أكد سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر بن أحمد بن علي آل ثاني وزير البيئة والتغير المناخي، التزام دولة قطر بتحقيق الاستدامة ودعم الحلول المبتكرة للتصدي للتحديات المناخية التي تتسبب في التصحر وتهدد أمن الماء والغذاء والطاقة، منبها إلى أن توجه الدولة للحفاظ على البيئة والالتزام بحمايتها ليس حديث العهد، بل يعود لنحو ربع قرن من الزمن منذ أن صادقت قطر على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 1996.
جاء ذلك خلال كلمة سعادته في افتتاح النسخة الثالثة من حوار قطر الوطني حول تغير المناخ الذي ينظمه مركز "إرثنا"، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، بالتعاون مع السفارة الفرنسية في الدوحة ومجلس الأعمال الفرنسي في قطر، وبنك قطر الوطني ضمن فعاليات معرض "إكسبو 2023 الدوحة" للبستنة ويستمر يومين.
التاريخ يشهد على جهود دولة قطر المستمرة لتعزيز الاستدامة
وأضاف سعادة وزير البيئة والتغير المناخي أن التاريخ يشهد على جهود دولة قطر المستمرة لتعزيز الاستدامة وتقليل الانبعاثات من خلال خطوات ملموسة على أرض الواقع؛ منها -على سبيل المثال لا الحصر- إنشاء مدن حضرية صديقة للبيئة، مثل مدينة لوسيل ومشيرب العقارية، التي تتكامل فيهما التكنولوجيا الخضراء مع التصميم الحضري، وتعزيز النقل الأخضر عبر إنشاء شبكة المترو، وإنشاء محطة الخرسعة للطاقة الشمسية بقدرة 800 ميجاوات على مساحة 10 كيلومترات مربعة، معبرا عن فخره بتنظيم النسخة الأكثر استدامة في تاريخ مونديال كرة القدم، والتي وضعت قطر من خلالها معيارا عالميا جديدا في مجال الاستدامة والحفاظ على البيئة.
وأعرب عن سعادته بافتتاح النسخة الثالثة من حوار قطر الوطني حول تغير المناخ، الذي يناقش واحدة من أكثر المشكلات الملحة في العصر الحالي، والآثار الكبيرة للتغير المناخي عبر العالم من ارتفاع في درجات الحرارة وظواهر جوية متطرفة وفقدان للتنوع الحيوي، وغيرها من التأثيرات التي تهدد الاقتصادات والأنظمة البيئية وأسلوب الحياة.
العالم لا يزال أمامه الكثير من الجهد والعمل
وقال سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر بن أحمد بن علي آل ثاني: إذا كان العالم قد بذل جهودا كبيرة للتصدي لهذه المشكلة، فلا يزال أمامه الكثير من الجهد والعمل للتخفيف من حدتها والتكيف معها؛ من أجل مستقبل تنعم فيه الأجيال المقبلة بمناخ صحي وآمن ومزدهر، مشيرا إلى أن هذا الحوار الذي يستمر اليوم وغدا ما هو إلا جزء ضمن هذه المحاولات والجهود الرامية لمواجهة التغير المناخي، مؤكدا في الوقت نفسه التزام قطر وعزمها للتصدي لمشكلة التغير المناخي والتكيف معه؛ وهو الالتزام الذي تشارك فيه المؤسسات البحثية والأكاديمية، والشركات، والجهات الحكومية، والخاصة.
وتابع سعادته: "إننا إذ نجتمع تحت مظلة هذا الحوار، الذي أصبح منصة للخبراء لمناقشة التحديات الصعبة التي تواجه عالمنا واستكشاف الحلول المبتكرة لها، فإنني آمل أن تسهم هذه النسخة عبر نقاشاتها المثمرة في إحداث تغيير إيجابي ونتائج ملموسة تساعد في الحد من آثار التغير المناخي والتكيف معه".
