دولار أمريكي 3.64ريال
جنيه إسترليني 4.5ريال
يورو 3.88ريال

المعرض يركز على التوعية البيئية والاستدامة والزراعة الحديثة

إكسبو 2023 الدوحة.. مبادرات قطر الرائدة للتصدي لتغير المناخ

29/09/2023 الساعة 15:28 (بتوقيت الدوحة)
ع
ع
وضع القراءة

تعددت وتنوعت في السنوات الأخيرة المقاربات القطرية للتصدي لظاهرة التغير المناخي بتنفيذ الجهات المختصة بدولة قطر العديد من المشاريع والمبادرات المحلية والعالمية، التي تساهم في الجهود المبذولة دوليا لخفض الملوثات الهوائية وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.

ويأتي اهتمام دولة قطر بقضية التغير المناخي تماشيا مع رؤيتها الوطنية 2030، ولا سيما مرتكزاتها الاقتصادية من حيث تحفيز الاستثمار في التقنيات الزراعية المبتكرة، و كذلك “الاجتماعية” التي تنشد رفع الوعي المجتمعي بالمناخ والاستدامة، فضلا عن “البيئية” التي تذهب نحو إيجاد الحلول والبدائل المناسبة لتحويل الأراضي الجافة والقاحلة إلى مناطق زراعية وغابات، وتدعو للقيام بدور إقليمي مبادر في مجال تقييم وتخفيف آثار التغير المناخي السلبية، ودعم الجهود الدولية في هذا المجال.

خطة وطنية للتغير المناخي

ومن هذا المنطلق، وضعت الخطة الوطنية للتغير المناخي بدولة قطر أهدافا على المستوى المحلي لمواجهة التغير المناخي من خلال أكثر من 35 مبادرة للحد من الانبعاثات وأكثر من 300 مبادرة للتكيف مع آثاره، بما يضمن تخفيض الانبعاثات والغازات الدفيئة بنسبة 25% من جميع القطاعات بحلول العام 2030.

ويشمل سعي قطر لمواجهة التغير المناخي، تنفيذ سلسلة إجراءات محلية من أبرزها التعاون عن كثب مع المنظمات والهيئات الدولية المعنية بشؤون البيئة والتغير المناخي، واستخدام الغاز الطبيعي المضغوط كوقود في قطاع النقل لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، ومشروع حقن غاز "CO2" في الأرض لتحسين استخلاص النفط لالتقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتدشين محطة الخرسعة لإنتاج الطاقة الشمسية، التي تسهم في تحقيق خفض الانبعاثات بما يقدر بنحو مليون طن سنويا.

كما تتسم بعض المبادرات الأخرى بطابع دولي، لعل آخرها احتضان دولة قطر في الثاني من أكتوبر المقبل وعلى مدى ستة أشهر لمعرض “إكسبو 2023 الدوحة” للبستنة، والذي سيسلط الضوء على أحدث المبادرات والابتكارات والجهود القطرية والعالمية في مجال الزراعة الحديثة وتخضير المدن والغطاء النباتي.

ويعتبر المعرض الذي يقام لأول مرة في منطقة ذات مناخ صحراوي، تحت شعار "صحراء خضراء، بيئة أفضل"، فرصة مهمة لا سيما للبلدان الصحراوية الحارة وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، لمواجهة التحديات التي تواجهها في مجال التصحر والاستدامة، من خلال اقتراح حلول لتعزيز حياة خضراء مزدهرة في الصحراء وإرساء بيئة من التعاون والشراكة في أفق هذا الحدث العالمي.

موضوعات إكسبو 2023

ويسعى معرض إكسبو 2023 الدوحة للبستنة، من خلال التركيز على أربعة موضوعات فرعية هي: الزراعة الحديثة، التكنولوجيا والابتكار، التوعية البيئية، والاستدامة، إلى تعزيز التعاون الدولي في القضايا البيئية والثقافية والمالية، والتصدي للتحدي العالمي المشترك المتمثل في التصحر ودعوة قطاع البستنة العالمي لتبادل المعرفة والخبرات، وإرشاد المنطقة إلى كيفية تطبيق مفهوم المدينة الخضراء.

