دولار أمريكي 3.64ريال
جنيه إسترليني 4.66ريال
يورو 3.84ريال

"عازم".. مشروع طموح يحارب الإسراف ويزيد الوعي ويعزز الاستدامة

30/06/2024 الساعة 15:14 (بتوقيت الدوحة)
ع
ع
وضع القراءة

انطلاقا من واقع مسؤوليتها، طرحت وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة مشروعها الطموح الذي سمته "عازم"، وعرفته بأنه مشروع الوعي المالي، ويهدف إلى رفع وعي الأسر القطرية والشباب بضرورة التخطيط الأمثل والمسبق للإنفاق والادخار، وعدم اللجوء للاستدانة لتوفير الكماليات المعيشية.

ومن خلال المبادرات الاجتماعية الرائدة، تسعى وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة إلى تمكين الإبداع والابتكار، وتوفير الفرص للأفراد ليكونوا جزءا من التغيير الإيجابي في الأسرة والمجتمع. وتعد المبادرات الاجتماعية وسيلة فعالة لخدمة الأسرة والمجتمع، من خلال طرح أفكار مفيدة تسهم في إحداث التغيير وترك بصمة إيجابية.

ويأتي إطلاق مشروع مثل عازم ليعبر عن المغزى والمضمون الفكري المطلوب لتحقيق التغيير، مما يؤدي إلى تعزيز الوعي المجتمعي بالمعرفة اللازمة لإدارة الحياة المالية الشخصية، وتمكين الأفراد من التخطيط الفعال للاقتصاد الأسري.

القيم الإسلامية

وفي السياق، أكدت سعادة السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند وزير التنمية الاجتماعية والأسرة "أن دولة قطر تتطلع من خلال الوزارة إلى بناء وعي مالي يستند إلى القيم الإسلامية في الإنفاق، وكذلك الاعتماد على نماذج ووسائل لإدارة الحياة المالية التي تعقدت كثيرا، مع جملة من المتغيرات للحركة الاقتصادية العالمية، ولتجنيب الشباب والأسر حديثة التكوين الانغماس في الاستهلاك والكماليات غير الضرورية، بهدف بناء مجتمع واع بوجهاته العقدية، تضمن فيه الأجيال القادمة فرصا متساوية من الازدهار والاستدامة".

وقالت سعادة وزير التنمية الاجتماعية والأسرة: "يهدف مشروع عازم أيضا إلى تحويل المواطن والأسرة وفئات المجتمع بصفة عامة إلى مستهلك ذكي يعي خطواته، ولا ينجر خلف حملات الإغراءات الاستهلاكية المتعددة التي تستهدف المجتمعات ذات الدخل المرتفع".

أساسيات الإدارة المالية

ولتحقيق أهداف مشروع عازم الطموح، الذي أطلقته الوزارة، وتحويل المجتمع إلى مجتمع منتج، قال السيد طلال العمادي الخبير القانوني بوزارة التنمية الاجتماعية والأسرة في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا" إنه "سيتم إتباع عدة آليات وإنشاء هياكل داعمة تسهم في تحقيق هذا الهدف. وتتمثل في تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية لتعليم الفئات المستهدفة من الأسر والشباب (حديثي الزواج - حديثي التخرج - الغارمين أو الجانحين إلى الغرم) حول أساسيات الإدارة المالية، بما في ذلك كيفية إعداد ميزانية، ومتابعة النفقات، وتحديد الأولويات المالية".

وأوضح أنه من خلال توظيف وسائل التواصل الاجتماعي يمكن توفير مواد تعليمية مثل الكتب الإلكترونية، والكتيبات، والفيديوهات التي تشرح مفاهيم التخطيط المالي والادخار بطريقة مبسطة وسهلة الفهم، كما سيصمم المشروع تطبيقات الهواتف الذكية، التي تساعد الأسر والشباب في متابعة نفقاتهم وإدارة ميزانياتهم بسهولة.

وأضاف أن مشروع عازم سيوفر استشارات مالية من خلال مستشارين ماليين يمكن للأسر والشباب التواصل معهم للحصول على نصائح محددة حول كيفية تحسين أوضاعهم المالية، كما يمكن تقديم هذه الاستشارات من خلال عقد جلسات استشارية دورية للأسر والشباب لمناقشة التحديات المالية وتقديم حلول واقعية.

