في إطار سياسة الانفتاح والتعاون والصداقة التي تنتهجها دولة قطر مع مختلف الدول والشعوب الشقيقة والصديقة، وحرصا منها على دفع علاقاتها الخارجية إلى آفاق جديدة في مختلف المجالات، يبدأ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى زيارة لمملكة السويد في مستهل جولة بعدد من الدول الأوروبية.
تعزيز العلاقات
ويلتقي حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى خلال الزيارة جلالة الملك كارل غوستاف السادس عشر ملك مملكة السويد، ودولة السيد أولف كريستيرسون رئيس وزراء مملكة السويد، لبحث تطوير وتعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات وبما يخدم المصالح والأهداف والتطلعات المشتركة للدولتين وشعبيهما الصديقين، كما تتناول المباحثات عددا من القضايا والملفات الدولية ذات الاهتمام المشترك.
ومن المنتظر أن تسهم زيارة سمو الأمير المفدى لمملكة السويد في تطوير العلاقات بين البلدين وفتح آفاق جديدة أمام التعاون بينهما في الكثير من القطاعات بما يخدم مصالح وتطلعات الدولتين وشعبيهما الصديقين.
وترتبط الدولتان بعلاقات من الصداقة الطيبة التي تشهد نموا مضطردا في شتى المجالات منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين فقد قدم أول سفير قطري أوراق اعتماده بمملكة السويد بصفته سفيرا "غير مقيم" عام 2011، وتم افتتاح السفارة القطرية في ستوكهولم في ديسمبر 2014م.
زيارات واتفاقيات
وتعززت العلاقات بين الدوحة وستوكهولم في مختلف المجالات نتيجة الزيارات المتبادلة وعدد من الاتفاقيات ومذاكرات التفاهم الموقعة بين البلدين والتي تشمل بين أمور أخرى أنشطة الأمم المتحدة، والجوانب الإنسانية، وفي عام 2019، وقعت دولة قطر ومملكة السويد مذكرة تفاهم لإقامة مشاورات سياسية بين وزارتي خارجية البلدين، كما وقعت دولة قطر ممثلة بوزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية مذكرة تفاهم للتعاون وتبادل الخبرات في عدد من مجالات العمل مع كل من مملكة السويد ومنظمة العمل الدولية، وذلك بهدف تعزيز التعاون في مجالات الصحة والسلامة المهنية في العمل والمسؤولية الاجتماعية للشركات خلال التعاون المؤسسي وتبادل الخبرات، وفي القطاع التعليمي هناك اتفاقية تعاون بين جامعة قطر وجامعة لوند السويدية للتعاون في المشاريع البحثية المشتركة، وتبادل المواد الأكاديمية والمؤتمرات المشتركة والندوات وورش العمل، والتبادل الطلابي.
وهناك مشاورات سياسية منتظمة بين وزارتي الخارجية في البلدين وقد عقدت الجولة الثالثة من هذه المشاورات في ستوكهولم في فبراير الماضي، وترأس الجانب القطري سعادة الدكتور أحمد بن حسن الحمادي الأمين العام لوزارة الخارجية، فيما ترأس الجانب السويدي سعادة السيد جان كنوتسون وزير الدولة للشؤون الخارجية، وجرى خلال جولة المشاورات استعراض علاقات التعاون الثنائي بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، وفي جولات سابقة من المشاورات السياسية تم أيضا بحث عدد من القضايا الدولية، ودعم الأمم المتحدة، ودعم جهود الوساطة في العديد من القضايا حول العالم.
وهناك تنسيق بين البلدين في المحافل الدولية وتتشاطر الدولتان الرؤى في فكرة تحمل المسؤولية في الأزمات العالمية.
وفي إطار الزيارات المتبادلة قامت سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر وزير الدولة للتعاون الدولي بزيارة لمملكة السويد في مايو الماضي بدعوة من سعادة السيدة ديانا يانسة وزير الدولة للتعاون الإنمائي الدولي في مملكة السويد.
