أعادت إسرائيل، مساء الثلاثاء، معدات تصوير وبث صادرتها وزارة الاتصالات لساعات من وكالة "أسوشيتد برس" العالمية على حدود قطاع غزة؛ بداعي حصول قناة "الجزيرة" على بث من الوكالة.
لكن مصادرة المعدات أبرزت مخاوف في أوساط المؤسسات الإعلامية الأجنبية العاملة في إسرائيل بشأن احتمال استهدافها؛ بزعم الإضرار بأمن البلاد، بموجب قانون الإعلام الجديد المثير للجدل.
وقالت رابطة الصحفيين الأجانب في إسرائيل، تضم ممثلي الغالبية العظمى من المؤسسات الإعلامية الأجنبية، إن "الخطوة التي قامت بها إسرائيل (مصادرة معدات الوكالة) هي منحدر زلق".
وأضافت الرابطة، في بيان الثلاثاء: "يمكن لإسرائيل أن تمنع وكالات الأنباء الدولية الأخرى من تقديم لقطات حية لغزة، كما يمكن أن تمنع التغطية الإعلامية لأي حدث إخباري لأسباب أمنية غامضة".
وتابعت أن "سجل إسرائيل في مجال حرية الصحافة كئيب طوال فترة الحرب" الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.
وأوضحت أنه "طوال فترة النزاع، منعت إسرائيل الصحفيين الأجانب من الوصول بشكل مستقل إلى غزة، والآن اتخذت خطوة أخرى إلى الوراء بعيدا عن المثل الديمقراطية التي تدعي أنها تتمسك بها".
وحسب هيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، الأربعاء، فإنه تقرر إعادة معدات أسوشيتد برس "بعد ضغوط أمريكية".
وفي ما يلي تجيب الأناضول عن 8 أسئلة متعلقة بعمل وسائل الإعلام الأجنبية في إسرائيل خلال الحرب:
1- هل يُسمح للصحفيين الأجانب بتغطية الحرب من داخل غزة؟
لا، إسرائيل لا تسمح للصحفيين الأجانب بالمرور عبر المعابر إلى قطاع غزة، الذي تحاصره للعام الـ18، لتغطية الحرب.
وقالت رابطة الصحفيين الأجانب، عبر بيان في 8 أبريل الماضي، إن "منع وصول الصحافة المستقلة إلى منطقة حرب لفترة طويلة هو أمر غير مسبوق بالنسبة لإسرائيل ويثير تساؤلات حول ما لا تريد أن يراه الصحفيون الدوليون".
وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من 115 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وأوضحت الرابطة أن "السلطات الإسرائيلية رفضت مرارا طلباتنا للسماح بالزيارة (غزة)، في اجتماعات خاصة وفي حكم للمحكمة العليا؛ متذرعة بحجج أمنية ولوجستية".
و"في الوقت نفسه، واجه الصحفيون الفلسطينيون داخل غزة تهديدات وأضرارا غير مسبوقة أثناء تغطيتهم للقصة بشجاعة"، وفق البيان.
وحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في 11 مايو/أيار الجاري، قتلت إسرائيل منذ اندلاع الحرب 143 صحفيا فلسطينيا.
وأكدت الرابطة أن "قرار التواجد على الأرض في غزة يجب أن يعود إلى كل وسيلة إعلامية دولية على حدة. لقد حد الحظر الشامل من قدرة العالم على رؤية التكلفة الحقيقية للحرب على جميع الأطراف".
ودعت السلطات الإسرائيلية إلى "منح وسائل الإعلام الدولية وصولا موسعا وغير مقيد إلى غزة"، مشددة آنذاك على أن "ستة أشهر فترة طويلة جدا".
2- هل تفرض تل أبيب قيودا على التغطية الصحفية للحرب من داخل إسرائيل؟
نعم، لا سيما ما يتعلق بتحركات الجيش الإسرائيلي.
