بدأت بالدوحة، اليوم، أعمال المؤتمر الدولي الثالث حول السياسات المالية والتنمية الاقتصادية في قطر، والذي تنظمه جامعة قطر ممثلة في كلية الإدارة والاقتصاد، تحت عنوان "الحد الأدنى للضريبة العالمي وتأثيره على النظم والسياسات الضريبية في دول الخليج"، بمشاركة صانعي سياسات وباحثين من جامعات عالمية وخبراء من مؤسسات مالية دولية وممثلين عن قطاعات الأعمال في قطر والمنطقة.
ويناقش المؤتمر، على مدى يومين، محاور مهمة منها تطبيق الحد الأدنى للضريبة العالمي في إطار مشروع "محاربة تآكل وعاء الضريبة ونقل الأرباح" الخاص بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث يركز المتحدثون على الإطار العام للحد الأدنى للضريبية العالمي، وتأثير تطبيق ذلك على السياسات والنظم الضريبية في دول الخليج، وعلى تدفق الاستثمار الأجنبي والمناطق الحرة فيها، والاستثمارات والصناديق السيادية التابعة لها في الخارج.
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، قال سعادة السيد أحمد بن عيسى المهندي رئيس الهيئة العامة للضرائب، إن هذا المؤتمر يتكامل مع جهود دولة قطر في مجال بناء منظومة ضريبية رشيدة، ويمثل فرصة مهمة لتبادل الآراء حول سبل تكييف السياسات الضريبية في دول مجلس التعاون الخليجي المواكبة التطورات العالمية، لافتا إلى ما شهدته السنوات الأخيرة من تطورات عديدة في النظام الضريبي الدولي بعد أن تبنت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سياسات ضريبية جديدة كان أحدثها إقرار الحد الأدنى العالمي الذي له انعكاسات على بيئة الأعمال وتدفقات رؤوس الأموال إلى دول العالم.
وذكر سعادته أن دول الخليج تطبق نظما وتشريعات ضريبية حديثة، لكن هذا التطور المهم يتطلب مواصلة إدخال التعديلات على هذه النظم بما يضمن استمرار تحقيق التوافق البيني مع الأخذ بعين الاعتبار جذب المستثمرين المحليين والعالميين، مشيرا إلى أن استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة لدولة قطر تشدد على ضرورة العمل على بناء بيئة تنظيمية رائدة وملائمة للمستثمرين لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ومعالجة التحديات التنظيمية في قطاع الأعمال عبر إصلاحات قانونية وتشريعية شاملة.
قدرة دولة قطر على مواجهة هذه التحديات عبر أنظمة ضريبية متكاملة
وأكد قدرة دولة قطر على مواجهة هذه التحديات عبر أنظمة ضريبية متكاملة، تعالج التحديات الهيكلية، وتعزز التنمية المستدامة، وتتوافق مع أفضل الممارسات الضريبية العالمية، قائلا في هذا السياق "قطعت دولة قطر خطوات واسعة في هذا المجال عبر تبني نموذج رائد للنمو المستدام يستهدف التحول إلى اقتصاد تنافسي ومنتج ومتنوع ومحفز للابتكار، من خلال أجندة التنويع الاقتصادي التي تسعى إلى جعل قطر بين أفضل 10 وجهات في العالم للمستثمرين والشركات".
ونوه سعادته إلى ما تضمنه تقرير للبنك الدولي صدر في عام 2020 من أن دولة قطر تأتي في المرتبة الثالثة عالميا من حيث كفاءة وفعالية النظام الضريبي.. متابعا قوله "هذه شهادة على أننا في صدارة الدول التي تتمتع بأنظمة وتشريعات قوية وبنية تحتية رقمية متطورة في مجال الضريبة".
وشدد على مواصلة الهيئة العامة للضرائب دعم الجهود الوطنية والخليجية لمكافحة تآكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح والارتقاء بالبيئة الاقتصادية المحلية والإقليمية من خلال منظومه ضريبية رشيدة تعزز التنمية المستدامة، ونظام ضريبي يتسم بالكفاءة والفعالية ضمن بيئة تشريعية تتبنى مبادئ الحوكمة والشفافية، مبينا أن من أبرز الخطوات التي اتخذتها دولة قطر في هذا الإطار؛ إصدار القانون رقم (11) لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل، والذي تضمن تعديلات تواكب أفضل الممارسات العالمية للضريبة على الدخل فيما يتعلق بتنفيذ الالتزامات الضريبية للدولة في مجالات الشفافية وتبادل المعلومات للأغراض الضريبية ومواكبة التطورات العالمية الجديدة في القطاع.