كما يهدف المعرض إلى تشجيع الابتكار في مجال البستنة حول المناخ والمياه والتربة في قطر، وتحفيز الاستثمارات الدولية وفرص الأعمال التجارية الأجنبية في قطر فضلا عن تعزيز الصحة وجودة الحياة من خلال الحفاظ على المساحات الخضراء، ودعم البحث العلمي لإيجاد حلول عملية لتخضير الصحراء، وتنميتها، وهو من المواضيع الأكثر أهمية لأنه يمكن أن يشكل حلا لمشاكل المياه والطاقة وندرة الغذاء في العالم.

ويبدو اهتمام دولة قطر بالبستنة وتنمية المساحات الخضراء في البلاد، جليا في عدد من مبادراتها، أبرزها التشجير وزيادة المساحات الخضراء باعتبارهما السبيل لتوفير بيئة صحية ومستدامة، ومقاومة تحديات مناخها الذي يمتاز بطبيعته الصحراوية، وارتفاع درجات حرارته خلال الصيف نسبيا وقلة مياه الأمطار، وهي أهداف تتوافق مع التنمية المستدامة للأمم المتحدة لا سيما فيما يتعلق بالتصدي لظاهرة تغير المناخ وتعزيز التنوع البيولوجي والاستفادة من المياه المعالجة في الري وتحسين جودة الهواء وخفض انبعاثات الكربون، ونشر الوعي داخل المجتمع بشأن أهمية الأشجار ودورها في التوزان البيئي.

مبادرة المليون شجرة

وفي هذا السياق، من المهم الإشارة إلى تنفيذ وزارة البلدية “مبادرة المليون شجرة” التي دشنت في عام 2019، انطلاقا من التزام دولة قطر باتفاق باريس للمناخ 2019 بشأن خفض نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والتي كان من نتائجها زيادة عدد الحدائق والساحات الخضراء إلى 143 في عام 2023 مقارنة بـ 56 فقط في عام 2010.

كما أثمرت هذه الجهود تطورا في المساحات الخضراء بالدولة من 3.5 كيلومتر مربع في العام 2015 إلى 16.7 كيلومتر مربع في العام 2023، وبفضلها يقدر أنه يتم يوميا امتصاص 1700 طن من ثاني أكسيد الكربون من خلال مبادرة “المليون شجرة” ، باحتساب أن الشجرة الواحدة تمتص ما بين 1.7 كغ إلى 2 كغ من ثاني أكسيد الكربون يوميا.

وقد ركزت هذه المبادرة التي فتحت أمام كافة أفراد المجتمع والمؤسسات والجهات الحكومية والقطاع الخاص والمؤسسات التعليمية، والمراكز الشبابية والأندية الرياضية، وعموم المواطنين والمقيمين، على زراعة وغرس شتلات أشجار من البيئة المحلية القطرية، ومنها السدر، والغاف، والسمر، وغيرها، في مواقع مختلفة تم اختيارها لهذا الغرض، مثل المحاور الطرقية الرئيسية، والطرق الدائرية بالدوحة، وطريق المجد، وطريق الشمال، وطريق الخور الساحلي، والمدن الصناعية، ومواقع محطات ووحدات معالجة وتخزين مياه الصرف الصحي، ومواقع تجميع مياه الأمطار، ومداخل المدن والبلديات، والحدائق العامة والمدارس والمجمعات السكنية، وغيرها من المواقع الأخرى.

كما شكلت المبادرة فرصة مهمة لتنسيق الجهود الإقليمية والدولية للإسهام في تحقيق جملة من الأهداف البيئية، في مقدمتها إثراء التنوع الحيوي في منطقة الشرق الأوسط، من خلال تكثيف الغطاء النباتي وحمايته والمحافظة عليه، ومكافحة التصحر، بالشكل الذي يساهم في إنماء العديد من الأنظمة البيئية ومكافحة ظاهـرة التغـير المناخي.

