تتميز بريطانيا من بين عواصم بلدان أوروبا الغربية بعدد كبير من المساجد التاريخية ذات الطراز المعماري الفريد والزخرفة الإسلامية البديعة، والتي باتت قبلة للمسلمين ومزارا لغير المسلمين على مدار العام، ولا سيما في شهر رمضان الكريم. ويعد مسجد لندن المركزي، الذي شيد في أربعينيات القرن الماضي، واحدا من أكبر الصروح وأهم المعالم الإسلامية والثقافية في لندن والمملكة المتحدة.
وقال الدكتور أحمد الدبيان، مدير المسجد والمركز الثقافي الإسلامي في لندن، في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية، إن مسجد لندن المركزي والمركز الثقافي الإسلامي مؤسسة إسلامية كبيرة انطلق في عام 1944 وله نشاطات على مدار العام، إلا أن شهر رمضان يحمل مكانة خاصة حيث يتحول هذا الشهر المبارك إلى مناسبة عظيمة تفوق أهمية الأيام الأخرى، حيث تتزايد الأنشطة الدينية والثقافية والاجتماعية التي يتم تنظمها خلال هذه الفترة.
وأضاف أن المسجد ينظم برامج دينية وتعليمية واجتماعية وحوارية، ويستضيف أئمة فضلا عن الأئمة الموجودين فيه "حيث تقام صلاة التراويح ويزداد الإقبال على الدروس والكلمات، وهناك حديث يومي لأحد الشخصيات من داخل المركز أو خارجه يقام بمناسبة شهر رمضان المبارك، يتناول فيه ضوابط الصيام وبعض القواعد الشرعية والفتاوى والإجابة عن بعض الفتاوى والأسئلة"، لافتا إلى أن أنشطة المسجد خلال رمضان تشمل تصحيح تلاوة القرآن الكريم للقارئين المنتسبين لحلقات تلاوة القرآن، بالإضافة إلى إقامة "الحلقة الإسلامية" التي تقام كل يوم سبت وبدأت منذ عام 1970، وتتناول قضايا شتى في التاريخ، والقضايا الاجتماعية، والحضارة، واللغة.
دروس تحفيظ القرآن للسيدات والفتيات في رمضان
وأشار إلى أن مسجد لندن المركزي يعقد في رمضان أيضا دروس تحفيظ القرآن للسيدات والفتيات وتقام كل أسبوع مرة، وكذلك دروس تحفيظ القرآن للأمهات في عطلة نهاية الأسبوع كل يوم سبت وأحد، منوها إلى أن المسجد ينظم واحدة من أهم الفعاليات في شهر رمضان وهي "برنامج الإفطار في شهر رمضان الذي نقوم فيه بإفطار ألف ومئة صائم يوميا بمساعدة أعضاء في الجالية المسلمة وأعضاء مجلس أمناء المسجد، ويستضيف المسلمين الراغبين في الإفطار فيه، والمشردين الذين يأتون لتناول الإفطار، والوافدين إليه من غير المسلمين الراغبين في الاطلاع على برامجه.
وذكر أن مسجد لندن المركزي يستضيف خلال الشهر الكريم "إفطار الحوار بين الأديان" الذي يتحدث فيه عدد من الشخصيات من المسلمين وغير المسلمين في حوار في جلسة مصغرة من عشرين شخصا، لافتا إلى أنه" في الأيام العادية يأتي عدد من غير المسلمين إلينا ونحن لا نرد أحدا لنريهم سماحة الإسلام وكرم المسلمين خاصة خلال الشهر الكريم، وبالإضافة إلى ذلك هناك محاضرات قصيرة عن شهر رمضان من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وصفحة المركز الثقافي على الإنترنت".
#قنا_فيديو |
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) April 4, 2024
مدير مسجد #لندن المركزي لـ #قنا: دولة #قطر من أبرز الداعمين للمسجد والمركز الثقافي الإسلامي وأنشطتهhttps://t.co/JKUoHkSRJy pic.twitter.com/nBH1Ji1oD1
وأكد الدبيان على أن دولة قطر من أهم وأبرز الداعمين للمسجد والمركز الثقافي الإسلامي من خلال المساهمات المالية، مشيرا إلى أن سعادة السيد فهد بن محمد العطية سفير دولة قطر لدى المملكة المتحدة على علاقة جيدة بالمركز، والسفارة القطرية على تواصل دائم بالمركز، كما ساهمت في إنشاء مجلس أمناء المركز، فضلا عن الإسهامات الكبيرة لوزارة الأوقاف القطرية في طباعة المصحف الشريف ونشر بعض الكتب الإسلامية الموجودة بمكتبة المركز.
المسجد يضطلع بدور كبير في التعريف بالإسلام في بريطانيا
ولفت الدكتور أحمد الدبيان، في حديثه، إلى أن المسجد يضطلع بدور كبير في التعريف بالإسلام في المجتمع البريطاني" فهو مجتمع متنوع يوجد به عشرات من اللغات والجاليات والأقليات، ويعد رمضان فرصة جيدة لرسم صورة جيدة عن الإسلام سواء للمجتمع البريطاني أو للأقليات الموجودة، مشيرا إلى أن المسجد والمركز الثقافي لديهما برامج ثقافية عديدة وكلها مفتوحة للمسلمين وغير المسلمين " فنحن لا نمنع أحدا من حضور هذه البرامج بل على العكس نحن سعداء بحضورهم لأنها تعطي تعريفا عن الإسلام فالدين الإسلامي واضح وليس به أسرار." وفي هذا الصدد، أوضح مدير المسجد والمركز الثقافي الإسلامي في لندن أن لدى المسجد المركزي ومركزه الثقافي برامج خاصة مثل البرنامج الشهري بعنوان" مقدمة لفهم الإسلام" يحضره عدد كبير من المسلمين وغير المسلمين، منوها إلى أنه تم مؤخرا عقد حلقة عن الصيام في رمضان ومعناه في الإسلام، والحاضرون كان أكثرهم من غير المسلمين، فضلا عن تنظيم برامج حوار مع الأقلية اليهودية والكنائس المسيحية، وإقامة علاقات حوار مع الكنائس الموجودة في العالم العربي، وحوار مع الأقلية البوذية والهندوسية والسيخ في بريطانيا.
كما شدد الدبيان، على الدور الذي يلعبه المسجد في التعريف بالإسلام واعتناقه من قبل عدد كبير للغاية ممن يدخلون الدين الحنيف برعاية المركز الثقافي الإسلامي لأسباب كثيرة منها تأثرهم بما يقدمه المركز ومنها بسبب حبهم للإسلام، كما يوزع المركز عددا من الكتب المطبوعة على عدد كبير من المسلمين وغير المسلمين للتعريف بالإسلام.
واختتم الدكتور أحمد الدبيان، مدير المسجد والمركز الثقافي الإسلامي في لندن، حوار الخاص مع وكالة الأنباء القطرية، بالقول إن المسجد والمركز الثقافي أصبحا عبر العقود وجهة أساسية لطلاب المدارس البريطانية حيث يزورهما ما يقرب من أحد عشر ألف طالب وطالبة كل عام، للتعرف على محتوياتهما.