قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم الثلاثاء، إنه "لا سبيل أمام الحكومة الجديدة سوى رفع أسعار بعض السلع الأساسية بصورة تدريجية، ضارباً المثل بالسولار (الديزل)، كونه لا يزال يباع في السوق المحلية بسعر 10 جنيهات للتر، بينما تصل تكلفة إنتاج اللتر على الدولة إلى 20 جنيهاً"، على حد قوله.
وأضاف مدبولي، في مؤتمر صحفي، عقده عقب اجتماع الحكومة برئاسته، أنه "على مدار عام ونصف العام تحملت الحكومة أعباءً كثيرة نيابة عن المواطن، واليوم تحتاج إلى تعويض جزء من الدعم الموجه إليه عبر رفع أسعار بعض الخدمات"، مشيراً إلى أن "برنامج الحكومة الجديدة مدته ثلاث سنوات من الآن، وكل ما يطلبه من المصريين هو الصبر على أداء وزرائها".
وتزامنت كلمات مدبولي مع إعلان مسؤول حكومي مصري، لم يُذكر اسمه، عن استبعاد صندوق النقد الدولي من جدول اجتماعاته المقررة غداً مناقشة صرف الشريحة الثالثة من قرض الصندوق لمصر بقيمة 820 مليون دولار، بسبب عدم استيفاء بعض الشروط، وفقاً لما نقلته "بلومبيرغ الشرق". وبعد إتمام المراجعة الأولى والثانية، قال صندوق النقد الدولي إن إجراء المراجعة الثالثة يلزم مصر بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون إدارة المالية العامة، ونشر تقارير التدقيق السنوية التي يصدرها الجهاز المركزي للمحاسبات عن الحسابات المالية، وتنفيذ خطة إعادة رسملة البنك المركزي، بالإضافة إلى التشاور مع موظفي صندوق النقد للنظر في استكمال البنك المركزي الامتثال لمعايير المحاسبة المصرية.
وإضافة لما سبق، كان يتعين على مصر تطوير استراتيجية السداد لتسوية المدفوعات المتراكمة لمتأخرات الهيئة المصرية العامة للبترول عن عقود التوريد المقومة، مع مراعاة عدم تراكم أي متأخرات جديدة، وإطلاق مؤشر لتتبع تنفيذ سياسة ملكية الدولة بنهاية يونيو/حزيران 2024، ونشر تقرير سنوي شامل عن النفقات الضريبية بنهاية إبريل/نيسان 2024. وأشار مدبولي، في حديثه للصحافيين إلى أن الحكومة ستضع خطة خلال شهر لجدولة باقي مستحقات شركات النفط الأجنبية المتأخرة. وأضاف أن حكومته سددت ما بين 20% و25% من متأخرات شركات النفط الأجنبية مؤخراً. وبلغت مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في مجال استكشاف واستخراج النفط والغاز لدى "الهيئة المصرية العامة للبترول" نحو 4.5 مليارات دولار، بحسب تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في مارس الماضي.
وزار فريق من صندوق النقد الدولي القاهرة في مايو الماضي، في أعقاب اعتماد مجلس الصندوق المراجعتين الأولى والثانية في إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر، ووافق على زيادة قيمة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار، لتصل إلى 8 مليارات دولار، ما سمح لمصر بسحب مبلغ 820 مليون دولار على الفور. وكان من شأن وضع مصر على جدول اجتماعات الصندوق والموافقة على إجراء المراجعة أن يسمح لها بصرف شريحة جديدة من قرضها، ثم التقدم بطلب الحصول على تمويل إضافي بقيمة 1.2 مليار دولار من "صندوق الصلابة والمرونة".
رئيس الوزراء المصري يدافع عن وزير التعليم
وخلال المؤتمر الصحافي، أعلن رئيس الوزراء المصري تمسكه بوزير التربية والتعليم الجديد، محمد عبد اللطيف، رغم ادعاء الأخير حصوله على شهادة الدكتوراه على خلاف الحقيقة، قائلاً: "نحن لا نختار الوزراء بناءً على الشهادات العلمية، وإنما بالاستناد إلى معيار الكفاءة، والقدرة على إدارة ووضع رؤية واضحة للملف الذي سيتولى الشخص مسؤوليته".
وتابع مدبولي أن "وزير التعليم الجديد أخبره بأنه قادر على حل مشكلة الكثافة في الفصول الدراسية، والقانون في مصر اشترط حصول الوزير في الحكومة على شهادة جامعية، أما أن تكون معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات من عدمه فهذا شأن آخر"، حسب تعبيره. وقال رئيس الوزراء المصري إن "الحكومة بذلت جهداً كبيراً خلال السنوات الست الماضية في تحديث المناهج التعليمية، ووضع شكل جديد لها، بداية من تولي وزير التعليم السابق طارق شوقي المسؤولية"، مستطرداً بأن "تغيير الأشخاص ليس معناه تغيير مسار التطوير، وإنما تغير التكتيك الخاص بتنفيذه، وإسراع الخُطا في تنفيذ المستهدفات في مواجهة أية عراقيل".
