بدأت اليوم أعمال المنتدى الثاني رفيع المستوى حول الأمن الغذائي للمنظمة الإسلامية للأمن الغذائي بفندق شيراتون الدوحة وعبر الاتصال المرئي، وتستمر ثلاثة أيام.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد سعادة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز بن تركي السبيعي وزير البلدية، أن هذا المنتدى يعتبر منصة مهمة لمناقشة قضايا الأمن الغذائي وتطوير الزراعة ضمن الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، والذي يعكس الالتزام المشترك بالبحث عن الحلول المستدامة للتحديات التي نواجهها بشكل جماعي.
وبين سعادته أن جدول أعمال هذا المنتدى المهم يتضمن العديد من الجلسات والمناقشات التي تهدف إلى تعزيز الأهداف المشتركة، من خلال عقد ثلاث منتديات فرعية: الأول: منتدى دور المجتمع المدني في تعزيز الأمن الغذائي، والثاني منتدى التكنولوجيا الزراعية المتقدمة ودورها في تعزيز الأمن الغذائي المستدام، والثالث: منتدى الاتحاد الإسلامي للصناعات الغذائية حول تعزيز أسواق الغذاء في دول منظمة التعاون الإسلامي.
وزير البلدية: هذه المنتديات تمثل فرصة مناسبة لتبادل الآراء والنقاشات وتقديم المداخلات العلمية المتطورة التي يشرف على عرضها عدد من العلماء والخبراء وصانعي السياسات
ولفت الدكتور السبيعي إلى أن هذه المنتديات تمثل فرصة مناسبة لتبادل الآراء والنقاشات، وتقديم المداخلات العلمية المتطورة التي يشرف على عرضها عدد من العلماء والخبراء وصانعي السياسات؛ من أجل إرساء آليات مبتكرة وحديثة، ستساعد بلداننا على وضع الخطط والاستراتيجيات والبرامج الملائمة لتعزيز الأمن الغذائي.
وأعرب سعادة الوزير عن أمله في أن تسفر فعاليات المنتدى رفيع المستوى عن مناقشات مثمرة ونتائج إيجابية تكون في مستوى تطلعات دولنا الإسلامية، وأن تكون الاستراتيجيات والحلول المقترحة قابلة للتنفيذ، وتسهم في مواجهة التحديات وتحسين مؤشرات الأمن الغذائي، وتعزيز التنمية الزراعية المستدامة في جميع الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، مؤكدا أن تبادل الرؤى وتعزيز التعاون والنقاشات المشتركة من شأنها تمهيد الطريق لمستقبل أكثر أمانا لغذاء شعوبنا الإسلامية.
تحقيق التنمية والاكتفاء الذاتي
من جانبه، أكد سعادة السيد محمود إلياس حمزة وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري في الجمهورية التونسية، أهمية التركيز على تحقيق التنمية والاكتفاء الذاتي قدر المستطاع لتحقيق الأمن الغذائي، خاصة في ظل ما يشهده العالم حاليا من أزمات وتحولات عميقة ومتسارعة على أصعدة شتى، لا سيما ما يتعلق بالارتفاع غير المسبوق لأسعار المواد الغذائية الأساسية والطاقة والوقود، فضلا عن التغيرات المناخية وحالات الجفاف في بعض البلدان، والضغط المتزايد على الموارد الطبيعية وتأثيراتها ومخاطرها وانعكاساتها على قطاع الزراعة، وتأمين الغذاء للشعوب.
وأضاف أن "هذه الظروف تستدعي منا جميعًا إيلاء اهتمامنا وتكثيف جهودنا وتجنيد الطاقات من أجل تحسين المستوى الفلاحي والرفع من إنتاجيته، بما يعزز الأمن الغذائي لبلداننا، وذلك على اعتبار أن الغذاء يعد أول حاجات الإنسان الضرورية والأساسية، وأول مقومات الحياة ومصدر أمن الشعوب واستقرارها".
بدء أعمال المنتدى الثاني رفيع المستوى للمنظمة الإسلامية للأمن الغذائي بـ #الدوحة #قنا #قطر https://t.co/KkbWJHP5Ci pic.twitter.com/t3GyKjW3mE
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) October 1, 2023
ولفت إلى أن اجتماع كبار المسؤولين في هذا المنتدى يعد فرصة لاستعراض ما تم تحقيقه في إطار التعاون بين المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي والدول الأعضاء، ولتحديد الخطط والبرامج والآليات للتعاطي مع التحديات الطارئة واستغلال الفرص المتاحة.
في السياق ذاته، نبه سعادة السيد آربول تازهوريكوف مساعد وزير الزراعة بجمهورية كازاخستان، إلى أن المنتدى الثاني رفيع المستوى للمنظمة الإسلامية للأمن الغذائي، الذي يجمع 150 مشاركا يمثلون أكثر من 46 دولة و80 خبيرا، يعكس اهتمام المجتمع الدولي بقضية الأمن الغذائي، معربا عن شكره لدولة قطر على استضافة هذا الحدث المهم.