ونوه سعادة وزير البيئة والتغير المناخي بأن النتائج التي سيثمر عنها هذا الحوار ستؤدي دورا أساسيا في صياغة منهجية الوزارة للتعامل مع قضايا الاستدامة، كما ستكون لها على وجه الخصوص أهمية كبيرة في تحديد الخطوط العريضة للمشاركة في مؤتمر "كوب 28"، الذي ينعقد في دولة الإمارات العربية المتحدة أواخر هذا العام، سعيا للحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية تحت عتبة 1.5 درجة مئوية، وحشد التمويل اللازم بحلول عام 2030، بما يتماشى مع أهداف اتفاقية باريس.
جونزالو: قطر حرصت على أن تكون استباقية في مجابهة أزمة المناخ
من جهته، أوضح الدكتور جونزالو كاسترو دي لاماتا، المدير التنفيذي لمركز "إرثنا"، أن هذه النسخة من حوار قطر الوطني حول تغير المناخ تناقش تأثير التغير المناخي وكيفية مواجهة التحديات الناتجة عنه، والمسؤولية التي تقع على عاتق الأفراد والمنظمات والدول لبناء مستقبل مستدام، مؤكدا أن المركز يسعى من خلال تنظيم هذا الحدث ليكون مظلة جامعة للفكر والعمل المتعلق بالتغير المناخي في قطر والمناطق الحارة والجافة، وإتاحة منصات تعزز التعاون والتواصل بين مختلف الخبراء والباحثين والجهات الحكومية والشركات والمؤسسات الدولية والمجتمع المدني.
وأشاد بدور دولة قطر في التعامل مع قضية التغير المناخي، وأنها أدركت أبعاد أزمة المناخ وحرصت على أن تكون استباقية في مجابهتها والتخفيف من تبعاتها، مشيرا إلى أن التزامها بمواجهة قضية المناخ ينعكس في سياستها ومؤسساتها البحثية وتنظيماتها الحضارية والمستدامة، ولا أدل على ذلك من استضافتها لمعرض "إكسبو 2023 الدوحة" للبستنة، الذي يهدف إلى إحداث تطوير إيجابي ونتائج ملموسة للتخفيف من آثار التغير المناخي.
وقال المدير التنفيذي لمركز إرثنا: إن النقاشات الثرية لحوار قطر حول تغير المناخ تسهم مساهمة فعالة في مجال العمل المناخي المحلي؛ إذ شكلت نقاشات العام الماضي مرجعا استرشاديا للقطاعين الحكومي والخاص في اتخاذ الإجراءات المتعلقة بالتكيف مع التغير المناخي والتخفيف من آثاره، وأن نسخة هذا العام تأتي استكمالا لما بدأ في النسخ السابقة من تعزيز التعاون بين الجهات المعنية واستكشاف الحلول المبتكرة التي تدعم استدامة المستقبل.
وأعرب عن ثقته في أن النسخة المقبلة ستتبعها إجراءات وتغييرات إيجابية بفضل الدعم الذي تحظى به من الشركاء في وزارة البيئة والتغير المناخي والسفارة الفرنسية في الدوحة ومجلس الأعمال الفرنسي في قطر وجميع المشاركين.
سفير فرنسا: هذا الحوار يعكس الإرادة لتشارك المعارف والخبرات
في السياق ذاته، أشاد سعادة السيد جان باتيست فافر سفير الجمهورية الفرنسية لدى الدولة، بالجهود المبذولة لاستضافة وتنظيم معرض "إكسبو 2023 الدوحة" للبستنة، ذلك الحدث الكبير الذي يعكس التزام قطر برفع مستوى الوعي والتقدم الحاصل في قضايا تغير المناخ.
وأضاف أن لدى دولة قطر في رؤيتها الوطنية 2030 والاستراتيجية الوطنية الفرنسية العديد من الموضوعات والأهداف المشتركة في الطريق نحو مستقبل مستدام، فالتغير المناخي مسألة عالمية يمكن مكافحتها من خلال الحلول الفعالة والتعاون المشترك الموسع، مشيرا إلى أن هذا الحوار يعكس الإرادة لتشارك المعارف والخبرات، والمضي قدما نحو وضع حلول ناجعة لهذه المشكلة وتبعاتها.
