انطلقت اليوم فعاليات مؤتمر الدوحة العاشر للمال الإسلامي تحت عنوان (التمويل الإسلامي 2.0- اندماج المبادئ والتكنولوجيا) وسط مشاركات محلية ودولية من هيئات حكومية ومنظمات ومؤسسات مالية وأكاديمية في مجالات الاقتصاد والمال والتكنولوجيا.
ويهدف تنظيم هذه النسخة من مؤتمر الدوحة للتمويل الإسلامي إلى التعرف على تطورات تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي وأثرها على الفتوى والرقابة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية مع بيان أثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي على أداء المؤسسات المالية الإسلامية واستكشاف فرص وتحديات المؤسسات الوقفية في عالم الذكاء الاصطناعي والوقوف على الاعتبارات الأخلاقية والقانونية للتمويل الإسلامي في ظل الأنظمة الذكية.
تطور هائل
وفي هذا الصدد، قال سعادة الدكتور الشيخ خالد بن محمد بن غانم آل ثاني مدير عام الإدارة العامة للأوقاف بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إن دخول الذكاء الاصطناعي في مجال المالية الإسلامية والمؤسسات الوقفية يجعل لزاما على العاملين في هذه المؤسسات دراسة سبل الاستفادة من هذا التطور الهائل سواء من ناحية الإجراءات والفتاوى أو الخدمات الإلكترونية وغيرها من المجالات النظرية والتطبيقية، وتكييفها تكييفا صحيحا مراعيا للاعتبارات الشرعية والقانونية، منوها إلى أهمية ونوعية البحوث التي سيتناولها المؤتمر والتوصيات المهمة التي سيستفيد منها العاملون في مجال المالية الإسلامية والأوقاف.
مدير عام الأوقاف: التطور التقني أصبح اليوم ضرورة حتمية لاستمرارية المؤسسات
وشدد على أن الإدارة العامة للأوقاف بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تؤمن بدور العلم في تقدم الأمة وتطورها، وأن هذا التطور التقني أصبح اليوم ضرورة حتمية لاستمرارية المؤسسات، مبينا أن مؤسسة الوقف، باعتبارها أحد أهم أعمدة مؤسسات الاقتصاد الإسلامي، ليست بعيدة عن موجة التحول نحو التقنيات الذكية، والتي برزت مؤخرا بشكل لافت في أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يقود للتفكير بإيجابية وتفاؤل حول ما يمكن أن تضيفه هذه التقنية المستحدثة في تحسين خدمات الوقف وتطوير الأعمال الوقفية وتحسين استدامتها ورفع كفاءتها.
وأضاف سعادته أن الإدارة العامة للأوقاف تسعى من خلال هذا المؤتمر والمشاركة فيه إلى تقديم التجربة وتبادل المعرفة والخبرات والاطلاع على أحدث التقنيات في مجال استخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي في الوقف، والإسهام في تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الوقف ودوره في تحقيق التنمية المستدامة، كما أشاد بحرص المؤتمر على إبراز قضايا الوقف، حيث كان من أهداف هذا المؤتمر استكشاف فرص وتحديات المؤسسات الوقفية في عالم الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى ما سيتم مناقشته من موضوعات، كالاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير آليات حصر وتوثيق الأوقاف، واستكشاف إمكانات الذكاء الاصطناعي في إدارة واستثمار الأوقاف.
ثورة تقنية
من جهته، قال الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي رئيس اللجنة المنظمة ونائب رئيس مجلس إدارة شركة بيت المشورة للاستشارات المالية، الجهة المنظمة للمؤتمر، إن ما نعايشه اليوم من ثورة هائلة في عالم التكنولوجيا، ازدادت حدته مع ظهور تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي، وبروز أدواته التي تسعى لا لتكون جزءا من حياتنا بل لتكون جزءا منا، فظهر المساعد الافتراضي عبر تقنية تشات جي بي تي (chat GPT) كبديل عنا في التفكير واتخاذ القرار، وتعدى الأمر إلى محاولات زرع الشرائح الإلكترونية في جسم الإنسان.
