أكد سعادة السفير الدكتور مطلق بن ماجد القحطاني، أن المساعي الحميدة والوساطة وتسوية المنازعات بالطرق السلمية تعد خيارا استراتيجيا وركنا أساسيا في سياسة دولة قطر الخارجية.
وقال سعادته في حوار مع وكالة الأنباء القطرية "قنا" إن دولة قطر تولي أهمية كبيرة في سياستها الخارجية لمبدأ توطيد السلم والأمن الدوليين، الذي يعد أحد أهم المبادئ الرئيسية لميثاق الأمم المتحدة، وذلك عن طريق تشجيع فض المنازعات الإقليمية والدولية بالطرق السلمية، منطلقة في ذلك من توجيهات ورؤية قيادتها الحكيمة، ومرتكزة إلى دستورها الدائم، ومستندة كذلك إلى تاريخها وثقافتها ودينها الإسلامي الحنيف.
لدى قيادتنا الحكيمة ممثلة بحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إرادة قوية وإيمان راسخ بأهمية وضرورة المضي قدما في نهج الوساطة
وأضاف "لدى قيادتنا الحكيمة، ممثلة بحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إرادة قوية وإيمان راسخ بأهمية وضرورة المضي قدما في نهج الوساطة وبذل المساعي الحميدة بما يعزز الأمن والسلم على المستويين الإقليمي والدولي، ويرسخ مكانة قطر على الساحة العالمية".
وأشار إلى أن دولة قطر اكتسبت خبرة تراكمية تمتد لنحو أكثر من ربع قرن من الزمان في مجال الوساطة والمساعي الحميدة، وهو ما رسخ سمعة قطر ومكانتها إقليميا ودوليا كوسيط نزيه ومحايد حريص على تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
دولة قطر اكتسبت بتجربتها وخبرتها ثقة المجتمع الدولي وأصبحت وسيطا مقبولا ومرحبا به
وأكد أن دولة قطر اكتسبت بتجربتها وخبرتها ثقة المجتمع الدولي وأصبحت وسيطا مقبولا ومرحبا به، وذلك في ضوء نهجها في الوساطة المتفق مع أحكام القانون الدولي، مع التمسك بمبادئ الشفافية والمصداقية والحياد ومراعاة الحساسية الثقافية لأطراف الصراع، واحترام الدين والعادات والتقاليد، فضلا عن المحافظة على سرية المفاوضات والحرص على المهنية العالية خلال العمل مع مختلف الأطراف المعنية.
وأضاف "ليست لدولة قطر أي أجندة سياسية خفية ولا تبحث عن الشهرة الإعلامية عند القيام بدورها كوسيط لحل النزاعات "فهذه الجهود نابعة من حرصنا على بناء السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم".
وتابع "نحن في منطقة تشهد الكثير من الصراعات والتوترات، ولدينا إيمان راسخ بأهمية دور الوساطة لتسوية النزاعات وبذل المساعي الحميدة لحل الخلافات لتجنب وقوع الصراع وما يترتب عليه من تكاليف بشرية واقتصادية وتنموية".
الدوحة لا تفرض نفسها وسيطا في حل أي صراع أو في معالجة أي أزمة إقليمية كانت أو دولية دون موافقة أطراف الصراع للقيام بدور الوساطة
ولفت سعادته، إلى أن دولة قطر لا تفرض نفسها وسيطا في حل أي صراع أو في معالجة أي أزمة إقليمية كانت أو دولية دون موافقة أطراف الصراع للقيام بدور الوساطة "لأن هذه المسألة تتعلق بسيادة الدول ولا تقوم دولة قطر بدعوة نفسها للتدخل دون موافقة أطراف الصراع".
كما أشار سعادته إلى أن المحافظة على سرية المفاوضات مبدأ أساسي تلتزم به الدولة.. مبينا أن "هناك الكثير من الوساطات التي قامت بها دولة قطر وتقوم بها حاليا لم يتم الإعلان عنها وهو ما جعل من دولة قطر وسيطا موثوقا ومرحبا به في الكثير من النزاعات".
ما يجري بعد الاتفاق من نجاح أو فشل هو مسؤولية أطراف النزاع ودور الوسيط يبقى في إيصال الأطراف إلى تسوية للصراع
ولفت إلى أن فشل أي وساطة بعد أي اتفاق لا يعود إلى الوسيط وإنما للفرقاء أنفسهم.. وقال "ما يجري بعد الاتفاق من نجاح أو فشل هو مسؤولية أطراف النزاع ودور الوسيط يبقى في إيصال أطراف الاتفاق إلى تسوية للصراع".
وأشار سعادة السفير الدكتور مطلق القحطاني في سياق متصل إلى "التحديات الخارجية" التي تواجه المفاوضات أحيانا، والمتمثلة في سعي بعض الأطراف الخارجية إلى "إفشال المفاوضات".
كما شدد على أن دولة قطر تعمل في إطار شراكات إقليمية ودولية مع إشراك مختلف الأطراف ذات الصلة بغية الوصول إلى توافق إقليمي ودولي بشأنه، وهو ما يضمن نجاح الوساطة واستدامتها".
