لم يشفع لرسام الكاريكاتير ستيف بيل عمله طوال 40 عاما في صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، إذ لم يمنع عنه ذلك قرار الفصل التعسفي من الجريدة لمجرد التعبير عن الرأي.
وهذا هو الحال في كثير من المؤسسات الصحفية بالدول الغربية، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ يخسر عدد كبير من العمال والموظفين حول العالم وظائفهم بسبب انتقاداتهم لإسرائيل، ودعمهم لفلسطين.
وتحوّلت عبارة "لا تغرد أبداً" إلى نكتة في "تويتر" منذ سنوات، كوسيلة لتحذير الناس من كتابة منشورات عبر الإنترنت يمكن أن تكلّفهم وظائفهم، وقد صدقت المقولة خلال طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة.
إذ أقالت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية رسام الكاريكاتير ستيف بيل بعد قيامه برسم كاريكاتير لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو اعتبر أنّه "معاد للسامية"، مع أنه عمل لأكثر من 40 عاما في الصحيفة.
كذلك برزت ردود الفعل العنيفة في أماكن مثل جامعة هارفارد، حيث بدأت المجموعات الطلابية تتراجع عن توقيعها الأسبوع الماضي على رسالة تحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن أعمال العنف في فلسطين. بعد نشر الرسالة وصلت شاحنة إلى الحرم الجامعي تعرض وجوه الطلاب المنتقدين لإسرائيل وتتهمهم بمعاداة السامية.
الوظيفة لا تقبل الرأي
وكانت طالبة الحقوق في جامعة نيويورك، رينا وركمان، قد حصلت على فرصة عمل في مكتب محاماة وينستون آند سترون، ثم بدأ العدوان على غزة، فكتبت منشوراً موجهاً إلى نقابة المحامين الطلابية في الجامعة تنتقد العدوان الإسرائيلي على القطاع. وكتبت وركمان: "تتحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن هذه الخسارة الفادحة في الأرواح. هذا النظام من العنف الذي تجيزه الدولة، خلق الظروف التي جعلت المقاومة ضرورية. لن أدين المقاومة الفلسطينية". وبعد هذه الرسالة، فقدت الشابة وظيفتها الجديدة في مكتب المحاماة.
وكتبت الشركة التي يقع مقرها في شيكاغو في بيان صحافي: "تتعارض هذه التعليقات بشكل عميق مع قيم وينستون آند سترون كشركة. وبناءً على ذلك، ألغت الشركة عرض التوظيف المقدم لطالبة القانون".
وعلى غرار وركمان، فُصل المراسل الرياضي، جاكسون فرانك، من موقع فيلي فويس الإخباري الذي انضم إليه أخيراً. ونشر وركمان على موقع إكس عبارة "أتضامن مع فلسطين دائماً"، فردّ الموقع بإقالته قبل وقت قصير من بداية موسم الدوري الأميركي للمحترفين NBA.
منشورات غير مقبولة
وأكد فرانك لـ"واشنطن بوست" أنه متمسك بتعليقاته وإدانته للمؤسسات التي اعتبر أنها تورّط نفسها في الشؤون الجيوسياسية من دون سياق. وقال فرانك: "لم يتلفظ فريق سيكسرز والمنظمات الرياضية الأخرى بكلمة واحدة، ناهيك عن انتقاد إسرائيل، بشأن أي من أعمال العنف التي عانى منها الفلسطينيون لعقود من الزمن وما زالوا يتحملونها، من القوة الاستعمارية الاستيطانية لإسرائيل في هذه اللحظات".
وبعد فترة وجيزة من إقالة فرانك، فُصل طيار في الخطوط الجوية الكندية بعدما شارك صوراً لنفسه وهو يشارك في احتجاج في مونتريال ضد العدوان الإسرائيلي.
وشاركت مجموعة داعمة لإسرائيل صورة للطيار، مصطفى عزو، من حسابه في "إنستجرام"، وهو يرتدي الألوان الفلسطينية مع زي الطيّار التابع للخطوط الكندية.
وأوقف عزو عن العمل يوم الاثنين 9 أكتوبر الماضي بمبرّر أن "منشوراته غير مقبولة". وقالت شركة الطيران: "نحن ندين بشدة العنف بجميع أشكاله"، ثم أعلنت الشركة الأربعاء الماضي إقالته.
وكتبت شركة الطيران على "إكس": "يمكننا أن نؤكد أن الطيار المعني لم يعد يعمل لدى شركة طيران كندا".