ففي بداية الحرب، أصدر رئيس الرقابة بالجيش العميد كوبي ماندلبليت توجيها بشأن التغطية الإعلامية للحرب، تم تحديثه للمرة الثامنة في 16 مايو الجاري.
ويقول التوجيه، الذي وصلت نسخة منه للأناضول، إنه يجب منع الإعلام من نشر أي تفاصيل بشأن العملية البرية الحالية في غزة (منذ 27 أكتوبر الماضي) "يمكن أن تضر بكل من الجيش وأمن إسرائيل".
وشملت المواد المطلوب تقديمها إلى الرقيب العسكري قبل نشرها: نطاق المعركة، وتحركات القوات، ومراحل الخطة، ومدة العملية، والخطط التشغيلية المصاحبة.
وأضاف التوجيه أن تحركات القوات تشمل: "نقاط التجمع، والطرق التي يستخدمها الجيش، ومناطق التجمع، ونقاط الإخلاء".
وشد على أنه "يُمنع بث مواد مرئية، سواء صور ثابتة أو مواد فيديو، تحدد مواقع القوات في الميدان، والرهائن (الأسرى الإسرائيليين بغزة)، بما يشمل التفاصيل الشخصية، والاستخبارات المتعلقة بموقعهم، والأنشطة العملياتية/الاستخباراتية الجاري تنفيذها للمساعدة في إطلاق سراحهم".
كما تشمل الرقابة "أي معلومات استخباراتية تتعلق بنوايا العدو (فصائل المقاومة الفلسطينية) وقدراته"، و"تفاصيل أنظمة الأسلحة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي ونقاط ضعفها".
وكذلك "تفاصيل تتعلق بمخزونات المعدات والذخيرة، والطرق اللوجستية، وحالة المعدات في الجيش"، و"المناورات التشغيلية، أو في سياق اليوم التالي (مصير غزة بعد الحرب)"، وفق التوجيه.
وأكد أنه في حال مرافقة أي إعلامي لقوات الجيش في غزة، فإن "أي مادة ينوي بثها يجب تقديمها إلى الرقيب الإعلامي قبل نشرها".
3- ما القانون الذي يسمح بإغلاق هيئة بث أجنبية؟
في الأول من أبريل الماضي، صادق الكنيست الإسرائيلي بأغلبية 71 مقابل معارضة 10 نواب على "اقتراح قانون منع هيئة بث أجنبية من المس بأمن الدولة".
ويُطلق على هذا القانون في الإعلام اسم "قانون الجزيرة"؛ لأنه صُمم أساسا لمنع بث القناة القطرية من إسرائيل.
وقال الكنيست، في بيان، إن القانون يختص بالحالات التي يقتنع فيها رئيس الحكومة بأن المحتوى الذي يتم بثه على قناة أجنبية، تبث في إسرائيل، "يلحق ضررا حقيقا بأمن الدولة".
وأوضح أنه "يحق لوزير الاتصالات، بموافقة رئيس الحكومة ومصادقة مجلس الوزراء، إصدار تعليمات حول اتباع الخطوات التالية: وقف بث القناة الأجنبية، وإغلاق مكاتبها، وإزالة موقع الإنترنت الخاص لها، في حال كان الخادم الذي تم تخزين الموقع عليه موجود في إسرائيل".
كما "يقضي القانون بأنه قبل قيام وزير الاتصالات بإصدار هذه التعليمات، يتم تقديم تقرير رأي مهني واحد أو أكثر إلى رئيس الحكومة وزير الاتصالات ومجلس الوزراء، من إعداد الجهات الأمنية ويتمحور حول الأسس الواقعية الداعمة للادعاء بأن بث الهيئة الأجنبية يضر بأمن الدولة"، حسب الكنيست.
وتابع أنه "يتم طرح تعليمات وزير الاتصالات المذكورة على رئيس المحكمة أو نائبه خلال 24 ساعة، وله الحق في تغيير هذه التعليمات أو تحديد مدة سريانها".
