كشف الشيخ أحمد بن خالد آل ثاني، مساعد المحافظ للأدوات المالية ونظم الدفع في مصرف قطر المركزي، أن المرحلة التجريبية من مشروع العملة الرقمية التي سوف تمتد حتى أكتوبر المقبل، سوف تكون بين مصرف قطر المركزي والبنوك المشاركة في التجربة لتسوية المدفوعات ذات القيمة العالية، مشيرا إلى تطوير أربع حالات استخدام مع البنوك المحلية والعالمية، من خلال إصدار وتسوية الأوراق المالية باستخدام العملة الرقمية.
وقال مساعد المحافظ، في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية "قنا"، إنه بعد الانتهاء من المرحلة التجريبية سيتم تقييم النتائج وتحديد حالات الاستخدام المستقبلية، سواء من خلال تطوير حالات استخدام بالتجزئة أو الاستمرار في التوسع بحالات الاستخدام لتسوية المدفوعات ذات القيمة العالية.
إطلاق منصة خاصة تستخدمها البنوك المشاركة لإجراء المعاملات الرقمية وتكون عملية تغذية حساب العملة الرقمية من خلال تحويل ريال قطري للمنصة
ونوه بأن المرحلة المشار إليها ستشهد إطلاق منصة خاصة تستخدمها البنوك المشاركة لإجراء المعاملات الرقمية، وتكون عملية تغذية حساب العملة الرقمية من خلال تحويل ريال قطري للمنصة، بما يعادل ريالا قطريا واحدا مقابل عملة رقمية واحدة (1:1)، وستتمكن البنوك المشاركة في التجربة من تداول وشراء وبيع الأصول المالية باستخدام العملة الرقمية في بيئة تجريبية.
الفئة المستفيدة من المشروع
وحول الفئة المستفيدة من المشروع، قال الشيخ أحمد بن خالد آل ثاني: "مفهوم العملة بحد ذاته يعد مفهوما واسعا، حيث تعتبر العملة وسيلة دفع مستخدمة مقابل السلع والخدمات، وبالنسبة لمصرف قطر المركزي في هذا الوضع، فإن قيمة الريال القطري قائمة على أساس تثبيت سعر الصرف مقابل الدولار الأمريكي.. وبشكل مبسط، فإنه يمكن استخدام العملة كوسيلة دفع بين الأفراد وهذه المعاملات تسمى التسوية بالتجزئة أو المعاملات ذات القيمة المنخفضة، وأيضا بين البنوك ومع مصرف قطر المركزي، وهذه المعاملات تسمى التسوية بالجملة أو المعاملات ذات القيمة العالية، وأخيرا عبر الحدود والتي تكون من خلال التحويلات خارج الدولة، ويكون هناك تحويل للعملة المحلية مقابل عملة أجنبية بسعر صرف السوق".
وذكر أن المرحلة الأولى ستشمل أربع حالات استخدام مع البنوك المحلية والعالمية، حيث إن حالة الاستخدام الأولى ستكون تسوية المدفوعات ما بين البنوك باستخدام العملة الرقمية، التي سترفع الكفاءة وتقلل المخاطر المترتبة في استخدام الأنظمة الحالية. الحالة الثانية شراء الأوراق المالية باستخدام العملة الرقمية. الحالة الثالثة بيع وتداول الأوراق المالية ما بين البنوك باستخدام العملة الرقمية. الحالة الرابعة استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمستويات السيولة، وهذا سيساعد مصرف قطر المركزي على فهم ودراسة المخاطر بشكل أكبر باستخدام العملة الرقمية.
وبعد الانتهاء من المرحلة الأولى التي ستمتد حتى أكتوبر من هذا العام، سيتم تقييم النتائج وتحديد حالات الاستخدام المستقبلية، سواء من خلال تطوير حالات استخدام بالتجزئة أو الاستمرار في التوسع بحالات الاستخدام لتسوية المدفوعات ذات القيمة العالية.
وأشار مساعد المحافظ للأدوات المالية ونظم الدفع إلى أسباب إطلاق المشروع، والتي تعود إلى التقدم التكنولوجي المستمر، الذي انعكس على مختلف الأوجه المتعلقة بالتكنولوجيا المالية، حيث يسعى مصرف قطر المركزي إلى مواكبة هذه التغيرات لضمان تهيئة الاقتصاد القطري للمستقبل.
