أكد معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن دولة قطر حرصت منذ اليوم الأول من اندلاع المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين على السعي لخفض التصعيد والتهدئة وصولا إلى وقف القتال بشكل تام، وذلك لحقن الدماء وتجنيب المنطقة الانزلاق في دائرة عنف أوسع تدفع ثمنها شعوب المنطقة التي أنهكتها الحروب والصراعات.
وقال معاليه خلال مؤتمر صحفي عقده مساء اليوم مع سعادة السيد أنتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، إن أولويات دولة قطر في تحركاتها الدبلوماسية تتمثل في السعي للوقف الفوري لإطلاق النار وحماية المدنيين وإطلاق سراح الأسرى والعمل للحد من اتساع رقعة العنف ودائرة النزاع في المنطقة والتي سيكون لها عواقب وخيمة في حال تمددها.
وشدد معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية على موقف دولة قطر الثابت من إدانة كافة أشكال استهداف المدنيين، وأن قتل المدنيين الأبرياء وخاصة النساء والأطفال وممارسة سياسة العقاب الجماعي أمر غير مقبول ويجب أن تكون هذه الإدانات موجهة إلى جميع الأطراف بالتساوي وليس طرفاً واحد كما هو الحال مع البعض.
وأضاف معاليه بأن لقاءه اليوم في الدوحة مع وزير الخارجية الأمريكي يأتي في ظل ظروف حرجة ومؤسفة مع استمرار التصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة وغزة وإسرائيل "ونتابع جميعا هذه التطورات بحزن وقلق بالغين".
وأشار إلى أنه تبادل وجهات النظر مع الجانب الأمريكي حول سبل فتح ممرات إنسانية لضمان وصول الإغاثة والمساعدات للأشقاء الفلسطينيين العالقين تحت القصف لاسيما في ظل تدهور الأوضاع في قطاع غزة.
الوضع المأساوي
ونبه معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني إلى الوضع المأساوي في غزة بما في ذلك نقص المواد الأساسية وانقطاع الكهرباء والمياه بسبب القصف الذي يشن على القطاع.. وقال "إن الجميع يدرك أننا أمام واقع صعب ومرحلة تستوجب تضافر الجهود والمساعي".. مشددا في هذا الإطار على ضرورة تعزيز الجهود مع الحلفاء والشركاء وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تهدئة الأوضاع وتجنيب المدنيين تبعات هذه المواجهات.
وأضاف معاليه: "نحن على يقين بأن السبيل الوحيد للتوصل لحل سلمي وفوري لهذه الأزمة هو إبقاء كافة قنوات الاتصال مفتوحة مع جميع الأطراف المعنية وأن حل هذه الأزمة يتطلب تعاونا مستمرا ومكثفا ونثمن الجهود الإقليمية والأممية والدولية التي من شأنها خفض التصعيد".
وتابع معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية: "نؤمن في دولة قطر إيمانا راسخا بالوساطة والحوار وهي جزء من سياستنا الخارجية ولطالما سعينا إلى إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع مختلف الأطراف في مختلف ساحات الصراع وهو ما ساهم في ترسيخ مكانتنا الدولية كشريك موثوق في صناعة السلام".
وشدد معاليه في سياق متصل على أن "التزام دولة قطر بدورها كشريك في صناعة السلام ووسيط في فض النزاعات لا يجب أن يتم استغلاله للإساءة لسمعتها عبر كيل الاتهامات والتي أثبتت التجارب زيفها وسوء نية المتاجرين بها".
كما شدد معاليه على أن غياب الحل العادل للقضية الفلسطينية سيكون دائما مرافقا لغياب السلام في هذه المنطقة.. داعيا المجتمع الدولي للضغط باتجاه تحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية في إطار المبادرة العربية التي تضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وأن يحصل الأشقاء الفلسطينيون على حقوقهم بشكل نهائي.
وأعرب معاليه عن تطلعه لمواصلة العمل مع الشركاء في الولايات المتحدة الأمريكية ودعم الجهود الرامية إلى خفض التصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل وتعزيز أمن واستقرار المنطقة.
خفض التصعيد
وعن الاتصالات القطرية لوضع حل للأزمة الفلسطينية، قال معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إنه "مع اندلاع الأزمة باشر حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وكذلك أنا، بإجراء العديد من الاتصالات، مع الكثير من المسؤولين الإقليميين والدوليين".. مضيفا: "لدينا أهداف محددة في هذه المرحلة وهي أن نسعى إلى خفض التصعيد الحاصل الآن ونتمنى أن تقف هذه الحرب ونستطيع تأمين الممرات الإنسانية لتمرير المساعدات إلى غزة وكذلك قضية الأسرى المدنيين الذين نعمل مع شركائنا كي يعودوا إلى أهاليهم في النهاية".
