نتيجة لجهود دولة قطر يتربع حاليا سوق الصقور داخل حدود سوق واقف على عرش أسواق منطقة الخليج المتخصصة في بيع الصقور، حيث يقدر متخصصون استحواذه على ما يزيد على 50 بالمئة من احتياجات الصقارين القطريين والخليجيين، فضلا عن كونه صرحا ومعلما ثقافيا يساهم في تعزيز تراث الصقارة في الدولة .
ويتسم السوق ببنائه التراثي الجميل الذي يضم بين جنباته العديد من محلات بيع الصقور ولوازمها، ذات الطابع التراثي الذي يعكس عراقة العمارة القطرية التقليدية وما تتميز به من روعة وجمال وبساطة في البناء والتصميم، ومن ثم يعتبر السوق من الوجهات المفضلة للسياح، ويتيح للزوار الاستمتاع بمشاهدة الطيور الساحرة عن قرب، والتقاط الصور الرائعة مع الصقور التي تعتبر جزءا مهما من التراث القطري بل والعالمي.
السوق أصبح أهم مصدر للصقور في منطقة الخليج بسبب التسهيلات التي تقدمها الدولة لأصحاب المحلات
وقال عدد من أصحاب المحلات المتخصصة في بيع الصقور بسوق واقف في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية "قنا": إن السوق أصبح أهم مصدر للصقور في منطقة الخليج بسبب التسهيلات التي تقدمها الدولة لأصحاب المحلات، بالإضافة إلى جهود الدولة من خلال جمعية القناص القطرية في تعزيز هذا التراث عبر الكثير من المهرجانات والبطولات المتخصصة للصقور خاصة مهرجان مرمي الدولي الذي يقام سنويا، وتتواصل حاليا نسخته الخامسة عشرة في صبحة مرمي بسيلين تحت رعاية سعادة الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني حتى السابع والعشرين من يناير الجاري.
تاريخ بيع الصقور في قطر قديم ويرجع بشكل تنظيمي في محلات مختصة إلى أكثر من 50 عاما
وقال حمد بن محمد راشد الكواري صاحب محل لبيع الصقور في سوق واقف، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا": إن تاريخ بيع الصقور في قطر قديم، ويرجع بشكل تنظيمي في محلات مختصة إلى أكثر من 50 عاما بعد أن كان يتم البيع والشراء من خلال المعارف والمهتمين فقط، لتبدأ مرحلة إنشاء محلات متفرقة هنا وهناك، ثم بدأ إنشاء سوق عند المسجد الجامع لينتقلوا فيما بعد إلى سوق الخضار القديم بمسيمير، لينتقل بعد ذلك إلى سوق الخميس والجمعة وفي هذا السوق بدأت بمحل لتجارة الصقور، قبل أكثر من 25 عاما، قبل أن يتم تخصيص مكان لبيع الصقور في سوق واقف حيث جاء اختيار السوق ليواكب الطابع التراثي للسوق الذي يعبر عن تراث بلادنا، مشيرا إلى أن سوق بيع الصقور عرف أسماء بعينها في هذه التجارة منذ القدم، وكانوا مقصد الصقارين من قطر ومن مختلف دول الخليج ، مثل الراحلين عيد آمان، وثامر السبيعي وغيرهما.
وأضاف حمد الكواري والذي يمتلك مزرعة لإنتاج الصقور في المملكة العربية السعودية، أن سوق الصقور في سوق واقف والذي يضم عشرات المحلات لبيع الصقور وكل ما يتعلق بها، فضلا عن مستشفى متخصص في مقر السوق يعتبر تجمعا لتجارة الصقور في مكان تاريخي يراعي التراث القطري بكل أبعاده، مؤكدا أن السوق أصبح له دوره البارز حاليا على المستوى الخليجي حيث يقصده الجميع من الصقارين في دول الخليج العربية خاصة ممن يرغبون في اقتناء الصقر (الوحش) وهو ما يتم صيده من الطبيعة فيكون جارحا وصيادا في الأصل، حيث تسمح قطر بدخوله، كما أن الدولة تدعم أصحاب المحلات لبيع الصقور من خلال خفض قيمة الإيجار رغم تميز المكان.
وأوضح الكواري أن مصدر تجارة الصقور في قطر يرجع إلى الصقور التي يتم صيدها من بعض الدول التي تسمح بذلك طبقا للقوانين، إلى جانب المزارع القطرية سواء الموجودة في قطر حاليا مثل مزرعة الشيح محمد بن فيصل آل ثاني
ومزرعة أم حيش، ومزرعة السيلية ومزرعة الزبارة، وغيرها، أو المزارع المملوكة للقطريين في الخارج أو بعض المزارع في الدول الخليجية أو الأجنبية، منوها بأن سعر الصقر يحدده معايير كثيرة أهمها نوعه وموطنه ولونه ووزنه وشكله إذا كان من فئة (الوحش)، أما إذا كان من إنتاج المزارع فاسم المزرعة التي نجحت في تقديم سلالات جيدة يكون لها أثر في السعر بالإضافة إلى العناصر السابقة.
ومن جهته قال ناصر بن راشد النعيمي صاحب محل لبيع الصقور في سوق واقف، في تصريح مماثل لـ"قنا": إن تخصيص سوق للصقور في سوق واقف منذ نحو 20 عاما أضاف الكثير للصقارين والمهتمين بهذه التجارة، مؤكدا أن السوق يعتبر صرحا كبيرا يمثل الصقارة في قطر حيث يوفر محلات بيع الصقور إلى جانب مستشفى سوق واقف للصقور والذي يعتبر معلما مهما في هذا المجال، إلى جانب كونه مركزا للأبحاث في هذا المجال.