ما تقوم به وزارة الخارجية من جهود دبلوماسية على صعيد الوساطة لحل النزاعات ليس جهدا خاصا وإنما جهد جماعي
وأوضح أن ما تقوم به وزارة الخارجية من جهود دبلوماسية على صعيد الوساطة لحل النزاعات ليس جهدا خاصا وإنما جهد جماعي يتم إشراك جهات عديدة في إطار منظومة متكاملة تشترك فيها منظمات المجتمع المدني ومؤسسات ثقافية وإنسانية وتنموية، فضلا عن الجهود في ميدان حوار الحضارات والأديان والثقافات الذي تولي له دولة قطر أهمية خاصة.
وأضاف "هذه الرؤية التكاملية تأتي في إطار توظيف الدبلوماسية الناعمة وإيمانا منا بأن من الضرورة بمكان معالجة الأسباب الجذرية للصراعات سواء كانت ثقافية، أو دينية، أو تنموية، أو أمنية، أو اقتصادية."
وأشار إلى بعض المؤسسات القطرية الدولية التي تعنى بهذه الجوانب مثل مؤسسة التعليم فوق الجميع، المعنية بدعم التعليم في العالم، ومؤسسة صلتك المختصة بتنمية قدرات الشباب وتمكينهم في سوق العمل في المنطقة، وصندوق قطر للتنمية، إلى جانب المؤسسات الإنسانية والمراكز واللجان المختصة بالحوار الثقافي والديني والحضاري.
وتطرق سعادة السفير الدكتور مطلق بن ماجد القحطاني في سياق حديثه إلى عدد من الأزمات التي ساهمت الوساطة القطرية في حلها سواء على مستوى الدول أو على مستوى كيانات ومجموعات سياسية، وكذلك الجهود الراهنة في بعض الملفات الإقليمية والدولية.
قطر تدعم وتشجع كافة المساعي المبذولة من قبل بعض الأطراف لوقف الصراعات وحل الأزمات الراهنة في المنطقة والعالم
وشدد على أن دولة قطر تدعم وتشجع كافة المساعي المبذولة من قبل بعض الأطراف لوقف الصراعات وحل الأزمات الراهنة في المنطقة والعالم.. مؤكدا أن الهدف هو تعزيز السلام والاستقرار والتنمية وليس السباق في القيام بدور الوساطة.
وحول الملف الأفغاني، أكد سعادته أن دولة قطر مستمرة في جهود الوساطة بما يحقق تطلعات الشعب الأفغاني في السلام والاستقرار والتنمية.
الملف الأفغاني من أهم الملفات على الساحة الدولية والجميع يشهد لدولة قطر وما قامت به على المستوى السياسي والإنساني
وأضاف "الملف الأفغاني من أهم الملفات على الساحة الدولية والجميع يشهد لدولة قطر وما قامت به على المستوى السياسي والإنساني.. وقد نجحت مساعينا في الوساطة التي توجت بالتوقيع على اتفاق الدوحة لإحلال السلام في أفغانستان في 29 فبراير 2020 بين الولايات المتحدة الأمريكية وطالبان والذي تم اعتماده من قبل مجلس الأمن الدولي".
وتابع يقول "الخيار الأنسب للوضع الراهن في أفغانستان هو إعادة إحياء اتفاق الدوحة بين الولايات المتحدة وطالبان والتزام الطرفين بمضامين هذا الاتفاق".
ومضى إلى القول "اقترحنا في أكثر من مناسبة بأن يكون هناك تصور لإعادة إحياء اتفاق الدوحة، وآلية دولية لمراقبة تنفيذ الاتفاق، وأن يكون هناك دور مكمل للدول الإسلامية التي من الممكن أن تعمل مع الأطراف المعنية لتحقيق استقرار ورفاهية وأمن الشعب الأفغاني في المجالات الاقتصادية والثقافية والإنسانية والأمنية".
الوضع في أفغانستان لا يتعلق بطالبان وحدها أو الاعتراف وعدم الاعتراف بها بل المسألة تتعلق بنحو 40 مليون أفغاني
ونبه إلى أن الوضع في أفغانستان لا يتعلق بطالبان وحدها أو الاعتراف وعدم الاعتراف بها، بل المسألة تتعلق بنحو 40 مليون أفغاني ودعم تطلعاتهم في الاستقرار والسلام والتنمية، ومواجهة الإرهاب كذلك "لأن في ذلك مصلحة للشعب الأفغاني وللعالم".
وتابع قائلا "يفترض أن يكون للمجتمع الدولي توجه مختلف في طريقة التعاطي مع الملف الأفغاني، ونحن مستمرون بجهودنا في حث شركائنا الإقليميين والدوليين على أن تكون هناك سياسة واضحة وشاملة تجاه هذا الملف".
وأكد سعادة السفير الدكتور مطلق بن ماجد القحطاني، في ختام حواره مع وكالة الأنباء القطرية "قنا" أن دولة قطر، وفق رؤية قيادتها الحكيمة، ستواصل سياستها الفاعلة في المساعي الحميدة والتوسط لحل النزاعات والخلافات وتسويتها بالطرق السلمية باعتبار ذلك نهجا واستراتيجية لا محيد عنها من شأنها توطيد السلام والأمن في العالم، وتعزيز مكانة قطر الدولية والحفاظ على مصالحها وعلاقاتها الممتدة وشراكاتها العميقة مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي برمته.