تحتفل الأسر القطرية بلية “القرنقعوه” التراثية التي توافق ليلة النصف من شهر رمضان المبارك من كل عام، والتي تحولت إلى مناسبة شعبية ينتظرها الكبار والصغار سنويا بعد أن كانت تقليدا لتشجيع الأطفال على الصيام وغرس حب الشهر الفضيل في نفوسهم.
وتشارك العائلات الأطفال فرحتهم بهذه الليلة التي يتم فيها مكافأة الأطفال على إتمام صيام نصف شهر رمضان وتشجيعهم على الاستمرار والمواظبة على صيام النصف الباقي من الشهر الفضيل، وتمزج الاحتفالات بين إدخال الفرحة والسرور على نفوس الأطفال وإحياء الموروث الشعبي والتقاليد الأصيلة وتعزيز قيم التواصل والمودة والألفة بين جميع أفراد المجتمع.
أمينة قطبة: القرنقعوه من أشهر الاحتفالات الشعبية في قطر ودول الخليج العربي
وقالت أمينة عبدالله قطبة مستشارة ومدربة في مجال إدارة المشاريع الثقافية، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية “قنا”: إن القرنقعوه من أشهر الاحتفالات الشعبية في قطر ودول الخليج العربي، حيث تعرف في قطر باسم “القرنقعوه”، لكنها تتخذ عدة مسميات في دول الخليج مثل “قرنقشوه” و”قرقيعان”، حيث يأتي احتفال الجميع بها في ليلة النصف من رمضان، تكريما وتشجيعا للأطفال على صيامهم في هذا الشهر الفضيل.
فرحة للأطفال
وأضافت أن الأطفال في هذه الليلة يتنقلون بين بيوت الجيران والجدات والأعمام والأخوال، لجمع الحلوى والمكسرات في أكياس جميلة قد ترسم عليها صورة الطفل الذي أتى للزيارة أو أكياس مزركشة بأنشودة أو صورة، حيث يردد الأطفال الأهازيج التراثية المرتبطة بتلك المناسبة والتي تتضمن كلمات تعبر عن الجود والكرم في هذه الليلة المباركة.
#قنا_انفوجرافيك | #القرنقعوه.. ليلة تراثية ينتظرها الكبار والصغار منتصف شهر #رمضان#قنا #قطر https://t.co/VdcQpY5UXj pic.twitter.com/D1FO4nZkBz
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) March 23, 2024
وأشارت أمينة قطبة إلى أن البعض يرجع أصل كلمة “القرنقعوه” إلى الفعل قرع، أي طرق الباب، وهو زيارة الجيران والطرق على الباب، مشيرة إلى أن هذه العادة التراثية الجميلة كان يتم الاحتفاء بها في الفرجان.
خليفة المالكي: القرنقعوه عادة متوارثة تشجع الأطفال وتحثهم على الاستمرارية في الصيام حتى نهاية رمضان
من جانبه، قال خليفة السيد المالكي الباحث في التراث الشعبي، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية “قنا”، إن الاحتفاء بهذه الليلة مناسبة لتذكير الأجيال الحالية بما كانت عليه الأسر القطرية في الماضي، مشيرا إلى أن “القرنقعوه” عادة متوارثة من أجل تشجيع الأطفال وحثهم على الاستمرارية في الصيام حتى نهاية شهر رمضان، كما أنها مكافأة لهم على صومهم نصف الشهر الفضيل.
تطور القرنقعوه
وأضاف أن تغييرات طرأت على الاحتفال بليلة “القرنقعوه” بفعل التطور وتغير نمط الحياة مثلها في ذلك مثل العديد من المناسبات التراثية، مشيرا إلى أن التطور طال ملابس “القرنقعوه” والأكياس التي يجمع فيها الأطفال الحلوى والمكسرات وغيرها من العادات التي كانت متبعة في الماضي، حيث يتفنن الآباء والأمهات في تجهيز ملابس خاصة للاحتفال بليلة “القرنقعوه”، كما أن الأطفال الذين كانوا يجمعون المكسرات في أكياس “القرنقعوه” قديما باتوا يجمعون أنواعا مختلفة من الحلوى في عبوات وسلال تتخذ أشكالا حديثة.
رغم التطور إلا أن أزياء وملابس الأطفال في هذه الليلة تشبه كثيرا ما كان عليه الأطفال في الماضي
وأشار خليفة السيد إلى أنه على الرغم من التطور، إلا أن أزياء وملابس الأطفال في هذه الليلة تشبه كثيرا ما كان عليه الأطفال في الماضي، من حيث نوعية القماش والألوان، فالأولاد يرتدون الثياب البيضاء الجديدة ويعتمرون فوق رؤوسهم “القحفية”، وهي طاقية مطرزة عادة بخيوط فضية، فيما يختار بعض الأولاد ارتداء “السديري” المطرز، وهو رداء شعبي يوضع على الثوب ويتدلى حتى الخصر، فيما ترتدي الفتيات فوق ملابسهن العادية الثوب الزري، وهو ثوب يشع بالألوان ومطرز بالخيوط الذهبية، ويضعن أيضا “البخنق” لتغطية رؤوسهن، وهو قماش أسود تزينه خيوط ذهبية في الأطراف، إلى جانب وضع بعض الحلي التقليدية.
ويساهم الاحتفال بليلة “القرنقعوه” في توطيد العلاقات الاجتماعية بين الأطفال والجيران، كما تمنح الأطفال ثقة في أنفسهم وبناء شخصيتهم، ويعرف كذلك الأجيال الناشئة بعادات قطر وقيمها الراسخة التي تبث روح المودة والألفة والمحبة بين جميع أفراد المجتمع، فضلا عن ترسيخ قيم التآخي والتواصل والتعاضد بين الأهل والأصدقاء وسكان الحي الواحد.