وأوضح أن بلاده وضعت أهدافا طموحة لتحقيق الاستدامة، وتعمل في إطار الاتحاد الأوروبي، وملتزمة بخفض الانبعاثات وزيادة التشجير وحماية التنوع الإحيائي، وتعزيز الإنصاف الاجتماعي، كما تستثمر في الابتكار للوصول إلى حلول مستدامة وفعالة من خلال دعم الأبحاث في مجالات التكنولوجيا النظيفة والتنمية الحضرية الذكية، وتشجع ريادة الأعمال في هذا المجال، مؤكدا أن دولة قطر وبلاده ملتزمتان بالتنمية المستدامة والتخضير الحضري والنقل الأخضر، وتوسيع نطاق الشركاء في هذا الجانب، وتهدفان لتسريع أهداف التنمية 2030 من خلال خفض النفايات والانبعاثات، والتخفيف من استخدام البلاستيك وتعزيز أنظمة قادرة على الصمود، وتشجيع الممارسات الزراعية، وتنويع المحاصيل القادرة على التصدي لآثار التغير المناخي بما يساعد على إيجاد إمدادات للغذاء.
الحوار يتيح فرصة لتعزيز التعاون والتبادل المعرفي بين الوزارات والمؤسسات
وتأتي النسخة الثالثة من حوار قطر الوطني حول تغير المناخ ضمن الجهود الرئيسية لمركز "إرثنا"، الرامية إلى جمع الأطراف المعنية من مختلف قطاعات الدولة لتحديد منهجية العمل المتعلق بالتصدي للتغير المناخي في قطر.
ويتيح الحوار فرصة لتعزيز التعاون والتبادل المعرفي بين الوزارات والمؤسسات المالية والصناعية والأكاديمية والبحثية والمنظمات الدولية، وتسلط نقاشاته الضوء على أحدث الابتكارات والفرص التي يمكن من خلالها التصدي للتغير المناخي، مع التركيز على موضوعات الأمن المائي والغذائي، والتنوع الاقتصادي، والتمويل الأخضر، والنقل المستدام، والحد من آثار التغير المناخي.
وتستعرض جلسات اليوم الأول عددا من الموضوعات المتعلقة بالابتكارات في مجال التغير المناخي والتنويع الاقتصادي والتحول المستدام، وإشراك الشركات والمنظمات في النقاشات حول المواد الأولية الحيوية والأمن الغذائي والمائي.
وفي اليوم التالي تتناول النقل المستدام والبنية التحتية للنقل العام والوقود البديل والمركبات الكهربائية والخدمات اللوجستية، وجلسات أخرى عن الكربون الدائم وحلول الذكاء الاصطناعي لمكافحة التغير المناخي والتمويل الأخضر والمستدام.
و"إرثنا" مركز غير ربحي ينصب تركيزه على بحوث السياسات والمناصرة، أنشئ تحت مظلة مؤسسة قطر؛ بهدف نشر الوعي والتأثير على السياسات المتعلقة بالاستدامة محليا ودوليا، ويجمع المركز بين الخبرة الفنية والبحثية والاستشارات السياسية والمناصرة؛ بهدف تشكيل مجتمع من الخبراء التقنيين والبحثيين، والعاملين في القطاع الحكومي، وصانعي السياسات، وصناع القرار، والشركات، والمؤسسات متعددة الأطراف، والمجتمع المدني لبناء مستقبل أكثر استدامة وتجددا.
ويدير مركز "إرثنا" برامج في تخصصات متعددة في مجالات المناخات الحارة، والمدن المستدامة، والطاقة المستدامة، بالإضافة إلى الاستفادة من إمكانات المدينة التعليمية في مؤسسة قطر كقاعدة اختبار للتقنيات والممارسات المستدامة، كما يركز المركز على تطوير أدوات وحلول وسياسات لتحسين حياة الناس في بيئة طبيعية، ويقدم رسالة أمل، ويتخذ خطوات مؤثرة للمحافظة على الموروث من خلال العمل يدا بيد مع المجتمع على إيجاد وتصميم حلول توظف الموارد بالشكل الأمثل مع أخذ الثقافة المحلية في الاعتبار.