وعن معايير اختيار الوزراء الجدد في تشكيل الحكومة، قال رئيس الوزراء المصري إن "عملية الترشيح يشارك فيها كل المؤسسات المعنية بالدولة، إذ يرشح رئيس الوزراء عدداً من الشخصيات لتولي بعض الحقائب، لكن في ملفات أخرى تأتي جهات في الدولة بتقييمات لمرشحين من كل المجالات، مع الأخذ في الاعتبار سابق الخبرة لكل مرشح". وأضاف أن "القانون المصري يشترط أن يكون المرشح للمنصب الوزاري خريجاً جامعياً، وأي شهادات أخرى مثل الماجستير أو الدكتوراه نعتبرها إضافية، لأن المعيار في ظل التحديات القائمة هو قدرة الشخص على الإلمام بالملف الذي سيكون مسؤولاً عنه، وامتلاكه رؤية غير تقليدية في مواجهة التحديات، ومستهدفات واضحة في العمل"، وفق قوله.
وأكمل: "نحن حكومة تحديات، والخبرة العملية شيء مهم جداً، وبالتالي نحتاج إلى وزراء يعرفون الملفات الموكلة إليهم جيداً. المهم أن نأتي بأشخاص لديهم خبرة واضحة، وفي حال شعورنا بأن أحد الوزراء غير قادر على الإنجاز حينها نستطيع التدخل، وتغيير ذلك".
أزمة الانقطاع اليومي للكهرباء في مصر
وعن أزمة الانقطاع اليومي للكهرباء، أفاد مدبولي بأنه كلف بعض المحافظين بإجراء تجارب على الأرض بشأن وقف خطة "تخفيف الأحمال"، من أجل قياس الاحتياجات الحقيقية والضرورية من الوقود اللازمة لتوليد الكهرباء، مستدركاً بأن "هذا ليس معناه وقف قرار مجلس الوزراء الخاص بتخفيف الأحمال، في إطار ترشيد الكميات المستهلكة من الغاز الطبيعي والمازوت". وتطرق رئيس الوزراء المصري أيضاً إلى أزمة نقص الأدوية، وارتفاع أسعارها، بقوله إن "تحريك (زيادة) أسعار الأدوية في السوق المحلية سيكون بحسابات دقيقة، وعلى ضوء خطة لرفع الأسعار تدريجياً بداية من الشهر الجاري حتى نهاية العام الجاري، حتى يمكن القضاء على ظاهرة نقص الكثير من أصناف الدواء".
وزاد أن "الحكومة اتفقت مع شركات الأدوية على تحريك محسوب جداً، وبنسب مقبولة في أسعارها، خلال الفترة المقبلة"، مضيفاً أن "قطاع الدواء يحكمه استيراد المادة الخام اللازمة للتصنيع من دول بعينها، مع وجود أزمة سابقة في تدبير العملة الأجنبية بالسعر الرسمي، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراء تصحيحي بتوحيد سعر الدولار في السوقين الرسمية والموازية (إشارة إلى تعويم الجنيه)، الأمر الذي عرض الشركات إلى خسائر عند الإنتاج بالتكلفة الجديدة".
وأقرت مصر خفضاً جديداً للجنيه أفقده أكثر من ثلث قيمته، منذ 6 مارس الماضي، بالتزامن مع إعلان الحكومة توقيع قرض جديد مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثمانية مليارات دولار. وقبل قرار البنك المركزي خفض قيمة العملة، والزيادة الكبيرة في أسعار الفائدة بواقع 6%، أبقى البنك سعر الصرف الرسمي لمدة عام تقريباً عند أقل من 31 جنيهاً للدولار، مقابل نحو 48.15 جنيهاً للدولار حالياً.
وتشهد مصر حالة من الترقب إزاء الإعلان عن أسعار الوقود الجديدة، ارتباطاً بآلية تعديل أسعار بيع المنتجات البترولية كل ثلاثة أشهر، بعد أن أعلنت الحكومة عن تحرير دعم منتجات البنزين بصورة نهائية، وفق خطة متدرجة، حتى نهاية عام 2025. ومن المرجح أن يرتفع سعر بيع السولار بقيمة جنيه للتر، من 10 جنيهات إلى 11 جنيهاً، وبنزين (80) من 11 جنيهاً إلى 12 جنيهاً للتر، وبنزين (92) من 12.50 جنيهاً إلى 14 جنيهاً للتر، وبنزين (95) من 13.50 جنيهاً إلى 15 جنيهاً للتر.