وقال: إن قضية الأمن الغذائي أصبحت ذات صلة بحياتنا اليومية إذ نشهد تقلبا في أسعار الغذاء وتضخما وتقلبا في أسعار المواد الغذائية، مرجعا السبب في ذلك للحوادث والأزمات العالمية الكبرى مثل جائحة كورونا والتغير المناخي والنزاعات الإقليمية وتراجع النمو الاقتصادي، موضحا أن الوضع يتفاقم بسبب التغير المناخي، وتراجع الاستثمارات في الزراعة، الأمر الذي يظهر حاجة المجتمع الدولي للتعاون مع الحكومات والقطاع الخاص.
توافر تكنولوجيات الزراعية
وأشار مساعد وزير الزراعة الكازاخستاني إلى أن المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي تتشارك مع الدول الأعضاء الأفكار والروابط التاريخية والقيم الدينية التي هي أساس لهذه الجهود التعاونية لتعزيز الأمن الغذائي، منوها بأهمية توافر تكنولوجيات الزراعية الحديثة والممارسات المتقدمة وتبني الحلول المبتكرة، التي تساهم في الوصول إلى نتائج ملموسة لضمان الأمن الغذائي.
وشدد على أهمية تعزيز الروابط الاقتصادية وتطوير البنى التحتية، وتحسين طرق التوريد، لتحقيق الأمن الغذائي الذي يجب أن يكون جزءا أساسيا في مجالات التعاون، مشيرا إلى دور المنظمة في عقد الشراكات بين الدول الأعضاء، وأنشطتها لتحسين استخدام الموارد، والعمل على تحويل التحديات العالمية إلى فرص جديدة، عن طريق المناقشات، وتقديم اقتراحات عملية تساهم في تعزيز الأمن الغذائي في المنطقة. بدوره، أكد الدكتور أحمد كويسا سينجيندو الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية بمنظمة التعاون الإسلامي، على أهمية الموضوعات التي يناقشها المنتدى والمتعلقة بالأمن الغذائي ومشاكل الإمدادات، التي تسببت فيها النزاعات المسلحة وتأثيرها على ارتفاع أسعار السلع والمنتجات الغذائية، لا سيما في الدول الهشة والضعيفة بالمنظمة، مشيرا إلى أن الأكثر فقرا هم الأكثر تأثرا بهذه الأزمات والكوارث الطبيعية.
وسلط سينجيندو الضوء على أن هناك 23 دولة في المنظمة تعتبر من الدول الأقل دخلا، والتي تطلب مساعدات التزود بالمواد الغذائية، وأن جائحة كورونا فاقمت الوضع عبر تأثيرها على سلاسل الإمداد. وأوضح أن عام 2022 وصلت فيه نسبة سكان الدول الأعضاء بالمنظمة الذين يعانون من سوء التغذية إلى 2.8 بالمئة، منبها إلى ضرورة التركيز على وضع حلول لتحديات الزراعة والإنتاج الغذائي وزيادة السكان لما لها من تأثير على السوق والتجارة والاستثمار والحوافز الاقتصادية وازدياد نسبة الأمراض.
مشكلات جمة
وبين أن العالم يواجه مشاكل جمة نتيجة ازدياد السكان وصعوبة استصلاح الأراضي وتنويع الصناعات الغذائية، وغيرها من الأنشطة السكانية المتعلقة بهذا الجانب نتيجة أن قطاع الزراعة لم يعد جاذبا للأيدي العاملة الشابة، والنزوح من الريف للمدن، وأن الكثير من المؤسسات ينقصها السلوك الجيد لتعزيز الزراعة. ولفت الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية بمنظمة التعاون الإسلامي إلى أن مشاكل الأمن الغذائي والصراعات المنتشرة تتطلب إنتاج المزيد من الغذاء، وتوفير الموارد المائية، وزيادة الاستثمارات، وتطوير التكنولوجيا المستخدمة، إضافة إلى تعزيز التعاون البيني، والعمل مع العلماء وصناع السياسات والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وأصحاب المصلحة للوصول إلى الأهداف المرجوة.
من جهته، أعرب الدكتور عبدالحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة فاو، عن سعادته بأنشطة المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي كمؤسسة إقليمية تنفذ أجندة فاو في مواجهة التحديات الزراعية والغذائية، وتفهم السياقات المحلية لدولها الأعضاء، وإيجاد الحلول لتحدياتها.
