أكدت دولة قطر اتباعها نهجا شموليا في سياستها الخارجية قائما على إحلال السلم وتسوية المنازعات وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاهتمام بالتعليم وتوظيف الشباب والرياضة وحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون، مشيرة إلى ما تضمنته استراتيجيتها الوطنية الشاملة لمكافحة الإرهاب، التي اعتمدت في يونيو 2022، من بنود عمل تختص بتعزيز الممارسات الديمقراطية وحقوق الإنسان وتعزيز دولة القانون وحماية حقوق الضحايا وتعزيز الأمان والسلم المجتمعي.
جاء ذلك في بيان دولة قطر، الذي أدلى به سعادة الدكتور مطلق بن ماجد القحطاني، المبعوث الخاص لوزير الخارجية لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، خلال الجلسة الثالثة: "مشهد التهديد العالمي: تقييم النزعات الراهنة والناشئة"، والتي عقدت على هامش أعمال المؤتمر الرفيع المستوى لرؤساء وكالات مكافحة الإرهاب بالدول الأعضاء، بنيويورك.
د. مطلق القحطاني: مشهد التهديد الإرهابي العالمي ذو جوانب متعددة ومعقدة ومتغيرة باستمرار
وأشار سعادته، إلى أهمية موضوع الجلسة الثالثة لأن مشهد التهديد الإرهابي العالمي هو ذو جوانب متعددة ومعقدة ومتغيرة باستمرار، فالجماعات الإرهابية والمتطرفة تتغير من حيث هيكلتها وأساليب عملها وأماكن نشاطها، وروابطها مع الجريمة المنظمة، واستغلالها لعوامل النزاعات وغياب الاستقرار السياسي وتغير المناخ.
وشدد على أنه لا بد للمجتمع الدولي من تقييم هذه الاتجاهات الراهنة والناشئة ومواكبتها والاستجابة المناسبة لها بشكل جماعي ومنسق وفعال، وضرورة مواكبة التهديدات الجديدة الناشئة عن التقنيات الحديثة، كالذكاء الاصطناعي والأصول المالية الافتراضية وأنظمة الطائرات غير المأهولة والطباعة ثلاثية الأبعاد، والذي يشمل منع إساءة استخدام هذه التقنيات للأغراض الإرهابية، إضافة إلى تطوير سبل استعمالها في منع ومكافحة الإرهاب.
وأشار سعادته، إلى أنه خلال الفترة الماضية، أصبح الإرهاب مركزا بشكل متزايد في مناطق معينة من أبرزها إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، التي شهدت العام الماضي حوالي نصف ضحايا العمليات الإرهابية في العالم، ومنطقة الساحل الإفريقي، التي يتعاظم فيها نشاط الجماعات الإرهابية الأشد فتكا، مؤكدا ضرورة زيادة تركيز الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب على القارة الإفريقية.
قطر تتطلع إلى القمة الإفريقية لمكافحة الإرهاب المزمع عقدها في أبوجا
وفي هذا الصدد، أفاد سعادة المبعوث الخاص، بأن دولة قطر تتطلع إلى القمة الإفريقية لمكافحة الإرهاب المزمع عقدها في أبوجا، مشيرا إلى أن "داعش-خراسان" ما زالت تشكل تهديدا حقيقيا على أفغانستان ودول المنطقة، وأنه من الأهمية بمكان اتخاذ خطوات عملية وفعالة لمحاربة التنظيم، وذلك من خلال بناء قدرات الدول المجاورة لضبط أمن حدودها علاوة على إيجاد أساليب عملية مناسبة للعمل مع حكومة الأمر الواقع في كابل وحثها على تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاق الدوحة، الذي تعهدت فيه بمحاربة الإرهاب وعدم السماح باستخدام الأراضي الأفغانية من قبل الأفراد أو الجماعات الإرهابية، مشيرا إلى التطلع في هذا الشأن إلى مزيد من المشاورات مع الحلفاء والشركاء الدوليين بما يحقق الاستقرار في أفغانستان.
