أوصى خبراء ومحللون، الأسر بضرورة وضع ميزانية مقننة ومنضبطة خاصة بشهر رمضان المبارك، وترشيد النفقات لضبط إيقاع المصروفات اليومية، خلال الشهر الفضيل الذي يعد شهرا للاقتصاد، ويحث على الاعتدال، وعدم الإسراف والتبذير.
ودعوا إلى إعداد موازنة مدروسة لتلبية مستلزمات الشهر والعيد، وعدم التهافت على الأسواق، والابتعاد قدر المستطاع عن التسوق العشوائي، والتخطيط جيدا لعمليات الشراء، مشددين على ضرورة أن تتم العمليات نقدا حتى لا يتورط الفرد بتوفر السيولة لديه، خاصة في ظل ما توفره بطاقة الفيزا والدفع الإلكتروني من إغراءات قد تثقل كاهل رب الأسرة بعد انقضاء الشهر.
ضبط سلوك التسوق
وحث الخبراء الأسر في الدول العربية والإسلامية، ودولة قطر خاصة، على تقويم وضبط سلوك التسوق، خلال الشهر الفضيل، للحيلولة دون الوقوع في فخ موسم العروض الترويجية والتخفيضات، والتي عادة تنتشر بشكل مكثف، مع بدء الأيام الفضيلة وقرب حلول الشهر، حاثين كافة الأسر على عدم الإفراط في النفقات، من خلال شراء كميات كبيرة من السلع والمواد التموينية، وتكديسها في المنازل، مما قد يسهم في رفع أسعارها وتضخمها نتيجة تزايد الطلب عليها، ويضاعف من الأعباء الملقاة على عاتق رب الأسرة، هو أساسا في غنى عنها.
وحول الآليات الناجعة للسيطرة المالية في ظل تزايد الأعباء والمتطلبات الأسرية خلال شهر رمضان، أجمع الخبراء في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية “قنا” على أهمية التزام المستهلكين بالميزانية المحددة مسبقا للشهر المبارك، حيث شدد الدكتور عبدالله الخاطر الخبير الاقتصادي على أهمية ضبط الموازنة المخصصة للشهر الكريم في حدود المعايير المتعارف عليها لترشيد عملية الصرف بحيث لا يكون إفراط ولا تفريط.
د. عبدالله الخاطر: الدين الحنيف نهى عن الإسراف ويتأكد ذلك في شهر رمضان
وقال الدكتور عبدالله الخاطر إن الدين الحنيف نهى عن الإسراف، ويتأكد ذلك في شهر رمضان، مضيفا أن الشهر الكريم هو شهر روحانيات وقرب من الله عز وجل.
وشدد على أهمية مكافحة حمى وهوس الشراء العشوائي، مطالبا الأسر بإعداد قائمة أسبوعية بالمستلزمات الأساسية المطلوبة، واتباع الإرشادات والنصائح التسويقية، والحد قدر المستطاع من الكماليات وعدم المبالغة في شرائها، كونها تستنزف جزءا كبيرا من الميزانية الأسرية، فضلا عن ذلك فهي عرضة للتلف في أي وقت.
وقدر الخاطر نسبة الهدر في شهر رمضان بنحو 25 بالمئة، مؤكدا أن شهر رمضان فرصة لضبط سلوك صحي يحافظ به الإنسان على جسمه بما يحقق الأهداف التي من أجلها فرض الصيام.
ترتيب الأولويات
كما دعا إلى ترتيب الأولويات والاحتياجات الأساسية للشهر الفضيل، كي تتم السيطرة على عمليات الشراء بطريقة مدروسة، لا عشوائية، وتجنب الشراء في أوقات الذروة لأن أسعار السلع ستكون عرضة للارتفاع، مطالبا جميع المتسوقين والمستهلكين برسم خارطة تسوق تكون واضحة المعالم لكبح شهوة تخزين السلع والمواد.