د. خالد السليطي: هذا التحول الخطير يؤذن بمرحلة جديدة في مسيرة البشرية والتمويل الإسلامي
وأضاف أن هذا التحول الخطير يؤذن بمرحلة جديدة في مسيرة البشرية والتمويل الإسلامي لا ينفصل عن هذا الواقع، فقد اتسعت مساحة التقنيات الذكية، وزاحمت الآلة الإلكترونية الإنسان في المعاملات المالية، حتى لامست زوايا مهمة في منظومة التمويل الإسلامي، فبدأ الحديث عن دور الآلة الذكية في إصدار الفتاوى وإبرام العقود المالية.
وتابع قائلا: تعتبر دولة قطر من أهم الدول الرائدة في مجال التمويل الإسلامي واعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، فهي تصنف خامس أكبر سوق للتمويل الإسلامي في العالم بأصول تجاوزت 174 مليار دولار، كما أسهمت التوجهات الحكومية في توسع سوق الذكاء الاصطناعي في دولة قطر حيث بلغ في العام الماضي حسب التقديرات 38 مليون دولار ويتوقع أن يصل إلى 58.8 مليون دولار في العام 2026، بنمو سنوي يتجاوز 17%، كما تحتل دولة قطر المرتبة الثالثة عربيا في مؤشر الجاهزية الحكومية للذكاء الاصطناعي، والثامنة عالميا في التشريعات والسياسات الرقمية.
ثمار طيبة
وأكد أن للتمويل الإسلامي أصولا ثابتة من القيم والأخلاق، نابعة من أصول الشريعة الغراء، وفروعا تمتد مع امتداد واحة الابتكار والإبداع، فكلما سقيت الفروع من أصولها واعتمدت عليها كانت ثمارها يانعة طيبة، وأي محاولة لمجاوزة هذه الأصول، إنما هي سعي لاجتثاث منظومة التمويل الإسلامي وقتل روحها.
من جانبه قال سعادة الشيخ محمد بن حمد بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس إدارة مجموعة بنك دخان إن التكنولوجيا المالية أعادت تشكيل العمل المصرفي الإسلامي ومنتجاته، وظهر الذكاء الاصطناعي التوليدي بأدواته ليسهم في تسريع النمو وزيادة الكفاءة للمؤسسات المالية الإسلامية، من خلال التحليل التنبؤي للبيانات الضخمة، والتحليل العصبي للنصوص والمحادثات، والروبوتات الاستشارية الذكية، وغيرها من التقنيات والابتكارات المتقدمة التي تمثل نقلة نوعية في الخدمات المصرفية الإسلامية.
الشيخ محمد آل ثاني: بنك دخان أصبح ثالث أكبر وأسرع بنك إسلامي نموا في قطر
وأضاف أن بنك دخان أصبح ثالث أكبر وأسرع بنك إسلامي نموا في دولة قطر، وضمن أكبر عشرة بنوك إسلامية على مستوى العالم، وقد توجت هذه الإنجازات بالنتائج المالية المتميزة، حيث حقق البنك خلال العام 2023 أرباحا تاريخية تجاوزت المليار وثلاثمائة مليون ريال، وإيرادات تجاوزت 6 مليارات ريال بنسبة نمو بلغت 37% وقد عززت هذه التجربة استراتيجية المجموعة، القائمة على تعزيز الابتكار والتحول الرقمي، كما قدم البنك خلال مسيرته منتجات مالية رقمية مبتكرة، عززت من مكانته، وحصل في العام 2023 على جوائز وتصنيفات مرموقة في مجال الابتكار والتحول الرقمي، منها جائزة "أفضل استخدام للذكاء الاصطناعي في الخدمات المالية"، وجائزة "البطاقة البنكية الإسلامية الأكثر ابتكارا لعام 2023".
وبين سعادته أن النجاح المتحقق في العمل المصرفي الإسلامي لم يكن يتحقق لولا وجود بيئة تشريعية وتنظيمية تؤمن بالابتكار وتوفر حاضنته، وتحيطها بأنظمة حمائية متطورة، وهذا ما تقوم به الجهات الإشرافية والرقابية، وعلى رأسها مصرف قطر المركزي، الذي رسم في استراتيجيته المالية الثالثة تعزيز دور التمويل الإسلامي، إضافة إلى دعم الابتكارات الرقمية والتكنولوجيا المتقدمة.