وقد راعت هذه المبادرة التشجير على مستوى الأحياء والفرجان والمنازل وحدائق الفرجان ذات المساحات الصغيرة بمختلف البلديات والتشجير على مستوى المناطق الخارجية، حيث تم إنشاء غابة بجانب محطة شمال الدوحة للصرف الصحي على مساحة 7.5 كيلومتر مربع تضم 94,043 ألف شجرة تروى بالمياه المعالجة ومعظم النباتات المزروعة فيها هي من النباتات المتأقلمة مع مناخ دولة قطر، وهي ملاذ آمن للطيور والحيوانات البرية.

تشجير الواجهات البحرية

كما تم تشجير الواجهات البحرية والشواطئ والمراكز الصحية والأندية الرياضية والمشافي والمساجد والمدارس والشركات والجهات الحكومية وما حول الملاعب، والطرق المؤدية لها وتشجير ممرات الجري للرياضة وتشجير واجهات المراكز التجارية ومواقف السيارات والمحميات والروض والطرق السريعة والمحلية وإنشاء حدائق عامة ومتنزهات وساحات ذات مستوى تشجير متميز ومتنوع.

ويوازي هذه المبادرة في الأهمية “مبادرة مشاركة طلاب المدارس في غرس الأشجار” حيث شارك فيها أكثر من 2000 طالب وطالبة دعما لمبادرة المليون شجرة، إلى جانب “مبادرة تشجيع السكان على الزراعة في أحيائهم” التي تم من خلالها تقديم خدمة توصيل الشتلات للمنازل، بالإضافة إلى تقديم النصح والإرشاد والتوعية في تقديم خدمة تصميم الحدائق المنزلية، فضلا عن إعداد لائحة تنظيمية لزراعة وتجميل أسطح المباني والذي صدر في دليل اشتراطات البناء القطرية، إضافة إلى “مبادرة زيادة المساحات الخضراء” من خلال إنشاء الحدائق العامة والمتنزهات المركزية والساحات الخضراء (البلازات) بأعلى المواصفات ومعايير الجودة.

ومن المؤكد أن التشجير وزيادة المساحات الخضراء الذي تبنته الدولة مؤخرا لتوفير بيئة صحية ومستدامة، بدأ يؤتي ثماره خصوصا في مكافحة التلوث والغبار وغيرهما من العوامل الضارة بالصحة، حيث إن شجرة واحدة باستطاعتها أن تمتص 1.7 كغ من ثاني أكسيد الكربون يوميا وتنتج حوالي 120 لترا من الأكسجين وتقلل نسبة الغبار إلى 30% وتبرد بكفاءة 10 مكيفات وتقلل درجة الحرارة في ظلها 4 درجات، حيث إن جميع هذه الأمور لها دور إيجابي وكبير في تحسين جودة الهواء والحياه الصحية ما يحفز على زيادة ممارسة الرياضة لدى أفراد المجتمع.

استخدام مستدام

كما عززت دولة قطر تدابير وإجراءات استخدام الموارد الطبيعية بشكل مستدام وذلك ضمن المبادرات الوطنية الرامية إلى مواجهة التحديات المناخية، حيث تم إطلاق مبادرة “استخدام مياه الصرف الصحي” في ري الأشجار والتركيز على ريها هي والمسطحات الخضراء بالمياه المعالجة، والذي بلغ معدلها 75%، بالإضافة إلى استخدام سماد bio solid المحبب في تسميد الأشجار والتركيز على زراعة الأشجار المحلية، فضلا عن استخدام تقنيات الري الحديث ونظام التحكم بالري عن بعد.

وتعكس المبادرات والتدابير التي تنفذها دولة قطر بشكل مستمر للمحافظة على البيئة، التزامها بأهمية مواجهة تحديات تغير المناخ باعتبارها أولوية وطنية استراتيجية من أجل تعزيز الاستدامة لصالح الأجيال الحالية والقادمة.

المصادر

جميع الحقوق محفوظة لمرسال قطر 2024

atyaf company logo