أكد المؤتمر الدولي الخامس عشر لحوار الأديان على أهمية الحفاظ على هيكل المنظومة الأسرية وتقوية بنيانها وتحصينها من المخاطر المعاصرة التي تواجهها، كونها الركيزة الأساسية للمجتمع.
وشدد البيان الختامي الصادر عن المؤتمر اليوم، وتلاه سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، على أن الحفاظ على هيكل المنظومة الأسرية لن يتم إلا بجعل التعاليم والقيم الدينية هادية لمسار الأسرة وموجهة لأفرادها، وبالإعلاء من شأن القيم والأخلاق الفاضلة، والتنويه بدورها وأثرها في توجيه السلوك البشري وتعظيم التماسك الأسري، والتركيز على محورية التربية بوصفها مسارا بالغ الأهمية والحيوية لتحقيق تنشئة سليمة للأجيال الناشئة التي تصنع المستقبل.
تفعيل دور الأسرة
ودعا المؤتمر في هذا السياق إلى تفعيل دور الأسرة للقيام بدورها في وقاية أبنائها من الوقوع في الممارسات والسلوكيات الخاطئة أخلاقيا، وتحقيق الوعي الأسري الذاتي لأفراد الأسرة وإعادة هيكلة أدوار الآباء والأمهات وتقسيم وظائفهم، من خلال بناء الروابط العاطفية والاجتماعية فيما بينهم وبين أبنائهم، لخلق فضاء أسري يسوده الوئام، في منأى عن الصراعات والمشاحنات المنفرة لصورة العائلة في أذهان النشء.
#قنا_فيديو |
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) May 8, 2024
اختتام أعمال مؤتمر الدوحة الدولي الخامس عشر لحوار الأديان#قنا #قطر pic.twitter.com/mtagmvIoOk
ونوه البيان بضرورة الاهتمام الوطني المؤسسي الرسمي بالخدمة الاجتماعية الأسرية، وتحديدا بالحالات الأسرية ذات الهشاشة، وتعميق الفهم بدورها، ليس فقط في تقديم الدعم المادي للأسر الهشة أو الفقيرة، وإنما في تزويدها بالمعارف النافعة التي تمكنها من مجابهة النوازل والمشكلات والتحديات التي تواجهها.
كما أكد على ضرورة تبني ومساندة المبادرات المؤسسية التطوعية المدنية والفردية، وإطلاق المشروعات التوجيهية الهادفة لحماية وصون الأسرة وتقوية أركانها، وإدراج الحوار الأسري في البرامج والمناهج التعليمية، وتخصيصه بدراسات مستقلة وبحوث متخصصة في مختلف المراكز والمؤسسات التعليمية نظريا من خلال التأسيس له، وعمليا من خلال استضافة أسر لتنمية ثقافة الحوار لديها.
تحصين الأسرة
وتضمنت التوصيات الصادرة في ختام المؤتمر التأكيد على القواسم الدينية المشتركة في الأديان السماوية، وتوضيح مقاصدها السامية من أجل تحصين الأسرة بمفهومها الدقيق وهيكل بنائها ومكانتها ومسؤوليتها، وتأثيرها في التنمية والنهضة للمجتمعات والأوطان، ومن ثم الحفاظ عليها من التدخلات الخارجية والأفكار الهدامة الرامية لزعزعة الدور المركزي للأسرة.
كما تم التأكيد على دور المؤسسات الدينية في دعم الأسرة وحمايتها، وتحقيق استقرارها والاهتمام بالشؤون الأسرية كافة، ومعالجة المشكلات ودرء خطر التفكك الذي يستهدف تماسك الأسرة، بالإضافة إلى تقديم رؤى وتصورات واقعية ملموسة لتفعيل هذا الدور.
ونوه البيان الختامي للمؤتمر الدولي الخامس عشر لحوار الأديان بدور المؤسسات التعليمية، وخاصة الجامعات، في دعم الأسرة وتحصينها من الأفكار والفلسفات التي تفتك بالمجتمعات والحضارات، بل بالإنسانية جمعاء، سواء من خلال المناهج الدراسية بطرح مقررات ومناهج تسهم في تشكل وعي الطلاب، أو بإجراء الدراسات والبحوث العلمية لدراسة كافة قضايا الأسرة.