التخطيط المالي السليم

وتابع الخبير القانوني بوزارة التنمية الاجتماعية والأسرة بالقول إن المشروع الجديد سيعمل على تقديم أمثلة لقصص واقعية من النجاح لأفراد وأسر تمكنوا من تحسين أوضاعهم المالية من خلال التخطيط المالي السليم والادخار، كما أنهم سيقدمون نماذج حية لأفراد نجحوا في إدارة نفقاتهم وادخارهم لتقديم تجاربهم ونصائحهم للأسر والشباب الآخرين.

واعتبر أنه وبتبني هذه الاستراتيجيات، فإنه يمكن لمشروع عازم أن يلعب دورا محوريا في تحسين القدرات المالية للأسر القطرية والشباب، مما يساعدهم على التخطيط الأمثل للإنفاق والادخار، والبعد عن التقليد والإنفاق البذخي والاستدانة من أجل التباهي، كما سيحقق لهم الاستقرار المالي على المدى الطويل.

ووفقا للسيد طلال العمادي، فإن المشروع يستهدف فئات حديثي التوظيف والمقبلين على الزواج، ويضع برنامج عازم ضمن أهدافه الرئيسة القضاء على ملف الغارمين في الدولة، كما أن البرنامج يسعى من بين أهدافه لإكساب المواطنين والشباب مهارات التخطيط المالي، الذي يمثل خارطة طريق تساعد على تحقيق الأهداف المالية والحفاظ على الثروات من التبديد والإسراف، حيث يمكن برنامج عازم المواطنين من رسم صورة شاملة لدخل الفرد ومساراته، وتحديد الأولويات الرئيسية، وفرزها عن الكماليات الفرعية التي لا تنتهي.

وأكد أن عازم مشروع يستهدف جميع الفئات في المجتمع، "لكننا نجد أيضا تعددا وتنوعا في شركاء المشروع من القطاع الحكومي والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وشبه الحكومي، والمجتمع الأكاديمي والمهني، ومنهم -على سبيل المثال- صندوق دعم الأنشطة الاجتماعية والرياضية، وجمعية المؤسس (مؤسسة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني للرعاية الاجتماعية)، وجمعية قطر الخيرية، ووزارة العدل، وهيئة تنظيم الأعمال الخيرية، وأكاديمية قطر للمال والأعمال، ومعهد الدوحة للدراسات العليا والبحوث).

التأثير المجتمعي

وبحسب وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، فإن المشروع يسعى إلى التأثير المجتمعي على مستويين: الأول، التأثير السلوكي وتعزيز توجه الأفراد نحو الإدارة المالية التي تحافظ على ازدهار المجتمع، وتحقيق الاستغلال الأمثل لدخل الفرد، في حين يرمي المستوى الثاني إلى التأثير المعرفي وتعزيز الوعي المجتمعي حول آليات التخطيط المالي، وتجنب الوقوع في مأزق الإسراف، والاستدانة، والاستهلاك غير المسؤول.

ويأتي البرنامج ضمن استراتيجية كبرى تعمل الوزارة من خلالها على تحويل المجتمع القطري إلى مجتمع منتج يرفض الاتكالية وثقافة الاستهلاك غير المسؤول، وكذلك يمهد الطريق لتهيئة الأجيال القادمة للاعتماد على مصادر دخل منوعة تواكب المتغيرات العالمية المستمرة، وتحافظ على مقدرات الأسرة والمجتمع والدولة.

وعلى صعيد ذي صلة، فإنه من الممكن أن يستفيد مشروع عازم مما يعمل عليه جهاز التخطيط والإحصاء من تنفيذ مسح دخل وإنفاق الأسرة القطرية 2023 - 2024، والذي يضم 5 آلاف أسرة، بهدف توفير سلسلة من البيانات والمعلومات الدقيقة من المنظور الاقتصادي والاجتماعي حول ظروف ومستويات المعيشة في دولة قطر، ومسارات الإنفاق العامة في الدولة.

