أطلق معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، قطاع الشؤون الاجتماعية، الدراسة الاستطلاعية حول تقييم العلاقات الزوجية للمتزوجين حديثا في العالم العربي.
وذكرت مؤسسة قطر، في بيان، أن هذه الدراسة التي جاءت بعنوان "تقييم العلاقات الزوجية خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج في العالم العربي"، تقدم أحدث التحليلات والأدلة العلمية المتعلقة بعوامل نجاح الزواج، والتحديات والمشاكل التي تواجه المتزوجين، وعوامل الاستقرار الأسري، والتدخلات والبرامج والسياسات العامة التي من شأنها أن تسهم في معالجة المشاكل الزوجية المحتملة وتعزيز التماسك الأسري.
معطيات الدراسة
وأظهرت معطيات الدراسة التي أطلقت في فعالية عقدت بالقاهرة، خروجا عن نمطية النتائج التي تواترت في الدراسات السابقة، حيث وصف ثلثا المشاركين في الدراسة أن تجارب الزواج ممتعة ومرضية، بينما أشار بقية المشاركين إلى أنها متعبة ولا تخلو من المسؤوليات والتوترات، وبشكل بارز خلال السنوات الأولى من الزواج. كما توصلت الدراسة إلى أن الخلافات بين الزوجين ترجع لمجموعة من الأسباب من بينها سوء التوافق، والتباين في المواقف والتصورات.
أما عن دوافع الزواج بحسب أفراد العينة، فقد جاء الاستقرار الأسري والإنجاب بنسبة 72.5%، يليه الحصول على رفقة عمر بنسبة 39.2%، والبحث عن الأمان المادي والاجتماعي بنسبة 11.2%.
وعلى ضوء ذلك، كشفت الدراسة عن مجموعة من المؤشرات التي يمكن إدراجها كعوامل لتحقيق التناغم الأسري بين المتزوجين حديثا، من بين هذه المؤثرات، التواصل الفعال بين الزوجين، والمصارحة في كل الأوقات، والقناعة بأهمية الأسرة واستمراريتها، والتوازن بين العمل والأسرة، وعدم التسرع في اتخاذ القرارات، والتخطيط للمستقبل، بالإضافة إلى غير ذلك من العوامل.
عوامل مطلوبة
وعرضت الدراسة العوامل المطلوبة لتحقيق استقرار الحياة الزوجية، فأتى مؤشر الاهتمام والعشرة بالمعروف بنسبة 72%، يليه الاحترام المتبادل بنسبة 70%، أما عامل تحمل المسؤوليات بنسبة 62%، والحب بنسبة 51%، والشراكة في أعمال المنزل والمصاريف بنسبة 31%، وقدمت مجموعة من التدخلات والتوصيات الخاصة بالسياسات الأسرية، من بينها أنه يتعين على المؤسسات الحكومية تطوير سياسات وبرامج للتمكين الاقتصادي للشباب المقبلين على الزواج أو المتزوجين حديثا، ويشمل ذلك تبني مجموعة من التدخلات التي تهدف إلى تأمين السكن وفرص العمل واستحداث صناديق الزواج لتمويل الراغبين بالزواج أيضا.
كما أوصت الدراسة، بضرورة قيام الجهات الحكومية بالتشديد على إجراء فحوصات طبية للمقبلين على الزواج، بمراعاة أن تشمل اختبارات الصحة النفسية، وعلى هذا النحو، ينبغي على مؤسسات القطاع العام والخاص تبني سياسات صديقة للأسرة وتدعم التوازن بين العمل والأسرة، ويتضمن ذلك تقديم إجازات الأمومة والأبوة، وتوفير حضانات في أماكن العمل، وتطبيق أوقات عمل مرنة خاصة للأمهات والمتزوجات حديثا. وتضمنت التوصيات أيضا طرح برنامج استرشادي للمقبلين على الزواج قائم على الأدلة العلمية.
مزيد من الجهود
وفي تأكيد على أهمية الدراسة، حثت سعادة السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد ورئيس قطاع الشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية الحكومات العربية على بذل مزيد من الجهود نحو وضع استراتيجيات وبرامج تنهض بالقدرات الوطنية لمعالجة الأوليات الوطنية المتصلة بمسائل الأسرة.
وفي هذا الإطار، أكدت الدكتورة شريفة نعمان العمادي المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة أهمية هذه الدراسة في دعمها لاستقرار واستدامة الأسر العربية، مشيرة إلى أنها الأولى من نوعها من حيث رافدين: أولا، شمولية العينة الكمية المستجيبة من الدول العربية وتمثيل أقطارها المختلفة، وثانيا من حيث التحليل المتكامل لمحددات ومؤثرات العلاقات الزوجية، وتقديم برامج وتدخلات سياساتية تدعم استمرار مؤسسة الزواج واستدامتها.
السفير القطري بمصر: دائما ما تتوالى جهود قطر ومبادراتها للحفاظ على المنظومة الأسرية
بدوره، أكد سعادة السيد طارق الأنصاري سفير دولة قطر لدى جمهورية مصر العربية، ومندوبها لدى جامعة الدول العربية، على أهمية ما تقوم به دولة قطر في حماية وصون الأسرة، موضحا أنه دائما ما تتوالى جهود قطر ومبادراتها للحفاظ على المنظومة الأسرية.
ومن خلال النتائج التي توصلت إليها الدراسة، تبين أن التدخلات من الأقارب مرتبطة بشكل ملحوظ باستقرار العلاقات الزوجية، بصورة أكثر تحديدا الدعم المالي، وتربية الأولاد، وتقديم الرعاية، وحل الخلافات بين المتزوجين حديثا، وذلك على الرغم من وجود نسب محدودة من التدخلات السلبية التي تؤجج الخلافات الزوجية، علاوة على ذلك، أظهرت المعطيات تأخر سن الزواج للجنسين ووجود فوارق عمرية بين الزوجين، مما يشير إلى أن التأخر في سن الزواج ينبع من التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها معظم الدول العربية خلال العقود الأخيرة.
برامج استرشادية
ونوهت أيضا بضرورة استحداث برامج استرشادية لتأهيل المقبلين على الزواج في الدول العربية، وإنشاء مراكز استشارات أسرية تتولي تمكين الأزواج بالمهارات اللازمة للتعامل مع التوترات والتحديات التي قد تواجه الاستقرار الأسري، بالإضافة إلى تطوير برامج ومناهج تعليمية تتعلق بالزواج وسبل استدامته وتعزز من المهارات الوالدية، حيث تكتسب هذه البرامج أهميتها من أنها تعزز العوامل الإيجابية في الحياة الزوجية وازدهار العلاقة الأسرية وتقليل الضغوط الناتجة من تربية الأطفال.
وعلى هامش حفل إطلاق هذه الدراسة، نظم معهد الدوحة الدولي للأسرة والجامعة العربية بالتعاون مع وزارة الخارجية القطرية، متمثلة في سفارة دولة قطر بالقاهرة والمندوبية الدائمة لدولة قطر لدى جامعة الدول العربية، حدثا جانبيا، وذلك في إطار الأعمال التحضيرية لمؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة، حول الأسرة والاتجاهات الكبرى المعاصرة، والذي سيقام خلال الفترة الممتدة من 30 إلى 31 أكتوبر المقبل، بمركز قطر الوطني للمؤتمرات، ويبحث في تأثيرات الاتجاهات المعاصرة التي تتعرض لها مؤسسة الزواج والحياة الأسرية، والمتمثلة في التغيرات التكنولوجية، المناخية، الديموغرافية، الهجرة، والتمدن.