اختتم برنامج “لكل ربيع زهرة” فعاليات الخيمة الخضراء الرمضانية، بندوة تناولت إسهامات الهلال الأحمر في الدول العربية والجمعيات الخيرية في الأزمات الإنسانية، وما حققته هذه الجمعيات من تاريخ زاخر بالعطاء في الإغاثة وأعمال البر، والتحديات التي تواجه الجمعيات الخيرية لأداء مهامها الإنسانية، إضافة إلى تجاربهم في إغاثة قطاع غزة، ودراسة مقارنة بين أنشطة الجمعيات الخيرية العربية ونظيراتها الغربية.
وفي بيان الجلسة الختامية، أكد الدكتور سيف بن علي الحجري، رئيس البرنامج أن المنظمات الإنسانية والإغاثية تلعب أدوارا عظيمة في مناطق الصراع والحروب والكوارث، ومن الضروري فهم أدوار ومهام تلك المنظمات، حيث تؤدي اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في الدول العربية، مسؤولية مراقبة تنفيذ القانون الدولي الإنساني، وتلقي الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات، والمساهمة في تطوير القانون الإنساني ونشره، وحماية ضحايا الحرب والإغاثة في حالات الكوارث، من خلال المهام المحددة التي تمنحها اتفاقيات جنيف وحركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
د. سيف الحجري: هناك العديد من التحديات التي تواجه المنظمات الخيرية في أداء مهامها الإنسانية
وأضاف أن هناك العديد من التحديات التي تواجه المنظمات الخيرية في أداء مهامها الإنسانية، وقد أكد المشاركون في الخيمة الخضراء على ضرورة النظر في العديد من التحديات التي تواجه عمل المنظمات الخيرية، من بينها مخاطر أداء مهامهم في مناطق النزاعات والحروب والكوارث، وما تعانيه المنظمات الإنسانية والإغاثية من محدودية التمويل.
وأشار المشاركون في الجلسة إلى ضرورة تجاوز العقبات التنظيمية والتنسيقية، كالتحديات الإدارية، مثل الإجراءات البيروقراطية وآليات التمويل، التي تعيق العمل الفعال للجمعيات الخيرية، ونشر الوعي المجتمعي بأهمية ودور القطاعات الإنسانية، وتباين الرؤى السياسية والتأكيد على عدم تغليب المصالح على الجانب الإنساني.
معالجة التحديات
ونوهوا إلى ضرورة معالجة التحديات من خلال مشاريع ذات طابع مستدام، وزيادة الدعم المالي من خلال مشاركات الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وتبسيط اللوائح، وتعزيز المشاركة المجتمعية، وتحسين الكفاءة التشغيلية، والتنسيق على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
وأوضحوا أنه على الرغم من المبادرات القيمة من جانب الهلال الأحمر في الدول العربية والمنظمات الخيرية في إغاثة غزة، إلا أن العراقيل والتعنت خلافا للقانون الدولي والإنساني التي وضعها الكيان الإسرائيلي، حالت دون إغاثة المرابطين في غزة.
وأشاروا إلى العوائق التي تحول دون دخول المساعدات إلى غزة، وفي مقدمتها الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة، والقيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية، والتهجير القسري لسكان غزة، الذي أعاق إيصال المساعدات، إضافة إلى نقص الوقود ومعدات الإغاثة، وصعوبة الوصول إلى مناطق معينة، وتدمير الطرق وقطع الاتصالات، وكذلك تدمير البنية التحتية لمنظمات العمل الإنساني وقتل العاملين فيها.
د. إبراهيم الصادق: القانون الدولي الإنساني خلاصة لجهد إنساني واجتهادات مقدرة فيها أثر الفطرة السليمة
في الإطار ذاته عرف الدكتور إبراهيم أحمد الصادق الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان القانون الدولي الإنساني بأنه مجموعة من القوانين الدولية المؤلفة من معاهدات وقواعد عرفية تهدف في أوقات النزاع المسلح إلى الحد من المعاناة التي تسببها الحرب من خلال حماية الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال القتالية، وأن القانون الدولي الإنساني، يعتبر خلاصة لجهد إنساني واجتهادات مقدرة، فيها أثر الفطرة السليمة والتداخل والتدافع والمشاركة الحضارية.
