في إطار رئاستها لمنظمة شنغهاي للتعاون (SCO)، تستضيف كازاخستان يومي 3 و4 يوليو 2024 القمة الرابعة والعشرين للمنظمة في العاصمة أستانا، وللمرة الرابعة في تاريخها منذ تأسيس المنظمة بعد أعوام 2005، و2011، و2017، في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية عالمية متسارعة، وتصاعد التوترات والتحديات التي تتطلب تنسيقا وتعاونا إقليميا ودوليا أكثر من أي وقت مضى.
وتعد هذه القمة حدثا دوليا بارزا يجمع قادة وممثلي الدول الأعضاء لبحث وتنسيق الجهود المشتركة في مجالات عدة تحت شعار تعزيز التعاون الإقليمي والتنمية المستدامة، وتطوير دور المنظمة كمنصة رئيسية للتعاون المثمر بين دولها الأعضاء.
توسيع قائمة دول الأعضاء
ووسط توقعات بتوسيع قائمة دولها الأعضاء، تستعد المنظمة لتطوير نطاق تأثيرها وتعزيز قدراتها في مواجهة الأزمات، وهو ما يجعل العالم يترقب ما ستثمره هذه القمة من قرارات وإجراءات تساهم في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة بالمنطقة، وتقديم نموذج فعال للتعاون الدولي في وجه التحديات العالمية المتزايدة.
تأتي استضافة أستانا لهذه القمة في وقت تتزايد فيه التحديات العالمية الملحة، من بينها التغير المناخي، والأمن الغذائي والطاقي، ومكافحة الإرهاب، والتهديدات السيبرانية؛ إذ تتطلع الدول الأعضاء إلى أن تكون قمة أستانا 2024 نقطة تحول في مسيرة منظمة شنغهاي للتعاون، تسهم في تعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء، وتقديم حلول فعالة للتحديات المشتركة، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وفي ما يتعلق بالملفات المطروحة على طاولة قمة أستانا 2024، كشف الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف، خلال الاجتماع الدوري لمجلس وزراء خارجية دول منظمة شنغهاي للتعاون، الذي عقد في مايو الماضي، أن زعماء دول المنظمة سيناقشون في أستانا أكثر من 20 وثيقة.
وقال توكاييف آنذاك: "إن قمة أستانا المقبلة لمنظمة شنغهاي للتعاون يومي 3 و4 يوليو الحالي ستعقد تحت شعار تعزيز الحوار متعدد الأطراف - السعي لتحقيق السلام والتنمية المستدامين، وتعكس هذه الأجندة بشكل كامل أحد الأهداف الرئيسية للمنظمة: ضمان السلام والأمن والتنمية المستقرة في المنطقة".
تعزيز الشراكة الكاملة
وشدد الرئيس الكازاخي على أن هذه المبادئ التوجيهية ستطرح على رؤساء دول المنظمة للنظر فيها، مضيفا: "أنا على ثقة بأن تنفيذها الفعال سيسهم إسهاما كبيرا في تعزيز الشراكة الكاملة داخل المنظمة".
وفي مارس الماضي، قال بختيور خاكيموف مبعوث الرئيس الروسي الخاص لشؤون منظمة شنغهاي للتعاون، في تصريح صحفي، "إن من أهم الوثائق التي سينظر فيها رؤساء الدول الأعضاء اقتراح مجلس وزراء الخارجية بشأن تطوير المنظمة، وتنص على مجموعة من التدابير المتعلقة بتحسين نوعية أنشطة الهيئات الدائمة، وإعادة تنسيق التفاعل مع شركاء الحوار والمراقبين، وإعطاء زخم إضافي للعمل على مسار مواجهة التحديات والتهديدات، ومكافحة الإرهاب والتطرف والانفصالية والاتجار بالمخدرات".
وفي سياق زيادة توسع المنظمة، فمن المرجح أن يتم قبول بيلاروسيا لتكون الدولة العاشرة كاملة العضوية بالمنظمة في قمة أستانا 2024، وفقا لما أعلنه تشانغ مينغ الأمين العام للمنظمة يوم 6 يونيو الجاري، خلال الدورة التاسعة عشرة لمنتدى خبراء منظمة شنغهاي للتعاون في طشقند.
وقال مينغ: "في قمة منظمة شنغهاي للتعاون بأستانا الشهر الحالي ، سيتم اتخاذ قرار بشأن انضمام بيلاروسيا إلى المنظمة، وبالتالي فإن عدد الدول الأعضاء بالمنظمة سيصل إلى رقم تاريخي"، مشيرا إلى أنه بعد أكثر من 20 عاما من تطويرها، تحولت المنظمة من آلية إقليمية لاجتماعات رؤساء الدول إلى أكبر منظمة دولية شاملة.
