أكد سعادة السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أن الاجتماع الثاني للمبعوثين الخاصين بشأن أفغانستان كان مثمرا وإيجابيا للغاية، وجرى التوصل خلاله إلى توافق بشأن القضايا الرئيسية، رغم عدم مشاركة "طالبان" في الاجتماع.
وقال سعادته في مؤتمر صحفي عقد في ختام الاجتماع الذي استمر ليومين بالدوحة: "إنه جرى خلال الاجتماع التوصل لتوافق بشأن كافة القضايا الرئيسية الواجب مناقشتها على صعيد الأسرة الدولية و"طالبان"، بالإضافة إلى عدد من النتائج العملية التي تجعلنا أكثر فاعلية ونجاعة بالمستقبل".
وأضاف أن "الأمم المتحدة تريد لأفغانستان أن تنعم بالسلام داخليا ومع جيرانها، وأن تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها الدولية المرتبطة بدولة ذات سيادة، والقيام بذلك في إطار علاقاتها مع الأسرة الدولية، وحقوق شعبها".
وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة أن الهدف الأساسي الذي نسعى إليه يكمن في أن تكون أفغانستان متكاملة ومندمجة بالكامل على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي مع الأسرة الدولية، مبينا أنه من أجل التوصل لهذه النتيجة، كان هناك إجماع كامل بشأن المقترحات الممنهجة والمبرمجة التي وردت في عملية المراجعة المستقلة، والتي غطت كافة أوجه القلق لدى الأسرة الدولية، وكذلك سلطة الأمر الواقع في أفغانستان.
وأشار إلى أن هذه المقترحات تتمثل في ألا تكون أفغانستان الحاضنة للأنشطة الإرهابية التي من شأنها التأثير على باقي الدول، وأن تكون الرؤية المتعلقة بأفغانستان وبمؤسساتها ذات صفة شمولية تمثل كافة أطياف المجتمع، إلى جانب احترام حقوق الإنسان، خاصة حقوق النساء والفتيات، عبر إعادة النظر في قرار منع الفتيات من الالتحاق بالمدارس الثانوية، وحظر عمل النساء في المؤسسات الحكومية.
ولفت إلى أن هناك حاجة لمزيد من المساعدات الإنسانية الفورية لأفغانستان؛ بهدف تلبية احتياجات السواد الأعظم من الشعب الأفغاني، فضلا عن طرح تساؤلات بشأن التنمية على المدى البعيد هناك.
ونوه الأمين العام للأمم المتحدة بالتعاون الوثيق بين أفغانستان وجيرانها في مجالات البنى التحتية والمياه وغيرها، مبينا أن هناك أشكالا مختلفة للتواصل والانخراط الثنائي والتعاون مع أفغانستان فيما يتعلق بمكافحة تنظيم "داعش".
وقال خلال المؤتمر الصحفي: "إن هناك أمورا إيجابية وينبغي أن تتقدم للأمام، إلا أن هناك بعض التساؤلات الأساسية التي لا تزال عالقة، حيث إن حكومة أفغانستان غير معترف بها، وليست متكاملة مع المنظومة الاقتصادية الدولية، وكذلك الأسرة الدولية لديها انطباع وتصور بأن الشمولية وإدماج كافة فئات المجتمع لم تتحسن هناك، كما أن حقوق الإنسان تردت وتدهورت خلال السنوات الماضية، فضلا عن مشكلات أخرى تتعلق بأن تنظيم "داعش" لم يحل ولم يتم الانتهاء منه؛ لذلك نحن أنفسنا أشبه بأحجية البيضة والدجاجة".
وتابع أن "طالبان" تعتقد أن هواجس الأسرة الدولية ليست من شأنهم، وتريد الاعتراف بها وإدماجها في المؤسسة الدولية، فيما تعتقد الأسرة الدولية أنه لم يتحقق أي تقدم على صعيد هواجسهم وبواعث قلقهم، وبالتالي لن يكون هناك أي تقدم على صعيد الاعتراف بالحكومة الأفغانية وإدماجها".
