انتشر في الآونة الأخيرة مصطلح التضخم بشكل متفاوت بين دول العالم. اجتمعت العديد من الدول حول العالم على أن هناك زيادة في معدلات التضخم لديهم. لذلك علينا أن نتعرف على مصطلح التضخم نفسه، ويمكن تعريف التضخم على أنه زيادة كبيرة في أسعار السلع، حيث تقل قيمة العملة التي تشترى السلعة.
ويزعم جميع رؤساء العالم أن السبب الرئيسي في التضخم الحالي هو جائحة كورونا منذ عام 2019 إلى 2022 تقريبًا، وقدرت نسبة التضخم العالمي بـ4.8% في أخر شهر ديسمبر من عام 2023، وهذه نسبة كبيرة جدًا لا تواكب فائض الإنتاج المحلي للعديد من الدول، جعل قيمة أسواق العقارات في ارتفاع كبير.
التأثير على الاستثمار
في عالم الاقتصاد هناك رابح وهناك خاسر بشكل دائم. في الوقت الذي تُعاني فيه الدول الصغيرة من التضخم، إلا أن بعض الدول استفادت من هذه الموجة، أهم دولة الإمارات العربية المتحدة، وخصوصًا إمارة دبي، والسبب في هذا أن دبي مدينة جاذبة لفرص الاستثمار بشكل كبير، حيث بلغ معدل تدفق الاستثمار الأجنبي في دبي 23 مليار دولار في عام 2023 بزيادة 10% من عام 2022، حيث حيث ساهمت هذه الاستثمارات أيضًا بتوفير أكثر من 24 ألف فرصة عمل في دبي فقط عام 2023، بزيادة تقدر ب 43% عن عام 2022.
في الوقت الذي تعاني فيه دول العالم من غلاء الأسعار وارتفاع معدل الضرائب، تأتي مدينة دبي بإعفاء على ضرائب الدخل، وهذا جعل الكثير من المستثمرين حول العالم يتوجهون إلى دبي هربًا من التضخم في الدول الأخرى. مع الوقت زادت معدلات الاستثمار في العقارات حيث زادت عدد العقارات المتعامل عليها بالبيع والشراء إلى 166.400 عقار بقيمة 634 مليار درهم إماراتي بزيادة تقدر 36% عن عام 2022 لذلك تعد عقارات دبي حاليًا من أهم أنواع الاستثمار حول العالم أجمع وليس دبي فقط.
التحوط ضد التضخم عن طريق الاستثمار العقاري
الكثير من الخبراء يصفون الاستثمار العقاري بأنه الطريقة الأفضل للتحوط ضد التضخم. وهذا يعني أن الشخص يكون قادر على الحفاظ على قيمة ممتلكاته وأمواله دون خسارة أي قيمة منها بسبب ارتفاع الأسعار وهناك العديد من الأسباب التي تجعل الاستثمار في العقارات عمومًا وسيلة حقيقية للتحوط ضد التضخم:
تعديل الإيجار مع ارتفاع الأسعار
عندما تمتلك عقار قابل للتأجير، فأنت كمالك يكون لك الحق والإمكانية أن تؤجر لمدة معينة، وفي نهاية المدة يحق لك أن ترفع القيمة الإيجارية حسب أسعار السوق، وهذا يختلف تمامًا عن وسائل أخرى للتحوط مثل صناديق التحوط التي زادت بنسبة 54% في عام 2022 حسب تقرير مركز دبي المالي أو السندات والتي تكون ثابتة ولها سعر صرف معين لمدة معينة، لا يسمح لمالكها بتخطي هذه القيمة.
أما بالنسبة للعقار فعندما تزداد تكلفة المعيشة يزداد بالتبعية الإيجار السكني، وكلما كان عقارا في منطقة حيوية أكثر، كلما كان ارتفاع السعر منطقي وغير مبالغ فيه، لأن تواجد العقار في مناطق حيوية يوفر أموال المواصلات والوقت. هذه المرونة في التعامل جعلت الاستثمار في العقارات أفضل بكثير من أي وسيلة تحوط أخرى مثل شراء ذهب أو شراء سندات، لأن الذهب لا يدر دخل شهري، والسندات لها حد أقصى، أما العقارات قيمتها تزداد مع الوقت مثل الذهب وفي ذات الوقت يمكن رفع قيمة عائدها بصورة مرنة.
انخفاض قيمة ديون الرهن العقاري
عندما يشتري أحدهم عقار عن طريق الرهن العقاري، أي يأخذ قيمة العقار الذي اشتراه من البنك يسدد به ثمن العقار، في مقابل دفع أقساط شهرية أو ربع سنوية بانتظام تسدد قيمة هذا الرهن. هذه الأقساط قيمتها تقل بفضل التضخم، في المقابل قيمة الإيجار تزداد بسبب التضخم.
الاحتياطات والمخاطر
يجب فهم عملية التحوط عن طريق شراء عقار وحساب أدق التفاصيل، فمثلًا في أوقات الركود بسبب حالة التضخم، تكون حركة بيع وشراء المنتجات قليلة، وبالتالي الأنشطة التجارية تكون أقل، في حين أن الطلب على عقارات السكن يزداد في منطقة مثل دبي، نظرًا لاستمرار توافد الراغبين في الحصول على فرص عمل هناك، وهذا يعني أن الحصول على عقار بغرض التأجير السكني أفضل من التأجير التجاري في فترات الركود والتضخم.
بالنسبة للقروض أو الرهن العقاري المرن، فهو يكون موفر في حالة الاستقرار الاقتصادي العام، ولكن في حالات التضخم يحدث زيادة موازية في قيمة الفائدة الخاصة بالرهن العقاري، وذلك مع مرور يضع المالك في خطر أنه يريد دائمًا الاستفاد من عقاره من خلال تأجيره، أن أنه سيكلف أكثر من المبلغ الموضوع للعقار إجمالي تكلفة، وهذا يقلل من هوامش الربح الخاصة بالمستثمر لذلك يجب دائمًا حساب التكلفة والعائدات بعناية والاختيار ما بين القرض الثابت والذي يكون فائدته عالية نظرًا إلى ثبات القيمة الخاصة بالفائدة على مدار مدة سداد القرض، أو القرض المرن والذي يزداد ويقل حسب قيمة العملة وحالة التضخم.
التضخم قد يكون فرصة مثلما هو نقمة على بعض الدول. لكن يجب فهم عملية التحوط من هذا التضخم بشكل ذكي، وعدم التسرع في أخذ قرار، فمثلًا العقارات تعد أفضل حل سواء تمت مقارنته بشراء ذهب أو سندات لأن العقار يدر دخل شهري وسنوي، وفي نفس الوقت يمكن تقسيط قيمة الرهن على دفعات، بجانب أن قيمة العقار نفسه تزداد بصورة سنوية، في حين أن الذهب هو حفظ لقيمة الأموال فقط دون الاستثمار فيها أو زيادتها.