يتم انتقاء واختيار السلع والأصناف من عدة مجمعات لضمان الاستفادة بشكل مثالي من التخفيضات
ونصح الدكتور عبدالله الخاطر المتسوقين بمقارنة أسعار العروض الترويجية، بحيث يتم انتقاء واختيار السلع والأصناف من عدة مجمعات، لضمان الاستفادة بشكل مثالي من التخفيضات، إلى جانب التأكد من تواريخ الصلاحية والانتهاء، لأن الشهر الفضيل يعتبر فرصة ترويجية لكثير من الأسواق لتصريف مخزوناتها.
واقترح استخدام الشراء الإلكتروني بطريقة ذكية للاستفادة بصورة قصوى من العروض الإلكترونية.
من جانبه أكد يوسف بوحليقة محلل الأسواق المالية أن ضبط سلوك استهلاكي رشيد لا يرتبط فقط بشهر رمضان المبارك، على اعتبار ان الاستهلاك عنصر رئيسي في الدورة الاقتصادية وهو محدد لباقي العناصر على غرار الادخار، الركيزة الأساسية للاستثمار والإنتاج، فكلما تم ضبط الاستهلاك وتوجيهه بشكل صحيح توفرت تمويلات حقيقة للاستثمار.
إخضاع الأسعار للمقارنة
ودعا في هذا السياق إلى ترتيب الأولويات والاحتياجات الأساسية للشهر الفضيل، وتدوينها قبل التوجه إلى المراكز والمجمعات التجارية، كي تتم السيطرة على عمليات الشراء بطريقة مدروسة، لا عشوائية.. مشددا على ضرورة إخضاع الأسعار لعملية مقارنة بين الفضاءات التجارية لتجنب الوقوع في شرك المضاربات التي تصاحب عادة الأيام الأولى من شهر رمضان في الأسواق على اعتبار أن الشهر الفضيل يعتبر فرصة ترويجية لكثير من الأسواق لتصريف مخزوناتها، مقترحا اللجوء إلى التسوق الإلكتروني للاستفادة بصورة قصوى من العروض الإلكترونية، مطالبا الجهات المختصة بتكثيف عمليات المراقبة على المحلات التجارية تجنبا للغش والتلاعب بالأسعار.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور سيف بن علي الحجري رئيس برنامج "لكل ربيع زهرة"، على أهمية دور الأسرة في تربية النشء على السلوك الاستهلاكي الرشيد، وقال: " لما كانت الأسرة هي وحدة بناء المجتمع، فإن صحة المجتمع وسلامته، وتقدمه ورفاهه، من سلامة تلك الأسرة، لذا فالنجاحات في الغالب متبادلة بين الأسرة والمجتمع، فإذا تقدمت الأسرة، تقدم المجتمع".
وأضاف أنه ربما أصبح من المسلمات صحة المنهج الذي يعتبر الأسرة مفتاحا لبناء المجتمع، وهذا ما يعظم من دور الأسرة، ويجعل ترشيد الاستهلاك ضرورة لمجتمع متقدم، ينعم بالرفاه، مضيفا أن بناء مفاهيم أسرية مستقرة حول الإنفاق، طريقة وشكلا، بلا إسراف ولا تقتير، ليكون ترشيد الإنفاق طريقا وطنيا يسيرا وعظيم الفائدة للوطن.
د. سيف الحجري: ينبغي التركيز على السلع الغذائية الأساسية والصحية وتجنب شراء الأشياء غير الضرورية
وقدم الدكتور الحجري جملة من النصائح لترشيد الاستهلاك، أبرزها تجنب شراء الأشياء غير الضرورية، والتركيز على السلع الغذائية الأساسية والصحية، لا سيما المعدة منزليا، والابتعاد عن العروض غير المفيدة.
كما اقترح توعية أفراد الأسرة بأهمية ترشيد النفقات بأنواعها، وتخصيص مبلغ ثابت للادخار شهريا مهما كان بسيطا، والابتعاد عن شراء الماركات مرتفعة الثمن، والبحث عن المنافذ التي تقدم عروضا وتخفيضات جيدة، وتجنب العيش في مستوى يفوق الدخل، أو الاقتراض لشراء الكماليات أو للسفر، بالإضافة إلى عدم الإسراف في استخدام المياه والكهرباء، أو شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية تجنبا لتعرضها للتلف ومن ثم الهدر، والبحث عن مصدر إضافي للدخل.