معاناة غزة
واستعرض الدكتور زيد عبد الوهاب جردات – طبيب من الأردن – تجربته في مساعدة الكوادر الطبية في غزة، حيث تطوع خلال الحرب الجارية على القطاع من أجل تقديم الدعم ومساندة العاملين في المستشفيات، مشيرا إلى أن القطاع الصحي في غزة يعاني الكثير من الصعوبات، إضافة إلى ما تعانيه الكوادر الطبية الراغبة في التطوع من الدول العربية.
وتطرقت الدكتورة محجوبة داوودي ممثلة الهلال الأحمر القطري في الندوة إلى الجهود الداخلية، للجمعية التي تتحرك من منطلق أنها جزء من المجتمع القطري، يهدف إلى خيره والنهوض به وتلبية احتياجات المواطنين والمقيمين فيه على السواء، مخصصا لذلك كل ما لديه من موارد وخبرات وإمكانات بشرية وفنية، من خلال التعاون مع المؤسسات الحكومية والخاصة، بما يحقق رسالة الهلال الأحمر القطري الأساسية ويساهم في تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.
وأشارت إلى جهود الهلال الأحمر الإغاثية في الكثير من دول العالم، واستجابتها للكوارث والأزمات الإنسانية التي وقعت خلال عام 2023، حيث تم تفعيل مركز إدارة المعلومات في حالات الطوارئ 14 مرة على مدار العام، وعلى رأس هذه الكوارث والأزمات زلزال سوريا وتركيا، النزاع في السودان وإعصار “دانيال” في ليبيا، وزلزال المغرب والعدوان على غزة.
وأطلق الهلال الأحمر القطري العديد من القوافل الطبية لعلاج المرضى في مختلف التخصصات الطبية، بالتعاون مع مجموعة كبيرة من الأطباء والفنيين من مؤسسة حمد الطبية وسدرة للطب.
جهود قطر الخيرية
في الإطار ذاته تحدث محمد ادردور من “قطر الخيرية” عن الجهود الإغاثية للجمعية، قائلا: تأسست قطر الخيرية عام 1992، وتطورت على مدار العقود الماضية، فتعمل في الوقت الحالي بـ 70 دولة عبر العالم، ولديها 33 مكتبا ميدانيا في أفريقيا وآسيا وبعض الدول الأوروبية.
وأشار إلى التحديات التي يواجهها العاملون في المجال الإنساني بقطاع غزة، منها ما يتعلق بالوصول وتوافر المواد الإغاثية، وكلفة هذه المواد، حيث يضطر العاملون في القطاع الإغاثي في بعض الأحيان لشرائها بأسعار مضاعفة، نظرا للحاجة الماسة لها.
محمد ادردور: قطر الخيرية لديها مخزن للمواد الإغاثية بالعريش المصرية حيث يتم تجميع المواد قبل إدخالها إلى غزة
وقال: "قطر الخيرية كباقي الجهات التي تهتم بالوضع الإنساني في غزة، وهي جزء من الجسر الإنساني الذي تشرف عليه دولة قطر، وأن قطر الخيرية لديها مخزن للمواد الإغاثية بمدينة العريش في مصر، حيث يتم تجميع المواد هناك قبل إدخالها إلى غزة".
ونوه إلى الصعوبات والتحديات التي تواجه عملية ادخال المساعدات، والبطء الشديد في حركة الدخول والخروج، لافتا إلى أن قطر الخيرية تعتمد على عدة وسائل لإيصال المساعدات، مشددا على أن الوضع الإنساني في غزة يختلف عن غيره من الأزمات الإنسانية.
بدوره قال محمد هاشم الشريف المشرف على فعاليات الخيمة الخضراء: تميزت فعاليات النسخة 18 من الخيمة الخضراء، بتنوع المواضيع، والتي بلغت 11 موضوعا، اشتمل كل منها على عدد 4 محاور، ما مكننا من استضافة عشرات من الخبراء والوجهاء وأصحاب الرأي والعلماء، لطرح القضايا ذات الصلة.
وأضاف: "حرصنا على الاستفادة من أفكار الخبراء المشاركين وحلولهم وخلاصات خبراتهم، فلم يقصروا في العرض، كما تلى كل جلسة، تقديم بيان به خلاصة ما تم تداوله من أفكار، الأمر الذي حول الفعالية إلى ورشة عمل، يشارك فيها الجميع، وما يجعلها وثيقة ذات شأن في تاريخ الخيمة الخضراء، تعين في استيضاح جهود مخلصة للسادة المشاركين".