4- هل منع البث يكون دائما بموجب القانون؟
لا، فالقانون ينص على أن التعليمات تسري لمدة 45 يوما، مع إمكانية تمديدها لمدة مماثلة.
وسيظل القانون ساري المفعول حتى 31 يوليو 2024، أو حتى نهاية إعلان حالة الطوارئ الخاصة في الجبهة الداخلية، أو حتى نهاية العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش كجزء من الحرب.
5- ما القنوات التي طالها القانون؟
قبل الإقرار النهائي للقانون، قررت السلطات الإسرائيلية في 13 نوفمبر الماضي إغلاق مكاتب قناة "الميادين" اللبنانية وحظر عملها في إسرائيل ؛ بتهمة "الإضرار بأمن إسرائيل".
وكان هذا أول قرار من نوعه منذ بداية الحرب على غزة. ورغم أن القرار كان مؤقتا، إلا أن القناة اللبنانية ما زالت محظورة في إسرائيل.
وفي 5 مايو الماضي، قررت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالإجماع الموافقة على أمر إغلاق مكاتب "الجزيرة"، ومصادرة معداتها، وسحب اعتمادات طواقمها، وعدم السماح بنقل بثها عبر شركات الاتصال، وحجب المواقع الإلكترونية التابعة لها.
وشن مسؤولون ومتحدثون رسميون في إسرائيل مرارا هجوما حادة على "الجزيرة"؛ لأنها أفردت مساحة واسعة لتغطية الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة للشهر الثامن.
وبثت القناة مقاطع مصورة عديدة تُظهر استهداف مسيَّرات إسرائيلية لمدنيين فلسطينيين وطالبي مساعدات إنسانية أسقطتها طائرات وكذلك قتل جنود إسرائيليين لمدنيين عزل.
6- هل توجد قنوات أخرى مهددة حاليا؟
لا، فحتى الأربعاء، لم يعلن أي مسؤول إسرائيلي عن اعتزام تل أبيب حظر أي مؤسسات إعلامية أجنبية أخرى.
7- كيف نظر الصحفيون الأجانب إلى مصادرة إسرائيل معدات بث أسوشيتد برس قبل إعادتها؟
أعربت رابطة الصحفيين الأجانب، في بيان، عن قلقها إزاء مصادرة إسرائيل معدات بث أسوشيتد برس على طول الحدود الإسرائيلية بالقرب من غزة.
وقالت إن "هذه هي الخطوة الأحدث في سلسلة الخطوات المخيفة التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية لخنق وسائل الإعلام".
وأضافت أن "وزارة الاتصالات الإسرائيلية قالت إن خطوتها تهدف لمنع أسوشيتد برس من تقديم لقطات لقناة الجزيرة، وهي واحدة من مئات عملاء الوكالة حول العالم".
وشددت الرابطة على أن هذه "الخطوة الفظيعة (مصادرة المعدات) تمنع أيضا الوكالة من تقديم صور مهمة لشمالي غزة إلى جميع وسائل الإعلام الأخرى حول العالم".
8- هل إسرائيل راضية عن التغطية الإعلامية الغربية؟
لا، وكثيرا ما تم انتقاد وسائل إعلامية كبرى بسبب تغطياتها للحرب. لدرجة أن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد زعم في مؤتمر مع ممثلي الإعلام الأجنبي بتل أبيب في 25 أكتوبر الماضي، أن الموضوعية الإعلامية في تناول الحرب "تخدم حركة حماس".
وأضاف موجها كلامه لوسائل الإعلام الدولية: "وإذا عرضتم رواية الجانبين فأنتم تخدمون حماس، ويجب أن يتغير ذلك"، على حد تعبيره.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم العدد الهائل من الضحايا المدنيين، ورغم اعتزام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت؛ لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية".
كما تتجاهل إسرائيل قرارا من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فورا، وأوامر من محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.