وشدد المؤتمر الدولي الخامس عشر لحوار الأديان على ضرورة تحقيق الشراكة بين مختلف الجهات ذات العلاقة بالأسرة والمجتمع، وإيجاد طرق علمية لبحث ومناقشة القضايا التي تشغل المجتمع والأسرة، بالإضافة إلى تفعيل أدوار الأسرة من خلال برامج جاذبة يتم خلالها تصميم البرامج التدريبية لأولياء الأمور لمساعدتهم في معالجة تحديات العصر التي تعيق الحفاظ على الهوية الأسرية وتهدد تماسكها.
ودعا البيان الختامي الصادر عن المؤتمر المؤسسات الإعلامية الرسمية إلى ضرورة تعزيز دورها ضمن نطاق المسؤولية الاجتماعية، وتبني وسائل الإعلام لحملات توعوية لنشر الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على المنظومة الأسرية والترابط الأسري، وتوضيح خطورة الأفكار الهادمة للبناء الأسري القويم وتماسكه، والدعوة إلى ضرورة التمسك بالقيم الدينية والأخلاقية، وإظهار مكانة الأسرة وأهمية الحفاظ على تماسكها وأهميتها لتماسك المجتمعات والأوطان.
مخاطر النزاعات
وحذر البيان بشدة من مخاطر الحروب والنزاعات على الأسرة، وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن وذوي الإعاقة، ومن الانتهاكات الحقوقية التي تعصف بهم خلال هذه الحروب وتفاقم الوضع الإنساني لهم، ما يفرض على المجتمع الدولي تفعيل القوانين الدولية التي تجرم وتعاقب مرتكبي هذه الانتهاكات، والتحرك الجاد والسريع لإنهاء النزاعات المسلحة وتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة للأسر والمدنيين.
ونوه المؤتمر الدولي الخامس عشر لحوار الأديان، في بيانه الختامي، بتخصيص أسر الأقليات بالدراسة الموضوعية المعمقة للتحديات التي تواجهها، سواء كانت تحديات في الهوية أو الاندماج والتعايش مع الثقافة المغايرة والاختلافات الدينية، وتفعيل دورها واندماجها الواعي في المجتمعات التي تعيش فيها.
وأعلن سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، بالنيابة عن معهد الدوحة الدولي للأسرة، عن استضافة دولة قطر للمؤتمر الدولي لإحياء الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة تحت عنوان الأسرة والاتجاهات الكبرى المعاصرة، والذي ينظمه المعهد خلال الفترة من التاسع والعشرين إلى الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر المقبل.
الجلسة الختامية
وناقشت الجلسات الافتتاحية والختامية والجلسات العامة والفرعية للمؤتمر، من خلال أوراق بحثية قدمها المشاركون، عددا من المحاور الهامة حول الأديان وهوية المنظومة الأسرية والدور المركزي للأسرة في التنشئة والتربية وقضايا الأسرة المعاصرة، بالإضافة إلى دور المؤسسات الرسمية والدينية ومنظمات المجتمع المدني في دعم الأسرة، فضلا عن موضوع الأسرة والتحديات المعاصرة في المجتمعات متعددة الأديان والثقافات، وكذلك موضوع الأسرة في ظل القوانين الوطنية والدولية بين التأييد والانتقاد.
كما جرى خلال المؤتمر الدولي الخامس عشر لحوار الأديان الإعلان عن أسماء الفائزين بجائزة الدوحة العالمية لحوار الأديان 2024 للأفراد والمؤسسات الدينية الناشطة في دعم الأسر المتضررة من جراء الفقر والكوارث أو الحروب والصراعات.
يذكر أن المؤتمر الدولي الخامس عشر لحوار الأديان عقد على مدى يومين لمناقشة موضوع الأديان وتربية النشء في ظل المتغيرات الأسرية المعاصرة، وذلك تحت شعار التكامل الأسري.. دين وقيم وتربية، وبمشاركة نخبة من المفكرين والباحثين من علماء الأديان السماوية بلغ عددهم 300 مشارك من 75 دولة، إضافة إلى المشاركين من دولة قطر.