قطر والأردن.. شراكة عربية وعلاقة متميزة هدفها "إقليم مستقر"

منذ 50 عاماً وأكثر تربط دولة قطر بالأردن علاقات أخوية ورسمية وشراكة عربية استراتيجية، سعى خلالها قادة الدولتين على مر التاريخ، إلى إرفاد شعبيهما بمكتسبات مشتركة تعود بالنفع الكبير على البلدين.

زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، إلى الدوحة، الثلاثاء، والتي استمرت ليومين متتالين، التقى فيهما حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى؛ شكّلت محطة جديدة من العلاقات العميقة والتاريخية بين البلدين.

تلك الزيارة جاءت، بعد فترة زمنية وجيزة، من زيارة سمو الأمير إلى عمّان في نوفمبر 2020م، لتشكّل تلك الزيارات المتبادلة خير دليل على عمق العلاقات الاستراتيجية العميقة بين زعيمي الدولتين الشقيقتين.

تكريس التعاون والعلاقات العميقة

وتعقيباً على تلك الزيارة ومخرجاتها، قال د. علي الهيل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر: إن القمة الثنائية بين سمو الأمير، وأخيه جلالة الملك، تكرس عمق العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين.

وأكد الهيل لشبكة "مرسال قطر" أن زيارة ملك، تأتي في إطار العلاقات المتميزة بين دولة قطر والأردن، قائلاً: "إن القمة الثنائية من شأنها أن تكرس التعاون الأمني والتعليمي والاقتصادي بين دولة قطر والأردن، خاصة بعد المشاريع الاستثمارية التي أطلقتها المملكة الأردنية بالتعاون مع رجال الأعمال القطربين".

وأشار الأكاديمي والمحلل السياسي إلى وجود تاريخ طويل من العلاقات الاستراتيجية السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين قطر والأردن.

وشدد على أن الزيارة تكرس كل هذه المعاني وتتوجها، معبّراً عن أمله في أن تكون الزيارة الأخيرة شكلت انطلاقة جديدة لتعميق واستمرارية العلاقات القطرية الأردنية.

ويتفق الإعلامي جابر الحرمي مع الهيل، في أن زيارة ملك الأردن، تمثل محطة من محطات العلاقات التاريخية بين قطر والأردن، مؤكداً أن الزيارة تعطي البلدين مكتسبات مشتركة تنعكس إيجاباً على العلاقات الرسمية والشعبية بين البلدين الشقيقين.

تنسيق وشراكة عربية

وقال الحرمي: "التواصل بين البلدين والاجتماع بين الأخوين سمو الأمير والملك عبدالله يعزز توفير بيئة مناسبة للبلدين ولتحقيق مكتسبات مشتركة متعددة، تمثلت في إبرام اتفاقيات وتوقيع مذكرات تفاهم بين البلدين".

وأشار الكاتب الصحفي إلى أهمية زيارة ملك الأردن إلى قطر والتي استمرت يومين متتاليين، وما ارتبط فيها من لقاءات مع أخيه سمو الأمير، مؤكداً أنها ستفتح أفقاً جديداً في العلاقات القطرية والأردنية المتنامية والمتسارعة.

ودعا إلى ضرورة استثمار هذه الزيارة ومخرجاتها عربياً، والعمل على زيادة مستوى التنسيق والتكامل والتعاون، قائلاً: "العلاقة القطرية الأردنية تصب في تعزيز العمل العربي المشترك".

وأضاف: "الزيارة فتحت آفاقاً جديدة في العلاقات بين البلدين، وتعزز حجم التنسيق الخارجي والرؤى المشتركة والمتقاربة والمتطابقة في كثير من الملفات".

ملفات عربية مشتركة

وحول توقيت الزيارة، رأى الحرمي بأنه يحمل أهمية كبيرة جداً لكلا الطرفين، ولعدة أسباب أبرزها: تنامي وتطور الاستثمار الاقتصادي بين البلدين، ووجود مساعي كبيرة ودور بارز لدى البلدين في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة العربية.

وقال الحرمي لـ"مرسال قطر": "اليوم القضية الفلسطينية والاعتداء الإسرائيلي على المقدسات له أهمية كبيرة لدى قطر والأردن التي لها الوصاية على القدس المحتلة، وهذه القضية تمثل للبلدين أولوية كبيرة".

وأضاف: "هناك العديد من القضايا مثل سوريا والعراق وما يتعلق بالأزمات التي تظهر هنا وهناك، تتزامن مع وجود رؤى متطابقة بين القياديتن القطرية والأردنية"، مشيراً إلى أن مشاركة الزعيمين في قمة بغداد مؤخراً دليل على إيمانهم بأهمية الحوار وإحلال السلام وسعيهما لإيجاد منطقة مستقرة.

تفاؤل كبير

وعقب اللقاءات الرسمية التي جرت في الدوحة، رأى الحرمي، وجود تفاؤل كبير يسود الدوحة وعمان بأن تكون مخرجات هذه الزيارة ذات جدوى وعائد كبير على الشعبين الشقيقين، والتي جاءت لتفعيل عدد من الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.

وأشار إلى أن وجود التشرذم العربي يؤدي إلى إبقاء الملفات العربية في مؤخرة القضايا التي ينظر إليها العالم، مشدداً على أن اللقاء الأردني القطري يعمل على جسر هذه الفجوة العربية.

علاقات تاريخية واستثمار يتصاعد

وتأكيداً على عمق العلاقات التاريخية التي تربط الدولتين استعرض الحرمي، تاريخ العلاقات بينهما، قائلاً: "العلاقات الأردنية القطرية ليست وليدة العام أو عامين، وهي تتجاوز بشقها الرسمي والدبلوماسي نحو 50 عاماً وهذه العلاقت منذ يومها الأول في تنامٍ مستمر".

وذكر أن قطر وفرت ما يقارب 20 ألف فرصة عمل إلى الأخوة والأخوات في الأردن الشقيق للعمل في البلاد، وتستثمر في البنى التحتية في المملكة الأردنية بقيمة 500 مليون دولار.

وختم الحرمي حديثه بالقول: "هناك إرادة حقيقية لدى البلدين، للمضي قدماً في تطوير وتعزيز العلاقات خلال المرحلة المقبلة".