طريق مسدود
وأكد ضرورة تجاوز هذا "الطريق المسدود"، ووضع خارطة طريق تسهم في سير الأمور بشكل إيجابي، بما يأخذ في الاعتبار هواجس الأسرة الدولية، وكذلك هواجس وبواعث القلق لدى حكومة الأمر الواقع في أفغانستان بشكل متزامن.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة، خلال المؤتمر الصحفي، إلى "أننا ندرك أن هناك أشكالا مختلفة للعمل المؤسسي والتنظيمي على صعيد الأسرة الدولية، وكذلك الانخراط والتشارك مع أفغانستان بصيغ مختلفة، إلا أن هناك حاجة للمزيد من التنسيق والتعاون".
وحول قرار مجلس الأمن المتمثل في تعيين مبعوث أممي خاص بأفغانستان، شدد على أنه من المهم أن يكون هناك تشاور كامل وعميق مع كل الأطراف المعنية، وخاصة مع "طالبان"، ليتم تحديد دور ومهام ومسؤوليات المبعوث الأممي، لجعل الأمر جاذبا من منظور "طالبان"، وبما يمكن المبعوث من العمل بشكل فاعل مع حكومة طالبان.
وبين أن الدول الأعضاء ناقشت مسألة تشكيل مجموعة اتصال بعدد محدود من الدول الأعضاء، بما يمكنها من تبني مقاربة تنسيقية من أجل التواصل والتنسيق مع حكومة طالبان، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة تهيئ الظروف للاجتماع مع ممثلين عن الحكومة الأفغانية الحالية الذين لم يقبلوا المشاركة في هذا الاجتماع.
وذكر الأمين العام للأمم المتحدة، خلال المؤتمر الصحفي، أنه تقدم بمقترح شخصي بأن تكون مجموعة الدول الخمس إلى جانب ممثلين عن دول الجوار وممثلين عن الدول المانحة ضمن تشكيلة مجموعة الاتصال، بما يعزز مشاركة الأسرة الدولية مع حكومة الأمر الواقع في أفغانستان، لكن الأمر يعود للدول الأعضاء لتدرس مسألة تشكيل مجموعة الاتصال.
وحول عدم مشاركة "طالبان" في هذا الاجتماع، أوضح أنه لم يحضر أي ممثل عن الحكومة الأفغانية، لكن كان هناك اجتماع مع ممثل المكتب السياسي لطالبان بالدوحة، مبينا في هذا الصدد أنه وصلته رسالة من "طالبان" تتضمن عددا من الشروط التي بموجبها ستشارك في الاجتماع، وهذه الشروط غير مقبولة.
وأشار إلى أن هذه الشروط تتمثل في منع الحديث والتواصل مع جهات أخرى ممثلة للمجتمع المدني الأفغاني، وكذلك المطالبة بمعاملة مشابهة إلى حد كبير لاعتراف المجتمع الدولي بحكومة أفغانستان.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن الاجتماع كان مفيدا، مبينا أن هناك حاجة للخوض في هذه المناقشات بين الدول الأعضاء؛ لأن هناك تقريرا سيرفع إلى مجلس الأمن، وهو من طلب من الدول الأعضاء أن تكون هناك استراتيجية تتبناها بهذا الإطار، موضحا في هذا الصدد أن الاجتماع كان سيكون أفضل وأكثر فائدة لو تمت مناقشة نتائجه مع ممثلي حكومة طالبان.
وحول إمكانية حضور "طالبان" للاجتماع المقبل، قال: "سنجتمع في إطار الصيغة القائمة، وأعتقد أننا سنجد حلا أسهل يضمن مشاركة طالبان في الاجتماع المقبل".
إلى ذلك، استضافت دولة قطر على مدى يومين الاجتماع الثاني للمبعوثين الخاصين بشأن أفغانستان تحت رعاية الأمم المتحدة، وبحضور ممثلي العديد من الدول والمنظمات، وآخرين عن المجتمع المدني الأفغاني؛ وذلك لمناقشة كيفية التعامل مع المشاركة الدولية المتزايدة في أفغانستان.