المسابقات والبطولات أصبحت مصدرا رئيسيا للاهتمام بالصقور وبيعها
وأشار إلى أنه مع التطور الذي حدث منذ الاهتمام بالصقارة وتسجيلها على قائمة التراث العالمي للتراث الثقافي غير المادي عام 2010، ومن ثم بدأت البطولات والمهرجانات المتخصصة في الصقور، حيث تعددت المسابقات والبطولات مثل بطولات إصفري، وراس لفان، جمعية القناص، ثم مهرجان مرمي ومن بعدها بطولة القلايل حيث أصبحت مصدرا رئيسيا للاهتمام بالصقور وبيعها فأصبح هناك إقبال على اقتناء الصقور من نوعيات خاصة تحقق بطولات، وبالتالي كان اهتمام التجار بجلب أفضل الصقور وخاصة تلك التي يعتمد عليها الإنتاج في الدول الأوروبية.
وأضاف ناصر النعيمي وهو صاحب مزرعة لإنتاج الصقور في المملكة المتحدة، أن هناك توجها لدى الصقارين في قطر بالحفاظ على السلالات المتميزة وبالتالي يتم التفريخ في مزارع داخل قطر أو مزارع مملوكة لقطريين خارج الدولة.
وأكد أن حجم تجارة الصقور في قطر يعتمد على المسابقات والمهرجانات المعنية بالصقور، حيث تعتبر المهرجانات وخاصة مرمي بمثابة البورصة التي تتحكم في سوق الصقور والعرض والطلب فكلما زادت المسابقات وتم تخصيص جوائز وأشواط أكثر زاد الطلب على الصقور، وذلك في ظل التحديات التي تواجه الصقارين في المقناص حيث صار صعبا ومكلفا إذا تم خارج البلاد فهناك محدودية أماكن الصيد كما أن الحبارى مهددة بالانقراض، وهذه المخاطر جعلت الصقارين يجدون مآربهم في ممارسة الصيد في المهرجانات والبطولات كما تعتبر في ذات الوقت مصدرا للدخل إلى جانب ممارسة الهواية.
وتابع النعيمي، أن أكثر الطلب في قطر يكون على جير الشاهين من أنواع الصقور لمسابقات الدعو، والذي يتراوح سعره بين 25 و80 ألف ريال قطري، وذلك طبقا للسلالة والشكل والحجم، كما أن تحقيق البطولات والفوز يساهم في رفع القيمة السوقية للصقور إلى أضعاف السعر أحيانا، مؤكدا أن المسابقات لها عامل كبير في التسعير.
وشدد ناصر بن راشد النعيمي وهو صقار وتوج بأول سيارة في مهرجان مرمي في نسخته الأولى في هدد التحدي، على أن السوق القطري فيه خيرة مزارع الصقور سواء القطرية أو الأوروبية، إلى جانب صقور (الوحش ) وبالتالي يستحوذ على ما بين 50 و60 بالمئة من حجم المبيعات في المنطقة نظرا لتوجه الصقارين الخليجيين نحو السوق القطري بسبب اهتمامه ببيع الشاهين الوحش فكل من يرد الحصول عليه يتوجه إلى قطر سواء كان بائعا أو مشتريا، وقد ساهمت الإجراءات والدعم الذي توفره الدولة لأصحاب محلات الصقور في تعزيز ذلك، فضلا عن أن الشاهين الوحش مطلوب في قطر جدا للمشاركة في بطولة هدد التحدي في مهرجان مرمي الذي يشارك فيها سنويا أكثر من 1200 شاهين تقريبا.
جهود الدولة ساهمت في تعزيز مكانة سوق الصقور في قطر فقد سهلت الاستيراد والتصاريح
ومن جهته قال محمد بن عبدالله العفيشة الشهواني، أحد تجار سوق الصقور في سوق واقف، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا": إن جهود الدولة ساهمت في تعزيز مكانة سوق الصقور في قطر فقد سهلت الاستيراد والتصاريح، إلى جانب رمزية الإيجارات للمحلات وفضلا عن إقامة العديد من المهرجانات سنويا، كما سمحت بدخول الصقر الوحش وذلك مع مراعاة وتطبيق اتفاقية (سايتس)، وهي اتفاقية بشأن التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من مجموعات الحيوان والنبات البرية، والتي صادقت عليها دولة قطر عام 2001، فضلا عن وجود مستشفى مجهز يعتبر بمثابة مركز أبحاث إقليمي للعناية بالصقور.
وأوضحوا أن هناك أنواعا كثيرة للصقور حسب المسابقات فصقر المزاين يختلف عن صقر الطلع مثلا، فالأول ربما يصل سعره إلى مليون ريال، فيما يتراوح سعر الثاني ما بين 30 و200 ألف ريال حسب معايير عديدة مؤكدين أن فوز أي صقر في مهرجان مرمي أو غيره يساهم في رفع السعر مباشرة، كما أنه يكون مصدر اهتمام لمزارع التفريخ باعتباره نوعا جيدا.
وحول أهمية تواجد مستشفى سوق واقف للصقور ، قال الدكتور إقدام مجيد الكرخي مدير مستشفى سوق واقف للصقور: إن واحدا من أهم أهداف تواجد المستشفى في سوق الصقور تقديم الاستشارة والفحص للصقور ما قبل الشراء للتعرف على الوضع الصحي للصقر، وأنه سليم لتتم عملية الشراء، إلى جانب تقديم الرعاية الصحية للصقور المصابة في السوق لدى أصحاب المحلات، مشيرا إلى أنه قد تم تطوير المستشفى ليصبح مركزا مرجعيا حاليا محليا ودوليا في طب وجراحة الصقور بحيث تمكن من علاج أكثر الحالات المرضية التي كانت تصيب الصقور سواء داخل دولة قطر أو الدول المجاورة.