أكد سعادة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز بن تركي السبيعي، وزير البلدية والبيئة والقائم بأعمال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، أن تغير المناخ يمثل تحدياً كبيراً وقد بدأت تداعياته بالفعل بالتأثير على اقتصادات العالم ورفاه البشر، ومن المتوقع أن تتسبب ظاهرة تغير المناخ في المستقبل بحدوث مزيد من المخاطر والأضرار الكبيرة، لذا فهي من التحديات الأكثر إلحاحاً في عالم اليوم.
وأضاف سعادته خلال كلمة له في "مؤتمر قطر للتغير المناخي 2021"، الذي عقد اليوم بالمدينة التعليمية وتنظمه مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع ومؤسسة العطية الدولية للطاقة والتنمية المستدامة، أنه لن يتسنى التصدي لهذه التحديات بنجاح إلا من خلال تبني رؤية مشتركة، والاعتماد على القيم التي تدعم الأفكار الجريئة، تحت قيادة ملتزمة.
د. السبيعي: قطر بدأت باتخاذ تدابير ملموسة للتخفيف من تأثيرات تغير المناخ وتطوير استراتيجيات التكيف
وأوضح سعادة وزير البلدية والبيئة أن دولة قطر بدأت باتخاذ تدابير ملموسة للتخفيف من تأثيرات تغير المناخ وتطوير استراتيجيات التكيف الكفيلة بالحد من المخاطر في المستقبل. وقد نجحت مؤخراً في تقديم تقريرها الثاني حول مساهماتها المحددة وطنياً إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وقد اتسم التقرير بمزيد من الطموح والإلحاح في مجال الاستجابة لتغير المناخ واتخاذ تدابير التخفيف والتكيف المطلوبة للحدّ من الآثار السلبية لتغير المناخ، مشيرا إلى أن الهيئات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات البحوث ستشارك مشاركة وثيقة في تنفيذ التدابير المنصوص عليها في المساهمات المحددة وطنياً لدولة قطر.
وبين سعادته أن سياسة التغير المناخي في قطر مبنية على ثلاث ركائز رئيسية، هي: الموازنة بين النمو الاقتصادي وحماية المناخ، ووضع اللوائح والأنظمة للإسراع بمعدلات التغيير، وإشراك وتمكين أصحاب المصلحة لتحقيق رؤية مشتركة للمستقبل.. مبينا أن الحاجة إلى إيجاد التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية المناخ من الحاجات البديهية الأكثر وضوحاً، ويُعدّ التنويع الاقتصادي خطوة رئيسية نحو بلوغ الأهداف الرئيسية للركيزة الأولى والمحافظة على استقرار الاقتصاد والأهداف المستقبلية.
ونبه إلى أن التنمية البيئية هي من الركائز الأربع المترابطة التي ترتكز عليها رؤية قطر الوطنية 2030 باعتبارها من الأهداف الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة لدولة قطر في سعيها نحو تحقيق التوازن بين احتياجات التنمية وحماية البيئة.
مبادرات ومشاريع
وقال سعادة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز بن تركي السبيعي، إن دولة قطر نجحت بالفعل في الاستثمار في مبادرات تهدف إلى الحد من الانبعاثات الكربونية مثل احتجاز ثاني أكسيد الكربون، ومشاريع الطاقة المتجددة، والمباني الخضراء، والشبكات والبنية التحتية الذكية، وإعادة التدوير، وأساليب الزراعة الذكية، والاقتصاد المحلي الدائري، وكفاءة الموارد، وبالتالي، فإن التقنيات والممارسات المستدامة هي عناصر أساسية في دعم جهود الدولة نحو تلبية الأهداف البيئية والاقتصادية.. وتؤيد قطر بقوة زيادة الإنفاق على البحث والتطوير كمحرك أساسي لتوليد معارف جديدة تشمل مفاهيم وتقنيات جديدة لمعالجة قضايا تغير المناخ.