وفي هذا السياق، أضاف سعادة الدكتور مطلق بن ماجد القحطاني أن مخيم الهول في سوريا يشكل تهديدا حقيقيا للسلم والأمن الدوليين علاوة على الأوضاع الإنسانية المتردية للغاية فيه، وهو بذلك يعد مشكلة متفاقمة باستمرار ولا يمكن إهمالها، بل من الضروري التصدي للجوانب الإنسانية والحقوقية والأمنية لهذه الأزمة وخاصة من خلال إعادة النساء والأطفال في المخيم إلى دولهم، منوها بضرورة تبادل المعلومات والخبرات وأفضل الممارسات وتفعيل تعددية الأطراف والتعاون المؤسسي، في ظل طبيعة الإرهاب العابرة للحدود الوطنية.
قطر حريصة على دعم أنشطة الأمم المتحدة والشراكة الفاعلة معها للدور المحوري الذي تقوم به في هذا الخصوص
وأكد حرص دولة قطر على دعم أنشطة الأمم المتحدة والشراكة الفاعلة معها للدور المحوري الذي تقوم به في هذا الخصوص، مشيرا إلى الدور الهام للترتيبات الدولية والإقليمية الأخرى كالمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، مبينا أن استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب تظل هي الإطار الأساسي الأشمل دوليا، وبالتالي يجب مواصلة استعراضها أخذا بالاعتبار المتغيرات والتهديدات الناشئة، وتنفيذ الاستراتيجية بركائزها الأربع.
ورحب سعادة المبعوث الخاص لوزير الخارجية لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، بالخطة الجديدة للسلام التي اقترحها الأمين العام للأمم المتحدة، لتقييم جهود الأمم المتحدة ومواءمتها للتصدي على نحو أفضل للتهديدات الاستراتيجية بما فيها الإرهاب.
وأشار إلى أنه ينبغي، لضمان فعالية جهود منع ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، الاستفادة من أحدث السبل والوسائل الفنية والمعرفية، لافتا الانتباه إلى علم الرؤى السلوكية، الذي يتيح فهما أفضل للدوافع والعوامل المؤدية إلى التطرف والإرهاب ويساهم في بناء مرونة الأفراد والمجتمعات، الأمر الذي من أجله تستضيف دولة قطر وتدعم المركز الدولي للرؤى السلوكية لمكافحة الإرهاب، الذي يساهم في الأبحاث وبناء القدرات والتنسيق وتسليط الضوء على هذه الأداة الهامة.
أصبح من المعلوم أنه من أجل اجتثاث الإرهاب والتطرف لابد من معالجة الأسباب الجذرية
وأضاف قائلا "أصبح من المعلوم أنه من أجل اجتثاث الإرهاب والتطرف لا بد من معالجة الأسباب الجذرية وعدم الاقتصار على الجانب الأمني والعسكري، وهذا ما تدعمه التقارير الحديثة، كالدراسة الاستقصائية التي أجراها مؤخرا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول الجماعات المتطرفة في إفريقيا، فقد سلطت الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان بوصفها من دوافع التوجه نحو التطرف والجماعات المتطرفة، وأوضحت أن دور العوامل الاقتصادية في دفع الشباب نحو التطرف قد تضاعف خلال السنوات الخمس الأخيرة"، لافتا إلى أن الإرهاب، بشكل عام، يتزايد وينتشر في حالات الصراعات والعنف وغياب الاستقرار، ومؤكدا أنه لا بد من تكريس اهتمام وجهود أكبر لفهم النزعات الناشئة المتمثلة بالتطرف والإرهاب بدوافع كراهية الأجانب والعنصرية والاستعلائية وغير ذلك من أشكال التعصب.
وفي هذا الصدد، لفت سعادة الدكتور مطلق بن ماجد القحطاني، المبعوث الخاص لوزير الخارجية لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، خلال الجلسة، الانتباه إلى أن الدراسات والتقارير الأخيرة، كمؤشر الإرهاب العالمي لعام 2022، توضح تزايد نسبة الهجمات الإرهابية بدوافع سياسية في الغرب مع انخفاض كبير في نسبة الهجمات بدوافع دينية، مؤكدا ضرورة التصدي للتحريض الذي يساهم في انتشار التطرف والإرهاب، مجددا الدعوة إلى رفض خطابات الكراهية والتعصب التي من شأنها أن تؤجج المشاعر، مثل خطاب الإسلاموفوبيا وحوادث حرق القرآن الكريم في بعض الدول مؤخرا.