وشملت الزيارة اجتماعات مع عدد من كبار المسؤولين السويديين، تم خلالها استعراض سبل التعاون بين البلدين لا سيما في مجال التنمية، والجهود المشتركة في مجالي الأمن والسلام والمساعدات الإنسانية، وسبل تعزيز التعاون بين المعاهد والمؤسسات القطرية ذات الصلة والمعهد السويدي للشؤون الدولية.
العمل البرلماني
وعلى الصعيد البرلماني وفي إطار الزيارات المتبادلة بين الدوحة وستوكهولم، قامت سعادة الدكتورة حمدة بنت حسن السليطي نائب رئيس مجلس الشورى، في يوليو من عام 2022، بزيارة للبرلمان السويدي على رأس وفد من المجلس تلبية لدعوة من البرلمان السويدي، حيث اطلعت سعادتها وأعضاء وفد المجلس على تجربة البرلمان السويدي في العمل البرلماني بهدف تبادل الخبرات في هذا المجال.
وعلى الصعيد التجاري، تجرى مناقشات تجارية بين دولة قطر ومملكة السويد بشكل منتظم، وقد تطورت العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين خصوصا في السنوات الأخيرة، وشهد التبادل التجاري بينهما نموا بنسبة 79 بالمئة عام 2023 محققا نحو 1.55 مليار ريال قطري، مقابل 866 مليون ريال عام 2022.
التعاون التجاري
وفي مايو الماضي بحثت غرفة قطر علاقات التعاون التجاري والصناعي مع السويد، وسبل تعزيز الشراكة خصوصا في قطاعات المواد الغذائية، والزراعة، والطاقة، وتكنولوجيا المعلومات، وغيرها، وخلال اجتماع سعادة الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني رئيس غرفة قطر مع وفد من رجال الأعمال السويديين، دعا سعادته الشركات السويدية الكبرى إلى الاستثمار في دولة قطر، مؤكدا أنها باتت مركزا عالميا رائدا للأعمال والاستثمار، من خلال ما تمتلكه من بنية تحتية على مستوى عالمي، وبيئة ملائمة للأعمال، بالإضافة إلى وجود مجموعة من التشريعات الاقتصادية المحفزة للاستثمار، والتي تتيح نسبة تملك للمستثمر الأجنبي تصل إلى 100 بالمئة في أغلب القطاعات الاقتصادية.
وأشار سعادة رئيس غرفة قطر إلى وجود عشرات الشركات السويدية التي تعمل في السوق القطرية إما برأس مال بنسبة 100 بالمئة أو من خلال شراكات مع شركات قطرية، وقال إن السوق القطرية ترحب بالشركات السويدية، كما أن لدى القطاع الخاص القطري رغبة كبيرة في تعزيز التعاون مع نظيره السويدي وبحث إمكانية إقامة تحالفات تجارية ومشروعات صناعية مشتركة.
كما أظهرت المشاورات واللقاءات الاقتصادية والتجارية بين أصحاب الأعمال القطريين ونظرائهم من السويد، اهتمام الطرفين باستكشاف آفاق التعاون في مجالات الطاقة المتجددة وإعادة التدوير واستخراج الغاز الحيوي من المخلفات ومعالجة المياه والأمن الغذائي، والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة والابتكار، كما أظهرت رغبة الشركات السويدية بالتعرف على مناخ الاستثمار في قطر والفرص المتاحة، وتعزيز علاقات التعاون بين القطاع الخاص في البلدين.
تقع السويد في أقصى شمال الكرة الأرضية، وهي ثالث أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي، وتبلغ مساحتها أكثر من أربعمائة وخمسين ألف كيلومتر مربع، ويزيد عدد سكانها على عشرة ملايين نسمة، وتتميز السويد باقتصاد متنوع ذا تنافسية عالية، وقد حلت في التصنيف العالمي للتنافسية لعام 2022 في المرتبة الرابعة، بعد الدنمارك وسويسرا وسنغافورة.
وبالإضافة إلى الحفاظ على التنافسية في مجال السلع والتصنيع، يتميز اقتصاد السويد بنمو قوي في قطاعات الخدمات، مثل قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.