20 وثيقة اقتصادية وأمنية
وبحسب تقارير إعلامية دولية، يتوقع من قادة الدول الأعضاء التوقيع على أكثر من 20 وثيقة اقتصادية وأمنية في القمة، حيث ستشمل هذه الوثائق /إعلان أستانا/، ومبادرات منظمة شنغهاي للتعاون حول الوحدة العالمية من أجل سلام واستقرار عادلين، وخارطة الطريق لتعزيز التعاون مع شركاء الحوار في المنظمة، وأخرى كثيرة.
ومنذ تأسيسها في 15 يونيو عام 2001 بشنغهاي، وتوقيع الدول الست المؤسسة (الصين، وروسيا، وكازاخستان، وقيرغيزيا، وطاجيكستان، وأوزبكستان) على ميثاق المنظمة، الذي يحدد أهدافها ومبادئها الأساسية في قمة عام 2002 بسانت بطرسبرغ، سعت المنظمة إلى التوسع أكثر من خلال ضم دول جديدة كاملة العضوية، وأخرى بصفتها دول مراقبة، وأخرى بصفتها شركاء حوار.
وجاء التوسع الأول للمنظمة ليعزز تأثيرها على الساحة الدولية، بانضمام الهند وباكستان بعضوية كاملة خلال القمة التاريخية التي احتضنتها العاصمة الكازاخية أستانا في 9 يونيو عام 2017، قبل أن تلتحق إيران بقائمة الدول كاملة العضوية بالمنظمة عام 2023 خلال القمة التي انعقدت في الهند عبر تقنية الفيديو كونفرانس.
وإضافة إلى الدول التسع كاملة العضوية، تضم المنظمة أيضا ثلاث دول حاليا تتمتع بصفة الدول المراقبة هي: أفغانستان، وبيلاروسيا، ومنغوليا، وهي الدول التي تسعى للحصول على عضوية كاملة في المستقبل.
14 دولة
كما انضمت للمنظمة 14 دولة حتى الآن تتمتع بوضع "شريك حوار"، وهو ما يمكنها من فرصة المشاركة في الأنشطة والمشاورات الخاصة بالمنظمة، ومن بينها دولة قطر، التي وقعت على مذكرة تفاهم بشأن انضمامها للمنظمة كشريك حوار في 14 سبتمبر عام 2022، وذلك على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي عقدت في العاصمة الأوزبكية طشقند، إلى جانب كل من السعودية، وتركيا، والكويت، والإمارات، والبحرين، ومصر، وجزر المالديف، وأرمينيا، وأذربيجان، وكمبوديا، وميانمار، ونيبال، وسريلانكا.
ويشكل انضمام دول جديدة لمنظمة دولية مثل منظمة شنغهاي للتعاون خطوة مهمة وتطورا في تكوين وهيكل المنظمة، وتوسيع نطاق التعاون داخلها، وزيادة قدرتها على التأثير وتحقيق أهدافها، حيث يمكن لدول جديدة دعم المنظمة بخبراتها ومواردها في مجالات مختلفة، مما يساهم في تنويع قدرات ومصالح المنظمة، فضلا عن كونه يمثل فرصة لتعزيز القدرة التنافسية، والتأثير الإيجابي للمنظمة في المستقبل.
ومنذ قمة الإعلان عن التأسيس في شنغهاي الصينية عام 2001، وحتى قمة الهند عام 2023، تطورت رهانات المنظمة وأهدافها، لتتصدر المشهد الدولي كمنصة متعددة الأبعاد لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية.
توسيع نطاق التعاون
ورغم التقدم الذي أحرزته المنظمة في توسيع نطاق التعاون بين دولها الأعضاء والدول المراقبة والدول شركاء الحوار، فإن هناك تحديات تتعلق بمواءمة السياسات والمصالح الوطنية المختلفة بين الأعضاء والشركاء، ومع ذلك، تسعى المنظمة إلى تعزيز الشراكات وتعميق التعاون لتحقيق الاستقرار والأمن والازدهار في المنطقة.
تجدر الإشارة إلى أن المنظمة، التي تأسست كمنظمة سياسية وأمنية واقتصادية، تضم اليوم دولا تمثل نحو 60 بالمئة من مساحة أوراسيا، ويقطن فيها حوالي نصف سكان العالم (أي حوالي 3.4 مليار نسمة تقريبا)، كما تستأثر بأكثر من 20 بالمئة من الناتج الاقتصادي عالميا.
وشهدت التجارة بين الدول الأعضاء فيها نموا كبيرا خلال العقدين الماضيين، حيث اقترب حجم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء من 500 مليار دولار في نهاية عام 2022، وفقا للأمين العام للمنظمة.
وبحسب بيانات "تقرير تنمية التجارة لمنظمة شنغهاي للتعاون لـ 20 عاما"، زادت القيمة التجارية الإجمالية للدول الأعضاء من 667.09 مليار دولار عام 2001 إلى 6.06 تريليون دولار عام 2020، وزادت حصتها من إجمالي التجارة العالمية من 5.4 بالمئة عام 2020 إلى 17.5 بالمئة عام 2021، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء فيها نحو 23.3 تريليون دولار.