وأوضح معاليه أن دور دولة قطر يركز على إيجاد حلول لهذه الأزمة ووقف تمددها وعدم اتساع رقعة الصراع أو الانخراط في جبهات أخرى كما أن أولوياتها اليوم تركز على وقف القتال على الأرض وإيصال المساعدات الإنسانية وعودة الأسرى إلى ديارهم.
وفيما يتعلق بمكتب حماس في الدوحة أكد معاليه أن هذا المكتب يستخدم منذ البداية كقناة للتواصل ووسيلة لإحلال السلام في المنطقة وهذا هو الغرض منه.. لافتا إلى أن دولة قطر تبقي دائما قنوات الاتصال مفتوحة وتركز على وضع حد لهذا الصراع وهو ما سيبقى محط التركيز في الفترة المقبلة.
وتابع معاليه قائلا : "نعمل الآن في قطر، وأعتقد أن أمريكا تتشارك معنا في هذا الهدف، على وضع حد لهذا الصراع وكيف نخفض من التصعيد ونعيد الأسرى آمنين".
وعن رؤيته لنتائج القصف الإسرائيلي على القطاع وعودة الأسرى، أفاد معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بأنه "من المبكر أن نطلق أحكاما حول نتائج هذه الحرب لكننا نأمل عودة جميع الأسرى المحتجزين وأن تكون هناك آفاق إيجابية.. ونبذل كل ما في وسعنا من أجل إطلاق سراحهم آمنين".
وأضاف: "بالنسبة للرد الإسرائيلي على غزة فقد رأينا مقدار الدمار، فنصف غزة تم تدميره حتى الآن وعدد من تضرر في هذا الهجوم كبير جدا والبشر هم البشر سواء من الفلسطينيين أو الإسرائيليين.. فالأمر مؤلم جدا".
وتابع معاليه: "نود أن نرى تطبيق القانون الدولي وأن تطبق نفس المعايير الدولية كما طبقت في الحروب الأخرى، ونحن نحاول إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية وأن نمضي قدما في الممرات الإنسانية أو حتى إيصال مساعدات.. لا يمكننا أن نحرم الشعب في غزة من المياه والكهرباء والدواء ووسائل الحياة الأساسية ونحن نؤمن بخطورة هذا الأمر".
وأعرب معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية عن قلقه من استمرار غياب الآفاق السياسية للفلسطينيين.. مضيفا "هذا الأمر سيستمر لسوء الحظ، لذلك نحن بحاجة لأن نركز على كيفية التعاون لمنح الأمل في وضع حلول لقضيتهم".
وفي رده عن سؤال بخصوص الأموال الإيرانية المودعة في قطر نتيجة للاتفاق الإيراني الأمريكي الذي تم بوساطة قطرية، قال معاليه إن دولة قطر ملتزمة بأي اتفاق تكون طرفا فيه ولا يتم الإقدام على أي خطوة دون التشاور مع بقية الأطراف.. مضيفا أنه سيتم استخدام هذه الأموال وفقا للاتفاق المبرم مع الولايات المتحدة وإيران.
وبدوره، قال سعادة السيد أنتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، إنه أجرى محادثات بناءة مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وكذلك مع معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية.
وعبر سعادته عن امتنان بلاده للتعاون مع دولة قطر في الكثير من الملفات.. وقال "قطر شريك موثوق ولطالما كانت دائما شريكا قريبا للولايات المتحدة الأمريكية في العديد من المبادرات، وقد عملنا سويا في إعادة الأمريكيين من أفغانستان كما تعاونا في الحالات الإنسانية مثل زلزال تركيا وشمالي سوريا".
وأضاف سعادة وزير الخارجية الأمريكي أن لقاءاته في الدوحة تأتي في وقت صعب ومهم في المنطقة.. مشيرا إلى أن بلاده تعمل مع دولة قطر حاليا لمنع اتساع رقعة الأزمة.
وتابع: "ناقشنا كل التفاصيل لمنع أي طرف من توسيع هذه الأزمة كما نعمل من أجل تأمين إطلاق سراح الأسرى بمن فيهم المواطنون الأمريكيون بالتعاون مع دولة قطر ومختلف الحلفاء والشركاء في المنطقة".
وفي هذا الإطار جدد سعادته التعبير عن تقدير بلاده "للعمل الذي تقوم به دولة قطر من أجل تأمين إطلاق سراح الأسرى".. وقال "هذا العمل نقدره عاليا وتقدره الكثير من الدول".