، حيث إن الاستجابة الفعالة وتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية تعد نقطة تحول جوهرية في حياة الشعوب المنكوبة، ومرحلة لتمكينهم اقتصاديا، وخطوة لبناء شراكات فاعلة لعمل الخير.