تحرص دولة قطر، وفق رؤيتها للعلاقات الدولية، على بناء شبكة متينة من العلاقات الخارجية، وتعمل على تعزيز هذه العلاقات من خلال التواصل والانفتاح على مختلف الدول والشعوب الشقيقة والصديقة، وتطوير التعاون معها في شتى المجالات، بما يخدم المصالح والأهداف والتطلعات المشتركة.
وتأكيدا على هذه التوجهات تأتي زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ضمن جولة سموه الآسيوية، إلى نيبال، حيث سيعقد سموه في العاصمة كاتماندو جلسة مباحثات رسمية مع فخامة الرئيس رام شاندرا بوديل، تتناول العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها، بالإضافة إلى بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
ومن المنتظر أن تسهم زيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى إلى نيبال والمباحثات التي سيجريها سموه مع المسؤولين النيباليين في تعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين، وفتح آفاق جديدة أمامها، خاصة في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والاستثمار.
4 عقود من التعاون
ويعود تاريخ العلاقات القطرية النيبالية إلى أكثر من أربعين عاما، حيث أقام البلدان علاقات دبلوماسية في 21 يناير 1977م، ومنذ ذلك الحين نمت علاقات التعاون الثنائي وتطورت عبر السنين، حتى أصبحت راسخة ومتينة على كافة الأصعدة، أساسها التفاهم والاحترام المتبادل.
ويرتبط البلدان بمجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، التي تشمل المجالات الاقتصادية والتجارية والعمالية والرياضية، وإلغاء متطلبات التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة الرسمية، والتعاون في مجال الزراعة والأمن الغذائي والخدمات الجوية.
وتعززت العلاقات بين الدوحة وكاتماندو خلال السنوات الماضية من خلال الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، ومنها زيارة فخامة السيدة بيديا ديفي بهانداري، رئيسة نيبال السابقة، للدوحة في الفترة من 30 أكتوبر إلى 2 نوفمبر 2018م.
وقد عقد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى مع فخامتها جلسة مباحثات رسمية بالديوان الأميري، تم خلالها بحث السبل الكفيلة بتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، خاصة في مجالات الاستثمار، والتعليم، والزراعة والأمن الغذائي وتبادل الخبرات، لا سيما أن دولة قطر تستضيف عددا كبيرا من الأيدي العاملة النيبالية.
وأشادت فخامة الرئيسة خلال المباحثات بالجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة لحماية حقوق العمالة الوافدة في دولة قطر، ومن ضمنها العمالة النيبالية، منوهة بالتشريعات والإجراءات التي اتخذتها قطر في هذا الإطار.
والتقت فخامتها خلال الزيارة مع وفد من غرفة قطر ورجال الأعمال القطريين في فندق شيراتون الدوحة، وتم خلال اللقاء بحث سبل تعزيز ودعم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
مناخ آمن للاستثمار
ودعت فخامتها رجال الأعمال القطريين إلى الاستثمار في بلادها، واصفة مناخ الاستثمار هناك بالآمن. وقالت إن الحكومة النيبالية تضمن هذه الاستثمارات، مشيرة إلى أن الكثير من الشركات الدولية تعمل في نيبال حاليا.
وفي نوفمبر الماضي عقدت في كاتماندو مباحثات سياسية بين وزارتي الخارجية بالبلدين، وترأس الجانب القطري سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية، بينما ترأس الجانب النيبالي سعادة السيد بارات راج باوديال وكيل وزارة الشؤون الخارجية، جرى خلال المباحثات استعراض علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها.
وفي يناير الماضي، بحثت غرفة قطر مع اتحاد غرف الصناعة والتجارة النيبالية تعزيز التعاون، وفرص الاستثمار المتاحة في كلا البلدين، وأهم القطاعات الواعدة للتعاون والشراكة بين القطاع الخاص القطري ونظيره النيبالي.
جاء ذلك خلال اجتماع السيد علي بوشرباك المنصوري، المدير العام المكلف بغرفة قطر، مع وفد نيبالي برئاسة السيد تشاندرا براساد دكال رئيس اتحاد غرف الصناعة والتجارة النيبالية.
شراكات اقتصادية
وفي أبريل 2018، وقعت غرفة تجارة وصناعة قطر وغرفة تجارة نيبال بالدوحة مذكرة تفاهم؛ بهدف تعزيز التعاون وخلق شراكات اقتصادية بين أصحاب الأعمال من البلدين.
وجاءت مذكرة التفاهم في إطار تشجيع رجال الأعمال في كلا البلدين على الدخول في شراكات استثمارية، من شأنها أن تدفع العلاقات الثنائية قدما وزيادة حجم التبادل التجاري.
وتشهد العلاقات التجارية بين قطر ونيبال نموا متواصلا، وتتمثل صادرات نيبال الأساسية إلى قطر في الملابس الجاهزة والمنسوجات والأسطوانات الممغنطة، والخضراوات وغيرها، فيما تستورد نيبال من قطر البولي إيثلين، والبولي بروبلين، وبعض المنتجات الغذائية.
وتقع نيبال بين الهند والصين، وهي دولة حبيسة (لا تطل على أي بحر أو محيط)، وتقدر مساحتها بأكثر من مئة وسبعة وأربعين ألف كيلو متر مربع، ويقدر عدد سكانها بأكثر من ثلاثين مليون نسمة، وهي أرض جبلية وعرة، وتتألف من سلاسل عالية تضم أعلى قمة جبلية في العالم، وهي قمة إفريست التي يبلغ ارتفاعها 8848 مترا فوق مستوى سطح البحر.
وتعد الزراعة الحرفة الرئيسية لثلاثة أرباع السكان، حيث تسهم بنحو خمسة وثلاثين بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، فيما يتركز النشاط الصناعي في تصنيع الآلات الزراعية، وتشكل الزراعة والسياحة والتحويلات المالية للعمالة النيبالية في الخارج الركائز الأساسية للاقتصاد والدخل القومي في نيبال، وتزخر تلك البلاد بإمكانيات هائلة للاستثمار في المجالات المختلفة، كالمياه والبنية التحتية وصناعة السياحة والتعدين، ومجالات توليد الطاقة الكهرومائية.
وتعطي نيبال الأولوية والتركيز للتنمية الاقتصادية تحت شعار “نيبال مزدهرة، نيبال سعيدة”، وتؤمن أنه لا يمكن تحقيق هذا الطموح إلا مع الدعم والتعاون من الدول الصديقة، ولذلك تفتح نيبال أبوابها أمام المستثمرين وتؤكد أنها مليئة بالفرص الاستثمارية الواعدة، خاصة في مجال الطاقة الكهرومائية، والبنية التحتية، والزراعة، فضلا عن القطاع السياحي، الذي يمثل حوالي أربعة وعشرين بالمائة من الدخل القومي النيبالي؛ كونها موطنا لأعلى الجبال ارتفاعا في العالم.