وأشار إلى أن العالم اليوم يعيش منعطفا مهما لإعادة تعريف وتصحيح المقاربات والسياسات وسلاسل الإمداد والتعاون فيما بين دوله، وهذا ليس فقط بسبب الأزمة الأخيرة "الحرب الروسية الأوكرانية" التي رفعت مستوى وضوح مشكلة الأمن الغذائي، بل يضاف إليها التحديات الأخرى مثل التغير المناخي، والنزاعات المحلية، والطلب المتزايد على الغذاء، وارتفاع عدد السكان. ونوه الدكتور الواعر بأن بلدان المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي تواجه تحديات هائلة في جهودها لمواجهة الفقر وسوء التغذية، ووصول أفراد المجتمع للغذاء الصحي والكافي، مرجعا ذلك إلى عدة تحديات وعوامل تتخطى ما تقوم به البلدان الأعضاء، وأن آثار هذه التحديات شكلت عبئا على السكان والحكومات لضمان حد أدنى للأمن الغذائي بها.
واستعرض المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة فاو بعض الإحصاءات التي توضح أن المجاعات في المنطقة عام 2022 وصلت إلى أعلى مستوياتها، حيث وصل عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية إلى 59.9 مليون، بنسبة 75.9 في المئة، أكثر من عام 2000، وهذا الرقم يشكل حوالي 13 بالمئة من السكان بنسبة ارتفاع 9 في المئة عن المعدل العالمي. وأضاف أن انعدام الأمن الغذائي الحاد أثر على أكثر من 100 مليون شخص، بما يشكل 60 بالمئة من سكان المنطقة، وأن هناك 61 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد بزيادة 4 ملايين عن عام 2021، منوها بأن هذه التعقيدات تتأثر بالنزاعات والتغير المناخي، وأزمة أسعار الغذاء التي تتزايد حول العالم، وكذلك التباطؤ الاقتصادي والاضطرابات الاجتماعية، وعدم المساواة في الدخل التي تعد المحرك الأساسي لانعدام الأمن الغذائي.
ارتفاع الأسعار
ونبه الدكتور عبدالحكيم الواعر إلى أن المستقبل القريب لن يشهد تحسنا هائلا في الوضع الحالي، حيث ارتفعت أسعار الأسمدة والأغذية كثيرا لتتخطى الذروة في مارس 2022، وأسعار الحبوب زادت جدا عن قيمتها في عام 2021، وهذه الأسعار المرتفعة تؤثر على الأمن الغذائي والتغذية، والحد من القوى الشرائية بين الفئات الأكثر ضعفا، وعلى الوصول للغذاء، وبالتالي صحة الإنسان. وشدد على ضرورة تنشيط التجارة البينية لضمان تحقيق الأبعاد الأربعة (توافر الغذاء والوصول إليه واستمراره واستقراره) لضمان الأمن الغذائي، وأنه لتحقيق هذه الأبعاد يجب تخفيف الضغط على الموارد المائية والاعتماد على التجارة، وتخطي القيود المرتبطة بالموارد الطبيعية، وتوفير الكميات المطلوبة، وإعادة توجيه المقاربات وتحويل الأنظمة الغذائية لتكون أكثر فعالية وشمولية واستدامة، وأن تكون التجارة عاملا ممكنا لهذه السياسات مع دعم البرامج التي تعزز الإنتاج الغذائي.
في الإطار ذاته، استعرض الدكتور ذو الفقار علي مسؤول البرامج والمشاريع بالمنظمة الإسلامية للأمن الغذائي إنجازات المنظمة خلال العام الماضي والتحديات الأساسية التي تواجهها والرؤى المستقبلية لها في مجال الزراعة المستدامة والتكنولوجيا الزراعية، وتعزيز دور المرأة والمجتمع المدني والقطاع الخاص في تحقيق الاستدامة الغذائية.
وسلط الدكتور ذو الفقار الضوء على أهم الموضوعات التي يناقشها المنتدى الثاني رفيع المستوى للمنظمة، والتي تهدف إلى تقليل الاستيراد وإدارة المياه والاستفادة من تجارب الآخرين في استخدام التكنولوجيات الحديثة في الري والصناعات الغذائية والزراعة الحديثة وتحسين المنتجات، مؤكدا على دور المجتمع المدني في تطوير الزراعة والأمن الغذائي وتبادل المعرفة والأفكار المبتكرة لتطوير سياسات الزراعة وأنظمتها. يشارك في المنتدى، الذي تنظمه وزارة البلدية بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي، أكثر من 100 مشارك، و60 متحدثا من دول منظمة التعاون الإسلامي، ودول غير أعضاء بالمنظمة، ومتحدثون عن منظمات وطنية ودولية. ويغطي المنتدى موضوعات مثل تطوير قطاعات الأغذية الوطنية، والاستثمارات في صناعة الأغذية، ومشاريع الأغذية الزراعية في جميع أنحاء المنطقة.