وأضاف أن الركيزة الثانية والتي تتمثل في وضع اللوائح والأنظمة للإسراع بمعدلات التغيير، فإنها تتطلب الجمع بين نهج السوق والنهج غير السوقية من خلال تبني قواعد ومعايير جديدة، ومن شأن ذلك أن يساعد في تعزيز تنمية الأسواق وبناء القدرات والإمكانات في القطاعين العام والخاص.. وستشكل القواعد والمعايير الجديدة حجر الأساس لدعم الإجراءات المتعلقة بتغير المناخ من خلال تحديد إطار عمل لسلوك الشركات والمستهلكين.. ولا بدّ أيضًا من تشجيع المواطنين والشركات على تبني ممارسات صديقة للبيئة والإسراع في تحقيق التقدم البيئي.
التعاون وتحقيق النجاح
وتابع سعادته أنه "من هذا المنطلق، سيكون التعاون مع جميع الأطراف عنصراً رئيسياً في تحقيق النجاح، وهو ما يسلط الضوء على أهمية الركيزة الثالثة التي تتمثل في إشراك أصحاب المصلحة في تحقيق رؤية مشتركة للمستقبل. وهنا لا بدّ من التركيز على الأبعاد المحلية والدولية التي تنطوي عليها هذه الركيزة. فمن منظور محلي، من الضروري إرساء أسس التعاون المشترك بين الحكومة والشركات والأفراد من أجل تعزيز العمل في مجال تغير المناخ. ولتحقيق ذلك، نحن بحاجة إلى رفع مستوى الوعي البيئي وتقوية روح المسؤولية والشراكة المجتمعية لدى الشركاء المتعاونين والمجتمع الأوسع نطاقاً".
وأكد أن القواعد واللوائح وحدها ليست كافية في دعم اتخاذ تدابير فعالة متعلقة بالتغير المناخي، بل يجب تعزيزها بالوعي الكامل، وما يصاحب ذلك من تغيرات سلوكية تحثنا على البدء بإحداث تغييرات جذرية لبناء مستقبل أكثر استدامة للجميع، مضيفا أن التعليم يكتسي أهمية أساسية في فهم التفاصيل الدقيقة لتحديات تغير المناخ والحاجة الملحة للتصدي لها، وستواصل قطر الاستثمار في التعليم وتسليح شعبها بالمعارف والمهارات اللازمة لإرساء أسس صلبة نحو بناء مستقبل أكثر اخضرارًا واستدامة.
وشدد سعادة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز بن تركي السبيعي، وزير البلدية والبيئة والقائم بأعمال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء على أن القطاعات والصناعات السريعة النمو التي تساهم في تعزيز الاستدامة لن تنجح في تحقيق أهدافها وتطلعاتها إلا من خلال تطوير أنظمة تعليمية وبرامج تدريبية قادرة على دعم هذا التحول النموذجي. أما من ناحية البُعد الدولي، فلا يكفي التركيز على تبادل الرؤى وتشارك الجهود داخل قطر وحدها لمواجهة التحديات التي تواجهنا.
ونوه سعادته إلى أن الآثار العالمية لتغير المناخ تستدعي استجابة دولية فعالة وملائمة. ولا تستطيع أي دولة بمفردها أن تعالج أزمة المناخ، لذا فإنه ينبغي على دولة قطر تنسيق جهودها داخل المجتمع الدولي ككل. ولتحقيق هذه الغاية، فإن قطر طرف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، كما صادقت على كل من بروتوكول كيوتو واتفاق باريس، مما يعكس تمسكنا بالالتزامات التي تدعم الاستجابة العالمية لتغير المناخ.. كما تلعب قطر دوراً فعالاً في النقاشات العالمية من خلال المشاركة في الحوارات الدولية واستضافة الفعاليات التي تجمع أصحاب المصلحة لتحديد المسؤوليات وتبادل المعارف والحلول على الصعيد الدولي.