ولفت السيد طلال العمادي الخبير القانوني بوزارة التنمية الاجتماعية والأسرة إلى أن مركز نماء لدعم ريادة الأعمال سيقوم بعمليات التدريب، وتقديم الدعم الفني والإداري لأصحاب المشاريع الناشئة من الشباب؛ لتأهيلهم للدخول في تجارب استثمارية جديدة، ومساعدتهم في الحصول على قروض ميسرة ومنح مالية للأفراد والمشاريع الناشئة؛ تشجيعا لهم على بدء وتطوير أعمالهم الخاصة، والوقوف على عرض تجارب واقعية ناجحة وأخرى متعثرة عن أهمية الادخار، وباتباع هذه الآليات، يمكن لمشروع عازم أن يسهم بفعالية في تحويل المجتمع القطري إلى مجتمع منتج، مما يعزز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية.

تهيئة الأجيال القادمة

ويهتم مشروع عازم بتهيئة الأجيال القادمة للاعتماد على مصادر دخل متنوعة تتماشى مع المتغيرات العالمية من خلال عدة جوانب رئيسية اجتماعية واقتصادية، فالمشروع له عدة أبعاد؛ أولها البعد الاجتماعي، فمن خلال رفع الوعي المالي يمكن القضاء على الأسباب المالية التي تقف حائلا في استمرار الزواج وإنهائه بالطلاق، كما تساعد المقبلين على الزواج في تدبير نفقاتهم لتكوين الأسرة وغيره، مما يؤدي في النهاية إلى دعم الأسرة التي هي ثروة الوطن.

وينبه السيد طلال العمادي إلى أن الدراسات التطبيقية تشير إلى أن النسبة الأعلى من حالات الطلاق تتم في الفترة الأولى من الحياة الزوجية لعدة أسباب؛ من أهمها المشاكل المالية بين الزوجين، ولذلك فإن عازم عمل على تصميم برامج وورش عمل ورسائل توعوية تخدم هذا الفئة، وتقدم لها إرشادات لإدارة وتدبير حياتها المالية.

وأوضح أن المعالجة لملف الغارمين تختلف من حيث الرسالة الموجهة لهم كي تتم على مرحلتين، الأولى وقائية وتستهدف الجانحين إلى الغرم من خلال التوعية بأهمية القرارات الرشيدة في إدارة الأموال وضرورة الاعتماد على دراسات الجدوى والإلمام بالجوانب القانونية للاستدانة، والثانية علاجية لهؤلاء المعرضين للسجن، أو صدرت لهم أحكام مماثلة، فقد يتطلب الأمر التعاون مع بعض الجهات للمساعدة في الوفاء بالديون الصغيرة لهم بعد حصولهم على بعض الدورات التأهيلية التي تمنع عودتهم للغرم مرة أخرى.

وبحسب الدوائر المسؤولة بوزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، فإن للمشروع بعد اقتصادي، حيث يمثل حديثو التوظيف الفئة المستهدفة، فمن خلال رفع الوعي المالي تتطور الكفاءات والمهارات لتحقيق نمو مستدام ومجتمع منتج مسؤول تقل فيه الاستدانة لأغراض التباهي والتفاخر، ويفضل التوجه إلى الاستثمار المنتج، وعندما يجد الموظف الجديد أنه يستطيع الحصول على قرض، فعليه أن يفكر جديا قبل الإقدام على أخذ هذا القرض، وفي أي مجال سينفقه، وكيف يقوم بسداده، ومن سيتأثر بهذا السداد، كل هذا يصب في ترشيد قرار الاستدانة، وتجنب الوقوع في مشاكل التعسر وتبعاتها.

ومن المتوقع أن يلقى المشروع استجابة واسعة لما يتبناه من أفكار تمثل اهتمامات المجتمع وشواغله، مثلما أنه سيجد تفاعلا مع ما يطرحه من رؤى وتفاصيل ووسائل وأدوات، تحقيقا لأهداف مشتركة تهم الفرد والأسرة والمجتمع بأسره، فمشروع عازم الذي يرجى أن يكون له من اسمه نصيب يعبر عن مشروع أمة تدرك توجهاتها وقيمها، وهي تسعى جاهدة لتحقيق أهدافها، وترسيخ مفاهيمها الهادفة لتقوية عرى المجتمع المتمسك بعقيدته المؤمن بقضاياه.

المصادر

جميع الحقوق محفوظة لمرسال قطر 2024

atyaf company logo