أهداف المشروع
وسلط الشيخ أحمد بن خالد آل ثاني، مساعد المحافظ للأدوات المالية ونظم الدفع في مصرف قطر المركزي، الضوء في حواره على أهداف المشروع، المتمثلة في استكشاف وفهم وضمان وتهيئة البنية التحتية المالية بدولة قطر للتكنولوجيا المبتكرة الجديدة، مثل العملات الرقمية للبنوك المركزية، بحيث تصبح المعاملات المحلية والعالمية ذات طبيعة رقمية.. مشيرا إلى أن معظم البلدان على مستوى العالم تجري أبحاثا حول العملات الرقمية للبنوك المركزية، حيث يمثل حجم اقتصاديات الدول التي تقوم بالأبحاث نحو 98 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي تقريبا.
ولفت إلى التفاوت الكبير في مستوى التقدم المحرز بشأن إصدار العملة الرقمية للبنك المركزي. وقال إنه بالنسبة لمصرف قطر المركزي، تم الانتهاء من دراسة آثار إصدار العملة الرقمية وتحديد تأثيرها بشكل نظري، ويتم التوجه الآن نحو تجربة ومحاكاة آثار إصدار هذه العملة، حيث تهدف هذه التجربة لفهم تأثير إصدار العملة الرقمية على المعاملات اليومية بين البنوك، والتي تعتبر بطبيعتها ذات قيمة عالية وانعكاساتها على وضعهم المالي، وبعد تقييم النتائج، نطمح للتوسع بشكل أكبر من خلال تحديد حالات استخدام إضافية، وهذا من المؤكد سابق لأوانه، وسيكون واضحا بشكل أكبر بعد الانتهاء من التجربة في شهر أكتوبر من هذا العام.
أنواع العملات الرقمية
وأوضح الشيخ أحمد بن خالد آل ثاني أنواع العملات الرقمية وموقف مصرف قطر المركزي منها، والتي قسمها إلى ثلاث فئات متعارف عليها، وتستخدم جميعها تقنية مشابهة تسمح بتحويل الأموال بشكل لحظي. ويشمل النوع الأول: العملة الرقمية للبنك المركزي، وهي عبارة عن عملة رقمية صادرة من قبل المصرف المركزي مدعومة باحتياطيات نقدية، وتعتبر ذات التزام قانوني على المصرف المركزي. والنوع الثاني: العملة المستقرة وتكون صادرة عن القطاع الخاص كشركة خاصة، وأخيرا النوع الثالث: العملة المشفرة. وبالنسبة للنوع الثاني والثالث أصدر مصرف قطر المركزي تعاميم سابقة بحظر تداول هذا النوع من العملات؛ لأنها لا تعتبر صادرة عن مصرف مركزي.
وأكد على أهمية رقمنة القطاع المالي بوصفه من أكبر محركات التنمية الاقتصادية التي تعد واحدة من الركائز الأربعة لرؤية قطر 2030، مشيرا إلى العمل الفعال لمصرف قطر المركزي لمواكبة وتيرة التطورات في المجال، من خلال تطوير الخبرات والتجارب وتبني التكنولوجيا الحديثة، والذي يعتبر هذا المشروع جزءا منها، وهذا سينعكس إيجابا على تنمية اقتصادنا من خلال توفير فرص لتطوير وتوسيع أعمال القطاع المالي، إضافة إلى استقطاب مشاركين جدد.
الخطط المستقبلية
وحول الخطط المستقبلية لتطوير مشروع العملة الرقمية والتوسع فيها مع دول أخرى، أوضح بأن "هناك بالفعل بعض المشاريع للعملة الرقمية تعتبر قائمة بين بعض البلدان، وإلى هذه اللحظة فإن مصرف قطر المركزي لم يشارك في أي مشروع مع دولة أخرى، ولكن نحن نتابع عن كثب التطورات في هذه المشاريع، وسيتم تقييم خطط التوسع بناء على نتائج التجربة المحلية، وأيضا نتائج التجارب للمشاريع القائمة".
وفي ختام حواره مع وكالة الأنباء القطرية "قنا"، أكد الشيخ أحمد بن خالد آل ثاني، مساعد المحافظ للأدوات المالية ونظم الدفع في مصرف قطر المركزي، أن انطلاق المشروع سيوفر فوائد عديدة للقطاع المالي بدولة قطر، وقال: "نحن في مصرف قطر المركزي نركز على استكشاف هذه الأمور، وتحديد ما هو مناسب للاقتصاد القطري، وأيضا تبني التقنيات المبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي، وتحديد إمكانية دمجها ضمن أعمال القطاع المالي، بما يساهم في تحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية الثالثة للقطاع المالي".