وفي سياق متصل، أفاد سعادة السيد المهندي أن دولة قطر أقرت مؤخرا تطبيق الركيزة الثانية للحد الأدنى العالمي لضريبة الشركات متعددة الجنسيات بهدف منع تآكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح وإزالة أي تشوه في التنافسية بين الشركات العاملة بالدولة، والمساهمة في تعزيز جاذبية دولة قطر كوجهة استثمارية إقليمية وعالمية، معتبرا أن "هذه الخطوات تنسجم مع حرص دولة قطر على توفير بيئة استثمارية واعدة ودعمها بمنظومة إدارية وتشريعية محفزة لممارسة الأعمال تتميز بإطار تشريعي ملائم لتنمية الأعمال وجذب الاستثمارات، ولا أدل على ذلك من حلول قطر في المرتبة الأولى ضمن قائمة أفضل وجهات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم لعام 2023 الصادرة عن مؤسسة (أف دي أي إنتلجنس FDI intelligence)، نظرا للتوقعات المذهلة بشأن الاقتصاد والاستثمار في دولة قطر خلال هذا العام".
عمر الأنصاري: المؤتمر يأتي استجابة وتطبيقا للاستراتيجية الجديدة للجامعة
بدوره، ألقى سعادة الدكتور عمر الأنصاري رئيس جامعة قطر كلمة سلط فيها الضوء على أهداف ومحاور المؤتمر وأهميته في ظل التطورات العالمية المرتبطة بالحد الأدنى للضريبة العالمي، وما سيترتب على ذلك من تأثيرات على الاقتصادات والنظم والسياسات الضريبية في دول الخليج، موضحا أن المؤتمر يأتي استجابة وتطبيقا للاستراتيجية الجديدة للجامعة التي تركز في جانب منها على زيادة التواصل المجتمعي، وخدمة قضاياه الراهنة من خلال تسليط الضوء عليها، وتشجيع الباحثين على إجراء البحوث العلمية التي تدرس التحديات التي تواجهها المجتمعات لتقديم حلول وتوصيات عملية.
كما أبرز أن المؤتمر يأتي في إطار اهتمام الجامعة لمناقشة التطورات الاقتصادية والمالية المحلية والدولية التي تؤثر في الاقتصاد الوطني وتخدم متخذي القرار بما يسهم في النمو الاقتصادي والدولي، فضلا عن دعمه سعي دول الخليج نحو تحقيق التنويع الاقتصادي بمفهومه الشامل الذي يتضمن تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط والغاز.
وأكد رئيس جامعة قطر أن الجامعة تتجاوب مع التطورات الاقتصادية في المنطقة، من خلال توجيه البحث العلمي، وتشجيعه على مناقشة القضايا الخاصة بالاستدامة والتنمية الاقتصادية بما فيها موضوع الاستدامة المالية، منوها إلى إطلاقها برامج أكاديمية جديدة تعكس هذا التوجه، ومنها برنامج التخصص الفرعي في الضرائب بكلية الإدارة والاقتصاد الذي شهد إقبالا كبيرا من طلبة البكالوريوس، لا سيما أنه يسهم في تزويد سوق العمل في قطر والمنطقة بخريجين قادرين على التعامل مع التطورات والتحديات الاقتصادية المتجددة والتي من بينها الإصلاح الضريبي والسياسات والتشريعات الضريبية المرتبطة بها.
يشار إلى أن كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة قطر أطلقت سلسلة مؤتمرات السياسات المالية والتنمية الاقتصادية في قطر في العام 2017 كجزء من التزامات الجامعة بالمساهمة في جهود الحكومة لتحفيز أنشطة ريادة الأعمال ومواجهة التحديات الاقتصادية.
وعقد المؤتمر الأول تحت عنوان "الاستدامة المالية والطريقة لتنويع الإيرادات الحكومية" بينما كان المؤتمر الثاني في العام 2022 حول "الإصلاح الضريبي العالمي وانعكاساته على دول الخليج"، وذلك بمشاركة عدد من الخبراء والباحثين، وصانعي السياسات المالية والضريبية من داخل قطر وخارجها.