السرعة ليست دائما عاملا حاسما عندما يتعلق الأمر بإنشاء علامة تجارية ناجحة وضمان استمرارها. في ظل الاقتصاد الحديث متسارع الوتيرة، يظن معظم مديري الشركات ورواد الأعمال أن النجاح يكون حليف الأسرع في كل شيء وأن التباطؤ يفضي إلى تفوق المنافسين، ولكن السرعة ليست دائما عاملا حاسما عندما يتعلق الأمر بإنشاء علامة تجارية ناجحة وضمان استمرارها.
وفي تقرير نشرته مجلة "أنتربرونر" Entrepreneur الأميركية، تستعرض مستشارة ريادة الفكر ألميرا برداي بعض العوامل التي تؤثر سلبا على العلامة التجارية، وتبين مدى أهمية تخصيص الوقت الكافي وعدم حرق المراحل عند إنشائها، سواء للشركات أو الأفراد.
التسرع
تعد العلامة التجارية مخططا لكل قرار سيتخذه المرء بشأن مشروعه، مما يعني أنها تمس جميع جوانبه، وعندما تضمن إنشاء علامة تجارية قوية، فإنك ستهدر قدرا أقل من الوقت لاحقا، لأنك بذلك تعالج جميع قراراتك التجارية من منطلق المعرفة بما يحتاجه جمهورك أو عملاؤك، بدلا من التخمين. وعلى هذا النحو، سيتحرك المشروع بشكل أسرع وأكثر فاعلية من منافسيه عندما تظهر فرص حقيقية أو تغييرات غير متوقعة.
ذكرت الكاتبة أن لديها عميلا بمقدرته تنظيم حملة إعلانية وطنية في أقل من 48 ساعة لأنه على اطلاع مسبق بالمضامين الفعالة والمنصات الإعلانية التي تصل إلى جمهوره بشكل أفضل، فقد حظي محتوى الإعلان وأفكاره الرئيسية ومرئياته بقبول داخلي، وسبق أن تم اختباره بالسوق، وعندما يطرأ تغيير على السوق، يسارع فريقه إلى استغلال فرص إقامة العلاقات العامة ويباشرون بإجراء المكالمات الإعلامية وتلقيها، ولا يضيعون الوقت في انتظار الموافقات أو التفكير أو التخمين، وبينما المنافسون يتعثرون في البحث عن موطئ قدم لهم، يستفيد عميلها من كل فرصة بصدر رحب، مما يؤدي لقفزة كبيرة في تعريف العملاء بالعلامة التجارية واكتسابهم.
ويعزى جزء من تأجيل الشركات والمستثمرين ورواد الأعمال لبناء العلامة التجارية إلى الفهم المنقوص لماهيتها، والظن بأنها مجرد تصميم لشعار الشركة، ولكنها أعمق من ذلك بكثير.
ليست مجرد شعار
العلامة التجارية ليست مجرد تصميم شعار مرئي، بل يجب أن تروي قصة المشروع عن طريق تحديد أسباب إنشائه وقيمه ومبادئه وأهدافه وما يميزه عن منافسيه وعلاقته مع العملاء، وبما أنها المخطط الأساسي للمشروع بأكمله، فلا بد من العمل عليها بعناية واستخدامها إستراتيجية بناء تحفز على اتخاذ الإجراءات والتعليمات التي يمكن للشركة أو الفرد اتباعها.
وأكدت الكاتبة أن الشعارات والمواقع الإلكترونية والدعاية ومنصات التواصل والعلاقات العامة والقيادة الفكرية، وتحسين محركات البحث والوسائط المدفوعة والمكتسبة، وأساليب التسويق وخدمة العملاء وتكتيكات المبيعات، جميعها تنبثق من المخطط وليس العكس. وإذا حدث العكس فلن يحمل المشروع سوى جملة من الأدوات أو العناصر غير المجدية التي ليس لها هدف واضح وفعال، مما يسفر عن تعثره وانهياره في النهاية.
في المقابل، يمكن للمؤسسة ذات العلامة التجارية القوية الحفاظ على تماسكها وضمان تركيز الفرق على المسائل المهمة خلال الأوقات العصيبة، وتستطيع العلامة التجارية التي تتسم بالعمق والنزاهة أن تتحمل تداعيات بعض الأخطاء، مادام الجميع مستمرا بالعودة إلى المخطط مرارا وتكرارا.
تجاهل العلامة التجارية الشخصية
تعتبر العلامات التجارية المدروسة مهمة للأفراد أيضا، لا سيما رواد الأعمال الذين يعولون على علامتهم التجارية الشخصية لتعزيز خدماتهم أو شركاتهم، أو للقادة ذوي الكاريزما الذين يرتبطون ارتباطًا وثيقًا بمنظماتهم. وتنطبق عليها نفس القواعد، معرفة العلامة التجارية، ومعرفة معناها، وكيفية استخدامها.
ومن بين الفروق الرئيسية بين العلامة التجارية للشركة وتلك الخاصة بالفرد، يجب أن تُبنى العلامة التجارية الشخصية على أساسٍ يمكن التعايش معه، بحيث تشكّل هوية رائد الأعمال أو نسخة منه على الأقل والتي يمكن تطبيقها في الحياة المهنية بشكل متسق وحقيقي.
ويعد بناء علامة تجارية شخصية ناجحة أمرا صعبا للغاية لأنه يتطلب صدقا شديدا وانفتاحا بشأن هوية الفرد، وما يمكنه التعامل معه، وما يرضى بمشاركته مع الجمهور، وكيفية تقديمه لنفسه. لذلك، تنصح الكاتبة بالامتناع عن اتخاذ صفات لا يتمتع بها المرء كجزء من علامته التجارية لأنه من السهل أن يكتشف الجمهور التناقض بين ما يقوله ويفعله، وسيبدؤون بالابتعاد عنه فور حدوث ذلك.
علاوة على ذلك، لا بد من تذكر أن الجماهير لا تتحدث مع العلامات التجارية فحسب، بل مع بعضها البعض أيضا، ولديها القدرة على التخلص من العلامات التجارية التي لا تلبي توقعاتها أو لا تتصرف وفقا لوعودها، فالحفاظ على سمعة العلامة التجارية الحسنة لا يقل أهمية عن بنائها.
يحتاج أصحاب العلامات التجارية، من المؤسسات والأفراد، إلى الارتقاء بمستوى العلامات التجارية التي أوجدوها عن طريق التحقق المستمر من وعودهم الموضوعة بالمخطط الأولي، والاستمرار في الإيفاء بها وفقا لذلك.