منذ قيام العلاقات المتميزة بين دولة قطر وجمهورية ألمانيا الاتحادية، أظهرت الدولتان حرصا مشتركا على تطوير وتعزيز علاقات الصداقة والتعاون المتنامية بين البلدين، وفي إطار التأكيد العملي المتواصل على هذا الحرص، تندرج زيارة فخامة الرئيس فرانك-فالتر شتاينماير رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية الصديقة للبلاد اليوم.
ويستقبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، فخامة الرئيس الألماني بالديوان الأميري، لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل دعمها وتطويرها في كافة المجالات، وخصوصا على الأصعدة التجارية والاقتصادية والاستثمارية، بالإضافة إلى استعراض القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
تعزيز العلاقات الثنائية
وتشكل هذه الزيارة فرصة لدفع وتعزيز العلاقات الثنائية بين الدوحة وبرلين وتطويرها ودفعها إلى آفاق أرحب، بما يخدم أهدافهما المشتركة ومصالح وتطلعات شعبيهما الصديقين، وينتظر أن تعزز هذه الزيارة والمباحثات التي ستجرى خلالها، فرص ومجالات الشراكة الثنائية، وأن تفتح أبوابا وآفاقا واسعة لمزيد من التعاون بين الطرفين في مختلف المجالات، وخاصة في مجال الطاقة والقطاعات الاقتصادية والاستثمارية، واستكشاف فرص التعاون وتعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الدولتين بشكل أكبر وبالصورة التي تحقق الفائدة والنفع للبلدين وللشعبين الصديقين في كافة المجالات وعلى كافة الأصعدة.
قطر تعتبر شريكا هاما لألمانيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استنادا لأكثر من ستين عاما من العلاقات التجارية
وقد أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين دولة قطر وجمهورية ألمانيا الاتحادية عام 1973م، وتعتبر قطر شريكا هاما لألمانيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استنادا لأكثر من ستين عاما من العلاقات التجارية، ونحو نصف قرن من العلاقات السياسية والدبلوماسية، التي تركت أثرا طيبا في نفوس الشعبين الصديقين.
وتقوم العلاقات القطرية الألمانية على أسس راسخة من الثقة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وهي علاقات استراتيجية، مدعومة بعلاقات تعاون وثيقة تعززت خلال السنوات الأخيرة، نظرا لتطور دور قطر السياسي مع توسع جهودها في الوساطة لحل النزاعات الإقليمية والدولية، وهناك حوار مستمر وتشاور دائم بين الجانبين بشأن التنسيق السياسي فيما يتعلق بقضايا المنطقة والملفات الدولية الساخنة.
الاتفاقيات الاقتصادية
ويرتبط البلدان بعدد من الاتفاقيات الاقتصادية ومذكرات التفاهم، منها اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، وأخرى في المجالات الصناعية والتجارية والصحية والثقافية والرياضية، وعلم الآثار والطاقة الشمسية والطيران المدني والنقل الجوي، إلى جانب اتفاقية إنشاء لجنة مشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والفني، والتي شهدت تنظيم العديد من الدورات على مدى السنوات الماضية.
وفي مايو من العام الماضي وقعت دولة قطر وألمانيا الاتحادية مذكرة تفاهم حول إنشاء الحوار الاستراتيجي بين البلدين، والذي من شأنه توفير منصة مهمة لمناقشة ملفات الطاقة والتعاون بين الدولتين.
ومن المنتظر أن تشهد العلاقات القطرية الألمانية انطلاقة جديدة وآفاقا أرحب خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل الزخم الذي شهدته وترجمته الزيارات عالية المستوى بين الدوحة وبرلين، ومن أبرز هذه الزيارات، زيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى لجمهورية ألمانيا الاتحادية الصديقة في أكتوبر الماضي، وزيارة العمل التي قام بها سموه "حفظه الله" لجمهورية ألمانيا في مايو من العام الماضي، وزيارة دولة المستشار الألماني أولاف شولتس، إلى الدوحة في سبتمبر من العام الماضي.
مجال الطاقة
وقد تم خلال هذه الزيارات بحث العلاقات بين البلدين الصديقين، وسبل تطويرها على الأصعدة كافة، كما وقع البلدان إعلان نوايا مشتركا لتعزيز التعاون بينهما في مجال الطاقة، وذلك في إطار الحوار الناجح والمستمر بين قطر وألمانيا، حيث من المتوقع أن يتطور إلى شراكة طاقة من خلال بناء علاقات تجارية في مجال الغاز الطبيعي المسال تخدم مصالح البلدين، وتحقق طموحاتهما في العمل المناخي. ومن المتوقع أن تعمل هذه الشراكة على تعزيز التنوع في إمدادات ألمانيا من الطاقة، من خلال واردات الغاز الطبيعي المسال من قطر، وفي الوقت نفسه على تيسير التعاون الثنائي في طاقة الهيدروجين ومصادر الطاقة المتجددة.
وكانت قطر للطاقة قد وقعت بالدوحة في نوفمبر من العام الماضي، اتفاقيتي بيع وشراء طويلتي الأمد، بين شركات تابعة لكل من قطر للطاقة وشركة كونوكو فيليبس، لبيع ما يصل إلى مليوني طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال يتم توريدها من قطر إلى ألمانيا، وبموجب الاتفاقيتين، ستقوم شركة تابعة لكونوكو فيليبس الأمريكية بشراء الكميات المتعاقد عليها وتوريدها إلى محطة استقبال الغاز الطبيعي المسال الألمانية التي يتم تطويرها حاليا في مدينة برونزبوتل شمالي ألمانيا ابتداء من العام 2026، علما بأن ألمانيا تمثل أكبر سوق للغاز في أوروبا، وتتميز بطلب كبير في قطاعات الصناعة، والكهرباء، والاستهلاك المنزلي.
العلاقات الاقتصادية القطرية - الألمانية شهدت نموا مطردا خلال العقود الستة الماضية وباتت قطر شريكا اقتصاديا مهما لألمانيا في المنطقة
وقد شهدت العلاقات الاقتصادية القطرية - الألمانية نموا مطردا خلال العقود الستة الماضية، وباتت دولة قطر شريكا اقتصاديا مهما لألمانيا في المنطقة، وتحتل ألمانيا المرتبة الثالثة بين أكثر الدول الأوروبية استقطابا للاستثمارات القطرية، بعد كل من بريطانيا وفرنسا، وتعد دولة قطر من أكبر المستثمرين هناك، بمبلغ يصل إلى نحو 25 مليار يورو، تشمل قطاعات صناعة السيارات، والاتصالات، والضيافة والخدمات المصرفية، وغيرها من القطاعات المهمة، وفي سبتمبر من العام الماضي، وقعت وزارة التجارة والصناعة القطرية اتفاقية شراكة استراتيجية مع الرابطة الألمانية الاتحادية للشركات الصغيرة والمتوسطة، لافتتاح مكتب تمثيلي للرابطة في دولة قطر، يكون الأول من نوعه في منطقة الخليج، ومن شأن هذه الاتفاقية المساهمة في زيادة تواجد الشركات الألمانية في قطر، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على حركة التبادل التجاري والاستثمار، وإنشاء الشراكات المثمرة بين قطاعات الأعمال بكلا البلدين.
ويزيد عدد الشركات الألمانية التي تساهم في تطوير الاقتصاد القطري عن 300 شركة تعمل في مجالات حيوية كالطاقة، والإنشاءات، والخدمات، وتطوير السكك الحديدية، والتجارة، والمقاولات، والاتصالات، والأجهزة والمعدات الطبية، وغيرها من المجالات الأخرى.